الحلقة 16 - اياك أن تسامحي

8.6K 139 5
                                    

#الحلقة17 من #رواية_زهرة_الثالوث مترجمة:
عنوان الحلقة: #اياك_أن_تسامحي #الجزء_الأول 🦋🦋

ريان الآن تتخبط داخل السيارة و تصرخ بكلمات لا تُقَال، لم تكن تصدق أنها هي تفعل هذا، هي لم تكن فتاة من هذا النوع، ميران جعلها هكذا... كل شيء حصل قبل 10 دقائق، بينما كانت ريان ذاهبة إلى المستشفى مع فرات قطع ميران طريقهما و أخذها إلى سيارته بالقوة و كأنها مجرد خرقة، و قد أنزل لكمة على وجه فرات عندما أراد التدخل، ريان لا تستطيع النظر إلى وجه فرات بعد الآن، في الواقع حتى لو أرادت رؤيته لن تستطيع، انها مثل عصفور أُخِذَتْ حريته من يده و تم حبسه في قفص مظلم.
الظلام بحد ذاته هو بجانبها الآن...
إنها الآن تنظر إلى ميران، كانت عيناه الزرقاء الثاقبة تنظر إلى الطريق فقط. في هذه الأيام الأخيرة لم تكن ريان ترى في ميران سوى غضبه و لاحظت مؤخرا وجهه العابس الذي لا يضحك، أنها تتعرف الآن على ميران الحقيقي، و بشكل غريب كان يعجبها هكذا أكثر، لأن القناع الذي كان يضعه سابقا لم يلق بهذا الرجل أبدا... صرخت ريان في وجهه:
"هيا قل... ماذا ستفعل لي؟ الآن في أي إنتقام ستتدخلني؟"
ميران كان صامت، ريان في حالته هذه لن تفهمه أبدا، مهما قال ستسيء فهمه و ستنفخ رأسه أكثر بصراخها. في الواقع هي لن تسكت أبدا و مع ذلك بقاؤه صامتا هو الأصح.
"من أكلم أنا؟ من؟"
عندما لم تأخذ جواب سؤالها غضبت أكثر و قالت:
"أم أنك ستأخذني إلى جانب زوجتك؟... عفوا، هل كان يجب أن أقول أختك؟"
لسانه لم يطاوعه على الصمت أكثر و ن تكلم ميران أخيرا:
"جونول ليست أي شيء بالنسبة لي"
تفاجئت ريان بهذه الكلمات و سألته:
"كيف يعني؟"
ثم غيرت جملتها فورا كي لا تظهر فضولها:
"أو لا تقل، لا أريد سماع ما ستقوله"
ثم وضعت ريان رأسها إلى الوراء و أغمضت عينيها، انها تحس بالإغماء، الواضح أن كل هذه الإثارة لم تكن جيدة لها ولا لطفلها.
ميران رغم هذا قرر أن يجيبها، يجب أن يجعل ريان تتقبل هذه الحقيقة شيئا فشيئا:
"حتى لو كنت لا تريدين أن تسمعي فأنا سأخبرك عن كل شيء، أنا أطلق جونول"
"لماذا تقول هذا لي؟"
مهما كانت ريان مليئة بالغضب فهي في الواقع تتساءل بجنون، أي إمرأة جونول هذه؟ مادامت هي زوجة ميران لماذا ضحكت في وجهها و لعبت دور أخته كل هذا الوقت؟ اللعنة هي لا تستطيع أن تسأل ميران.
"هناك الكثير من الأشياء التي أريد إخبارك بها يا ريان"
قال ميران هذا ثم أبعد عينيه عن الطريق و نظر لريان، لاحظ أن وجهها شاحب و لم تكن تبدو بخير فقال لها:
"هل أنت بخير؟"
بدأت ريان تشعر بالإغماء بشدة و بغثيان في معدتها، هذا ما كان ينقصها. صرخت في وجه ميران قائلة:
"هل من الممكن أن أكون بخير بجانبك؟... لا أعرف إلى أين تأخذني و لكنك تخطئ، سأتخلص منك، سترى هذا"
"من الآن فصاعدا... المكان الوحيد الذي ستذهبين إليه سيكون غرف بيتي"
نظرت ريان لميران في دهشة كبيرة و قالت:
"بيت ماذا؟ مالذي تهذي به أنت؟"
"أنا آخذك إلى بيتي"
كان ميران سيقول "بيتنا" و لكن لم يستطع لسبب ما...
"أنا الذي تركتك بلا مأوى و سأتلافى كل شيء... بسببي لم تستطيعي العودة إلى بيتك، بينما شهدت كل ماردين على زواجك، عندما يرونك في اليوم الموالي كان الجميع سيتحدث عنك و أنت لم تكوني لتتحملي هذا"
كلمات ميران جعلت قلب ريان يرتجف و قالت:
"كنت تعرف... كنت تعرف أنني لن أتحمل ذلك... و مع ذلك فرّطت بي. أساسا ألم يكن هذا مطلبك الوحيد؟ فضيحتي أنا و أبي و كل عائلتي... ألم يكن هذا الهدف من انتقامك هااا؟"
كان صوتها ضعيف جدا و تحس بألم شديد... ميران لم يستطع قول شيء، نعم في البداية كان هذا ما يريده و لكن الآن لا، إنه عاجز لدرجة أن يتنازل عن كبريائه أمام هذه الفتاة، و حبه لها كبير لدرجة أن يتجاهل كل ذلك الكره، قلبه تعلق بها لدرجة أن لا يتخلى عنها رغم أنها ابنة عدوه.
"أنا مشكلتي مع والدك ذاك، ليست لدي مشكلة معك"
تجمعت كلمات كثيرة على لسان ريان في تلك اللحظة و لكن لم تستطع قولها و في نفس الوقت غثيان معدتها زاد عن حده و تحس أنها تريد التقيأ، يزداد وضعها سوءا، فضلت الصمت و بقيت تتلوى في مكانها ثم قالت له بصعوبة:
"أوقف السيارة... أنا لست بخير"
ميران أوقف السيارة في قلق. فتحت ريان بابها بصعوبة ثم انحنت على الأرض بعد عدة خطوات و بدأت تخرج كل ما بداخلها... عندما رأت ميران ينزل من السيارة و يذهب نحوها جن جنونها، لم تكن تريده أن يراها بهذه الحالة و لكن ليس لديها مهرب. ميران أحضر علبة المناديل في يده و انحنى بجانبها، أمسك شعرها و رماه إلى الخلف ثم أخذ منديل و أراد أن يمسح فمها و لكن ريان لم تسمح له بلمسها، كانت ترتجف:
"لا تلمسني... أنا أحل الأمر"
أصبحت ريان محمرة تماما، رؤية ميران لها في هذا الوضع هو آخر شيء قد تريده في الحياة... بعد أن أنهت عملها ذهبت إلى السيارة و رمت نفسها على المقعد تحت نظرات ميران القلقة، كانت تتنفس بعمق، كان حلقها يحرقها كثيرا بعد التقيأ، إذا كان هذا سيتواصل هكذا طول فترة حملها فينتظرها عذاب كبير...
ميران دخل إلى السيارة قائلا:
"هل أنت أفضل الآن؟"
أدارت ريان وجهها إلى الطرف الآخر، لم تكن تريد أن تشتم رائحته. لماذا يتصرف هكذا؟ و كأن شيئا لم يكن... نظراته العميقة لها و اهتمامه بها و كأنه لم يذهب أبدا، كان مثل السابق، و كأنه ليس هو الرجل الذي رماها في قاع بئر مظلم... لم تعد ريان تستطيع إخفاء دموعها أكثر، إنها تبكي مجددا أمام هذا الرجل و بسببه. قال ميران بعجز:
"لا تبكي... لا تقتليني"
كم هو صعب أن لا يستطيع إنهاء دموع هو سبب نزولها... اشتد بكاء ريان ثم ابتسمت له بغضب، أرادت أن تقهره و تهدمه بكلمة واحدة:
"هل تعلم؟ أنا لن أسامحك أبدا"
بدون شك الكلمات أيضا تكون قاتلة، ميران كان يموت و لا يتكلم أبدا، لأنه كان على غير حق حتى النهاية. هو يعلم هذا لذلك كان يصمت و يموت.
"رجل مثلي..."
خرج صوت ميران بصعوبة، لم يستطع التكلم حتى، كانت روحه متعبة لدرجة... ثم واصل جملته:
"رجل مثلي لا يمكن مسامحته... أنت محقة جدا... إياك أن تسامحيني"
خرج هذا الإعتراف من فمه فجأة، أخذ نفسا عميقا، كان كبده يتمزق من الألم:
"في حين أنني لا أسامح نفسي... إياك أن تسامحيني أنتِ"
خرج ميران من السيارة في هدوء و أغلق الباب أما ريان بقيت في الداخل تبكي بشدة... انتظر ميران في الخارج لعدة دقائق، و ربما لفترة أطول، لا يعرف هو كم انتظر و ريان كم بكت و في النهاية ركب السيارة و انطلق و قد بدأ الجو يميل إلى اللون الأسود مثل لون قلوبهم الآن.
بالنسبة لريان أن تكون مع ميران مجددا ليس موضوع قابل للنقاش حتى، هناك جبال لا يمكن تخطيها و طرق ليست له نهاية بينهما و لكن هذا هو القلب، لا نستطيع إسماعه صوتنا، لا تستطيع أن تنهي حب ميران في قلبها.
وصلا الآن إلى حي لا تعرف أين يكون، حسبما رأت من لوحات الطريق هما في منطقة بيكوز، وقفت السيارة أمام بيت فخم منفصل و ذو طابقين، كان يقف رجل شاب أمام الباب و عندما رآهما فتح الباب الحديد و انتظر دخولهما. دخل ميران بالسيارة إلى حديقة المنزل و ريان كانت تشاهد الأطراف.
قال ميران: "وصلنا" و هو ينظر لريان بصعوبة، الله يعلم أنه عندما اشترى هذا البيت كانت ريان في عقله دائما، أمنيته الوحيدة أن يمضي عمره في هذا البيت معها، كان يريد ترك كل الماضي خلفه و أن يفتح صفحة جديدة معها... ضغط ميران على مقود السيارة بقوة و قال:
"أنا لا أريد أن أعاملك بسوء يا ريان، بأي شكل. أرجوك لا تزعجيني و لا تتخبطي كي تتخلصي مني و إلا أنت التي ستتألمين مجددا"
نظرت ريان إلى وجه ميران و ابتسمت و كأنها تسخر منه، ثم نظرت إلى البيت و رفعت إصبعها مشيرة للبيت:
"هل تظن أنك تستطيع أن تبقيني هنا بالقوة؟"
"لا أظن... من هنا و صاعدا هذا هو بيتك"
قال ميران هذا بصوت واثق و أشار إلى البيت بإصبعه مثلما فعلت ريان.
هزت ريان رأسها قائلة "حسنا" ثم خرجت من السيارة، و لحقها ميران... ماذا حدث للفتاة التي كانت تهاجمه قبل ساعة و قبل عدة أيام؟ وقفتها الهادئة كانت تخيفه و كان يجن ليعرف ماذا يدور في عقلها...
ريان تركت المقاومة و الصراخ، بالوقوف في وجه ميران كانت تؤذي نفسها فقط، ستصبر قليلا و عندما يأتي الوقت المناسب ستذهب من هذا البيت دون أن تنظر وراءها...
نظرت إلى أطراف البيت قليلا، في الواقع هذا هو البيت الذي كانت تحلم به. قبل زواجها من ميران، عندما لم تكن تعرف وجهه الحقيقي، كانت قد أخبرته عن البيت الذي تريد العيش فيه، كم كانت حمقاء حينها، الآن هي تنظر إلى البيت الذي حلمت به ولا يوجد بداخلها أي ذرة حماس. كل شيء في وقته كان جميلا... قالت ريان:
"لم تَنْسَ... أنا أخبرتك عن البيت الذي أحلم بالعيش فيه، و أنت لم تَنْسَ"
ابتسم ميران و قال لها:
"أنا لا أنسى أي شيء متعلق بك"
بدأت ريان تعد كل ما تراه أمامها قائلة:
"أنا أردت أن تكون الحديقة مليئة بأشجار ورود الساردونيا، لم تَنْسَ هذا أيضا... أردت أن يكون له مدخل كهذا، لأنني أردت أن نشرب الشاي هناك و نتحدث أحاديث جميلة... و لم تَنْسَ هذا أيضا"
ثم نظرت ريان إلى ما حولها و ابتسمت بألم. ثم قال ميران مجددا: "لم أنسى" كان يتساءل أين ستصل نهاية هذا الحديث.
"و لكن أنا لم أعد أحب هذا النوع من المنازل. من بعدك أنت أنا كرهت كل شيء متعلق بك، و ذوقك مخزي... و بيتك يشبهك"
ابتسم ميران بألم بعد كلمات ريان القاسية ثم قال:
"ان كنت تقولين هذا، فهو كذلك"
مهما قالت ريان لن يعارضها، هو يدرك مالذي تريد فعله، مادامت تريد إغضابه فسيصبر حتى النهاية... قال لها:
"لندخل إلى الداخل، الجو بارد هنا"
دخلت ريان البيت في صمت خلف ميران، داخل البيت أيضا جميل جدا مثل خارجه، تدخل له الشمس من 4 جهات، حيطانه لونها فاتح و مزينة بلوحات جميلة. في آخر الممر الطويل و العريض يوجد درج يأخذ إلى الطابق العلوي و بجانبه يوجد باب يفتح على المطبخ، و أمامها بالظبط يوجد صالون واسع.... أشار ميران إلى الدرج قائلا:
"غرفة النوم و الغرف الأخرى في الأعلى"
"لا أتساءل عن هذا"
ثم اتجهت نحو الصالون و ميران يمشي خلفها:
"و لكن أنا أتساءل عن شيء... إلى أين كنت ذاهبة اليوم؟ و مع ذلك الرجل أيضا"
تفاجأت ريان، هذا أكثر ما تخاف منه، أن يعلم ميران بحملها. في العادة هي لا تستطيع الكذب، يحمر وجهها أثناء ذلك مثلما حصل الآن بالظبط. كانت ستذهب إلى المستشفى مع فرات و ترى طفلها لأول مرة، و لكن ميران لم يسمح بهذا... هرّبت ريان عينيها من ميران و قالت:
"هذا لا يعنيك"
نظر لها ميران بعيون الشك، اقترب من ريان كثيرا و وقف أمامها  فأحس أن وجهها احمر أكثر، ازداد فضوله:
"أنا لا أسأل سؤالا مرتين، أنا أسأل مرة واحدة و آخذ جواب. و أنت لديك حق واحد للإجابة"
"أعتقد أنني استعملت ذلك الحق قبل قليل"
"أي أنك تفضلين الصمت أليس كذلك؟... هل تظنين أنني لن أعرف؟"
"ماذا ستفعل؟ هل ستنقض على فرات مجددا و تأخذ الكلام من فمه بالعنف؟"
"إذا اظطر الأمر، نعم... ذلك الرجل لا يفهم إلا هكذا"
"أنا أتساءل، كم ستقع من عيني أكثر"
ثم اتكأت ريان على الأريكة و كانت مستمتعة لأنها وضعت ميران تحت الأرض بكلامها، و لكن لم يكن يظهر الخجل أبدا على وجه ميران من الأجوبة التي يأخذها، ثم قال كلماته المليئة بالتهديد:
"لا يمكنك التخمين حتى، كلما واصلت في استفزازي، مكاني في عينك لن يهمني أبدا"
"أساسا لا أفكر أنك تهتم لمكانك في عيني، لأن الرجل الذي كان غالي علي في وقت من الأوقات مات بعد زواجي بيوم... أنت قتلته"
بينما صمت ميران، واصلت ريان كلامها:
"فرات لا يبيعني، هو عكسك أنت، انسان وفي"
ميران ينهزم أمام غضبه كلما رأى دفاع ريان عن ذلك الرجل و ينسى الوعد الذي قطعه لنفسه بأن يبقى هادئ:
"ماهذه الثقة التي تعطينها لشخص عرفته منذ يومين يا ريان؟ من هو لتثقي به هكذا؟"
الآن هو الوقت المناسب، ميران يقع في الفخ بنفسه و يعطي الفرصة لريان كي تجرحه.
"و هذا هو غبائي أنا، دائما أظن أن الناس الذين أعرفهم خلال يومين مثلي أنا. و أفهم خطئي بعد أن أرى الوجه الحقيقي لهم مثلك أنت، و للأسف يكون متأخر جدا"
لم يعد ميران يتفاجئ من دوران الكلام نحوه، سيعود نفسه على هذا إلى أن تتعود ريان على وجوده و على هذا البيت. هو سيتعود على الإهانات و الكلمات الموخزة... بعد صمت ميران أرادت ريان تغيير الموضوع و قالت:
"ماهو هدفك من إحضاري إلى هنا؟"
عندما جلس ميران بجانبها ابتعدت عنه لا إرادياً، أما ميران كان يفكر بما سيقوله، ليس لديه هدف واضح و لكن لن يستطيع شرح هذا لها، مهما قال فلن تصدقه، فاكتفى بقول: "آزاد هنا في إسطنبول" ثم صمت و انتظر ردة فعل ريان و كما كان ينتظر تماما وجه ريان أصبح شاحبا و اصفر لونها:
"لماذا؟ لماذا هو هنا؟"
"لأنه يلحق بك"
ريان بدأت تتحرك في مكانها في توتر و قلق ثم قالت:
"و لكن لا أحد غير أمي يعرف أنني في إسطنبول، و أمي لا تخبر أحدا أبدا"
"لا أعرف ذلك، ها قد عرف بشكل ما، فور إيجاده لك يظن أنه سيأخذك إلى ماردين"
قال هذا و كأنه يسخر من آزاد. نظرت له ريان بريبة:
"من أين تعرف أنت كل هذا؟"
"من أجلك أنت نحن دمرنا بعض"
لم يكن يستطيع ميران قول هذا، كان يعرف منذ البداية أن آزاد يحب ريان و لكن ماذا عن ريان؟ هل كانت تعرف بهذا؟ إذا كانت تعرف فلماذا ارتعبت هكذا عند سماع إسمه؟ يجب أن يعرف إن كانت ريان على علم بحب آزاد لها و لكن دون أن يوضح لها هذا.
"لماذا توترت هكذا؟ هل تخافين إلى هذه الدرجة من العودة إلى ماردين؟"
حتى لو ارتعبت ريان أمام أسئلة ميران فلم توضح له شيئا، لن تثق به و تخبره عن مخاوفها دون أن تعرف لماذا هي هنا و إلى ماذا يسعى ميران. صرخت ريان:
"ما شأنك بهذا؟ لن تأخذ كلمة واحدة من فمي"
"لا تخافي... أنت في أمان بجانبي، أنا فقط أستطيع حمايتك من آزاد"
يجب أن تضحك ريان على هذا و ضحكت فعلا، لم يفهم ميران لماذا كانت تضحك ثم سألته:
"حسنا و من سيحميني منك؟ هل أنت مدرك أي رجل أنت؟"
ميران مد يده لريان في تلك اللحظة، هو دائما يتقدم خطوة نحوها بدافع الحب و الإشتياق الذي بداخله لها، و كل خطوة يخطوها كانت تنتهي بخسران. صرخت ريان في وجهه:
"اسحب يدك هذه"
ثم نهضت ريان من مكانها، الجلوس بجانبه كان خطأ منذ البداية.
"أنا لا أؤذيك يا ريان"
ألا ترى صورتها في عينيه؟ كيف يمكنها أن تكون عدوة له هكذا في حين أن كل ذرة فيه تهتف بإسمها.
"كيف يمكنك أن تؤذيني أكثر؟ من أنت؟... ماهذا المكان؟ لماذا هذا المكان هذا المكان بدل أن يكون بيتي أصبح غريبا عني لهذه الدرجة؟"
"هذا بيتك"
"هذا... كابوسي"
"أنا أريد إصلاح بعض الأشياء يا ريان"
يجب أن يبدأ ميران بالكلام، إذا صمت سيحرق نفسه و إذا تكلم سيحرق ريان، هو يعرف هذا و لكن لن يصل إلى شيء بالصمت.
"أريد تلافي الخطأ الذي ارتكبته بحقك، و أريد أن أجعلك تنسين ما مررت به. زواجي بجونول ليس كما تظنين، أنا لا أحبها، و لم أحبها أبدا"
ريان لم تكن تريد سماع أي شيء من هذا، ما فعله ميران ليس بشيء يمكن تعويضه... أدارت ظهرها له و اتجهت نحو الباب فلحق بها ميران:
"إلى أين تذهبين؟"
بقي سؤاله معلقا، ريان كانت ذاهبة إلى المطبخ، ستثبت لميران بعد قليل أنه لن يستطيع إصلاح شيء. فتحت درج المطبخ و أخذت طبقا زجاجيا كبيرا بين يديها و ميران كان يشاهدها في دهشة. رفعت يدها ثم رمت الطبق على الأرض، انقسم الطبق إلى أجزاء صغيرة جدا مسببا ضجة كبيرة، كانت ريان تنظر و كأن حياتها هي التي تتحطم، ثم أشارت إلى قطع الزجاج:
"انظر إلى هذا، هل تستطيع إرجاعه إلى حالته القديمة؟ أنا في حالة أسوأ منه بكثير، أنت دمرتني"
كان واضح من النار التي تخرج من عينيها و السم الخارج من شفتيها: ريان لن تسامح ميران.
كان الرجل الشاب يشاهد السماء بعينين هرب منهما النوم مثل الملايين من الناس، لا يعرف في أي حالة هو و لا يهتم بذا أساسا لأنه في الأعلى توجد إمرأة لم يستطع تضميد جروحها. هناك إمرأة في بيته و تحت سقفه هو سبب جرح قلبها. لو مد يده سيلمسها، و لكنه لا يستطيع لمسها. هي ممنوعة لدرجة، هذا أجمل ظلم للقلب.... نهض ميران على قدميه بسرعة و رغم تنبيهات ريان له قائلة: "إياك أن تأتي إلى هذه الغرفة" إلا أن قدميه أخذته نحو الدرج و وقف أمام باب غرفتها في حماس. طرق الباب بهدوء لعدة مرات و عندما لم ترد طرق مرة أخرى و أخرى ثم قال:
"ريان..." و كم كان يحرق لسانه ذلك الإسم الجميل...
"هل تسمعينني؟"
ثم حاول طرق الباب مجددا و لكن فُتِحَ الباب، حبس ميران أنفاسه و قال:
"إذا... إذا كنت تريدين قتلي، يكفي أن تنظري إلى عيني، لست بحاجة إلى أي شيء آخر"
رفعت ريان حاجبيها بعصبية و قالت:
"ماذا تريد في هذا الليل؟"
"لا أعرف، لا أعرف... أنا أجن لبقائنا منفصلين في نفس البيت.. لا أستطيع"
"ماذا بإمكاني أن أفعل من أجلك؟... إذا كان هذا سيُذْهِبُ مللك فهيا لنذهب إلى ذلك البيت و اتركني مرة أخرى"
ثم اقتربت من ميران كثيرا و وضعت عينيها في عينيه و قالت:
"هل تصبح سعيدا حينها؟"
بينما تقول ريان لأُنهي السم الذي بداخلي كانت تنهي ميران ولا تعلم بهذا... قال ميران بصوت منهك:
"لم نعرف بعض بشكل صحيح أبدا... أنا لم أكن رجلا جيدا، لا أنكر هذا. و لكن أنت لست طيبة جدا يا ريان"
بينما كانت ريان هي التي تقول كلاما يؤلم القلب منذ الصباح، دُهِشت للحظة أمام هذا الإتهام المفاجئ لها. هل تألمت؟ نعم، و كثيرا. كيف يحصل و مازال هذا الرجل يؤلم روحها بكلمة واحدة منه؟
"و لكن مازال لدي أمل..."
قال ميران هذا و قد اقترب من ريان كثيرا و أغلق المسافة بينهما، الجاذبية بينهما كانت قوية لدرجة، ريان كانت مدركة لهذا، رغم كل كرهها لم تستطع منع نفسها من الضياع في عينيه بنظرة واحدة منه... ميران أمسك يدها و وضعها على قلبه و ريان لم تقاوم و لم تسحب يدها، لا تعرف كيف سمحت بهذا.
"لدي أمل... أعرف أنك في يوم من الأيام ستنظرين إلي مثل السابق"
"رغم كل شيء؟"
"رغم كل شيء"
سحبت ريان يدها ببطء و ابتسمت لميران بطريقة قاتلة و قالت:
"لن يحصل ما تريده إلا إذا أصبحت نار جهنم جليدا و عانقت السحب مياه البحر"
"هل هذا مستحيل إلى هذه الدرجة يعني؟"
"نعم إلى هذه الدرجة"
ابتعدت ريان عن ميران و ذهبت إلى الطرف الآخر من الغرفة الذي كان جداره من الزجاج، رغم إدارة ظهرها كانت ترى انعكاس ميران أمامها... مسح ميران لحيته بيده، كان يتخبط في عجزه، كلما وضعت ريان مسافة بينهما هو كان يتخبط من أجل الإقتراب منها.
"كان القلب يود أن لا يحصل أي شيء من هذا"
قالت ريان هذا و أخذت نفسا عميقا، كم هي طويلة هذه الليلة، لماذا لا تنتهي؟
جاءت ذكريات الماضي السيئة أمام عينيه و ضربت ميران من قلبه مثل الرصاصة.
"ليتنا لم نتقابل هكذا أبدا.. ليت سم الماضي لم يتدفق علينا... ليتني بقيت معلقا في ضحكة منك و ليتك أنت عشقت رحمتي"
ثم صمت ميران، ألم قلبه لم يجعله يتنفس حتى...
"حينها لم أكن لأتألم و أُقْهَرَ هكذا يا ريان"
ثم رفع أصبعه و أشار إلى عيني المرأة التي أمامه على أساس زوجته و قال:
"بدل أن أرى نظراتك هذه... صدقي أنني كنت أفضّل الموت..." يتتبع...

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن