تكلمه الحلقة 40 والاخيرة - المفتون

11.4K 176 20
                                    


بعد ذهاب ميران إتجه آزاد إلى القصر و عندما رأى الجلبة التي في الفناء إبتسم، من الواضح أن جميع سكان القصر قد سمعوا بالبشرى، فرحة آردا و عائلته تستحق ما قاموا به. السيد هازار و السيد جيهان أيضا سعيدان جدا لأنهما كانا وسيلة للخير، السيد حكمت و السيدة ليلى أخيرا سيستطيعان طلب يد الفتاة التي يحبها إبنهما.
جلس آزاد في الكرسي الفارغ الذي بجانب والده و بقي ينظر للأطراف، لأول مرة بعد وقت طويل يكون هذا القصر مليئ بالسعادة، الجميع فرحون، السيد هازار لأول مرة بعد سنوات يضحك من قلبه هكذا و السيدة زهرة سعيدة بسعادة إبنتها. والدا آزاد أيضا مرتاحان الآن، أخيرا إستطاعا تزويج آزاد، بالنسبة لهم كل شيء على مايرام الآن... قال السيد جيهان:
"كم هذا جميل، كلنا مجتمعون. ليت ميران و ريان كانا هنا أيضا... لماذا لم يأتيا؟"
هز السيد هازار رأسه و كأنه يقول لا أعرف، لقد تحدث مع ميران في الصباح، هو لا يريد أن يضغط على إبنه في موضوع زيارة القصر، ترك القرار له، أساسا معرفة أنه يتنفس نفس الهواء مع إبنه في هذه المدينة كافي بالنسبة له... نهضت السيدة زهرة من مكانها قائلة:
"اليوم قامت بتلقيح جوناش، لذلك لم ترد ريان الخروج من البيت. انتظر سأتصل بها الآن"
بعد ذهاب السيدة زهرة، طلب آزاد أيضا الإذن ليذهب إلى غرفته. أساسا بعد قليل سينسحب الجميع إلى غرفه كي يرتاح الضيوف، غالبا سيذهبوا غدا لطلب يد أليف. أثناء صعود آزاد في الدرج إلتقى بديلان الخارجة من المطبخ، مازالا مثل الغريبان، ديلان مازالت تلك الفتاة التي تخجل كلما رأت آزاد و تهرّب عيناها منه... موضوع زواج آزاد من ديلان ملخبط قليلا و لكن آزاد لا يفهم لماذا قبلت هذه الفتاة الزواج به. أي إمرأة ترمي بنفسها إلى النار رغم معرفتها أن زوجها لا يحبها؟ آزاد لم يقدم أي وعود لديلان حتى أنه وقف أمامها و حذّرها أن زواجهما لن يكون زواجا عاديا و أنه لن يكون أبدا ذلك الرجل الذي تحلم به.
ذهب إلى غرفته بخطوات ثقيلة و رمى بنفسه على الفراش، هو لم يعد وحيدا في هذه المدينة الآن، معرفة أن ميران و ريان سيكونان أمامه دائما هنا في ماردين صعب جدا عليه، يجب أن يتعود و لكنه لا يستطيع... هو يتقاسم هذه الغرفة منذ أيام مع فتاة لم يتعود على وجودها بعد، جلس على السرير الذي نام فيه بجانبها مثل الغريب و أخذ يفكر و يفكر... دخول ميران إلى حياتهم و زواجه بريان و كل تلك الأحداث السيئة و الأسرار التي تم كشفها... الآن ميران داخل حياتهم تماما، مهما كان هو فرد من هذه العائلة، ريان أيضا كذلك. مهما حاول آزاد النسيان، بينما ريان أمامه هو يعرف أن جرحه لن يشفى أبدا، فإتخذ قراره...
فُتِح باب الغرفة و دخلت ديلان في هدوء دون أن تشعل الأضواء. أغلقت الباب و دخلت في حرج ثم أحست بأن آزاد ينظر لها، أصبحت تتنفس بصعوبة. نعم، زواجهما الذي تم بقرار مفاجئ مازال جديدا و لكن متى سيتعودان على بعض؟ لا آزاد يتقرب من ديلان ولا هي تتجرأ على التقرب منه. هي تخاف، لقد قبلت الزواج من آزاد رغم معرفتها أنه لا يحبها، هي خائفة من أن تكسب كره آزاد لا حبه بعد هذا الزواج، تخاف حتى الموت من خسارته تماما إذا حاولت التقرب منه... إنها لا تنام براحة حتى منذ أيام، آزاد ينام على حافة السرير و هي على الجهة الأخرى و لا تتحرك حتى من مكانها خوفا من أن تزعجه، بينما الحال هكذا هي لا تعرف كيف سيتعودان على بعض. لم يبقى لدى ديلان أي أمل، حتى أن آزاد لم يلمسها أبدا و لا ينظر إلى وجهها حتى.
وقفت ديلان أمام الخزانة و سحبت قميص نومها في هدوء ثم دخلت إلى الحمام لتغير ثيابها، بعد ذلك تنام على حافة السرير، أو تتظاهر بأنها نائمة، هذا هو الوضع منذ أيام... بينما كانت تطوي ثيابها توقفت في مكانها عندما سمعت صوت آزاد:
"ديلان؟"
رفعت ديلان رأسها و نظرت إلى وجه الرجل الذي تحبه و لم تستطع لمس وجهه و لو لمرة، شاهدته بضعة مرات عندما كان نائما و لكن لم تتجرأ على لمسه أبدا... قبل أيام كانت قد سألت هافين و هي تبكي:
"هل أنا فتاة قبيحة؟"
هي تعرف أنها ليست جميلة بقدر ريان و لكنها لم تفعل شيئا كي يتم تجاهلها هكذا، نوم آزاد ليلة زواجهما وهو مدير ظهره لها و تجاهله لوجودها كان صعبا جدا على ديلان. حتى لو أحبها آزاد في يوم من الايام فهي لن تنسى حزنها في تلك الليلة، هذا أصعب موقف بالنسبة لإمرأة.
قالت هافين محاولة مواساة كنّتهم الجديدة:
"أنتِ فتاة جميلة جدا يا ديلان، و لكن عيون لم تراكِ بعد"
كلامها لم يكن كذب أو مجرد مواساة، ديلان فعلا فتاة جميلة جدا. كانت السيدة زهرة و حماتها السيدة دلال تقولان لها أنها يجب أن تصبر و أن نهاية هذا الصبر ستكون حديقة من الورود.
قالت ديلان بصوت مرتجف:
"نعم؟"
لم تكن تود أن تكون خجولة هكذا أمامه و لكن ليس بيدها، حبست أنفاسها و هي تنظر لآزاد منتظرة ما سيقوله لها، خافت و كأنه سيقول شيئا سيئا... أخذ آزاد نفسا عميقا ثم أشار لديلان بأصابعه و قال:
"تعالي إلى جانبي"
أُصيبت ديلان بدهشة للحظة ثم فعلت ما طلبه و جلست بجانبه. هي تتساءل بجنون عما سيقوله آزاد الذي لم يتكلم معها أبدا منذ ثلاثة أيام، يبدو أنه سيقول شيئا مهما.
بقيت ديلان تنظر للسجادة أسفل قدميها، لم تتجرأ حتى على رفع رأسها و النظر في عيني الرجل الذي بجانبها حتى أحست بأصابع آزاد على كتفها، أصابعه التي تلمس بشرتها قد أدفأت قلبها و في الحقيقة هي لا تفهم ما يحدث، هذه أول مرة يلمسها آزاد، رفعت رأسها و نظرت أولا إلى وجهه ثم إلى يده التي على كتفها كي تتأكد... ابتسم آزاد و قال:
"ماهذا؟ لقد تغير لون وجهكِ"
هو يعرف أن ديلان تخجل منه و هو مدرك لشعورها بالحرج بجانبه و لكنه لم يتحمل خوفها منه لهذه الدرجة... هزت ديلان رأسها قائلة:
"لا، لا. أنا بخير"
بقي آزاد يشاهد ديلان، ربما لأول مرة ينظر لوجهها بدقة هكذا، لقد تخلى منذ زمن عن أحلامه التي عرف أنها لن تتحقق، لقد دخلت الآن إلى حياته فتاة ذات نظرة حزينة، لقد حان الوقت لدفن ذلك الحب في قلبه و فتح الأبواب لحب جديد... سحب يده من كتف ديلان و قال:
"طبعا أريد أن تكوني بخير"
كم هو عديم الإهتمام تجاه الفتاة التي تنظر إلى وجهه و تترقب في حماس ما سيقوله، لم تتحرك شعرة في قلبه.
"و أنا أتمنى أن تكون بخير يا آزاد"
خرجت هذه الأمنية من داخل ديلان ثم حبست يد آزاد بين يديها، تلك اليد كم تجعل قلبها يرتجف. لأول مرة تكون جريئة هكذا أمام هذا الرجل.
"ليتني أستطيع أن أجعلك بخير"
إعتراف ديلان و صوتها المرتجف جعل آزاد يضع نظراته في الأرض، هي الفتاة هي أكثر شخص يفهم همه، هي تعرف كم إحترق بحب ريان و أحرق نفسه. لم يكن آزاد محرجا من هذا و لكنه حزين من أجل ديلان لأنه أفضل من يعرف معنى الحب بدون مقابل.
"تستطيعين يا ديلان"
تلك الكلمة المليئة بالأمل التي خرجت من فم آزاد جعلت قلب ديلان ينبض بقوة، و أرادت أن تعطي مقابل هذه الخطوة التي خطاها حبيبها نحوها فورا، غمر الحماس جسدها و كانت الفرحة واضحة في عينيها و قالت مبتسمة:
"كيف؟ ماذا تقول يا آزاد؟"
إبتسم آزاد لها أيضا، هذه الفتاة الصغيرة كم أنها بريئة و ساذجة، لقد فتحت أبواب قلبها الصغير لآزاد.
"هل نذهب من هنا؟"
قال آزاد هذا بصوت هادئ، في الواقع هو يفكر بهذا منذ أيام، رؤية ميران و ريان أمامه دائما صعبة جدا، آزاد ليس جاهزا لهذا الآن و لن يستطيع التعود حتى لو أراد ذلك، لا يظن أنه يستطيع التقرب من ديلان بينما ريان أمام عينيه. ليبقى هو مشتاقا لهذه الأراضي لفترة و لكن قراره مؤكد، سيذهب و لن يعود إلى ماردين مجددا حتى يتأكد أن جرحه شُفِي بالكامل. سينشأ حياة جديدة لنفسه لا يوجد فيها أحد سوى ديلان.... عندما لاحظ آزاد دهشة ديلان، إبتسم. مازالت تحتفظ بيده بين يديها الصغيرتين ثم قالت:
"إلى أين؟ أين يمكننا أن نذهب؟"
"لم أفكر أبدا"
حقا هو لم يفكر أبدا إلى أين سيذهب عندما كان يخطط للذهاب منذ أيام. عندما رأى ميران اليوم تمسك أكثر بتلك الفكرة و قرر بأنه يجب أن يذهب:
"لم أفكر أبدا. هل هناك أهمية للمكان الذي سنذهب إليه؟"
"لا طبعا... أنا أذهب معك إلى المكان الذي تريده"
سحب آزاد يده من بين يدي ديلان ثم داعب وجنتها المحمرة من الخجل و قال بصوت واثق:
"هيا تجهزي إذا، الآن. فورا"
قال آزاد هذا ثم نهض من مكانه و فتح الدرج الخاص به ثم أخذ كل ما يحتاجه من أغراض، أما ديلان فهي مازالت جالسة في مكانها في حالة صدمة فقال لها:
"هيا يا ديلان، أسرعي"
نهضت الفتاة في توتر و لم تعرف ماذا تفعل، حتى أنها نسيت مكان الحقائب. إلى أين سيذهبان، كم سيبقيا و ماذا يجب أن تأخذ معها، هي لا تعرف كل هذا. في الواقع هي لا تصدق أنهما حقا سيذهبان الآن. ماذا ستقول لأمها؟ أم آزاد و سكان القصر كيف سيتقبلون هذا. فكرت بكل هذا ثم إلتفتت لآزاد و قالت:
"هل سنذهب هكذا في هذا الوقت من الليل؟ دون أن نخبر أحدا؟ ألن يكون عيب؟"
"لسنا مجبران على إخبار أحد... هيا خذي ما تريدين أخذه معكِ"
عندما فهم أن ديلان لن تتحرك من حماسها، سحب هو الحقائب و وضع فيها كل ما يحتاجانه في هدوء ثم ذهب إلى النافذة. ربما هذه آخر مرة يرى فيها هذا المشهد في هذه النافذة و في هذا القصر. همس في داخله:
"هذه الليلة، سأُنهي كل شيء"
بعد أن تجهزت ديلان خرجا من القصر بسرية دون أن يظهرا لأحد. بينما كان آزاد يتمنى أن لا يندم على هذا القرار الذي أخذه في لحظة جنون، كانت ديلان تنجرّ خائفة خلف الرجل الذي تحبه. هي تتخيل ردة فعل أهل القصر عندما لا يجدونهم في الصباح. هي لم تكن تريد أن يحدث هذا و أن يذهبا بهذا الشكل و لكن آزاد أراد هذا. ليس لها فرصة كي ترفض عرضه... الرجل الذي تحبه اليوم لأول مرة مد لها يده، ستمسكها بقوة و لن تتركها أبدا... وضعا الحقائب في السيارة ثم بدأت رحلتهما في هذا الليل المظلم و الهادئ. في الواقع حتى آزاد لا يعرف إلى أين سيذهبا و لكنه سعيد بشكل غريب، يشعر بسلام في داخله لم يحس به منذ مدة طويلة. كلما إبتعدت السيارة عن ميديات كان يغمره حماس الحياة الجديدة التي تنتظره... إلتفت إلى الفتاة الخائفة التي تجلس بجانبه، أخذ يدها بين يديه ثم إبتسم لها قائلا:
"لا أستطيع أن أقول لكِ أن كل شيء سيكون جميلا يا ديلان... و لكن أنا و أنتِ سنكون بخير بعيدا عن الجميع"
********
ميران و ريان ممددان على الفراش يشاهدان إبنتهما التي تنام بعمق بينهما، إنها تنام بشكل جميل و بريئ لدرجة أن كلاهما كانا يشاهدانها و الإبتسامة على وجهيهما. هذه الطفلة التي تكبر كل يوم أكثر و بدأت تحاول الكلام هي مصدر سعادة ميران و ريان. هذا الرجل الشاب يعيش حياة لم يكن يتخيلها أبدا، هذه السعادة الكبيرة لم يكن يراها في أحلامه حتى و لكن الحياة تجعلك في حالة ذهول، تعطيك أفضل مما كنت تتمناه و تجعلك تنسى حتى ما عشته في الماضي.
أخذت ريان إبنتها النائمة في حضنها ثم وضعتها في سريرها أما ميران فقد ذهب إلى الصالون. بعد أن أنهت ريان عملها حضرت القهوة لها و لزوجها. في الواقع كلاهما متعبان جدا و لكن لا يريدان النوم. لقد عادا قبل قليل من بيت السيد مصطفى حيث تمت خطبة أليف و آردا بشكل رسمي و بدآ أول خطوة نحو السعادة الأبدية... منذ أن ركبا السيارة كانت جوناش الصغيرة نائمة، لقد تجولت من حضن لحضن لدرجة أنها لم تفتح عينيها أبدا بعد أن نامت و لن تستيقظ حتى الصباح... عندما دخلت ريان إلى الصالون و في يدها طبق القهوة وجدت ميران يقلّب الإسطوانات القديمة. وضعت القهوة على الطاولة ثم جلست قائلة:
"الآن فقط حتى فهمت كم أنا متعبة"
"و لكن أنا لست متعبا"
قال ميران هذا و القلق يبدو على وجهه رغم أن ليلتهم كانت سعيدة جدا. في الواقع عقله بقي عند آزاد. الخبر الذي تلقوه صباحا أدهش الجميع. ذهاب آزاد و ديلان من ماردين فجأة و دون إخبار أحد لم يُسعد ميران، بالعكس فقد جعله هذا يشعر بالذنب، و لكن أراح قلبه قائلا أن هذا هو الأفضل لهم جميعا، على الأقل لفترة.
"أنت تفكر بآزاد، أليس كذلك؟"
سؤال ريان المفاجئ جعل ميران يتوقف ثم إلتفت إلى زوجته و نظر إلى وجهها المتعب ثم قال و على وجهه إبتسامة حزينة:
"من الواضح أنكِ أنتِ أيضا تفكرين به"
لم ترفض ريان هذا، هي أيضا حزنت على ذهابه مثل الجميع و لكن ليس باليد حيلة:
"نعم أفكر، و لكن هذا قراره و يجب علينا أن نحترمه"
أخذ ميران نفسا عميقا و قال:
"لن يدوم هذا طويلا، هذه الأرض التي ينتمي إليها. سيتجول و يدور ثم سيعود إلى ماردين"
لم تشأ ريان أن تعلق على هذا، هي أيضا تحس نفسها مذنبة بقدر ميران في هذا الموضوع، لقد رأت مدى حزن عمها و زوجة عمها مهما حاولوا إخفاء ذلك. لم تكن تريد أن يحزن أحد بسببها أو بسبب ميران لذلك هي تتمنى عودة آزاد و ديلان في أقرب وقت.
بينما كان ميران يعبث بالإسطوانات كانت ريان تشاهده بعيون نائمة، عندما وجد الإسطوانة التي يبحث عنها إرتسمت إبتسامة أليمة على وجهه. إنها عائدة لسنة 1987. رفعها بأصابعه كي تراها ريان ثم قال لها:
"هذه لأمي"
عندما قال هذا إرتسم الحزن على وجه ريان، هي تعرف أن إنكسار ميران من أمه لن يمضي أبدا و لو بعد ألف سنة، و لكنها تعرف أيضا أن الزمن بإمكانه أن يكون مرهما لكل الجروح... عندما ظهر ذلك السر الذي زعزع حياتهم بالكامل، لم يكن ميران يلفظ إسم أمه حتى، و لكنه الآن يذكرها ولو قليلا مثل السابق، غضبه نحوها ينقص شيئا فشيئا.... وضع ميران الإسطوانة قائلا:
"أفضل أغنية بالنسبة لي هي: الشوق"
ثم نظر إلى ريان و هز بكتفه و أكمل:
ربما لأن أمي تحبها، لا أعرف، و لكن أنا أيضا أحب هذه الأغنية" كثيرا"
بقيت ريان تشاهد ميران و تستمع إلى الأغنية، أرادت كثيرا أن تحتضن ذلك الرجل الحزين. أنهت قهوتها و وضعتها على الطاولة ثم نهضت و في تلك اللحظة لاحظت ورقة مطوية على وشك السقوط من جيب بنطال ميران.
"الورقة التي في جيبك..."
عندما قالت ريان هذا، أدخل ميران الورقة إلى جيبه فورا. طبعا هذا الوضع جعل ريان تتساءل، ماذا يخفي في جيبه؟ لماذا خبّأ الورقة فورا عندما تكلمت ريان؟... عبس وجهها ثم قالت:
"ما تلك الورقة يا ميران؟"
"لا شيء"
قال ميران هذا ثم وضع يده على رقبته و أغمض عينيه، إنه يضيع الآن في كلمات الأغنية التي تداعب روحه، و كأن هذه الأغنية تتحدث عنهما:
"اليوم يومنا، الشمس شمسنا، و النار التي بداخلنا لنا.
ذلك اليوم الذي أمسكنا فيه يدا بعض و ضحكنا، لنا.
البارحة لنا، الغد لنا و العشق لنا.
ذلك القلب المحترق بالشوق، لنا..."
إستفادت ريان من إغلاق ميران لعينيه و إندماجه مع الأغنية ثم راوغته و سحبت تلك الورقة من جيبه. هي تعرف أن ميران سيغضب، و لكن إذا لم تعرف ما يوجد فيها فسيقتلها الفضول... عندما فتحت الورقة المطوية على أربعة و نظرت لها، فتحت عيناها في ذهول. لم تعرف ماذا تفعل عندما وجدت الرسالة التي كتبتها قبل سنة في إحدى الليالي و هي تبكي... نظرت إلى وجه ميران مندهشة و لكن لم ترى أي علامة غضب على وجهه.
"ميران، هذه..."
لم تكن تستطيع التكلم من صدمتها، هذه الرسالة التي ظنت أنها أوقعتها في القصر و بحثت عنها بجنون و سألت هافين عنها و لكنها راوغتها قائلة: لا أعرف، لم أرها... ماذا تفعل الآن هذه الرسالة عند ميران؟
"كنت أظن أنني أضعت هذه الرسالة"
"كانت معي"
قال ميران هذا ثم نهض على قدميه و أخذ الرسالة من يد زوجته التي ترتجف. كان يحملها معه كل يوم طيلة سنة كاملة و لم تمسك به ريان أبدا، و لكن إلى هنا فحسب. طوى ميران الرسالة مجددا و وضعها في جيبه ثم قال:
"لقد كانت في المكان الذي تنتمي إليه"
نظر ميران بحماس كبير إلى وجه زوجته التي كانت تطوّقه بذراعيها. ألن تهدأ دقات القلب هذه؟ و لكن ميران لا يشتكي من هذا الوضع أبدا. و لو مات من أجلها لن يهتم أبدا، حتى أنه يتمنى لو يموت بين ذراعيها.
"كنت أظن أنني أضعتها و حزنت كثيرا يا ميران... كيف نجحت في إخفائها كل هذا الوقت؟"
وضعت ريان يديها حول رقبة زوجها منتظرة جوابه و هي تنظر إلى عينيه الزرقاء التي تجعل قلبها يرتجف.
"تلك الأسطر خاصة بي، لم أكن لأتقاسمها معكِ"
"أنا التي كتبتها، أنا"
قالت ريان هذا ثم نظرت له و كأنها تقول ممن تخفي رسالتي، و لكنها في الواقع تضحك، هذا الرجل حقا محتال. قالت له:
"أنت سيئ جدا يا ميران"
ضحك ميران وهو يشاهد المرأة التي يحبها حتى الشبع ثم قال:
"لست سيئا، أنا فقط مغرم بكِ... لا أعرف ماذا فعلتِ و كيف فعلتِ هذا...."
وضع جبينه على جبينها ثم قبّل زوجته من عينها المغمضة و قال:
"هذا الرجل أصبح مفتونا بكِ يا إمرأة..."

           **********النهاية*********** 

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 13, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن