الحلقة الاولى - "السم"

22.6K 253 10
                                    


كان سما قويا مثال لعدو خبيث طريقه مليئ بالعواقب التي تربط يديه و قدميه. هذا السم يضعف روحه و ينهي قوته و آماله كل يوم. الآن كل آماله تلونت بالأسود، أحلامه المتعلقة بالمستقبل ذهبت إلى البعيد. هذه الحياة المحطمة التي يتعلق بها أصبحت بين يدي هذا الرجل الشاب. ريان تألمت لوجود تلك العقدة الموجودة في حلقها، عدم نومها حتى الصباح جعل تحت عينيها أسود. عندما فتح باب غرفتها بهدوء سمعت صوت رقيق يقول إسمها: "ريان". القادمة كانت هافين. بدل أن تجيب فضلت الصمت و حولت عينيها إلى الأرض. لقد إتخذوا القرار دون أن يسألوها أو يأخذوا رأيها. قالت بصوت عالي: "لا أريد يا هافين، لا أريد". جلست ابنة عمها فورا بجانبها بهدف تهدأتها أمسكت يديها: "لا تصرخي يا ريان أرجوك سيسمع أحدهم". "ألم نصل إلى هذه الحالة بسبب الصمت يا هافين؟ لا أريد أن أتزوج رجلا لا أعرفه أبدا و أن أكون زوجته. سأكون تعيسة يا هافين أنا أحس بهذا." كانت تحس أنها تغرق في محيط كبير، تحس أنها ناقصة و عديمة القيمة. رغم قولها لا أريد الزواج كانوا يقولون لها ستحبينه مع الوقت و هذا ما يغضبها. "لماذا اذا؟" قالت هافين بقلق."عندما رأيته أول مرة رأيت ذلك العمق في عينيك، ظننت أن عنادك سينكسر." "ليست هذه المسألة" قالت ريان. لم تكن تستطيع قول همها لأحد و هذا ما يغضبها. "المسألة أنني لا أعرف هذا الرجل. لا أعرف أي رجل هو و كيف قلبه. قولي أليس هذا ما نسميه المشي نحو الهاوية و عيناك مغمضة؟" "و لا تريدين أن تعرفيه أيضا" قالت هافين بإمتعاض."هو رآك و أحبك، و إلا لماذا يأخذ عائلته من اسطنبول إلى هنا ليخطبك؟ و برأيي أنت أيضا معجبة به دعك من قول لا أريده." ريان عقدت حاجباها بغضب، نهضت من سريرها و اتجهت نحو النافذة، كانت الشمس قد بدأت تشرق. همست ريان:"قبل عدة أيام رأيته هنا بالضبط، كان قد نصب عينيه و ينظر إلى.. و بعد ذلك هاهو يأخذ عائلته و قادم ليخطبني..."
"نعم و ما المشكلة؟" قالت هافين مستغربة. "ألن تتزوجي يوما ما يا ريان؟ لم هذا العناد؟ قولي هل ستجدين أفضل منه؟" "هذه هي المشكلة يا هافين، هذه هي" قالت ريان بصوت عالي "هو رجل يملك كل المقومات التي تجعل أي إمرأة تقبل به، شاب، وسيم، غني.. اذا لماذا أنا؟ لماذا؟ " هافين أغمضت عيناها: "اذا ماذا تريدين، انا حقا لا أفهمك." "و أنا لا أفهم" قالت ريان. وضعت يديها على قلبها و كانت تنظر إلى الخارج من النافذة."شخص مثله لماذا يطلبني أنا؟! أنا حقا لا أفهم." هافين كانت في ١٩ من عمرها و مليئة بالطاقة." لماذا تستخفين بنفسك يا ريان؟ ألا يمكن أن يكون هذا الرجل انبهر بجمالك؟!" ريان سألت سؤال آخر ليس له جواب: "في وجود كل تلك النساء الجميلات، لماذا أنا؟" هذه المرة صرخت هافين بقوة:"هل أنت غبية يا ابنتي؟ حب سيجعل الحوريات تغار منك قد أتى إلى قدميك. يوجد ألف فتاة لو كانت في مكانك لقبلت الزواج بهذا الرجل بدون سؤال ولا تحقيق، و أنت تقولين سأكون تعيسة ولا أريده..." ريان تتوتر مع مرور الوقت، و الواضح أن هافين لم و لن تفهمها. "اصمتي يا هافين" صرخت ريان بدون قصد، كانت غاضبة بشدة على والدها الذي هو سبب كل هذا."هل تعرفين يا هافين، لو كنت ابنته الحقيقية، لما كان ليرسلني مثل الخرقة من هذا البيت." كانت تمسك نفسها بصعوبة كي لا تبكي. "أبي لم يحبني أبدا، همه الوحيد هو أن أتزوج و أغرب من هذا البيت. انظري انه يفعل ما يريده." هافين نهضت من مكانها بسرعة و عبست وجهها "لا تأكلي حق عمي يا ريان، كان يعاملك كابنته الحقيقية و كان أبا لك كل هذه السنوات، اهتم بك كعين.. " بقي كلام الفتاة في منتصفه لأن ريان كانت في قمة غضبها: "أنا لم أر الحنان أبدا في تلك العينين يا هافين." نظرت هافين بسخرية و امتعاض لريان. "من أين لك أن تعرفي؟ لست انت الفتاة المتبناة، و لست أنت التي يعاملونك كالقطط في هذا البيت، و لست أنت الفتاة الصغيرة المسكينة التي يتجاهلها والدها دائما. هل داعب شعري يوما؟ متى عانقني مثل ما يعانقك عمي؟ أنا كبرت بلا حب، افهمي هذا يا هافين، انا أكره هذا الرجل." غضب ريان أدهش هافين، لم تكن تعرف أنها تحمل هذا الحقد و الألم في داخلها."انت تهذين يا ريان، لا تعرفين ماذا تقولي من الغضب، لم يعاملك أحد كأنك متبناة. هل قلت لك يوما انت لست ابنة عمي؟ لا أمي ولا أخي ولا أبي ولا عمي.. لم نقل لك يوما كلمة سيئة." ريان لم تكن تريد أن تسمع هذا الكلام، ما تقوله هافين بهدف تهدأتها كان يغضبها أكثر و يحرق روحها الجريحة. كانت تعرف أن مشادتها مع هافين ستحتد أكثر فاتجهت نحو باب غرفتها، فتحت الباب و أشارت بإصبعها لهافين:"اخرجي من غرفتي، اتركيني وحدي." ذهبت هافين، اذا بقيت أكثر في هذه الغرفة كانت ريان ستكسر قلبها بشكل سيئ. بعد خروج هافين، مدت ريان يدها لتغلق الباب، في تلك اللحظة رأت آزاد أمامها. كان يقف على حافة الدرج و يشاهدهما. آزاد هو أخ هافين، أكبر حفيد في القصر. عندما تقابلت عيناه مع ريان ابتعد من هناك و ريان أغلقت الباب بقسوة و ذهبت إلى فراشها.
تخبطاتها كانت بلا فائدة. كانت ريان مثل الغزالة التي تتخبط بين يدي صائدها محاولة التخلص من قدرها المحتوم، لا يوجد من يفهمها ولا من يسمعها. لم تكن منكسرة من والدها 'هازار شانوغلو' أساسا لم يكن يحب ابنته المتبناة، كان انكسار ريان من أمها، كان يمكنها أن تقف أمام زوجها و لكن لم تفعل.
كانت ريان تريد أن تتخلص من الأفكار التي تنخر دماغها و لو للحظة واحدة و ان تتنفس براحة و لكن بعض الأشياء غير ممكنة... حتى هذا الوقت والدها كان يعاملها جيدا، كان هكذا بالنسبة للجميع، مارس وظيفة الأبوة جيدا لكن بالنسبة لريان لم يكن هكذا، لم يداعب شعرها مرة و لا نظر إليها بحنان. معاملته لأخيها بديرهان كانت واضحة لهذا هو يريد أن يتخلص من ابنته التي لا يحبها عن طريق هذا الزواج.
تمددت على فراشها و كان جسدها يرتعش مثل أوراق الشجر، لو تبكي سترتاح و لكن لم تستطع البكاء. ريان ليست فتاة تبكي بسهولة، ما تحبسه بداخلها يتراكم و يحرق روحها، الدموع التي لا تنزل من عينيها أصبحت مثل النار بداخلها. ربما إذا نامت قليلا تتخلص من هذا الثقل و لكن أحدهم فتح باب غرفتها مجددا، لا يدعونها و شأنها إلى أن يرسلوها من هذا البيت. عندما فتحت عيناها رأت أمها، أمها التي لا تبذل أي جهد من أجل ابنتها. نظرت المرأة إلى ريان و على وجهها ابتسامة خفيفة، ذهبت إليها و جلست على حافة السرير و مدت يدها إلى وجنة ريان. "عزيزتي ريان.. جميلتي" ريان لم تجب أمها، كانت تعرف انها قادمة لإقناعها، ليتها كانت مخطئة. "ابنتي الجميلة لا تفعلي هذا، الزواج ليس شيئا سيئا." لقد سئمت من سماع نفس الكلام :"أنا لم أقل أن الزواج سيئ، لكن من تريد أن تتزوج رجلا لا تعرف عنه إلا إسمه و عمره، أنا لا أعرفه." السيدة زهرة ابتسمت:"من يسمعك سيظن انك اليوم تتزوجين يا ريان، ميران سيأتي ليخطبك فقط. انظري إلي يا ريان، هل أنا أسلم ابنتي الوحيدة إلى رجل سيئ؟! والدك يعرف ميران و يحبه كثيرا، هو رجل محترم و موثوق في 26 من عمره، شاب و غير ذلك وسيم و صاحب قوة و نفوذ، ماذا تريد الفتاة أكثر من هذا؟" نظرت ريان بدهشة و غضب: "ماذا تريد؟! تريد الحب مثلا، تريد أن تمضي عمرها مع رجل تعرفه و تحبه، ليس مثلي مع أول رجل يخطبها." "ألم يعجبك ميران يا ابنتي؟" قالت السيدة زهرة مستغربة، لأنه من غير الممكن عدم الإعجاب بميران. "بالعكس" قالت ريان، جاء أمام عينيها وجهه الذي لا يغيب عن عقلها. "هو ليس شخص لا يعجبني و لكن هذا الوضع يبدو لي غريبا، لماذا اختارني أنا بالذات؟ ألا يوجد فتاة أخرى ليتزوجها؟" "انت جميلة جدا يا ابنتي بل تفكيرك هذا هو الغريب."
ريان لم تكن تريد أن تنخدع بهذه الكلمات، كانت أفكارها هي وهم بالنسبة للجميع. نظرت إليها أمها: "إذا استمريت بالتصرف هكذا فلن أهتم لوالدك ولا لميران، أفسد هذا الأمر قبل الخطوبة، يكفي ان يضحك وجهك." "أنا خائفة جدا يا أمي. أنا لم أكن سعيدة أبدا حتى عمري هذا، أنت تعرفين، عندما خرج هذا الرجل أمامي فجأة و أراد الزواج بي. أصبحت أبحث عن نية سيئة تحت هذا. ماذا أفعل بنيتي ليست معتادة على هذا."
ابتسمت السيدة زهرة و في داخلها حزن، كانت تعرف ان ابنتها كبرت بنقص. عندما أتت إلى هذا القصر ككنة قبل سنوات كانت أرملة و حامل، قالت هذه الحقيقة لريان عندما بدأت تكبر، لم تترك ابنتها تكبر في كذبة.
"الزواج المقام عن حب عبارة عن تذوق الجنة في الدنيا، اما الزواج عن غير حب مثل العيش في جحيم. أي أم ترمي ابنتها في النار عن دراية؟!" نظرت ريان بأمل إلى أمها... "أنا أنجبتك يا ريان، لا أحد يملك حق أخذ قرار حولك، لو كان والدك حيا لم يكن ليعطيك لرجل لا تريدينه أبدا. يعني يا ريان إذا أردت سيحصل هذا الزواج و إذا لا تريدين فلن يحصل أبدا." لم تستطع ريان أن تمنع نفسها من البكاء ولا من أخذ أمها في حضنها، هذه هي أمها التي تعرفها، تعطي روحها و لا تعطي ريان لشخص لا تريده...

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن