الفصل الرابع عشر

16.9K 454 123
                                    

الفصل الرابع عشر

عادت من عملها في وقت متأخر من الليل فكان الظلام الدامس يخيم المكان بهدوءه  الزائف
تماسكت بحقيبتها واستمدت قوتها من آخر حديث له إليها، احتضنتها بأيدي صلبه وقويه فهي لم تخشى شئ من الآن فصاعدا وهو بجوارها
صعدت الدرج وقلبها يتراقص على أنغام عشقها إليه لقد طلب وبكامل إرادته
بأن تظل بجانبه لم تتمنى أكثر من هذا وما أن وصلت إلى شقتها
بالدور الثالث أخرجت من حقيبه  يدها المفتاح وما أن همت بوضعه في ثقب
الباب إذا بأحد من الخلف يكمم فمها بكف يده الصلبه  واليد الآخري بها نصل سكين
يضعه حول نحرها ،سقط من بين أصابعها المفتاح ليسقط معه ثباتها وقوتها أيضا  ،ارتعش جسدها في الحال وشحب وجهها
واحتل الذعر ملامحها واهتزت حدقتيها لتعلن عن انهيارها التام
وما أن أخفض رأسه واقترب من اذنها وهمس إليها بنبرته المخيفه
_قدامي ومن غير شوشره احسنلك يا حضرت البشمهندسه
حركت رأسها عده مرات فقد هوى قلبها بين قدميها
لتعلن عن استسلامها وخضوعها إليه ، حاولت جاهده إخراج
صوتها ولكن لم تستطع الحديث ،دارت عيناها يمينا ويسارا بحثا عن أحد تستغيث به
ولكن لم تجد ،كان السكون والهدوء يسود المكان جعل الرعب يدب في اوصالها،
تعالت أنفاسها وكأنها تخرج بصعوبه لتمزق رئتيها ،وما ان شعر بخوفها منه برزت أنيابه
وهمس إليها بنبرته الخافته
_ايه يا شريفه ...... فاكراني مش عارف علاقتك بالدكتور اللي انتي  مقضياها  معاه
قدامي ومن غير نفس وإلا انتي عارفه هيحصلك ايه !!!!!!!!!
هبطت الدرج معه ومازال نصل السكين حول نحرها وما ان وصلا إلى الطابق الأرضي
أخرج من جيب قميصه بخاخ صغير وقام بنثره حول أنفها وما ان قامت باستنشاقه
سقطت في التو بين ذراعيه ،حملها وخرج برأسه يترقب المكان لم يجد أحد
وكأن المكان أصبح لا يحوي غيرهما فقط ،لمعت عيناه بثقه فها هي تسهيلات القدر
قد هيئت له فعلته ورسمت له طريقه فليكمل ما بدا ولينهي اتفاقه القذر وينهي
عليها وتصبح منكسه  الرأس داخل سكنها ،ولكن لم تكن تسهيلات القدر ولكن هو من هيئه
له شيطانه وبالطبع بعدها تصير إليه دون مقدمات
ودون تكميلا لمسيراتها الجامعيه ستتقبله رغم أنفها وانف والدتها وتتساوي الرؤوس إذا
ركض إلى سيارته الصغيره حاملا إياها على كتفه ووضعها على الاريكه الخلفيه وانطلق بها
حيث مصيرها المجهول
_______________________________________
رفع "أكمل "  كف يده على الباب الزجاجي والذي يفصل بينه وبين جسد
"دينا " الراقد أمامه على هذا الفراش ومحاط بهذه الاجهزه حول أنفها
وفمها فقد تعرضت لازمه صحيه ونفسيه حاده أدت إلى شعورها بالاختناق
فوجب وضعها  أسفل أجهزه التنفس الصناعي، رفع مقلتيه المهتزتين إليها بفزع
واضح وعلامات الصدمه تحتل ملامحه فهو يخشى أن يفقدها ،نهر نفسه بشده فهو
من تسبب لها في هذا الضغط النفسي بعلاقته بهذه الأفعى،  فمن قبل أن يرتبط بها وهو
يتحدث عنها أمامها وأمام والده جعل اليأس يدب داخل قلبها لم يبالي باحتراقها ولا بكيانها
فهي لم تكن تعني له شئ غير انها ابنه عمته، ولكن الآن وبعد أن أصبحت كل شئ بالنسبه إليه
يخشى أن تفارقه وترحل ،فلم يشعر بقيمتها إلا عندما شعر بانه سيفقدها
آفاق من هواجسه على أصابع   "هدى "
ربتت "هدى "على ذراعه ليستقر كفها على كتفه وهمست إليه بأمل
_هتبقي كويسه يا"اكمل" هتبقي كويسه يا ابني
استدار إليها وبنبره متحشرجه وصوت مختنق  همس إليها
_ياريت يا عمتي بتمنى متفرقنيش وتسبني ،كتيير عليه اللي بيحصل
ده كتيير ابويا و"دينا " في نفس المستشفى اجيب منين صبر بس  اجيب منين
قوليلي اعمل ايه ،انا واقف متكتف ومش قادر اعمل حاجه
مسحت "هدى "على خصلاته بحنو بالغ وهمست بخفوت
_اجمد .....يا "أكمل " ده اختبار من ربنا ولازم نبقى اده يا ابني
كل شئ بيعدي سواء خير أو شر ،أن شاء الله خير
رفع رأسه وتطلع إليها بوجهه الشاحب وهمس بعصبيه
_اختبار صعب .....صعب يا عمتي انتي ازاي واقفه بالقوه دي وبتتكلمي
كده واخوكي وبنتك في نفس المستشفى
_ابتسمت إليه ابتسامه طفيفه وهمست بصدق
_في المحن يا" أكمل " ربنا بيدينا القوه علشان نقدر نستمر ولازم تبقى
عندك القوه دي علشان تقدر تواصل متحملش نفسك أكثر من طاقتها يا ابني
انت مكنش لك يد في اللي حصل "سالي " الله يسامحها السبب
ضربه بقبضته الحائط وتحدث وأصابع الندم تقتله
_أنا السبب ....أنا اللي عرفتها على أبويه ،أنا اللي دخلتها بيتنا
وتابع وهو يرفع رأسه وينظر إلى تلك الممدده كالجثه الهامده  على الفراش
_وأنا السبب في اللي حصل للمسكينه دي واللي لو حصلها حاجه مش هسامح نفسي ابدا
هزت "هدى "جسده بقوه ونهرته بشده وقبضت على ذراعيه وهتفت بحده
_اسكت .....بقاااا انت لازم تبقى أشد وأجمد من كده المفترض انك انت اللي تقويني
مش انا اللي هقويك ....فين" أكمل" بتاع زمان اللي كان مافيش شئ يقدر يقف قصاده
استدار لينظر إليها بتمعن من خلف الباب الزجاجي وهمس وهو يتذكر آخر حديث إليها
_كانت دايما بترسم الضحكه قدامي ،كانت بتتحرق وأنا مش حاسس ولا شاعر بيها
تخيلي رغم كل الهوا اللي حوالينا ده مش قادره تتنفس متخيله أنا وصلتها لايه يا عمتي
جلس على المقعد المقابل لغرفتها ومرر أصابعه بين خصلات شعره بقوه
يطلب من الله ان يفيق من هذا الكابوس بأسرع وقت ،اتسعت عيناه عندما لمح
تلك التي تلهث أمامه وتضع كفها على قلبها وهتفت بعدم تصديق
_هي فين ....... يا طنط معقول اللي انتي قولتيه ليا في التليفون
دينا هنا معقووول أنا مش مصدقه ايه اللي وصلها لكده
عانقتها "هدى " بقوه وربتت على كتفها  ونظرت إليها وهمست بتوسل
_طيب اقعدي الأول يا" رؤى" وخدي نفسك ،كان ممكن تيجي الصبح
يا بنتي الوقت متأخر تعبتي نفسك ليه
انعقد حاجبيها بضيق وارتسمت الدهشه على وجهها وهمست بنفاذ صبر
_الصبح ......مين يستني للصبح يا طنط ،لازم اطمن عليها وأنا اتكلمت مع بابي
وهو مش ممانع وبعدين يا طنط أنا مش غريبه "دينا " صديقه عمري
_نهض "أكمل "من مكانه ووقف أمامها وهمس بضيق
_تعبتي نفسك يا آنسه" رؤى" الزياره اصلا ممنوعه عنها نهائي
التوي  فكها وضغطت على أسنانها بقوه وهمست بعدم تصديق
_زياره ...... ايه اللي ممنوعه لا يمكن لازم اشوفها واطمن عليها حالا يا" أكمل "
_محدش هيرضي صدقيني أنا حاولت كثير وانتي ادري بنظام المستشفى
ضربت بقدميها الأرض وهتفت بقوه متحديه هذا النظام
_أنا هتصرف دلوقتي .......يا" أكمل " وهشوف "دينا" يعني هشوفها
__________________________________________
كاد أن ينهي عمله وهم بالمغادره ولكن قاطعته تلك الطرقات العاليه  على باب
مكتبه  فما أن سمح لمن بالخارج بالدخول ظهر أمامه هذا الجسد النحيل والذي
يحفظه جيدا ،اتسعت عيناه وهمس بعدم تصديق مشيرا إليها
_انتي ....جيتي ازاي في الوقت ده ومن سمح لك اصلا بانك تخرجي
وضعت يدها حول خصرها ورفعت حاجبها لأعلى وهمست بحده
_انت ...بتحقق معايا مش تقولي اقعدي الأول ايه ده هي دي مقابله
تقدم إليها بوجهه الممتقع ورمقها بنظرات غاضبه وهتف بقسوه
_مقابله ....في عينك ازاي تخرج دلوقتي وطبعا جيتي مع السواق بتاعك
أنا ليا كلام تاني مع عمي بس لما اشوفه حاضر ده تسيب واستهتار
_بابي ....عارف وانا كمان هبات في المستشفى هنا مع "دينا "كمان ايه رأيك
أمسك ذراعها بقوه وضغط عليه بغضب عارم وتحدث من بين أسنانه
_نعم ....يا اختي مين قال الكلام ده يا خفيفه انتي فين المحروس اخوكي يسمع
أنا هروح له مكتبه البني آدم ده واشوف ازاي تخرجي كده وكمان تنامي بره
البيت .....ما تقعدي على القهوه يا بت كمان ...أما مصيبه حقيقي
حدقت به بنظرات بارده  وهمست إليه بهدوء
_أنا جايه ....ليك علشان تساعدني ادخل "لدينا " يا" رفعت " أنا
عرفت من" أكمل" حالا ان الزياره ممنوعه عنها بلييز انت اللي هتقدر تخليني
اشوفها يا "رفعت " بما انك دكتور وممكن تخترق النظام ده
ضرب بكف يده المكتب وتحدث من بين أسنانه صارخا بها
_وكمان قابلتي" أكمل السمري " واتكلمتي معاه  يا مصيبه انتي ،طيب
يكون في علمك مافيش زياره وانتي هتروحي حالا انتي فاهمه
_لا .......قالتها باقتضاب وتابعت بتهكم
_أنا مش هروح .....مكنتش بقطع المسافه دي كلها علشان اروح انت فاهم
قطع حديثما دلوف "سهام " إليهما تقف أمام الباب وهمست إليه بخفوت
_دكتور "رفعت " لو مفيهاش ازعاج ممكن تساعدني  في الحاله اللي معايا
لمعت عيناه بمكر شديد فقد أتت إليه الفرصه على طبق من فضه ليتركها تضرب رأسها في عرض الحائط فقد نفذ صبره مع هذا العقل المتحجر والذي توارثته عن أخيها
_طيب .....طيب يا "سهام " أنا جاي معاكى حالااا استنيني هغير هدومي حالا
ضيقت عيناها  عندما سمعت حديثهما فهو الآن سيتركها بمفردها
اردفت إليه بعدم تصديق وهي تضرب بقدميها الأرض
_انت ....هتسبني كده لوحدي وتدخل العمليات معاها .....
_ أيوه .....انتي شايفه بنفسك أنا مشغول دلوقتي بعدين نتكلم بعدين
تشبثت بسترته وقبضت عليها بقوه وهزت جسده وصرخت به
_ هو ايه اللي بعدين ....هااا انت مش ممكن تسبني كده وتخرج معاها،انت فاهم
أحكم قبضته حول رسغها وضغط عليه بشده وصرخ بها بقوه
_قولتلك ...... ورايا شغل انتي مش بتفهمي
رفعت رأسها تدريجيا  لتنظر إلى عيناه القاسيتان ووميض الشرار الذي ينبعث منها
لقد تعمد اهانتها أمامها  لم يكن بهذه القسوه والشده من قبل،كان يتمنى
منها كلمه أصبح لا يطيق التعامل معها منذ متى وكان بهذه القسوه  وأصبح بهذا الجفاء
انتبهت لتلك الواقفه بجانب الباب  و تضع كفيها في جيب معطفها الأبيض
والتي انصاع لاوامرها بسرعه البرق ليدلف معها  داخل غرفه العمليات ويتركها  الآن رغم ما تمر
به فهي في أشد الاحتياج إليه وخاصه بعد ما تعرضت له رفيقه عمرها لصدمه عصبيه حاده
أزاحت قبضته من ذراعها بقوه وهتفت بحده
_أنا اسفه...... اني اخدت من وقت حضرتك  يا دكتور
أغمض عينيه واطبق على جفونه بقوه فقد نجحت في أن تثير غضبه بسهوله   ،التفتت إليها
واقتربت منها بخطوات ثابته بذقنها المرفوع وعينيها المثبتتان عليها ،وجدت نفسها ضئيله
الحجم بالنسبه إليها فتلك التي تقف بقوامها الممشوق لا يمكن أن تقارن نفسها بها  مطلقا
خرجت نبرتها المتعجرفه لتكن صفعه على خدها وبقوه وهي تحرك سبابتها إليها
_انتي بقااا اللي اسمك" سهاااام " !!!!!!!!!
_افندم .......قالتها" سهام " بنبره غاضبه وهي تعقد ذراعيها حول صدرها
انعقد حاجبيه بشده فقد افقدته السيطره على أعصابه  وتحدث من بين أسنانه
_اخرجي .......دلوقتي بدل ما أفقد أعصابي عليكي ....اخرجي
التفتت إليه وحدقت به بعينان متستعتان   وهتفت بعدم تصديق
_بقى كده يا" رفعت " هي وصلت لكده يا ابن عمي
ضم قبضته بقوه واحتلت الصدمه ملامحه كيف له  أن يفقد أعصابه،
ويتحدث معها بهذا الأسلوب ،اخفضت رأسها  إلى الأرض واستدارت بخيبه أمل ،
رمتها "سهام " بنظرات ساخره  وارتسمت على وجهها ابتسامه طفيفه
خرجت من مكتبه مسرعه فقد شعرت بالخجل  الشديد
شعر بوخزه داخل قلبه عندما خرجت من مكتبه بهذا الخجل وهو من تسبب لها في هذا
خرج ورائها بسرعه الرياح وجدها تسير بخطوات غير منتظمه وما ان وصلت إلى منتصف
الرواق سقطت على الأرض وأطلقت صرخه قويه
ركض إليها وسترته تتطاير حول جسده وجلس امامها القرفصاء  وهمس بهلع
_رؤى .....أنا آسف يا حبيبتي .... ايه اللي حصلك
فردت قدميها أمام اعيونه  وهمست إليه بخفوت
_رجلي يا" رفعت "مش حاسه بيها خالص ولا قادره احركها
رفع حاجبه لأعلى وحدق بها وهمس بخفته المعهوده
_ازاي ....يا قلبي وانتي بتحركيها حالا  ، مش ممكن
_مش عارفه .......مش عارفه ...هدرت بها صارخه بقوه
خلع حذائها وأخذ يدلك قدميها ببطء شديد ،لم يعير أي اهتمام
بهذه الهمسات  من قبل بعض الأطباء والتي اخترقت اذنه فهو معروف بصرامته
داخل هذه المشفى لتأتي هي الآن وتطيح بهذا الوقار عرض الحائط
رفع رأسه  وتطلع إليها بعينان متعلقتان بها وهمس إليها بخفوت
_هاااا ....كده أحسن يا حبيبتي
مطت شفتيها  إليه ومسحت باصابعهاعلي خصلاته السوداء
و رفعت حدقتيها الشاردتان وهتفت بنبره متسائلة
_هتسبني  لوحدي  ......وتدخل العمليات يا "رفعت "
ابتلع ريقه بصعوبه من أثر لمساتها إليه وهمس إليها
_ازاي ......بس واسيبك تعبانه يا" رؤى " المهم تقدري تمشي عليها دلوقتي

الخطيئة والغفران..... للكتابه جنى محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن