الفصل الثاني عشر..... استغلال

10.6K 337 46
                                    

الفصل الثاني عشر........" استغلال "

أخذ يذرع الأرض ذهاباً وإياباً عاقداً ذراعيه خلف ظهره أنفاسه الحائره تزيد احتراقها من الداخل ليته استطاع أن يخفي غضبه لكان أفضل لها من هذه الطريقه التي جعلتها تشعر بالدونيه لقد أنساه غيظه وجودها من الأساس كانت راقده على جانبها مدعيه النوم ولكن وفي الحقيقه لم تشعر بالنعاس طالما  أصبح بهذه الحاله لا يقارن احتراقه بإحتراقها الآن ضمت روبها إلى صدرها وانكمشت على نفسها تحاول أن تهدأ من نفسها وتساءلت في سرها هل مازال  يكن لها مشاعر دفينه ولم يستطع أن يتناسي حبها ؟ حاولت أن تطرد الشياطين التي تحوم داخل عقلها ونفضت عن رأسها هذه الأفكار حتى  تعكر عليهما سعادتهما ،واجبها كان يحتم عليها أن تنهض من مضجعها لتستمع إلى لهيب أنفاسه الغاضبه اقتربت منه ووضعت يدها على كتفه فأستدار  براسه نصف استداره ليجد أصابعها مرتكزه على منكبه نفخ بضيق ولوي فكه وهو يقول
_لسه ......فاكره اني موجود ؟
حاولت التحلي بالصبر فصبرت بالفعل على نبرته البارده وطريقته الجامده حانت منها بسمه لم تصل إلى عينيها ودفنت رأسها في صدره وقالت بخفوت
_انا .....مقدرش انساك يا "أكمل " انت حلم كبير بالنسبه لي
ابتسامته الساخره لم تستطع أن تراها ولكنها شعرت بها حينما قال من بين اسنانه
_واضح ......وواضح كمان انك بتثقي فيه  على العموم ان مش بتكلم عن المشاعر دلوقتي ياريت تسيبيني لوحدي من فضلك ؟
وكأنه أراد أن يرد لها طريقتها الجافه في حديثها معه وقد نجح بالفعل وبدلاً من أن تغادر الغرفه تمسكت به ولكنه لم يكن يحبذ هذا التمسك وخاصه في حالته هذه ،همست بخفوت
_لو مش حابب وجودي .....معاك في مكان واحد فأنا حابه وجودك ومش هاضيقك صدقني
أغمض عينيه وزفر زفره قويه وقبض على اناملها بقبضه من حديد فأبتسمت ولكن خابت ظنونها حينما ازاح أصابعها بهدوء ليبعدها عن جسده انكمشت ملامحها بعدم استيعاب أصبح لا يرغب في اقترابها في حين كان يتمنى هذا القرب منذ فتره وجيزه ربما هي المتسببه في ذلك النفور وربما أيضا ساعدتها عوامل خارجيه ولكن تبقى الحقيقه أنه أصبح لا يطيقها
_يووووه .....قولتلك سيبيني لوحدي والا اقولك انا اللي هخرج من هنا وهسيبك
أمسكت كف يده بأصابع مرتعشه وبدأت تتساقط دموعها على خدها دون أن تشعر قائله
_ليه بتعاملني بالطريقه دي...... انت حتى مش طايق نفسك من وقت ما هي  خرجت يا "أكمل"
هز رأسه بعدم تصديق واخذ يحملق بها بعينين واسعتين وهدر بعصبيه وهو يدفع بيديه عقلها المتحجر وهز جسدها بين يديها
_هو ده اللي فهمتيه ، عقلك ده بيفكر ازاي عايز افهم ؟ أوقات بتبقى لماحه وذكيه بس للأسف أوقات تانيه بيبقي تفكيرك  ده محدود ،هتفضلي لحد امتى رابطه حياتنا بحياه عشتيها ومش شايفه غيرها يا "دينا "
ارتجفت بين يديه واهتزت حدقتيها وكأنها ترى ملامحه المشتعله وشعور الاشمئزاز يحاوطه سحبت أصابعها كما اعتادت الانسحاب دائما وقالت بإحتراق وهي تستدير بجسدها
_قول .......رأيك فيه بصراحه شايفني مش طبيعيه مش كده يا"أكمل"
زعق بها وقد أخرجته عن هدوئه المعتاد وقال لها وهو يدفعها بكل طاقته لتسقط فوق الاريكه جالسه وضغط على كلماته وهو يقول بدون وعي وقد حاصرها بذراعيه
_أيوه .....شايفك مش طبيعيه ولازم ترجعي المستشفى قبل ماحالتك تتدهور
شهقت بصوت مسموع إثر استماعها لنبرته التي تفننت في تعذيبها وقالت بعدم تصديق
_انا ......مش مجنونه يا "أكمل" علشان يبقي آخرتها ترميني في المستشفى انا مش مجنونه !!
على صوتهما لتركض إليهما والدتها وخالتها  التي لم تصدق أنهما كانا يتشاجران والمفترض أنهما في أقصى سعادتهما ،زعقت "آمال "بهما وهي تقول بإصرار
_صوتكم عالي .......ليه يا "أكمل"؟
نعم لقد صب اللوم كل اللوم عليه الآن ولا أحد يشعر بشعوره الداخلي أشار إليها بسبابته وهو يقول لهما بتساؤل وقد احتقنت الدماء داخل عروقه
_ياريت ......تسالي الهانم ، لأني مش طايق نفسي من الأساس يا عمتي
تنفست بهدوء واتجهت إليها وهي تربت على كتفها واخذتها بين أحضانها سبقتها هي قبل أن تسالها عن السر في عصبيته الزائده وقالت ببكاء
_"أكمل " يا عمتو .....عايز يرجعني المستشفى تاني اتجوزني علشان يعذبني معاه ومش بس كده علشان يضمن اني أكمل العلاج النفسي لكن مش علشان بيحبني انا اتخدعت فيه
تحركت حدقتيها بعدم تصديق فقد خابت ظنونها به وهدرت بعصبيه وهي تقول
_حقيقي ......الكلام اللي بتقوله "دينا " ده يا "أكمل "
لوي فكه وهو يستمع إلى حديثها والذي لا يصدقه عقل فقال لها بسخريه وهو يشير إلى نفسه
_أيوه .....يا عمتي ، ونسيت تقولك كمان اني عندي انياب وبقلب على مصاص دماء وكمان  بخطف الأطفال وبتاجر في الأعضاء ،مش انتي شيفاني كده يا هانم
منعت ابتسامه جاهدت في إخفائها فنجحت بالفعل ووضعت يدها على ثغرها تلقائياً وهي تقول بإصرار لتحرك بداخله عاطفته التي افتقدتها
_ انا .....يا "أكمل "  لو لسه بشوف كنت هتعرف اني مش ممكن اشوفك بالصوره البشعه دي لكن انت في نظري أكبر وأعظم شخص في حياتي ممكن تكون حبتني بس محبتنيش زي ما انا  علشان كده زهقت مني بالسرعه دي
وقف عاجزاً أمام حديثها كيف بدي لها الأمر هكذا ؟ من المؤكد أنها تشعر بالتمزق وقد ساعدها على ذلك بطريقته الجافه هذه تنهد تنهيده حارقه وجثي على ركبتيه واخذ يربت على كفها وقال بنبره هادئه جعلها تحيا شعوراً أخر
_اسألي قلبك ......؟ انا بحبك زي ما انتي والا لا هيجاوب ويقولك اني قابلك بكل حالاتك بس للأسف انتي مش متقبالاني بكل حالاتي لذلك احنا مش حاسين بالسعاده
وأمام هذا الشعور كان من المفترض بهما المغادره فغادرتا على الفور فلم يعد لهما مكان بعد هذا الحديث قبل كفها ووضع قبله فوق جبينها وقربها من صدره وقال بهدوء
_ انتي عارفه عمرى ما بشعر بالسعاده وانا بعيد عنك ولازم تعرفي اني مكتفي بيكي
__________________________________
لم تكف عن البكاء بعد أن تركها وغادر من الغرفه عينيها الحمرواتين كانتا بلون الدماءلقد تفنن في اذلالها أمام نفسها نهرت نفسها كيف خدعها قلبها بهذا الشكل ؟ لم تعد دموعها تحرك ساكناً بداخله والاحري من ذلك أنه قد تنازل عن حقه في صغيره والذي لم يأت بعد إلى هذه الحياه  لقد تغير حقاً والفضل يعود إلى كبريائها ولكن ألم تتقبل اهانته في السابق وتحملت من أجل حبه ،أم الآن فيكفي ما آلت إليه الأمور انعقدا حاجبيها بضيق حينما دلفت إليها صديقتها المقربه وعلى وجهها ابتسامه عريضه أثارت ضيقها قضبت "سهام "جبينها بإستغراب عندما قالت لها بنبره هازئه وهي تقف أمامها بقدمين واهنتين
_جايه  .....ليه يا "سهام " علشان تكملي عليه انتي كمان ؟
ظلت محتفظه بإبتسامتها المشرقه ولكن بدي على ملامحها التعجب فقالت بخفوت
_ايه الكلام .....الكبير ده يا "أميمه" انا عملت حاجه تضايقك مني للدرجه دي ؟
رمتها بنظرات مشتعله لتتراجع هي إلى الخلف بجسدها ماذا فعلت كي تستحق هذه الكلمات ؟لم تفعل غير المفترض بها أن تفعله  كي تحتفظ به زوجاً لها ،لم تجني غير التوبيخ حينما قالت
_ابدا ......انتي ملاك مبيعرفش يغلط  ،لكن الشياطين اللي انا  منهم هما اللي بيغلطوا ومش بس كده ده كمان يتحاسبوا وحساب عسير  ميعرفش شفقه ولا رحمه ولا غفران
تماسكت أمامها حتى لاتفقد أعصابها لقد راعت شعورها بأنها مازالت متعبه حاولت التحلي بالائق والمفترض أن يكون مراعاه لحالتها الصحيه فقالت لها متسائله لعلها تستفيق من غفلتها
_وانتي قلبك كان يعرف ...........الغفران يا "أميمه" ؟
تحركت حدقتيها الثائرتين على قسمات وجهها وعقدت ذراعيها امام صدرها قائله بسخريه
_مالكيش دعوه بقلبي وكفايه عليكي  قلبك الكبير ......بيساع من الحبايب كتير
اتسعت عيناها على وسعهما وقد انتابها الذهول وتوقف بها الزمن وهي تقول
_قصدك ايه ........بكلامك ده يا "أميمه " ؟انتي اكيد مش في واعيك .........!!
استدارت بجسدها وقد تملك الغضب منها وقد بدأت تفقد قدرتها على الثبات فقالت بعصبيه
_ انتي فاهمه قصدي كويس بلاش بقى المثاليه اللي انتي فيها دي
ادارتها إليها بقوه وأخذت تتطلع إليها بعدم تصديق وهي تقول بنفاذ صبر
_ مثاليه ...؟ انتي ازاي بتتكلمي معايا بالطريقه دي !!
نفخت بضيق وقلبت عيناها بضجر وتمادت في حديثها قائله
_انتي مش هتعلميني اتكلم ازاي انتي فاهمه ،وبعدين من سمح لك تدخلي في حياتي
ضيقت نظراتها  واقتربت منها أكثر كي يمكنها ان تفهم مغزى حديثها ووضعت كف يدها على صدرها وقالت بعدم استيعاب
_حياتي .....ايه ؟ وحياتك ايه من أمتي في بينا فرق ........
قاطعتها على الفور ورفعت كفها لأعلى أمام وجهها كي تمنعها من الإكمال وقالت بإصرار
_من وقت ماامنتك على سري وروحتي كشفتيه ل "خالد" بدون أي تعب أو مجهود
من المؤكد أنها فقدت عقلها كيف صور لها شيطانها ذلك ؟ لم تكن متآمره عليها بل فعلت هذا من أجلها هي كي تعيد علاقتهما إلى مسارها الصحيح ولتضع النقاط فوق الحروف كي تنهي هذه المهزله كيف هيئ لها عقلها المحدود هذه المؤامره نفت برأسها وهي تضع اناملها فوق كتفها قائله وقد حانت منها بسمه ساخره
_انتي .....ازاي فهمتي الأمور بالشكل ده؟ وليه متقوليش اني بحاول اساعدك
قضبت جبينها مدعيه الصدمه وقالت بنبره هازئه
_تساعديني .....؟ وإلا تشمتي فيه انتي متفرقيش حاجه  عن "داليا " استغليتي الفرصه وروحتي فضحتيني قدامه زي ما هي عملت بالظبط استغلت احتياجه ليه علشان يبقي ليها لوحدها بس ده بعدها
حفرت أصابعها فوق كتفها واهتزت نظراتها يميناًويساراً وهي تلقى على مسامعها هذا الهراء انكمشت ملامحها بعد أن أنهت حديثها وقالت بصدمه
_ اشمت فيكي .....وانا و "داليا "بقينا في مقارنه واحده ليه شيفاني خطافه رجاله يا "أميمه "
ها قد أتت إليها الفرصه وأصبحت سانحه أمامها لتقول لها بشراسه لتذكرها بالماضي اللعين
_أيوه ..انتي عمرك مارضيتي بالمقسوم ليكي دايما بتبصي للي في ايد غيرك نسيتي "رفعت " وطريقتك معاه وهو كان شخص مرتبط وبيحب مراته، سعيده بنظرات" طارق " ليكي  لكن رفضه الارتباط بيه و في نفس الوقت اتضايقتي لما حسيتي أن في  حد في حياته يبقي بلاش مثاليتك الزايده دي يا دكتوره
وكأنها قد توقف بها الزمن لقد ضغطت عليها بكل طاقتها لتقسو عليها  واستغلت مشاعرها تجاه طبيبها الراحل لكي تذكرها بأنها لم تكن أفضل منها وإنما هي أقل بكثير مما يجب أن تكون اطبقت على جفونها فتساقطت دموعها لتنزلق على وجنتيها وقالت بسخريه
_تصدقي أول مره اخد بالى اني رخيصه اوى كده ،وأنك عظيمه اوى كده يا حرام انتي  متعرفيش الكدب ولا حتى الغرور سعيده بكبريائك وفخوره بيه وانتي بتداري بيه ضعفك وقله حيلتك وحياتك اللي عشتيها قبل كده ، كنتي بتتعالي علي "خالد " بمسمى الكبرياءعلشان تكملي النقص اللي جواكي انتي مش بالقوه دي انتي أضعف مما انا أتخيل يا "أميمه "
صفعه قويه كانت الرد الأمثل على نبرتها الجامده فشهقت وهي تضع يدها على وجنتها ،وتطلعت الأخرى إلى أصابعها المرتعشه بعدم تصديق أن تكون قد صفعتها بالفعل وقبل أن تغادر صرخت وهي تقول لها بأسف شديد
_ انا ......اسفه يا "سهام "مش قصدي انا فعلا مش في واعي
تملصت الأخرى من بين يديها واستدارت بجسدها ومازالت واضعه يدها على خدها وقالت
_مافيش داعي للأسف كل واحد فينا قال رأيه في التاني بصراحه بس انا مش زي "داليا "ابدا
انا حبيت ومش ذنبي أنه كان مرتبط بس انا محاولتش اخد حاجه مش بتاعتي واحترمت مشاعره وعمري مصارحته بأي حاجه واحتفظت بحبه جوايا ،لكن انتي بقى قدمتي ايه ل"خالد "
صمتت بعد أن وجدت نفسها ضئيله الحجم لا تقارن بها هي لم تتنازل حتى تأخذ لقد تمنعت وتمنعت حتى أصبحت بارده المشاعر تريد أخذ المزيد دون أن تقدم شئ فقالت بصدق
_انا كنت بستمد قوتي منه هو ولو كان عندي شئ من الكبرياء أو الغرور فده لأنه كان محاوطني بغيرته وحبه وخوفه عليه  لكن دلوقتي انا فعلا ضعيفه من غيره هشه من جوه رغم اني أظهر قويه من بره متلومنيش على إي كلمه قولتها في لحظه ضعف دي حلاوه روح
كفكفت بأصابعها دموعها لتتساقط غيرها لقد أقرت بما يمكث بداخلها لو كان الزمن غير الزمن كانت ستعترف إليه بهذه المشاعر بعد ذلك تتركه وشأنه أما الآن فأصبح صعب المنال استفاقت على حديثها المتزن وهي تقول لها بهدوء وعقلانيه
_الحياه علشان تستمر لازم شويه تنازل يا "اميمه " وبعدها هتوصلي لبر الامان جربي تدي من حبك وحنانك بدل ماتدي من غرورك وكبريائك ابدأي انتي علشان هو يحس انك اتغيرتي بلاش تنسحبي من حياه انتي اللي اسستيها علشان ينتفع بيها غيرك انتي أولى بحضن "خالد" بدل ماتنعم بيه "داليا "
ثم تركتها لافكارها وغادرت دون أن تستمع إليها كي يمكنها التفكير جيداً في ماهو قادم
__________________________________
لم تدر ماذا تفعل ؟ لقد تسائل صغيره عنه ولم تستطع أن تجيبه بما يريح عقله كيف نسي بأن لديه طفل صغير ولايخشى عليه رؤيته بمثل هذه الوقاحه ليتها استطاعت أن تلكمه في فكه لتسقط اسنانه الحاده بعدها على الفور ودت لو التقطت  هذه المنفضه الزجاجيه وتقذفها في رأسه حتى تتناثر الدماء من جبهته فلن يشفى غليلها أيضا هذه الأمنيات ،تمنت بالفعل أن يحترق ولا تعلم ماهيه هذا الاحتراق نهضت من مكانها وقد تعالت دقات قلبها حينما رأت الصغير وهو نائم فوق دراجته حملته على كتفها وتوجهت به إلى غرفته حيث الطابق الثاني وبينما هي تمشي رويداً رويداً اذا به يهبط الدرج  يبدو عليه الهدوء مازال مرتدياً قميصه منذ الليله الماضيه فهي لم تنم بعد مشاهدتها هذا المشهد الذي يقشعر له الأبدان وما ان هم بألتقاط الصغير من بين يديها تراجعت به إلى الخلف كي تمنعه من حمله ونظرت إليه من أعلى إلى أسفل وصعدت قافزه الدرج بكل طاقتها قاصده غرفته استدار برأسه ينظر إليها وجدها قد اختفت عن الأنظار ،غير مساره وصعد الدرج بخطوات واسعه وما ان هم بالدخول للاطمئنان على صغيره منعته هي ورفعت نظراتها اليه قائله بتعجب
_عندك ..................على فين !!
ادهشه حفاظها على ثباتها أمامه وحانت منه بسمه بارده قائلاً
_ هشوف ابني واطمن عليه وإلا ده كمان ممنوع
أخذت تدور بعينيها وكأنها تتفقد مصدر هذا  الصوت حولها نعم كانت تتجاهل وجوده من الأساس هز رأسه بعدم فهم وهو يتطلع إلى بريق عينيها ولمعانه الساطع  وقالت بتجاهل
_وهو ......انت موجود علشان تتطمن عليه ؟
أخذ ينظر حوله وكأنها تتحدث إلى شخص آخر وضع كف يده على صدره العاري وقال
_الكلام ........ده ليه انا المقصود بيه ؟
تشدقت وهي تشعر بمرواغته وأشارت بسبابتها إلى الخارج وهي تقول بعصبيه
_طبعا.....انت المقصود اتفضل اخرج من هنا ....روح للرخيصه اللي كنت معاها "براء "نايم واكيد مش محتاجك علشان تطمن عليه ابدا
ارجع خصلات شعره المبتله إلى الخلف وأخذ يتفحصها من أعلى إلى أسفل ودس كفيه في جيبي بنطاله وتوجه إلى الخارج يطلق صفيراً عالياً أغلقت باب الغرفه بهدوء وتخطته وهي تتجه إلى الدرج مره أخرى فأدارها إليه وقال لها بتساؤل
_اقدر .....اعرف منعتيني عن ابني ليه ؟
نفخت في وجهه بضيق  ولم تكترث بحديثه وتابعت السير حتى وصلت إلى الحديقه فجلست فوق المقعد الهزاز وشردت بعقلها في علاقاته المحرمه كيف يغلق جفناه ويخلد إلى النوم وقد حاصرته كل هذه المعاصي لاشك انه قد اصر على اتباعها فتأففت  حينما وجدته يقف أمامها قائلا
_ مش من الأصول انك مترديش على سؤالي على فكره
نهضت من مكانها وهي تنظر إلى داخل عينيه وقالت بنبره متهكمه
_الأصول ......؟ "يوسف مختار "بيتكلم عن الأصول،خلي الكلام ده لبنى آدم زينا مثلا
صدمه احتلت ملامحه حينما قامت بتجريده من آدميته فقال لها بعدم استيعاب
_اومال .......انا ايه بقى مش بني آدم على كده !!
هزت رأسها عده مرات مصدقه على حديثه وتابعت بقسوه وهي تدفعه في صدره
_أيوه ......انت عايش بس لرغباتك تمام زي الحيوانات حتى طريقتك مقززه انت حاجه كده مالهاش وصف عايش تتلذذ بعذاب اللي قدامك ماشيه  على هواك واحده خاينه معندهاش مبدأ بتاخد منك على أد متقدر ماشيه على طريقه البقاء للاشرس انت وهي بتكملوا بعض في الخيانه وقله الضمير هي معندهاش اللي تخسره لأنها مريضه راضيه بأهانتك وضربك ليها   وانت بتحاول تثبت لنفسك أن كل الستات خاينه لكن انا بقولك لا مش كل زوجه خاينه تبقى "سالي نصار "
لم يجد ما يتحدث به غير الدفاع عن معتقداته الواهيه فقال لها بمرواغه
_وليه بتاخديها على المحمل ده مش يمكن هي مش بتلاقي السعاده غير في وجودي معاها  وانا كمان بلاقي معاها اللي مش بلاقيه مع غيرها احنا الاتنين فعلا .......
لم يكمل جملته حتى قاطعته هي بشراسه وهي تنظر إليه من أعلى إلى أسفل قائله
_وجهين لعمله واحده ..........أنت وهي نفوسكم دنيئه اوى  يا اخي ،انت عارف ابنك سأل عليك كام مره وانت معاها ؟ عارف يعني ايه اكدب عليه واقوله انك مش موجود وهو سامع صوت نفسك معاها انت حقيقي مقزز ومثير للاشمئزاز
لم يصدق كلماتها وهز رأسه بعدم تصديق من المؤكد أنها تهزي الآن هل بالفعل علم الصغير بوجوده مع تلك المتلونه لذلك خلد إلى النوم غاضباً منه ضغط على ساعديها قائلا ً
_وانتي طبعا .......جت لك الفرصه علشان تستغلي الموقف ضدي مش كده!!
ازدردت ريقها ببطء شديد وأخذت تفرك كفيها ببعضهما البعض لتراقب ملامح وجهه البارده وقميصه الممزق وعضلات صدره البارزه وعينيه الحادتين كعيون الصقر ،كان يتفحص نظراتها الغامضه شعر بغضبها العارم وهي تنظر إليه بإشمئزاز كما  اذهلته بنبرتها المتسائله وهي تقول
_كنت وعدتني انك عمرك ماهتاذيني تاني مش كده
هز رأسه عده مرات وكأنه يمنحها الأمان وبالفعل استغلت هذا الوعيد لترفع ذراعها لأعلى وقدهبطت أصابعها لتستقر على خده دون أن تهتز نظراتها الجامده وقالت بعصبيه
_ابقي ضيف ده كمان على الحساب اللي مابينا
أغمض عينيه وهو يستقبل لطمتها وتحسس بكف يده وجهه ولا يعلم  لماذا لم يرد إليها صفعتها كما اعتاد معها من قبل ؟لتكمل هي ناهره إياه بعنف شديد وهي تقول
_انا .....مش ممكن اعمل زيك واقتل براءه طفل زي ما انت عملت قبل كده ويبقى مافيش فرق بيني وبينك وقتها وانا لما اجي ارد لك الألم هرده ليك انت شخصياً وبكل قوتي
تبخرت بسرعه البرق لينظر إلى طيفها الذي اختفى لم يجرؤ أحد على صفعه ويقف مكتوفي الأيدي هكذا وما ان التفت بجسده وجد شقيقه في قابلته ينظر إليه نظرات ساخره وهو يقول
_علمت عليك .........يا بشمهندس ،بقى عيله زي دي تهزقك وتهينك وانت واقف كده محلك سر
تخشبت قدماه ولم يستطع أن يرفع عينيه في وجه شقيقه ليكمل عليه بكلماته القاسيه قائلا
_ من أول يوم شوفت فيه لمعت عينيك عرفت انك اتغيرت ومش بس كده انت كمان كسرت قوانينا ،فوق متخليش واحده زي دي تضحك عليك وتخليك لعبه في ايديها
رفع عينيه المظلمتين لينظر إليه نظرات هو يعلمها جيدا لقد أصبح حائلا بينهما كي يمكنه مراقبته عن قرب صفق بكفيه عالياً لطريقته التمثليه الواضحه وقال بسخريه
_علشان كده جيت هنا ، ووقفت بيني وبينها وبقيت توهمها انك الأفضل ،انك الاحسن انا نفسي استغربتك ومش بس كده انا اقتنعت كمان تخيل يا "مراد " انت تنفع ممثل هايل
لم يستغرب رد فعله مطلقاً فهو ابن "القاضي" أيضا كيف جهلت ذلك لم يكن الأكبر أفضل من الأصغر مطلقاً لقد ظنت ذلك وقد خابت ظنونها بالفعل رفع كف يده ليربت على صدره بسخريه قائلاً له بنبره مخيفه وقد لوي فكه مدعي الصدمه
_ودي عرفتها لوحدك .....وإلا نجيب عيل من الحضانه يعرفهالك ،لازم تعرف انى مش ضدك لكن ممكن ابقى ضدك حقيقي وتلاقيني في وشك بجد لو أهملت شغلنا وصفقاتنا دي خسرناها وقتها هزعل وانت عارف زعلي وحش يا "يوسف "
زمجر من طريقته التهديديه الواضحه ولكن ابتلع طريقته طالما تعلق الأمر بعمله عقد ذراعيه أمام عضلات صدره وهو يقول له بتفهم
_انت عارف ان شغلنا مش ممكن يأثر عليه وعارف كمان ان مافيش صفقه بدخلها وإلا ولازم اكسبها يا "مراد "  وعارف قدراتي كمان متنكرش ده
ربت فوق كتفه بحماس وابتسم إليه ملئ شدقيه وقال له بإنبهار
_كنت متأكد انك بتعرف تفصل ما بين مشاعرك وشغلك ودلوقتي لازم تروح  الشركه وتخلص صفقاتنا لأن في شحنه لازم نستلمها بكره ضروري كفايه بقى كده
اومأ برأسه متفهماً الأمر ولكن أشار إلى الداخل بسبابته وقال له مؤكداً عليه
_ "ميلا " ..........يا "مراد " اكيد مش هوصيك عليها تاخد بالك منها وبلاش فكره الهروب دي
_متقلقش مش ممكن تهرب لأنها كمان عرفت عننا الكتير وده مش في مصلحتنا
اومأ برأسه عده مرات يوافقه الرأي فغادر هو إلى الداخل ليرتدي ملابس اخرى تليق بعمله وبكونه مديراً يرأس شركات "القاضي"بالرغم كونه قد تخطى الثلاثون  إلا أنه أولى بهذا المنصب من اشقائه وذلك لعشقه الدائم لعمله ، كانت تختبأ تحت ظل شجره كبيره تستمع إلى حديثهما منذ الوهله الاولي هزت رأسها بعدم تصديق وكتمت شهقه قويه كادت أن تسحب روحها كيف خدعت به لهذه الدرجه بل والأدهى من ذلك كيف أحكم دوره بإتقان واقنعها أنه غير أبناء "القاضي "في معتقداتهم وأفكارهم وهو من سار على نهج قانون "القاضي " وقام بتطبيقه على ذاته وما ان استقل سيارته وخرج بها متجهاً حيث عمله لمعت عيناها ببريق من الأمل من الحياه كي ترحل من هذا المكان خلعت حذائها بعد أن رأت البوابه الرئيسيه مفتوحه على مصراعيها ففرت صاعقه إلى الخارج حافيه القدمين داعيه ربها ان يكمل خطتها بسلام
_________________________________
ظلت جالسه فوق المقعد الجلدي تنتظر أن تسنح لها موظفه الاستقبال بالدلوف إلى مكتب مدير المشفى حيث إبلاغه قرارها النهائي بالرحيل من حياتهم إلى الأبد فهي لم تراه  منذ عده ايام ربما لانشغاله ووقته الثمين أو ربما لإقامته داخل المشفى واقامته عده ايام متتاليه نفخت بضيق وهي تشبك أصابعها ببعضهما البعض تنظر إلى هنا وهناك بعينيها الداكنتين لمست بأصابع يدها خصلاتها القصيره وهي تبتسم بتهكم لم تستطع عقد ضفيرتيها منذ أن كانت في العاشره من عمرها اهتزت دموعها ولكن أبت الهبوط داخل هذا المكان المكتظ بالمرضى والأطباء وكتمت صرخه كادت أن تخرج من أعماق قلبها وهي تشعر بهذا المقص يخترق خصلاتها التي تتطاير حولها ومنذ وقتها وأصبح "حمزه "يطالبها بتقصير شعرها عادت من ذكرياتها المريره على صوت موظفه الاستقبال وهي تسمح لها بالولوج إلى غرفه المدير ترددت في بادئ الأمر ولكن حسمت موقفها وصعدت حيث غرفه مكتبه بقدمين ثابتتين نقرت باصابعها على الباب فسمح لها بالدخول ولكنه كان منهكاً في عمله ينظر إلى الأوراق المستقره فوق سطح المكتب رفع رأسه لأعلى فأبتسم ابتسامه خفيفه وهو يخلع نظارته الطبيه ليضعها فوق الاوراق التي كان يتفحصها قبل دخولها ظهرت ابتسامه خفيفه على محياها فأشار لها بالجلوس بالقرب منه فجلست وتسائل عن مشروبها المفضل فنفت بآناملها واكتفت بالجلوس أمامه وقالت وهي تفرك أصابعها ببعضهما البعض
_انا ........عارفه أني جيت لك من غير ميعاد سابق .....وبعتذر بس كان لازم اتكلم معاك ضروري
لابد أن الأمور لا تبشر  بالخير اومأ برأسه وهو يتطلع إليها بعينين متسائلتين وقال
_ انا .....اللي بعتذر عن طريقتي معاكى فى اخر مره بس انا فعلا مبقدرش اتحكم في عصبيتي وقت غضبي لكن الفرصه جت لي وكان لازم اعتذرلك ،انتي بقى ايه الحاجه المهمه اللي تخليكي تيجي لحد مكتبي هنا مش معقول حبيتي تغيري جو فقولتي تجيي المستشفى
ضحكت على طريقته المرواغه ووضعت كف يدها فوق شفتيها وقالت بإمتنان
_اترددت كتير قبل مااجي علشان اتكلم معاك يا دكتور لكن طريقتك دي شالت مسافات كتير كانت منعاني اني اتكلم معاك ،اكيد لازم أشكرك على استضافتك ليه وأنك فتحت لي بيتك الفتره اللي فاتت دي كلها وانت متعرفنيش كويس لكن ان الاوان ان أمشي بقى فجيت اقدملك كل الشكر والاحترام ،مشفتش منك غير كل خير سامحني لو كنت لقيت قصادالاحسان الاساءه انت عقلك كبير وقلبك أكبر اشوف وشك بخير
وما ان همت بالمغادره زعق بها قائلاً وهو ينهض من مكانه يلحق بها
_استنى عندك .........يا "ليليان " انا لسه كلامي ماانتهاش
تسمرت مكانها واستدارت إليه وأخذت تتأمل ملامح وجهه الممتعضه رفع حاجبه لأعلى وهو يقول لها بنبره جامده
_لاشك .....انك نهايتي كلامك بس انا كلامي لسه ماانتهاش  ،انا لما وافقت على وجودك معانا مخفتش على اهلي منك وده لأسباب كتير أولهم ان اللي بيتظلم ميعرفش الظلم  يا "ليليان "وانا لما بقسي عليكي فأنا بقسي من باب الخوف لانى بعتبرك في منزله "رؤى " يمكن اكون ضغط عليكي جامد وده لان شايف جواكي نضيف ولو كنتي فاكره ان اللي حكتيه عن علاقتك ب "حمزه " أثر في نظرتي فيكي تبقى غلطانه انتي هتفضلي في نظري "ليليان "وبس من غير "القاضي" لأنك مش بتنتمي ليهم ابدا
ابتلعت ريقها بتوجس نعم طريقته الجامده جعلتها تشعر بالاضطراب ابتسم على صراعها الداخلي وقال لها متحلياً بالصبر وهو يعود إلى مقعده مره أخرى
_ بتفكري ..... كتير زيهم ،بس مش مهم المهم انك تبقى مقتنعه بكلامي ليكي وبعد كده ليكي حريه  الاختيار .......قولتى ايه بقى ؟
حكت ذقنها بشرود ورفعت عيناها المهتزتان إليه وقالت بخفوت
_انا .....يا "عاصم " مش ممكن ارتاح إلا إذا اشتغلت وبقيت بكسب فلوس علشان احس بكياني وإني مش أقل من حد وعلشان كمان محسش اني عاله على أي حد مهما كان
اومأ برأسه بتفهم وقد وافقها الرأي ونهض مره أخرى وهو يقول لها بهدوء
_كلامك سليم جدا ....... انا طلبت من "ميلا " أنها تشتغل هنا لما لقتها مصره على الشغل لكن هي كانت بترفض انا دلوقتي بعرض عليكي العرض ده ايه رأيك !!
قفزت من مكانها ولم تصدق أنه قد عرض عليها هذا العرض والذي لا يقاوم اخيراً ستكسب اموالاً من عملاً آخر نظيف غير الذي كانت تقوم به اخرج إليها  ورقه ووضعها أمام مكتبه وهو يقول لها بتساؤل
_اتفضلي .....يا فندم واملي البيانات دي حالا علشان يوقع عليها مدير المستشفى اللي هو انا
تهللت اساريرها وهي تخط بيدها البيانات اللازمه للوظيفه التي تجهلها وماانتهت ووضعت القلم جانباً وقع هو على الورقه ووضع الشعار الخاص بمشفي "زيدان " ، سارت بجانبه والتصقت به كإلتصاق الجنين بأمه وصل إلى الطابق الأرضي وهو يشير لها حيث قسم الاستقبال وهو يشير إلى "سمر " قائلاً لها بلغه آمره
_دي "سمر " يا "ليليان " هتعلمك كل حاجه علشان هتاخدي مكانها هنا في الاستقبال
توقف الزمن بها وقالت بعدم تصديق متسائله
_وانا ......يا دكتور ......هروح فين !!
أشار إلى الطابق الثاني وهو يقول بعمليه قد أجاد التحدث بها
_هتتنقلي لقسم تاني اكيد لكن قسم الاستقبال بقى من اختصاصها ودلوقتي تعالى ورايا
سارت على مضض خلفه وأخذت تنظر إليه من أعلى إلى أسفل نظراتها تكاد ان تخترق سترته ،دلفت إلى الداخل بخطوات واثقه تتأمل الماره في كل اتجاه ألقت نظره على قسم الاستقبال لتجد موظفه أخرى تقف بكل ثبات والسعاده تملأ قلبها رفعت نظارتها السوداء فوق خصلاتها وقالت وهي تقترب منها متسائله
_انتي ......يااااا فين "سمر "  الموظفه اللي كانت هنا
لوت فكها وهي تنظر إليها بتعجب وقالت لها بهدوء زائف
_حضرتك .....هي اتنقلت وراحت قسم تاني أي خدمه اقدر اقدمها
هزت رأسه بثبات فلن يهم طالما استطاعت بمكرها واموالها شراء الضمائر بثمن بخس رفعت ذراعها لكي تصافحها وقالت لها بهدوء
_انا ارتحت لك جدا ،واتمنى نكون أصدقاء انتي اسمك ايه ؟
صافحتها بثبات وهي تحرك رأسها بطاعه وقالت لها بعمليه
_انا ....."ليليان "يا فندم موظفه الاستقبال الجديده وحضرتك مين !!
مررت أصابعها في خصلاتها الناعمه وامأت برأسها وهي تقول بمكر
_وانا .........."صافي عزاااام "
يتبع

الخطيئة والغفران..... للكتابه جنى محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن