منذ أن وعت على نفسها ريان كانت تخاف كثيرا من صوت الرعد و المطر الشديد، إنه أواخر شهر أيلول، ربما لأنه لم يكن لديها أب تهرب إلى حضنه عندما يعصف البرق و الرعد لذلك لم تتغلب على خوفها هذا أبدا.
كانت عيناها محمرتان من البكاء، لقد بكت طول الطريق أثناء العودة إلى المنزل و لم تكن تعرف لماذا بكت، حتى عمرها هذا لم تعش أي مشكلة مع آزاد لكن اليوم أحست بغضب شديد منه، ما فعله آزاد ليس بشيئ يمكن هضمه. كان ميران قد انضم لهم أثناء التسوق و كأنه يعرف ما تريده ريان قد قدم لها فستان الحناء الذي تحلم به، عندما تنظر إلى عينيه الزرقاء كانت تشبع روحها الجائعة للحب و تصبح روحها أسيرة لديه. و كأن آزاد أقسم على أن يفسد هذه اللحظة الساحرة، عندما رأته ريان في باب المحل فهمت أنه سيبدأ بتهديداته و لم تخطئ. لقد إفتعل مشكلة عندما رأى تقارب ريان و ميران، و الأخير كان يسمعه دون أن يرد بالمقابل، أثناء ذلك إختبأت ريان وراء ميران، ضاق قلبها من الخوف و لم تكن تفهم لماذا يتصرف آزاد هكذا ولا داعي لأن تفهم، هذا هو آزاد، عندما لا يعجبه شيء يبدأ بالشجار فورا. عندما رأى ريان مختبئة وراء ميران حاول سحبها من ذراعها نحوه، في تلك اللحظة ميران أنقذها و أخذها وراءه مجددا. هذه الحركة جننت آزاد و جعلته يرمي لكمة على وجه ميران، عندما صرخت ريان تجمع الجميع حولهم. كردة فعل ميران أمسك آزاد من ياقته و لكن لم ينهزم لغضبه مثل آزاد، لكن في تلك اللحظة نظر إليه نظرة مرعبة لم تغب عن عقل ريان، كانت تظن أن كل شيئ انتهى و أن الخطوبة سيتم فسخها و نزع الخواتم، لقد دمر آزاد كل شيئ، لم يعتذر حتى بعد ما فعله. ريان رمت بنفسها خارج المحل و بدأت بالبكاء بعد ذهاب آزاد و عندما لاحظت قدوم ميران ورائها مسحت دموعها، مهما حصل لم تكن تريد أن يراها وهي تبكي، لم تكن ريان تحب البكاء، كانت تحس أَن هذا عجز. عندما أمسك ميران كتفها و أدارها نحوه وضعت عينيها في الأرض، خجلت مما فعله آزاد و ضربه لميران، في تلك اللحظة لو قال ميران: "أنا لا أريدك" كانت ستعطيه الحق. لكن ميران لم يقل هذا:
"انظري إلي يا ريان، مهما حصل هذا الرجل لن يتخلى عنك أبدا."
كانت تريد النوم و كأن كل شيئ كان مجرد كابوس، آزاد لم يكن عديم القيمة في عينيها مثل اليوم، لم تكن تريد رؤيته أبدا. هافين أيضا غضبت مما فعله أخوها:
"افتحي الباب يا ريان لنتحدث، لا تختبئي في الغرفة"
" اتركيني لوحدي حتى المساء يا هافين"
كان ميران يفكر باللكمة التي أكلها حتى وصوله إلى الفندق، أمسك نفسه بصعوبة وقتها كي لا يمزق آزاد، الآن تضاعف غضبه و حقده أكثر، يوم زواجه بريان سيضرب ضربة كبيرة لهذه العائلة، إنه يحلم بنفس الحلم منذ سنوات، إذلال هازار شانوغلو و جعله يتوسل، لم يكن لديه ما يخسره و كرس كل ما يملك من أجل هذا و لكن لن يصبح قاتل مثل هذا الرجل لكن كان سيحرق كبده بظلمه. بعد أن خرج من الدوش ضمد شفته المنفجرة و هو ينظر في المرآة بقسوة: "الكلب الحقير!" جفف شعره و لبس قميصه ثم ذهب لفتح الباب، من كانت تطرق هي السيدة نرجس. السيدة نرجس ليست أم ميران بل خالته. قدمت نفسها لعائلة ريان و كأنها أمه لأن هذا ما يجب أن يكون. والد و والدة ميران ماتا منذ وقت طويل و خالته هي التي ربته منذ صغره، و شهدت لحظة بلحظة على كل غضبه و حقده تجاه هذه العائلة لسنوات، و في النهاية انجرت وراء ميران و جاءت إلى هنا. فهمت مثل الجميع أنها لن تستطيع أن ترجعه عن قراره فشاركت ابن أختها في خطة إنتقامه و لكنها كانت تخاف كثيرا على ميران، إنه أمانة أختها لها، لقد بقي يتيم الأب و الأم منذ الصغر.
"لنتراجع يا بني، لنذهب من هنا"
ميران بدأ يضحك بشكل هستيري أمام قلق خالته:
"لم أقطع كل هذا الطريق لأتراجع يا خالتي، هل أنا جبان لأترك كل هذا من أول مشكلة؟"
"لنفسخ الخطوبة، لم يتأخر الوقت من أجل أي شيء، العودة عن الخطأ جيد"
لم يكن لما قالته أي تأثير على ميران، بل كان يضحك على محاولات خالته. قال و هو يرفع إصبعه في وجه خالته:
"لأكن لم أسمع هذا يا خالتي."
المرأة كانت مصرة، كانت تعرف أن ما تقوله لن يفيد و لكن كانت تحاول بأمل صغير...
" ماذا لو حصل لك شيئ يا بني؟ ألا تشفق على نفسك أبدا؟ ماذا لو فعلوا لك شيئ، ألم ترَ ماذا فعل آزاد؟"
ميران لا يهتم بهذا، السوء أحاط به من كل جانب مثل فيروس قاتل، التراجع ليس محل للمناقشة، حتى لو كان الموت في نهايته لن يتراجع.
"أولا سآخذ إبنته ثم سآخذ كل ما يملك، كل شيئ سيصبح لي، سأدمر هذه العائلة"
بعد أسبوع....
لقد مر أسبوع على يوم التسوق لكن لم يأتي خبر من ميران أو عائلته و هذا كان يضايق ريان كثيرا، كل تفكيرها في اتجاه واحد، ميران لم يقف عند كلامه و تخلى عنها... لو كانت هذه ريان القديمة لم تكن لتهتم، و لو كان رجل آخر غير ميران ما كانت ستهتم بضرب آزاد له، لكن الوضع ليس هكذا، قلبها كان يؤلمها منذ أيام. عندما تسأل والدها عنه يقول: "ميران لديه عمل، لقد ذهب إلى إسطنبول." كم سيطول هذا العمل؟ ألم يكن يستطيع أن يتصل و يسأل عن حالها؟ انها على وشك البكاء، قلبها يريد هذا الرجل كثيرا، ذهبت إلى النافذة و بدأت تشاهد المكان الذي إلتقيا فيه، إشتياقها له كان يؤلم قلبها، ليأتي و يقف أمامها، لينظر إلى عينيها و يبتسم. هل ما تريده كثير؟
أنها تبكي مجددا، عندما فُتِح الباب مسحت دموعها بسرعة، كانت تكره أن يراها أحد تبكي و دائما تحاول أن تظهر قوية و باردة أمام الجميع لكن في داخلها هي فتاة حساسة جدا.
هافين لم تدخل و وقفت أمام الباب:
"تعالي إلى الصالون بسرعة"
ثم ذهبت مسرعة. ريان لم تفهم ما حصل، جهزت نفسها و خرجت من الغرفة و عندما وصلت إلى الصالون لمعت عيناها من الفرح، جونول و السيدة نرجس هنا و وجههما يضحك. ذهبت أليهم ريان بسرعة و حضنتهما. فكرة أن ميران قد تخلى عنها جعلها تأكل نفسها. جلست بجانب أمها ثم نظرت إلى السيدة نرجس، مازالت تشعر بالخجل منهما لكنهما كانتا تضحكان و كأن شيئا لم يكن. لم تشارك ريان في حديثهم كان عقلها مع ميران، كانت تمسك نفسها بصعوبة كي لا تسأل عنه، ترى هل عاد من اسطنبول؟ كانت عينها على الصندوق الذي فوق الطاولة. سألت حماتها المستقبلية:
"ماذا يوجد في الصندوق؟"
ابتسمت السيدة نرجس بفرح:
"افتحي لنرى ماذا يوجد فيها"
نهضت و اقتربت من الطاولة بخجل و خجلت أكثر لأن كل العيون كانت تراقبها. عندما فتحت الصندوق أصيبت بصدمة، كان هناك فستان زفاف مذهل يلمع بجماله، نظرت إلى جونول و هي تحت تأثير الصدمة.
"لقد اشتراه أخي من اسطنبول، لم يستطع الإنتظار لأنه سيعود بعد يومين فأرسله لنا هذا الصباح. أعرف، فستان الزفاف ليس من وظيفته و لكن أعجبه كثيرا."
كيف يمكن لميران أن يُحمس ريان أكثر و يدهشها؟ لم تتخيل كيف سيكون فستان زفافها و لكن الفستان الذي في يدها أجمل مما يمكن أن تتخيله.
"جربيه إذا أردت، ان لم يناسبك يمكن أن نغيره قليلا"
و كأنها تنتظر هذا العرض أخذت الفستان و الصندوق في حضنها و ذهبت لترتديه. و ضعته على السرير و بقيت تنظر إليه، لونه لم يكن أبيض كثيرا بل مائل إلى الكريم، يديه منقوشة بالدانتال الفاخر و كتفه مفتوح قليلا، كان واضح أن أيدي كثيرة عملت عليه. لبسته و نظرت إلى المرآة فانقطع نفسها، لم تكن تتوقع أنه سيناسبها إلى هذه الدرجة. عندما مدت يدها لتأخذ الطرحة وجدت ملاحظة صغيرة، ميران و الملاحظات، كانت ستتسبب في موت ريان من الحماس...
"انا آسف لأنني ذهبت إلى إسطنبول دون أن أخبرك، آمل أن يجعلك هذا الفستان تسامحيني، أنا متأكد أنه سيليق بك كثيرا. أنت في قلبي و عقلي، قلبي لك..."
ريان استسلمت لعاصفة الحب التي بداخلها، ميران هو الرجل الذي تحبه، هي متأكدة من هذا و الآن هي تغضب من نفسها لأنها فهمت ميران بشكل خاطئ كل هذا الوقت. وضعت الملاحظة على قلبها و كانت تقول نفس الشيء "قلبي لك"
الفستان جميل جدا، العشق جميل جدا و ميران رجل جميل جدا... بعد أن وضعت الطرحة خرجت من الغرفة لتريهم الفستان عليها. كل العيون التفتت لها، فستان يأخذ العقل عندما اجتمع بجمال ريان الطبيعي خرج منظر مبهر.
"ماشالله يا ابنتي لقد لاق بك كثيرا"
خرجت هذه الكلمات من السيدة نرجس و داخلها يتألم عند رؤية فرحة ريان.
"لقد ناسبك تماما يا ريان، ميران صاحب ذوق جميل"
قالت زوجة عمها ثم التفتت إلى ابنتها هافين:
"العقبى لك يا هافين"
ضحكت كل النساء عندما احمر وجه هافين من الخجل، كانت تعلم أن أمها تمزح لأنها أصغر من ريان بسنتين و مع ذلك خجلت. وضعت جونول القهوة على الطاولة و التفتت إلى ريان:
"أريد البشرى، أخي سيعود هذا المساء، انتهى الشوق"
ريان كأنها ستطير من الفرح، انها تعيش فرحتين في نفس اليوم، هل سيأتي ميران إلى هنا الليلة؟ فرحة رؤيته ستجعل قلبها يخرج من مكانه.
حل المساء، كل رجال شانوغلو في البيت، أقاموا سفرة كبيرة في الفناء، عندما يأتي ميران سيبدأ العشاء، طُرق الباب ففتح بديرهان. عندما رأى آزاد أن القادم هو ميران ذهب إلى غرفته بحجة تغيير ملابسه، لم يحب ميران أبدا منذ أول يوم رآه فيه. رأت ريان ميران و هي نازلة من الدرج، حضنته بعينيها لتزيل شوقها له، كأنه يزداد وسامة في كل يوم لا تراه فيه، كانت تريد أن تذهب و تحضنه و تحبس رائحته داخلها. ميران أيضا كان يبتسم لها ثم غمز بعينه، في تلك اللحظة أعلن قلب ريان العيد.
كلما اقترب موعد الزفاف كان ينفذ صبر ميران، تحجج بالشركة و العمل كي يذهب إلى إسطنبول و لكن هذه كانت إحدى كذباته. لقد ذهب كي يجهز للزواج المزيف الذي سيعقده تاركا خالته و جونول في ماردين...
عندما انتهى العشاء ذهب الجميع إلى الصالون لشرب القهوة، ميران و هازار جلسا يتحدثان عن العمل، والد ريان كان معجب بصهره كثيرا، كان يؤمن أنه قام بوظيفته الأخيرة تجاه إبنته المتبناة بنجاح و اختار لها أفضل زوج.
عند انتهاء القهوة عاد الجميع إلى الموضوع الأساسي و هو تحضيرات الزواج.
"ليس لدينا أي نقص للزواج، نستطيع أن نقوم به هذا الشهر، ما رأيكم؟"
عبس السيد هازار وجهه قليلا ليقيس ردة فعل ميران، و ابتسم عندما رأى أنه توتر، نظر إلى زوجته السيدة زهرة، كأنها تقول أنها تريد أن تطيل فترة الخطوبة أكثر. مهما كان فإن ابنتها ريان ستذهب إلى مدينة بعيدة و لكن كانت ترى أن ميران يبقى بعيدا عن عمله في إسطنبول، ليس لديها حل غير الموافقة:
"مناسب يا بني، لنبدأ بالتحضيرات"
فرح ميران بموافقة والد ريان، أما ريان فقد بدأت تتوتر، بعد 20 يوم تقريبا ستكون قد تزوجت، لم يمر شهر بعد على حبها لميران، هذه الفترة تبدو قصيرة جدا لريان. ليست جاهزة تماما للزواج و للعيش في مدينة أخرى و بيت آخر.
"إذا لنحدد تاريخ عقد القران."
هز السيد هازار رأسه بمعنى الموافقة:
"حسنا يا بني، يمكنك أن تأتي و تأخذ ريان غدا"
لمعت عينا الرجل بحماس كاذب، موافقة هازار على كل شيئ يقوله كان يدهشه، لم يكن يخطر على عقله أبدا أن هذه البنت ليست ابنة هازار الحقيقية.
"لا تكونا بمفردكما"
قال السيد هازار و كأنه ينبه ميران.
"لا تقلق يا سيدي، أمي ستكون معنا"
السيدة نرجس هزت رأسها بالموافقة، خطط ميران كانت تسير بشكل رائع، كان ينظر إلى ريان في كل فرصة و يرى عينيها المليئة بالحب. لم يكتفى بسرقة حياتها، بل سرق قلبها البريئ أيضا. لم يبق سوى تحديد يوم عقد القران.
مرت ساعات على تبادل الحديث، ميران خطط لكل شيئ بشكل لم يشك به أحد، قدم خالته على أنها أمه، و صمم قصة حياة جديدة و مقنعة، لم يشك أحد به عدا آزاد.
"لقد تأخر الوقت، لننهض"
أخذ ميران الإذن من السيد هازار و نهض من مكانه، نظرت ريان لآخر مرة و في قلبها فرحة رؤيته غدا و إمضاء اليوم معه، ستنام في طمأنينة الليلة.
اليوم سيخطو أول خطوة في اتجاه الوصال المزيف، ارتدى قميصه و سرواله الرياضي، إنه يكره اللباس الرسمي و خاصة ربطة العنق. كانت جونول تشاهده في صمت:
"أنت رائع كالعادة"
ميران ابتسم لجونول في المرآة:
"ان كنت جاهزة لنخرج"
بعد أن قالت جونول أنها جاهزة خرجا من الفندق. جونول أرادت خصيصاً أن تكون هي موجودة. ميران كان ينفذ صبره لأخذ ريان، لم يكن يظهر لجونول و لكن وجود ريان بجانبه كان يعجبه. عندما وصلا إلى باب القصر فتحت السيدة زهرة الباب:
"أهلا يا بني"
"أهلا بك يا أمي زهرة كيف حالك؟"
جونول غضبت لقول ميران "أمي" لهذه المرأة و لكن لم تظهر. و السيدة زهرة كانت تحب ميران كثيرا، أساسا ليس من الممكن أن لا يُحَب، و كذلك هو أثبت حبه لريان و إحترامه لهذه العائلة عندما لم يرد بالمثل على ضرب آزاد له و بقائه هادئا ذلك اليوم. بينما كان ميران يتحادث مع السيدة زهرة، رأت جونول ريان و هي واقفة تنتظر بعيدا:
"تعالي يا ريان، ان كنت جاهزة لنخرج"
"أنا جاهزة، أين أمي نرجس؟"
"انها مريضة قليلا، أنا سأرافقكما."
ميران أخذ ريان و ودعوا من القصر و ذهبوا. أثناء الطريق لم تستطع ريان النظر إلى ميران من خجلها و اكتفت بمشاهدة جمال ماردين من النافذة ثم أحست بلمسة على خدها، ميران لا يهدأ، ريان أساسا سيغمى عليها من الحماس، أدارت وجهها فرأت ميران بإبتسامته الجميلة:
" هل قلت لك من قبل أنك جميلة جدا؟"
عضت ريان شفتاها أمام المجاملة التي لم تكن تنتظرها، لو لا يقول ميران أشياء كهذه يكون جيد، لا ينفع بشيئ سوى مضاعفة خجلها:
"شكرا لك" أدارت وجهها مجددا للنافذة و هي تبتسم. وصلوا إلى مركز المدينة، ميران وقف أمام دائرة الزواج و فتح الباب:
" هيا تعالي معي"
عندما بدأت تمشي بجانب ميران، ذهبت عيناها إلى اليد التي امتدت لها، ميران مد لها يده، ريان بقيت تنظر و لم تستطع أخذ قرار أن تمسك يده أم لا، بعد أيام ستصبح زوجة هذا الرجل و لكن مازالت تخجل، و من ناحية أخرى كانت خائفة من خروج آزاد من مكان و إفساده هذا المشهد مجددا.
"هل يمكن أن لا أمسكها؟ نحن هنا..."
ميران أمسك يدها و كأنه لا يسمعها فبقيت جملتها في المنتصف، هذا الرجل لا يعرف حدود. بقيت ريان تنظر إلى اليد الممسكة بها بقوة، أحست أنها ستموت من خجلها لكن لم يحدث هكذا، يد هذا الرجل و كأنها مؤلوفة، بعثت الدفئ في أعماق روحها.
" أعطني هويتك يا ريان، أنا سأحل كل شيئ."
بعد قليل ستبدأ أول خطوة في الزواج، دخل ميران الغرفة و بقيت ريان تنتظر خارجا. كانت تقول أنها ستمضي كل حياتها في ماردين، كم هذا غريب، انها تعيش آخر أيامها في المدينة التي ولدت و كبرت فيها.
عندما خرج ميران من المكتب، نهضت ريان من الكرسي:
"بعد 15 يوم"
قال ميران بعد أن أمسك يد ريان ليعطيها هويتها:
"ستصبحين لي."
"بهذه السرعة؟!"
ميران ضحك أمام ردة فعل ريان، من الأكيد انه لن يضحك هكذا بعد إنتهاء هذه اللعبة. خرجوا من البناء و اتجهوا إلى السيارة و الإبتسامة لا تنقص من وجه ميران، لقد تجاوز آخر عائق أمامه.
"لقد تم حل أمر عقد القران"
قال ميران ناظرا إلى جونول الجالسة في الخلف، و المسكينة ريان لم تكن تفهم معنى تلك النظرات و التلميحات بينهما.
قاد ميران السيارة بإتجاه السوق و ليس القصر:
"إلى أين نذهب؟"
"ستعرفين عندما نصل"
و غمز لها مجددا، كل شيئ كان جميل و لو تستطيع أن تتخلص من خجلها سيكون أفضل. السوق اليوم مكتض كالعادة، ميران يمشي في المقدمة و خلفه ريان و جونول. من الجيد أن ريان لم تتعثر و تسقط لأنها لم تستطع أخذ عينيها عن ميران، مشيته، نظراته، ضحكته... كل شيئ به رائع. "هذه الأماكن جميلة جدا" قالت جونول و هي تشاهد الأطراف:
"لم أكن أتخيل أن ماردين ستعجبني بهذا القدر."
"هل هذه أول مرة تأتين فيها إلى هنا؟"
قالت ريان في اندهاش، في النتيجة أم ميران من ماردين، فقط رحلوا من هنا منذ الصغر. جونول عندما لاحظت خطأها إحمر وجهها و لم تعرف ماذا تقول:
"يعني عندما رحلنا من هنا أنا لم أكن ولدت بعد، جئنا عدة مرات عندما كنا صغار و لكن أنا لا أتذكر كثيرا"
ريان استغربت و لكن لم تصر كثيرا، كيف يمكن أن يعرف ميران كل جزء في ماردين و أخته لا تعرف شيئ عن هذه المدينة. أثناء حديثهما وصلا أمام دكان، دخل ميران إلى الداخل و لكن ريان بقيت واقفة، لماذا جاؤوا إلى هنا مجددا؟
"لماذا جئنا إلى هنا؟"
" أنت مضحكة يا ريان، هيا تعالي"
دخلت جونول و خلفها ريان، ميران كان يضع بطاقته في جيبه بعد عملية الدفع، ثم أخذ الصندوق و أعطاه للفتاة الذي تنظر إليه في إندهاش. نظرت ريان إلى داخل الصندوق فضحكت عندما رأت فيه فستان الحناء الذي أعجبها. ميران إشترى اليوم ذلك الفستان الذي لم يأخذوه بسبب المشكلة التي افتعلها آزاد. ريان كانت تظن أنه تم بيعه و لن تستطيع شراءه.
"شكرا لك كثيرا يا ميران"
"هل ظننت أنه سيعجبك شيئ و أنا لن أشتريه؟"
ميران يضيف تلك الإبتسامة بعد كل جملة يقولها مع نظرة الحب الكاذبة التي تسبب العاصفة في قلب تلك الفتاة. خرجوا من الدكان ثم ذهبوا إلى مطعم لتناول الغداء، ريان و ميران جلسا بجانب بعض و جونول في الجهة المقابلة. جاء الطعام و بدأت ريان تقلّب طبقها، الإحساس بنفس ميران بجانبها كاد يقتلها من الحماس، كيف ستتعود على الزواج؟
"ألم يعجبك الطعام؟"
"لست جائعة كثيرا"
قالت ريان و هي تبتسم له، كانت خائفة من خروج صوت من بطنها لكن لحسن الحظ لم يحدث هذا. كانت جائعة جدا و لكن الفراشات التي بداخلها منعتها من الأكل، عينا هذا الرجل الزرقاء تجعلها تحس كأنها تفقد نفسها. ميران أيضا لم يستطع الأكل دون أن ينظر لريان، لقد كانت جميلة و بريئة جدا... مر الوقت بسرعة، لقد حل المساء، عند الوصول أمام باب القصر، نظر ميران لجونول و قال:
"إنتظري في السيارة، سأوصل ريان و أعود"
سلمت ريان على جونول و ذهبا، لقد وجدت الفرصة لترى وجه من تحب عن قرب، كل حركة و كلمة كانت كالخنجر في قلبها، أحبته بكل مافيه و فتحت له كل أبواب قلبها. ميران طرق الباب ثم سحب ريان و إقترب منها، أمسك رأسها و وضع شفتيه فوق شعرها، لأول مرة تجذبه هذه الرائحة، كيف يفوح بشكل جميل هكذا؟ ميران همس في أذن ريان:
"أريد أن أستيقظ على هذه الرائحة كل يوم"
عندما فُتِحَ الباب ابتعد فورا، أما ريان كانت على وشك أن يغمى عليها، لم تجد فرصة حتى لتجيبه. دخلت ريان ثم نظرت إلى ميران بوجنتيها المحمرتين:
"ألن تأتي؟"
"لا، تركت جونول وحدها في السيارة، نلتقي فيما بعد، سلمي على الجميع."
"حسنا، نلتقي"
عبس وجه ميران بعد إغلاق الباب، لقد نزل قناعه و اختفت الإبتسامة من شفتيه و أصبحت نظرته مرعبة، لقد عاد ميران الحقيقي. كل شيئ كان مثالي كما أراد تماما، أضاف شيئا صغيرا إلى لعبته الظالمة: العشق الكاذب. أراد أن يفتح القلعة من الداخل بسرقة قلب ريان، أراد أن يترك آثار لا تُنسى بترك إمضائه في قلبها... لكن هناك شيئ لم يلاحظه ميران، بعض حركاته لم تكن كذب لم تكن ضمن الخطة، مثل رغبته بشم رائحة شعر ريان، النظر إلى عينيها و الرغبة بها بشدة.
وصل ميران إلى الفندق و دخل إلى غرفته للتخلص من القميص الذي تجول به طول اليوم، أثناء ذلك سمع صوت الباب يُفتح. انها جونول، ميران واصل فتح القميص دون أن ينظر لها. قالت "ميران" و كأنها تحذره، التفت لها مستغربا:
"ما حال وجهك هذا؟" كان وجهها شاحب جدا
"ما ذلك؟ أم أنك غرت من ريان؟"
قال ميران و كأنه يسخر منها. كان حال جونول مزريا و كأنها جُنّت من الغضب ثم بدأت تكسر كل الكؤوس الموجودة في الغرفة و هذا ما جعل ميران يذهب نحوها بغضب.
"لقد قلت لك يا ميران، قلت لك أنني لن أتقاسمك مع أحد. أنت تحب ريان أمام عيني، أنا أموت ألا ترى هذا؟"
بدأت تنهمر الدموع من عينيها و هي تنظر إلى عيني الرجل القاسي. كان الحزن يمزقها و صوتها يرتجف أثناء قول الحقيقة:
"أنا زوجتك، ليست هي"... يتتبع
أنت تقرأ
زهرة الثالوث
Randomقصه عشق مستحيله تولد من الانتقام .. الترجمه تابعه لصفحه زهرة الثالوث - Hercai @HercaiArab.1 التابعه لصفحه fb/ superTürkey اسم كاتبه الروايه Sümeyye Ezel 🌸