الحلقة 30 - الخطوبة

8.2K 113 5
                                    

ريان تفكر كل يوم، الحقيقة التي تخفيها ترى هل تؤذي برائتها؟ طبعا نعم. هذا الرجل الذي تنظر إلى وجهه كل يوم و تقول له كلام الحب، ألا تستطيع قول الحقيقة له؟ قلبها أصبح مثل المغارة المظلمة، منذ أن حبست ذلك السر هناك يصبح داخلها مظلما أكثر.
و لكن ريان أخذت قرارا و ستترك كل شيء لمجراه، هي الآن لديها مسؤولية جميلة لتفكر بها: إبنتها حبيبة أمها و أبيها. لقد أكملت الشهر السادس من حملها، الطفلة مثل أمها رقيقة و هادئة جدا حتى أنها لم تزعج ريان كثيرا في هذه الفترة. تذهب كل شهر بإنتظام إلى طبيبتها السيدة نيلجون و تقوم بالفحوصات اللازمة. الجميع كان يقول لريان أنها ستكسب وزنا زائدا مثل كل النساء أثناء الحمل و لكن وزنها طبيعي و ظريف حتى الآن، و بطنها لم تكبر كثيرا. لكن طبيبتها قالت لها أن بطنها ستكبر بسرعة بعد الشهر السابع، مازالت ريان صاحبة جسد جميل و ظريف. لولا بطنها المنتفخ قليلا و الخاتم الذي في إصبعها لن يصدق أحد أنها إمرأة متزوجة.
أخذت ريان الأطباق من المطبخ و ذهبت إلى الصالون إلى جانب أليف، إنهما تنتظران قدوم ميران. المطر أصبح يهطل بشدة و من الواضح أنهما سيتأخران، ميران سيحضر آردا معه و سيتناولون طعام العشاء معا.
"هل إتصل بكِ زوج خالتي هازار منذ ذلك اليوم؟"
سألت أليف هذا وهي تمشي وراء ريان، لقد أخبرته قبل 3 أيام أن والدها هازار إتصل بها و أن ميران أمسك بها، ياله من يوم...
"لا... كيف له أن يتصل؟ بعد كل إهانات ميران له"
"ما فعله ميران عيب جدا و لكن من ناحية أنا أعطيه الحق... أساسا لماذا يتصل بك صهري هازار؟ أنا لا أفهم هذا"
قالت أليف هذا وهي تضع الكؤوس على الطاولة، كانت تساعد ريان في عمل المنزل. توقفت ريان في مكانها، هي تعرف سبب إتصاله و لكن لن تخبر أليف بهذا. لا تستطيع أن تقول لها لم يتصل من أجلي بل من أجل إبنه الذي يحترق من شوقه له. أليف هي إبنة خالة ريان و أقرب صديقة لها و لكن رغم ذلك لا تستطيع أن تقول لها. ليس لأنها لا تثق بها و لكن حتى هي لا تتقبل بعد هذه الحقيقة فكيف ستتقاسمها مع شخص آخر؟
"إتصل هكذا يا أليف... كي يسأل عن حالي"
عندما أنهت ريان عملها في الطاولة سحبت الكرسي و جلست، الوقوف أصبح يتعبها، وضعت شعرها خلف أذنيها ثم إبتسمت لأليف قائلة:
"دعكِ من هذا، أخبريني عن العائلة، كيف حالهم؟"
أليف ذهبت قبل أسبوع إلى ماردين من أجل ولادة إبن أخيها و أزالت شوقها لعائلتها:
"زوجة أخي و الطفل بصحة جيدة يا ريان، جميعهم بخير كما تعرفين، لو ترين الطفل كم هو لطيف"
إبتسمت ريان، هي أيضا سيصبح لديها طفلة بعد ثلاثة أشهر، و لكن فرحتها غير مكتملة، مكالمة أمها في الهاتف فقط لا تكفيها و لا تكفى أمها. هي تشتاق لأمها بقدر ما أمها تشتاق لها. و لكنها تعرف أن هذا الشوق سينتهي يوما ما لذلك هي تصبر.
"أنتِ لا تخفين عني شيئا أليس كذلك يا أليف؟ صحة أمي و حالها و كل من في القصر بخير، أليس كذلك؟"
هزت أليف رأسها و هي تتأفف، لقد ملّت من تكرار نفس السؤال. هي تخبر ريان منذ أن جاءت بأن الجميع بخير:
"نعم يا روحي، لقد قلت لك أنهم بخير"
أغلقت ريان الموضوع وهي مطمئنة، وضعت يديها على الطاولة ثم نظرت إلى أليف و إبتسمت قائلة:
"حسب ما سمعته، لقد أوصلك آردا من المطار"
بقيت أليف مندهشة من وصول الموضوع إليها في لحظة، من أين سمعت ريان بهذا؟ ليس لأنها تخفي شيئا و لكن هي كانت تهاجم آردا بإستمرار و الآن مقابلتها له تبدو غريبة.
"من أين سمعت بهذا يا ريان؟"
"حبا بالله... لماذا تخفين عني أنك إلتقيت مع آردا؟"
"لماذا سأخفي يا هذه؟ كل ما في الأمر أنه جاء ليأخذني من المطار"
قالت أليف هذا بصوت مرتفع و قد إحمر وجهها و كأنه قد أُلْقِيَ عليها إفتراء، و لكن هل ينطلي هذا على ريان؟
"بما أنك إحمررت هكذا فهذا يعني أنت أيضا معجبة به"
فُتِحت عينا أليف من صدمتها و كانت تتجهز للرد حتى سمعت صوت جرس الباب، بينما كانت ريان تذهب لفتح الباب رفعت أليف إصبعها في وجهها و كأنها تهددها:
"انظري يا ريان، أنا أحذرك. إياك أن تقومي بإلقاء تلميحاتك أمام آردا و إلا أخاصمك بشكل سيء"
هزت ريان رأسها و هي تضحك ثم خرجت من الصالون نحو الباب، وجود أليف و آردا على العشاء معهما هذه الليلة قد أسعدها كثيرا، على الأقل لن تبقى على إنفراد مع ميران. هما ليسا متخاصمين و لكن منذ مشاجرة الهاتف في ذلك اليوم أصبحت هناك رياح باردة بينهما. هذا البرود ليس من طرف ميران و لكن ريان هي سبب هذا التوتر.
"ماذا لو لم أقف على قدماي عندما تريدين قتلي و إحيائي من جديد في يوم من الايام؟"
كلما خطرت على عقلها كلمات ميران تشعر ريان و كأنها ستبكي، ليس بيدها، لا تستطيع أن تكون مرتاحة. ذلك اليوم كان من الممكن أن يسمع ميران كل شيء، حتى أن عدم سماعه كان معجزة. لو كان ميران قد جاء مبكرا أكثر و سمع كلامها مع والدها، لا تريد حتى التفكير بما سيحصل. هي تخاف حتى الموت من أن تقتل الرجل الذي تحبه مجددا.
بعد أن دخل ميران و آردا إلى البيت ببضعة دقائق أخذ كلّ مكانه على الطاولة، الرباعي ميران و ريان، أليف و آردا أصبحوا يجتمعون كثيرا و هذا في مصلحة آردا و أليف. في كل مناسبة يظهران أنهما معجبان ببعض و لكن لا يتصارحان. آردا لا يتجرأ على هذا لأن أليف لا تخطو نحوه ولا خطوة.
عند بدأ العشاء كان ميران و آردا يتحدثان عن العمل، كان ميران يتحدث بحرارة عن إعلان المشروع الجديد و لكن آردا كان يسند رأسه على يده فوق الطاولة و يشاهد أليف. أليف لا تدرك هذا حتى، لقد دفنت رأسها في طبق الطعام و لكن هذه التفصيلة لم تهرب من إنتباه ريان. وضعت كأس الماء الذي في يدها على الطاولة و قد جاءت فكرة شيطانية إلى عقلها ثم قالت:
"أليف.."
"هااا؟"
"لا تفكري بتلك الوظيفة كثيرا، ستحلين الأمر بشكل ما"
نظرت ريان إلى أليف و غمزت لها لتوضح أنها تقوم بخدعة.
"وظيفة ماذا؟"
رفعت ريان حاجبيها لأليف التي لم تفهم شيئا ثم ضغطت على قدمها تحت الطاولة و قالت:
"تلك الوظيفة التي تنجزينها مع مارت يا أليف"
ذكر إسم رجل على فم ريان لفت إنتباه ميران و آردا في نفس الوقت ثم قالا معا:
"من هو مارت؟"
نظرت ريان لميران ثم لآردا مبتسمة و قالت:
"إنه صديق أليف في الجامعة، لديهما وظيفة مشتركة، أنا أتحدث عن هذا"
"هااا"
قال ميران هذا ثم إتكأ براحة على كرسيه و عاد ليتناول طعامه، أما آردا فقد أصبح متوترا و كأنه يجلس على الشوك. أليف كانت تنظر إلى ريان في دهشة، رغم كل تنبيهاتها لها لم تبقى هادئة، بالتأكيد ستجعلها تدفع ثمن هذا في يوم من الايام، أو ربما  ستدعو لريان، من يعلم؟
"ما هذه الوظيفة؟"
سأل آردا هذا و الإمتعاض على وجهه أما ريان فقد كانت تضحك خلسة، ما تريده واضح. تريد أن يغار آردا على أليف و أن يسرع كي يصارحها بحبه و لكن يبدو أن هذا الوضح سيتسبب في برود بينهما.
"و لماذا تقومان بهذه الوظيفة معا؟ ألا يمكن أن تقومي بها لوحدك؟"
كان آردا متوترا و لكنه يحاول أن لا يظهر هذا... بما أن ريان إخترعت هذه الكذبة فيجب على أليف أن تكملها:
"لا يمكن، أساسا هذه وظيفة ثنائية... أنا و مارت أردنا القيام بها معا"
قالت أليف هذا و هي تشتم ريان في داخلها، يا إلاهي من هو مارت هذا؟ لا يوجد شخص كهذا، آآه يا ريان...
من الأفضل إغلاق الموضوع بدون إطالة، ما حدث كافي. أرادت أليف قول شيء يغير الموضوع فخطر على بالها ما تحدثته في الهاتف مع السيدة صدّيقة اليوم. كيف نسيت هذا؟
"بالمناسبة نسيت أن أقول لكم، اليوم إتصلت بي الخالة صديقة"
عندما قالت أليف هذا إلتفتت كل الأنظار إليها، عندما سمعت ريان إسم الخالة صدّيقة جاء إلى عقلها فرات. كلما تذكرت فرات تغضب فورا.
"هناك حفل خطوبة فرات و أصلي الأسبوع القادم، يعني جميعنا مدعوون"
ذهبت كل بهجة ريان في لحظة، لا أحد على هذه الطاولة يعلم ما حدث بين ريان و فرات. ريان منذ ذلك اليوم الذي فتح فيه ميران عينيه في المستشفى و إكتشفت ما يدبره فرات مع والدها لم تستطع مسامحته. ربما فرات محق حسب رأيه، هو لم يفعل شيئا سيئا، هو ساعد السيد هازار و حاول حماية ريان. و لكنه كذب عليها لمدة أشهر و هي لا تستطيع مسامحة هذا.
علاوة على ذلك الفتاة المدعوّة أصلي لا تحب ريان أبدا، بعد كل هذه الأحداث ذهاب ريان إلى هذه الخطوبة آخر شيء قد ترغب به. ميران أيضا لن يرغب في الذهاب، لن يرغب آليس كذلك؟
"لماذا سكتت يا ريان؟"
عبوس وجه ريان و شرودها في لحظة لم يغب عن إنتباه أليف:
"أقول لك الخالة صدّيقة إتصلت و دعتنا إلى حفل الخطوبة، هل سمعت ما قلته؟"
"نعم سمعت"
هزت ريان رأسها، لقد هربت كل شهيتها في لحظة. مسحت فمها بالمنديل ثم نظرت إلى ميران قائلة:
"الخالة صدّيقة لديها حق كبير علينا لا أستطيع إنكار هذا، و لكن أنتِ تعرفين أننا عشنا أشياء سيئة مع أولئك الناس بسبب ميران. أنا أعتقد أن ذهابنا لن يكون صحيحا"
ريان بعد زواجها الكاذب كان قد بقيت لمدة في بيت السيدة صدّيقة في إسطنبول، و هي تتذكر كيف كانت تحبها و تعاملها جيدا. فرات أيضا ساعدها كثيرا. جميعهم حموا ريان من ميران حينها، و لكن ميران لم يهاجم البيت قليلا في ذلك الوقت، لقد تسبب في دخول الشرطة إلى هناك و لهذا السبب ريان تعرف جيدا أن ميران و فرات لا يطيقان بعضهما.
"أنت محقة و لكن المرأة كانت مصرة كثيرا، إذا لم تذهبا سيكون عيبا جدا"
"هذا غير ممكن"
قالت ريان هذا لأليف، كانت ستكمل كلامها و لكن قاطعها ميران و أمسك يدها التي على الطاولة قائلا:
"لماذا غير ممكن؟"
"لقد هاجمت بيت المرأة لأيام يا ميران، وقفت في وجه فرات أكثر من مرة و هددته، و كأن هذا لا يكفي فقد قمتَ بضربه أيضا"
عبس وجه ريان، إنها لا تنسى ذلك اليوم بالتحديد، ميران قطع طريقهما و أخذ ريان بالقوة من سيارة فرات ثم ضربه. هل هذه أشياء عادية؟
"الآن إذا ذهبنا إلى خطوبته ألن يكون الأمر سخيفا؟"
كانت ريان تشاهد ردة فعل ميران على كلامها و تنتظر أن يقول بأنها محقة و لكن لم يحدث هذا، قال ميران بكل هدوء:
"لا يمكن، حتى بالعكس. إجابتنا للدعوة سوف تغطي كل العيوب التي قمتُ بها في حقهم"
"هل سنذهب يعني؟"
قالت ريان هذا بإمتعاض، هذا الوضع لم يعجبها أبدا. لأول مرة تتمنى أن يتصرف ميران بفظاظة و يقول أنهما لن يذهبا و لكن حدث العكس. قال الرجل ذو عيني الخرز:
"نعم، سنذهب"

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن