الفصل العشرون

15.9K 533 152
                                    


الفصل العشرون

لا تعلم كيف قادتها قدماها إلى مكان عملها مره أخرى عادت إليه بحسره وألم ،ألم يقسم روحها شطرين
عادت تجر اذيال الخيبه فلقد سئمت حياتها فهي  اصبحت مجرده من كل شئ
لايوجد لديها احد فوالدتها بين الحياه والموت حتى
الحبيب استكثرته عليها هذه الحياه ليظهر له ماضي أليم حاول الخلاص منه ولكن لم يستطع
أبت الحياه ان تتركها وشانها إلى متى هذه المعاناه إلا يكفيها أنها نالت من كرامتها وسمعتها
بل تأتي الأن وتطيح بهذا الحب ليصبح هباء منثورا، مكثت في هذا السنتر أسبوع كاملا في هذا البرد القارص
وهي تقيم فيه دون معرفه صاحبه المكان بهذا بالرغم من انها سيده فاضله إلا أنها
حازمه ومسيطره والأدهى من ذلك أنها تقدس عملها ولا تحبذ المشاكل ابدا ،ولكن ليس باليد
حيله كما يقولون ،خفق قلبها لبرهه تفكر به ما هو حاله الآن ،هل رجع إليها وانتهى الأمر ،تريد
الاطمئنان عليه ، فهي رافضه فكره الرجوع  إلى هذه البنايه والتي يمتلكها  ،جلست على
المقعد تنظر إلى المكان الذي جمع بينهما في السابق بشرود ،تلكات ابتسامه ساخره على
شفتيها فهي الآن أدركت سر عصبيته الزائده حتما كان يحبها في الماضي وحاول نسيانها
بأخرى فكانت هي الدواء ،تساقطت دموعها انهارا تنعي حظها وتلعن قلبها ماهو الجرم الذي
اكترفته ليفعل بها هذا ،لقد تحملت اهانته في السابق ويليها اهانه خالته وابنتها وسعيد الذي
كان له النصيب الأكبر في تدميرها  ووالدته ، حتى تلك الشخصيه الغامضه والتي انقذتها
اتهامتها بسوء الخلق ولم يخلو الأمر من اتهام والدتها التي تعلمها جيدا لقد شكت في أخلاقها
بأن هناك شئ بينهما غير أخلاقي  ليأتي هوالان يقضي عليها وعلى ما تبقى منها فأصبحت
بقايا أنثى لقد نال منها الجميع لم تعد تستثني أحدا ،أغلقت جفناها رغم عنها من التعب و
التفكير الدائم ، حتى حل المساء ليحمل في طياته الكثير من الآلام والاوجاع
نهضت من مكانها بتثاقل فقد سيطر على جسدها التعب والإرهاق لاشك أنها تفكر في
العوده الى شقتها مره أخرى فلن تكن متثاقله على أحد ولكن هي تخشى "سعيد " وتصرفاته
الحمقاء فلقد أصبحت وحيده لن يمكنها الدفاع عن نفسها بمفردها ،افاقت علي هذا الصوت الرقيق
_انتي .....مروحتيش من امبارح يا "ميلا "
ابتلعت ريقها بتوتر واكتفت بايماءه بسيطه بالموافقه فلا يوجد لديها ماتتحدث به
_بس الدنيا برد جدا هنا إزاي استحملتي في البرد ده
تنهدت تنهيده مسموعه وهي تنظر إليها بشرود
_عادى ....مش هتفرق يا مدام لأن دلوقتي بقيت لوحدي واقدر اتحمل اي حاجه
نظرت لها "كارما" بأسى وحزن واقتربت منها وهي ترفع وجهها بأطراف أصابعها وهي تقول بنبره متسائله
_ماما .....عامله ايه دلوقتي يا "ميلا "
فركت كفيها بخجل وهي ترفع عينيها اللامعتين وهي تقول بنبره مرتعشه
_زي ...ماهي مافيش تحسن في حالتها يا مدام
هزت "كارما" رأسها بأسى وهي تربت على خدها الناعم وتضمها إليها
_أن شاء الله......خير يا "ميلا "
ثم استرسلت حديثها بعمليه وهي تقول باهتمام
_في فساتين جديده هتيجي النهارده على فكره
اتجهت "ميلا " إلى المكتب وسحبت الدفتر وهي تقول بتمعن
_أيوه ....يا مدام  ،ومدام "سالي "حجزت تلات فساتين وعايزاهم ضروري النهارده
جلست" كارما " على المقعد وهي تنظر إليها بسعاده فهي منذ طرقت باب العمل لديها
منذ فتره إلا أنها تعلم جيدا تفانيها في العمل بل وجديتها وبالرغم من حياتها الفقيره
إلا أنها تتسم بالامانه وهذه خصله أصبحت نادره الوجود في هذا الزمان
_طبعا انتي عارفه ان "حسين " بيه في المستشفى فهي اكيد مش هتعرف تيجي تاخدهم بنفسها
ضمت شفتاها في ضيق فهي طالما شعرت بالتعالي من قبل هذه السيده فطريقتها الصلده
تشعرها بالتدني  انتبهت إلى حديث "كارما "
_ ايه ......رأيك يا "ميلا " بعد ماتخلصي الشغل تبقى توصلي الفساتين ليها
احمر خديها خجلا فهذا ما كانت تخشاه ولكن لن ترفض لربه عملها طلب من قبل
تنحنحت بهدوء وهي ترصف بعد الفساتين داخل الواجهه الزجاجيه
_حاضر .....يا مدام هبقي اوديهم ليها
ابتسمت "كارما " لطاعتها فطالما عرفت بادبها ونبرتها الهادئه داخل العمل لتقول بتساءل
_تعرفى ......فيلاتها يا" ميلا "
اومأت" ميلا " بالنفي  دون أن تنظر لها وهي تقول بخفوت
_لا .....يا مدام بس اكيد هاخد من حضرتك العنوان
_اوكيه ..... هكتب لك العنوان وانتي اسألي على فيلا"سالي نصار"  
_______________________________________
كان يجلس والحيره تنهش قلبه وعقله حتما هي تحتقره الآن كيف وصل لهذا التدني والتحقير
ولكن هو يفكر بقلب جريح ومشاعر متخبطه حاول الاتصال بها ولكنها أغلقت الهاتف
فعلم أنها قد انجرحت منه بشده فلقد انسحبت من حياته بهدوء ، نهر نفسه لقد أخطأت الفهم عن
أخلاقه ،زفر بضيق وهو ينهض من مكانه متجها إلى خارج مكتبه وما ان مشى بالرواق وجد
"سهام " فتذكر تلك الورقه التي وضعتها على مكتبه تطلب منه النظر إليها
_دكتوره "سهام " عايزك في مكتبي بعد اذنك
حركت رأسها وهي تسير خلفه بخجل وما ان دلف إلى مكتبه وجلس على مقعده
رفع الورقه إلى عيناها وهو يقول بدهشه
_ممكن اعرف سبب تقديم الاستقاله دي !!
توترت ملامحها وهي تنظر إلى الورقه بصدمه فقد أخذت وقت طويل لتصل إلى
هذا القرار فهذا هو الحل الاسلم أنها تنسحب من هذه الحرب الطاحنه بداخلها
رفعت حدقتيها المهتزتين وهي تقول بنبره جامده
_اسفه ...يا دكتور أحب احتفظ بالاجابه لنفسي
رفع عيناه لينظر إلى هذه الكسره الواضحه في مقلتيها فلابد أنها تعاني وقلبها أصبح
لا يحتمل هذه المعاناه فهو أدري بهذه النظره خرجت نبرته الرخيمه
_هتكلم معاكى ....بعيد عن كوني مدير مستشفى واكلمك كأخ كبير
لازم تعرفى انك في بدايه حياتك متخليش شئ يوقف طموحك حتى لو كان
شئ يمس قلبك ،غيرك يتمنى يشتغل هنا ويكون مكانك ،ولازم تعرفى ان الحياه
بتستمر حتى لو مكنش الاستمرار ده على مزاجنا
صمتت قليلا قبل أن تجيبه بنبره مهتزه فقد تارجح تفكيرها من هذه الكلمات لمعت
عيناها بالدموع ،دموع الندم على حب لم يكتمل
_مين فينا يا دكتور يقدر يمحي إحساسه ويتخلي عن شعوره احنا من لحم ودم ومشاعر
مش معمولين من ازاز ده حتى الازاز بيبقى له عمر افتراضي
استمر يحدجها بنظرات مبهمه كلماتها قاسيه ولكن في مكانها الطبيعي ، وضعت كف يدها
على جبينها تمسح حبات العرق اللامعه ،انتبهت إلى دخول هذا الطبيب نظرت إليه بصدمه
وقد تصبغت وجنتيها بالحمره من أثر ظهوره المفاجئ
_ تعالا ......يا "طارق "  شوف دكتوره "سهام "
اقترب" طارق " منها وهو يجلس في موازتها وقد خفق قلبه ،حدجها بنظرات متعجبه بعينان
ممتلئتان بالاسئله وهو يقول بتوتر
_خير .....يا دكتور "عاصم "في حاجه !!
_احضرنا ....يا "طارق " دكتوره" سهام " قدمت استقالتها
رفع "طارق" حاجبيه لأعلى في صدمه قد جلت على ملامحه الجذابه وهو يقول بعدم تصديق
_أنا .....مش فاهم حاجه هي "سهام" عايزه تسيب المستشفى !!
حرك "عاصم " رأسه بالإيجاب يؤكد له ما وصل إليه دون أن يتحدث
قطب "طارق " جبينه بضيق وهو يراقبها وهي تطرقع أصابعها بخجل  ،التفتت إلى
"عاصم "  ولم تعاير انتباه لسؤال" طارق "  وهي تقول بعمليه قبل أن تنهض من مكانها
_أنا مستمره  في المستشفى  يا دكتور لحد ما توقع على استقالتي
ابتسم "عاصم " ابتسامه خفيفه وهو يقول بتحدي واضح
_وأنا منتظر ......انك تيجي مكتبي وتتراجعي عن الاستقاله دي
تحشرجت نبرتها وهي تخفض رأسها أرضا وهي تقول باصرار
_ما ....اظنش يا دكتور ،عند اذنكم
حدق "طارق "في مكانها الفارغ بيأس وقله حيله ولكن التفت ينظر إلى الورقه
صدمه عارمه احتلت ملامحه عندما قرأ تاريخ الاستقاله والذي يماثل يوم استلامه للعمل داخل المشفي ،ألقى الورقه على المكتب
بإهمال وهو يستأذن من" عاصم" بالخروج
ضرب" عاصم " كف على الآخر وهو يراه يركض خلفها هز رأسه بيأس وهو يقول بتساءل
_ يا تري عامله ايه يا" ميلا "!!
.........................................................
وصلت" سهام " إلى غرفه الأطباء وهي تبكي فلقد أخذت قرارها وانتهى الأمر لما المماطله إذا
تريد أن تستريح من هذا العذاب ،عذاب الحب من طرف واحد فهو قد شق طريقه مع أخرى ،
لا تحتمل ظهوره معها  فالغيره تاكل احشائها من الداخل ،افاقت على نبره" اميمه " المتسائله
__مالك .....يا "سهام " ليه دموعك دي يا حبيبتي
مسحت دموعها بأصابع مرتعشه فقد فاق الأمر قوه تحملها وهدرت عزيمتها واحتل اليأس
قلبها فاجابتها بتلقائيه
_مش ...قادره يا "اميمه " أفضل في نفس المكان معاه بتحرق بمعنى الكلمه وهو جنبها وهو
بيبص  لها وهو بيضحك لها أنا أعصابي بتدمر ،لذلك قدمت استقالتي بس للأسف دكتور
"عاصم" رافض حتى يديني رصاصه الرحمه ويمضي الاستقاله
سقطت "اميمه" على المقعد بصدمه تفغر فاها ببلاهه واتسعت حدقتيها على وسعهما وهي
تقول بعدم استيعاب
_انتي ... كتبتي الاستقاله كمان واديتهاله انتي ازاي تفكري كده
صرخت بقوه وهي تحرك خصلاتها إلى الخلف وتقول من بين دموعها
_تعبت ....ومش قادره اتحمل اكتر من كده الاحساس ده احساس بشع يا" اميمه "
جزت على أسنانها وهي تنهرها بشده وتدفعها في كتفها بعدم تفكير
_تقومي ...تستقيلي تدمري مستقبلك انتي اكيد اتجننتي
سقطت على الأرض جاثيه وهي تبكي وتشهق فلقد تخطى  الأمر مرحله الحب
_مبقاش حاجه ليها طعم ولا نجاح ولا حياه ولا اي حاجه بتمنى اني مكنتش قابلته  ولاشافته
عانقتها "اميمه "بقوه وهي تضمها إلى صدرها وكأنها هي من تريد هذه المعانقه  ،فلا تدري
من منهما أولى بهذا الاحتضان فهي أيضا تريد الإحساس بالأمان متى سيرجع امانها ومصدر
قوتها فقد خارت قواها وهي وحيده بدونه أرخت رأسها على كتفها وهي تقول بألم
_حاولي ....تنسى وتعيشي  يا" سهام " خلاص دي الحقيقه هو بدأ حياه جديده
سحبت نفسها وهي تصرخ بها دون أن تدري خرجت كلماتها قاسيه لتصيبها في مقتل
_كنتي ....انتي نسيتي يا "اميمه " خيانه "خالد" ليكي بتضحكي على مين بكلامك ده
ارتعشت شفتاها وهي تنظر إليها بذهول بعينان متسعتان ونهضت من مكانها بصعوبه
قبل أن يتازم بهما الوضع أكثر وهي تقول بنبره جامده
_عندك حق ....يا "سهام " مقدرش اطلب منك حاجه انا مقدرتش اعملها ،بس
أنا كنت بطلب منك تبقى اقوى مني ومتبقيش زي لكن انتي مصممه تمشي نفس طريقي
اتكات بيديها على الطاوله الزجاجيه لتساعدها على النهوض وهي تقول وأصابع الندم تقتلها
_أنا ...اسفه مقصدتش ...ياريت متاخديش على كلامي أنا مش عارفه انا بقول ايه !!
هزت رأسها بتفهم ولمعت عيناها بسيل من الدموع ولكن أبت ان تهبط عبراتها الآن
ربتت على منكبها وحبست أنفاسها لوهله ثم زفرت زفره قويه وهي تقول بمراره
_اكيد .. أنا مش سعيده وانا شايفاكي بالضعف ده حاولي تاخدي قرار صح ،هو خلاص
شاف حياته ياريت تقدري الناس اللي بتحبك يا" سهام "
لوت فكها بتهكم وهي تكفكف دموعها بظهر يدها لتجيبها بسخريه
_عايزاني انسى حبه بحب جديد بحياه جديده ،يبقى انتي اكيد متعرفيش أنا بحبه ازاي
هزت" اميمه " رأسها بأسى فهي تعرف مدى هذا التمزق وهذا التضارب ،وما أن همت بالرد عليها
وجدت من يدلف إليهما دون استأذن وهو يقول بانفاس لاهثه يوجه حديثه إلى "سهام
_ليه .....قدمتي استقالتك دلوقتي يا" سهام "
فكان هذا بالطبع " طارق " يتحدث إليها بنبرته الهادئه المتسائله  ،إجابته بتوتر
_افتكر ....يا" طارق" ده شئ يرجع لي
أطبق على منكبيها بقوه وهو يهز جسدها بعنف وهو يقول من بين أسنانه
_أنا ...اقولك ليه ،علشان" طارق "رجع تاني قولتى ترتاحي منه أو بمعنى أوضح تهربي منه
بس انا بقولك انتي غلطانه لأن أنا اللي همشي طالما انتي مش حب وجودي ،
شهقت "اميمه" بصدمه وهي توزع نظراتها بينهما كيف تفهم الأمر بهذا السوء
أسرعت إليه وهي تقول بعدم استيعاب
_"طارق "  ....ازاي فهمت الموضوع كده "سهام " متقصدش كده ابدا
عضت "سهام " على شفتها السفلي وهي تقول بألم
_هو ....ده اللي انت فهمته ، اني بتهرب منك يا" طارق "
ضيق عيناه وهو يسحب ذراعيه وهو يقول بصدق
_مش ده اللي انا فهمته ،ده اللي انا اتاكدت منه يا "سهام " على العموم لو صممتي على
استقالتك يبقى أنا اللي همشي من هنا مش انتي أنا لا يمكن اكون عبء على حد
كانت آخر كلماته قبل أن يخرج ويصفع الباب خلفه وتركها تبكي بقوه ،التفتت "اميمه " إليها
وبنظرات معاتبه وبنبره حزينه قالت
_شوفتي ....هو فهم ايه ،انتي جرحتيه يا "سهام " اوى "طارق "ميستهلش كده ابدا
_ولا ....أنا كمان استحق كده ابدا يا "اميمه " أنا همشي واللي يحصل يحصل
رفعت "اميمه" حاجبها الأيسر لاعلي وهي تقول بتساءل
_هتقدري تبعدي عن "طارق " بسهوله وهتقدري تبعدي عن "رفعت" كمان يا "سهام "
_______________________________________
خرج "رفعت " من غرفه العمليات يخلع قفازيه ويزيح الكمامه من على أنفه وفمه ،انتبه إلى
هاتفه والذي وضعه في جيب معطفه الأبيض منذ ما يقرب من ساعتان لينظر لهذه الرساله و
التي أرسلتها "رؤى " إليه وكانت فحواها
_أنا هنا في المستشفى ....... عند "دينا " وحشتني
ابتسم وهو ينظر إلى هاتفه فلقد اشتاق إليها فمنذ أسبوع وهي تتهرب منه خجلا منذ أن كانت
في غرفته ،لقد تفهم خجلها منذ قبلته بحميميه وهو يعلم بأنها تتحاشي النظر إليه ،لم يطيق
الانتظار وجد نفسه يتوجه إلى الطابق الثالث حيث غرفه "دينا " طرق على الباب بأدب ليتفاجئ بمن تفتح له الباب وتنظر إليه بعينان ماكرتان وهي تقول بخبث
_ازيك يا دكتور "رفعت "  عاش من شافك بقى كده متعزمناش على كتب الكتاب
خلع نظارته الطبيه وعلقها في جيب معطفه وهو يقول بتذكر
_أنا بعتذر ....طبعا يا فندم بس على ما اتذكر انتي صاحبه "رؤى "
جزت "دينا "على أسنانها فلقد كانت  طريقتها مستفزه وهي تقول بخجل
_ايه طريقتك دي ليه التحقيق مع دكتور" رفعت"  يا "نانسي "
استدارت" نانسي " إليها وهي ترفع حاجباها لأعلى وتقول بنبره بارده
_ده مش تحقيق يا" دينا " ده عشم مش اكتر ، والا  أنا غلطانه يا دكتور
_لا ابدا يا فندم .....مافيش غلط ولا حاجه ....قالها "رفعت "بنفاذ صبر
أخرجت نانسي زهور البنفسج والتي جلبتها معها لتضعها داخل  المزهريه وهي تقول بمكر
_اكيد حضرتك جاي علشان" رؤى " بس للأسف هي مش موجوده اصلها خرجت مع" أكمل "
أنا جيت ملقتهاش أنا كمان على فكره كان نفسي ابارك لها بس تتعوض اكيد
اظلمت أمواجه الثائره وهو يستمع إلى حديثها ونبرتها البارده فالتفت إلى" دينا " ينظر لها
بعدم تصديق فاسرعت" دينا "على الفور وقالت
_هي .....وصلت مع "أكمل " لحد البيت تجيب لي هدوم متقلقش عليها ماما هناك
ابتلع ريقه بتوتر وهو ينظر إليهما بنظرات ذات مغزى وهو يقول بنبره جامده
_أنا ..عمري مااقلق عليها لأن واثق فيها ،وهي مش بتخبي عني حاجه هي اخدت موافقتي
قبل ما تروح وانا سمحت لها
كان يجهل ذهابها من الاساس إلى فيلا"السمري " ولكن خرجت نبرته الجامده لكي ينهي هذا
الموضوع ولكن هذا لا يمنع  بأنه قد سئم تصرفاتها فدائما ما تجعله على هامش حياتها
تنهدت دينا بهدوء عندما أخرس "نانسي " بكلماته ولكن هي تعلمها جيدا بأنها لن تضع هذا الأمر
يمر هكذا افاقت على نبرتها الساخره
_طالما حضرتك عارف بأنها هناك ، يا تري حضرتك عارف هي هتبجي أمتي
لقد وضعته في مأزق لتكشف جهله وعدم معرفته بذهابها مع "أكمل" فيلا "السمري"
استجمع رابطه جاشه وهو يخفض رأسه يترقب عقارب الساعة ،ضغط علي اسنانه بضيق
ونظر إلى ساعته وهو يقول بهدوء مصطنع
_هي ....زمانها على وصول لأنها بعتت لي رساله بس كنت في العمليات وقالت إنها في الطريق
لوت "نانسي " شدقها وهي تجلس على المقعد وتضع ساق  على الأخرى وهي تقول ببرود
_اه .....طيب طالما حضرتك متأكد يبقى استناها بقى طالما هما على وصول
هم بالخروج من الغرفه ولكن أسرعت نانسي وهي تمسك بذراعه وقالت بمجامله
_ياريت حضرتك تفضل معانا ندردش شويه يا دكتور
....................................................................
كان يقود بعينان شاردتان وهو ينظر إلى الطريق بتمعن ، كانت تنظر إليه بخجل
تحتضن حقيبه ملابس "دينا " إلى صدرها تفكر في  زوجها هل أنهى عمله الآن
أم مازال داخل غرفه العمليات ،تاففت بضيق من هذا الهدوء وهذه السكينه  فتساءلت
_روحت ...فين يا"اكمل " انت ساكت من وقت ماخرحنا من الفيلا
التفت إليها وأعاد النظر إلى الطريق مره أخرى وهو يقول بضيق قد ارتسم على وجهه
_هقول ايه يا" رؤى " ..... عندي احساس فظيع بالذنب تجاه "دينا "
حدجته بنظرات غامضه وشددت من ضغطها على الحقيبه لتدفنها داخل صدرها وهي تقول بدهشه
_ليه ...يا" أكمل " حاسس بالذنب متشيلش نفسك اكتر من طاقتها
_لأن اللي حصلها ده نتيجه الماضي يا "رؤى" قالها "أكمل" بضيق
لمعت عيناها بخوف عندما استمعت لجملته وقالت بعدم استيعاب
_مالووو ...الماضي يا"اكمل " مش كان شئ وانتهى ليه شغلك الماضي
ابتسم بتهكم وعيناه لاتحيد عن الطريق وقال بنبره صادقه
_طول ماالماضي عايش بيقف حائل بين الحاضر والمستقبل خصوصا لما يكون
ماضي مايشرفش ،مااقدرش الومها ابدا علي نظرات الخوف اللي في عينيها نفسي
اطمنها وأقولها محبتش غيرها ولا هحب لكن مع الأسف رافضه تصدقني،
عارف ان كلام "سالي " كان قاسي مقدرتش تتحمل وعندها حق أنا لو مكانها مضمنش نفسي
شهقت شاهقه خافته وهي تضع يدها على صدرها تهدأ من دقات قلبها المتسارعه وهي تقول بذعر
_لو كنت ...مكانها ...ليه لو كان ظهر لها  ماضي كنت هتعمل ايه يا "أكمل "!!
انتفخ صدره بضيق وأخذ يمرر أصابعه في خصلات شعره بعنف وهو يقول بعصبيه
_مافيش راجل يقبل على نفسه أنه يعرف أن خطيبته كانت لواحد تاني في يوم من الأيام
ابتلعت ريقها بصعوبه بالغه وقد انزلقت من مقلتيها دمعتان خائنتان ممتلئتان بالخوف ،خوف
من ماضي دفين يظهر ويطاردها فيؤرق حاضرها ومستقبلها ،التزمت الصمت فلم يعد لديها
ما تقوله بعد كلماته التي الجمتها
.............................................................
وصلاامام  الغرفه وهي مازالت محتضنه الحقيبه إلى صدرها ،دلفا إلى الداخل وهي تقول
بشقاوه ولم تنتبه إلى زوج العيون المشتعله أمامها
_اتفضلي يا ست" دينا " هدومك أهي ماشي وبعدين .......
سقطت حقيبه الملابس من بين يديها من أثر الصدمه ،صدمه وجوده في غرفه صديقتها
ومع من "نانسي " والتي كرهت نظراتها الماكره وطريقتها المستفزه
نهض من مكانه يبتسم إليها ابتسامه صفراء وادارها إليه بخفه وهو يضمها إلى صدره
وهو يقول بسعاده زائفه
_وحشتيني يا "رؤى" متاخرتيش يا حبيبتي
رفعت رأسها تنظر إليه ببلاهه فكلماته عكس نظراته الغاضبه والتي تشع من حدقتيه الثائرتين
فكانت نظراته المحترقه تهز بدنها فهي  أصبحت تتمادي معه كثيرا وهو لا يقبل هذا التمادي
انتبهت "رؤى " على صوت" نانسي "وهي ترفع كفها لتصافحها بمكر وهي تقول
_عاش من شافك يا" رؤى " بقى كده متعزمنيش على كتب كتابك مكنش العشم
جحظت عيناها وهي ترى طريقتها البارده في حديثها اللاذع فتفاجئت بإجابه " رفعت "
_أن شاء الله....تتعوض في الفرح يا فندم
ابتسمت إليه ابتسامه لامعه وهي تداعب خصلاتها بأطراف أصابعها
_بلاش يا فندم دي يا دكتور "رفعت " اسمي " ........"نانسي "
جحظت أعين  "رؤى " وهي ترى اسلوبها الملتوي مع زوجها وهي تقول بعصبيه
_وانتي عايزه الدكتور يناديكي باسمك وإلا ايه  يا"نانسي "
_وايه ....المانع يا" رؤى " !!!
تشدقت رؤى بسخريه وهي تقول باستهزاء
_أما .....عجايب حقيقي
تنحنح "أكمل " بخشونه وهو يصافح "رفعت " وهو يقول باسف
_بعتذر يا دكتور اخدت انسه "رؤى " في طريقي تجيب ل"دينا " شويه حاجات
من عمتي "هدى " بكرر اعتذاري للمره التانيه
ابتسم "رفعت "ابتسامه لم تصل إلى عينيه وهو يقول بهدوء مصطنع
_لا ابدا ....يا" أكمل " مافيش مشكله "رؤى " ادتني خبر قبل ما تروح معاك طبعا
اخفضت رأسها أرضا فها هو يعطيها درسا عن الاحترام والتقدير ، تجمعت الدموع داخل
مقلتيها وهي تستمع إلى حديثه تشعر بغضبه رغم نبرته الجامده.
_طول عمر "رؤى " مطيعه وبتسمع الكلام يا دكتور "رفعت "اسألني أنا
رفعت رأسها تنظر إلى "نانسي " نظرات ذات مغزى لتتابع" نانسي "
_ تنكري يا "رؤى "اني انا السبب في ارتباطك بالدكتور
ضيق "رفعت " عينيه وهو يوزع نظراته بينهما وهو يقول بدهشه
_عفوا ......مش فاهم ممكن حضرتك توضحي اكتر ..
شهقت "دينا " بصدمه وهي تراقب الأجواء لتقول بهدوء
_في........ ايه يا "نانسي" مالك و مال "رؤى" النهارده
متصدقهاش يادكتور طول عمر" نانسي" بتحب تهزر وكلنا عارفين كده
كانت صامته وقلبها يرتجف من الداخل تخشى تدهور علاقتها به فحديث
"نانسي " لايبشر بالخير حدجتها بعينان مذعورتان وهي تقول بتوتر
_يلا يا" رفعت " أنا تعبانه وعايزه اروح علشان اتأخرت جدا
اومأ برأسه وهو يرتدي نظارته الطبيه وصافح "أكمل "على مضض
_أن شاء الله ....تشرفنا يا دكتور انا عامل حفله بسيطه علشان خروج "دينا "
من المستشفى  .....قالها" أكمل " بإصرار
نظر إليها وأعاد النظر إلى "أكمل" وهو يقول بنفاذ صبر
_أن شاء الله لو خلصت شغل بدري هحضر اكيد
_ومعاك" رؤى "يا دكتور ...قالتها "نانسي" ببرود
لقد نفذ صبرها من اسلوبها البارد فأصبحت لا تطاق بهذا البرود
_اومال .....هيجي لوحده وإلا ايه "نانسي " اكيد هيجي مع مراته اللي هي أنا
رفعت نانسي حاجبها لأعلى وهي تقول بمكر
_اه ...بس خدى بالك يا"رؤي " الحفله هتبقي فيها  بنات والدكتور ممكن يتعاكس هناك
احمر وجهه خجلا وهو يمسك بكف يدها وهو يقول بعدم اكتراث لحديثها
_ خدى بالك انتي يا انسه" نانسي "أنا مش بشوف غير "رؤى "قدامي
ضيقت "نانسي" عيناها وهي تقول بعدم تصديق
_حقيقي بحسد "رؤى "  على حبك ليها بس يا تري هي بتحبك بنفس الدرجه يا دكتور
خرجت نبرتها الواثقه والتي لا تحتمل الشك وهي تقول بنبره صادقه
_اكيد بحبه يا "نانسي" شئ مش محتاج توضيح يمكن اكتر منه مش وسيم عيله" زيدان"
اخفضت" دينا "رأسها وهي تستمع إلى حديثهما الصادق ،رفعت عيناها وجدت
"أكمل "ينظر إليها بشرود يعلم سر صمتها سر احتراقها إلى متى سيبقى الوضع هكذا
جلس" أكمل "بجانبها فوق الفراش يضمها إلى صدره وهو يقول بصدق
_أنا كمان ....محبتش غيرك يا "دينا "
_ربنا يخليك ليا يا"اكمل " ويبعد عننا أي سوء
حملت نانسي حقيبتها على كتفها وانحنت تقبل "دينا "وهي تقول بجديه
_استأذن ....بقى لأن ميصحش أفضل هنا اكتر من كده
......................................................................
خرج من الغرفه لا يعرف كيف تماسك كل هذا الوقت وتمالك أعصابه لقد نفذ صبره معها إلى
متى سيظل على الهامش ،كانت خطواته اشبهه بالركض كانت تركض خلفه حتى تلحق بهذه
السرعه التي كان يتحرك بها وهي تقول بعصبيه
_أنت ....هتفضل تجري وأنا هجري وراك كده والا ايه !!
لم يكترث بحديثها ودلف إلى مكتبه واغلق الباب في وجهها ،لوت المقبض وولجت إلى الداخل تقول بعصبيه وهي تلوح بسبابتها أمام وجهه
_أنت ....كمان مش بترد عليه وبتقفل الباب في وشي
التفت اليها يحدق بها بعينان مشتعلتان وهو يدفعها بكل طاقته فارتدت  إلى الخلف وصرخ بها
_اوعى ...تتكلمي معايا باللهجه دي تاني انتي سامعه !!!
أخذت تدلك ذراعها بألم وهي تقول بنبره صارخه
_انت ...كمان بتمد ايدك عليه يا "رفعت "
ضغط على نواجزه وأخذ يلوح بكف يده في الهواء وهو يقول بعصبيه
_واكسر دماغك كمان ، انتي فاكره نفسك من غير راجل من غير حكم مافيش حد يعرف يشكمك
_وأنا ......كنت عملت ايه لكل ده ....قالتها ببلاهه
صك على أسنانه وهويسحبها كالفأر المذعور من مؤخره ملابسها ويهز جسدهاوهو يقول من بين أسنانه
_بقى....تروحي مع "أكمل السمري" بيته وتقولي عملت ايه وكمان ليكي عين تسالي
أزاحت ذراعه بقوه وهي تدفعه في صدره وقالت  بنفاذ صبر
_وهو "أكمل " كان لوحده طنط "هدى" كانت هناك
_ عرفتي مين قبل ماتروحي ياهانم انك رايحه مع "أكمل"
نكست رأسها أرضا ولم تعقب على حديثه فهو محقا فهي لم تستأذن منه ،
مدت يدها تحتضن ظهره من الخلف باشتياق  وهي تقول بخجل
_أنا ....أسفه يا "رفعت " أنا فعلا نسيت اقولك انى هروح مع "أكمل "
أزاح ذراعيها بقوه والتفت إليها يحدجها بنظرات ناريه وهو يقول بعصبيه
_فاكره نفسك هتضحكي عليه بكلمتين انسى يا "رؤى " ،عارفه الناس لما تشوفك
نزله من عربيه واحد غريب هتقول ايه ،هتقول مش دي جوزها مش....... 
وضعت يدها على شفتيه تمنعه من سب نفسه وهي تقول بنبره خافته
_اوعى ....تقول كده على نفسك ، أنا عندي اموت ولا أسمعها يا "رفعت "
_انتي ...اللي اجبرتيني اقولها وصدقيني هي دي الحقيقه
اقتربت منه وهو تنظر إلى بعينان لامعتان وهي تقول بأسى
_طيب ...عايزني اعمل ايه قولي على حاجه اعملهالك وترضيك طيب
استدار بجسده وهو يقول بنبره غاضبه
_مش ...عايز اشوفك قدامي دلوقتي امشي من وشي حالا
ضربت بقدميها الأرض وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول بإصرار
_مش ...همشي من هنا ....واديني واقفه بقى
جز على أسنانه وهو يتحسس وجهه بنفاذ صبر وهدرا بعصبيه
_طيب ...خليكي واقفه لوحدك بقى
دفعها بكتفه وهو يتحرك متجها إلى الخارج فلقد أثارت غضبه بفعلتها
سارت خلفه بخطوات مسرعه ولوت فكها بسخريه وهي تقول ببلاهه
_"رفعت" ...."رفعت " يووووه أنا عملت ايه لكل ده
_________________________________________

الخطيئة والغفران..... للكتابه جنى محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن