الحلقة العاشرة - الخوف

7.9K 120 4
                                    


ميران منذ ذلك اليوم زادت نذالته، أصبح يحرق أرواح الناس دون تفكير، و جونول أكثر شخص يأخذ نصيبه من هذا، و طبعا الموظفين في شركة ميران. لا يعرف سبب هذا، يجب أن يكون سعيدا، ان كان انتقام فقد أخذه، مالذي لا يسير في طريقه؟ مالذي يجعله يجن إلى هذه الدرجة؟
في تلك الليلة أرسل أحد رجاله إلى ديار بكر إلى البيت الذي بقى فيه مع ريان. كما توقع هي ليست هناك و لا يوجد أثر لها. أين ذهبت؟ لا يعرف أين اختفت، كان كأنه سيفقد عقله و الحال أن هذا لم يكن في خططه. ريان ستعود إلى القصر و تخبر ذلك الرجل عدوه بكل ما قاله ميران و هكذا سيصل إلى مراده. أين اختفت هذه الفتاة؟ آخر شيئ خطر له هو النظر في قائمة المسافرين من ماردين و ديار بكر في آخر يومين و أصيب بصدمة مما عرفه. لأن ريان وصلت بعده بساعات إلى إسطنبول. لم يكن ينتظر أن تكون هذه البنت محنكة هكذا و أنها عديمة الكرامة لدرجة أن تذهب خلفه إلى إسطنبول بعد بضعة ساعات. أصبح يحس أن ريان قد تخرج أمامه في أي لحظة لتحاسبه على ما فعله بها. هل هو يخاف من ريان؟ كلما فكر بهذا تراوده قهقهة جنونية، ميران الذي لا يخاف من أحد و الذي طعن عائلة كبيرة في ظهرها، هل يخاف الآن من فتاة صغيرة؟
ما يخاف منه ميران ليس ريان، بل قلبه الذي ينبض دون أن يعرف حدوده عند رؤية ريان. حتى عمره هذا لم تسيطر عليه مشاعره أبدا و لن يسمح لقلبه الآن أن يتغلب على منطقه، لا يجب أن يسمح بهذا، و إلا سينتهي ميران، ستقع كل خططه لسنوات في الماء و تذهب جهوده سدى...
كان يتجول يمينا و يسارا في غرفته وهو يفكر حتى فُتِح الباب، الشيء الوحيد الذي لا يتحمله في مكان العمل هو أن يدخل أحدهم دون أن يطرق الباب:
"كم مرة يجب أن أقول لكم...؟"
بقيت كلماته ناقصة عند رؤية القادم و عبس وجهه تماما:
"قوانينك لا تسري علي يا ميران"
كانت زوجته. مر من خلفها و جلس على كرسيه، وجهه و حاجباه عابسين كالعادة. وضع قلمه في يده و وجهه نحو زوجته الجالسة أمامه:
"هذه مزبلتي أنا، هذا القانون ساري عليك أنت أيضا"
جونول و كأنها لم تسمع ميران أدارت رأسها و قالت:
"أريد أن أشرب قهوة، لتكن سادة"
ميران أيضا و كأنه لم يسمع جونول، قال لها:
"لماذا جئت إلى هنا؟"
"لماذا جئت؟! البارحة جئت متأخرا جدا إلى البيت، نمت و أنا أنتظرك و كذلك خرجت في الصباح مبكرا جدا لم أستطع رؤيتك حتى"
جونول لا تستطيع التحمل أكثر، رغم كل ما حصل تحاول الوقوف على قدميها، لم تكن تر الإهتمام من ميران و هذا يقهرها... أدار الرجل الشاب وجهه في ملل، كل كلمة من هذه المرأة تتسبب في غضبه و كانت تتجاوز حدود صبره:
"هل أتيت من أجل قول هذا يا جونول؟"
"برأيك هل أتيت من أجل قول هذا يا ميران؟... أنا اشتقت حتى لرؤية وجهك، منذ أن دخلت ريان إلى حياتنا أنت بعيد عني لكيلومترات... لا تراني... لا تسمعني... و الأكثر ألما، لا تحبني"
كانت صوتها يرتجف و عيناها مليئتين بالدموع...
كلمات الإشتياق أزعجت ميران كثيرا، لا يستطيع التحمل أكثر، ان يتم الإشتياق لك من قِبَل شخص لا تشتاق له هو نوع آخر من العذاب...
"لدي أعمال كثيرة يا جونول، منذ أكثر من شهر أنا لم أهتم بالأعمال التي هنا، لقد تراكمت جدا، لا أستطيع التحمل، أنا مشغول، إفهميني"
كان ينظر إلى الملفات التي أمامه و كأن زوجته غير موجودة. سألته جونول في لحظة:
"ماذا كذبت على عمك؟"
عبس وجه ميران تماما، رفع رأسه و نظر لها بغضب:
"قلتُ ما قلته ما شأنك؟ و إياك أن تحاولي التحدث مع عمي"
جونول لم تجب، نهضت و نظرت من النافذة التي تغطي نصف الجدار، هذه الغرفة الموجودة في الطابق العلوي كانت تطل على كل إسطنبول. بدأت التحدث وهي تشاهد البحر مديرة ظهرها لميران، كانت تعرف انه سيغضب:
"لو لم نذهب إلى ماردين من أجل تلك الفتاة، كنا سنمضي بعض الوقت هنا معا"
ميران لم يعد يهتم بما يسمعه، رغم تحذيره لها عدة مرات هي لا تكف عن ذكر اسم ريان، قرر ان لا يجيب أكثر و كلما سكت هو جونول تواصل حديثها و تواصل الضغط على ميران. الرجل الذي مل كثيرا فتح زرا من قميصه و دفن رأسه في الحاسوب، ظن أن جونول ستستسلم بعد قليل و تذهب و لكن كان مخطئا، اندهش من الورقة التي وقعت أمام وجهه فجأة و لم يفهم ما حدث، قال بصوت حاد:
"ماذا تفعلين يا جونول؟"
أخذ الورقة التي نزلت أمامه ليقرأها، هذا تقرير مستشفى مزيف و مكتوب عليه معلومات جونول. قالت جونول بغرور:
"لقد أنقذتك من يد عمك، كيف كنت ستفسر له عدم وجودنا في إسطنبول لفترة طويلة؟ قلت له أنني مريضة و أننا ذهبنا للعلاج، و عمك صدق هذا، لو عرف ما فعلته هل تعلم ماذا يحصل؟"
ميران ضغط على أسنانه بعصبية و قال:
"هل وقع هذا عليك؟ أنا لا أخاف من عمي، انت لماذا تخافين؟"
لم يعد يستطيع التحمل أكثر حالات جونول الغير متزنة، أخذ هاتف العمل من الطاولة و وضعه على أذنه و قال:
"تعال إلى مكتبي يا صرب"
جونول لم تخرج صوتها لأنها تعرف ما سيفعله ميران ثم وجهت نظرها إلى الباب الذي فُتِح بعد دقيقتين. عندما دخل صرب و رأسه منحني قال له ميران بصوت هادئ:
"هلا تأخذ جونول إلى البيت؟"
خرجت جونول من الغرفة في هدوء ثم خرج وراءها صرب و أغلق الباب، حينها ارتاح ميران و اخذ نفسا عميقا... لم يمر الكثير و فُتِح الباب مجددا، إنه اردا هذه المرة. لوهلة ظن ميران أن جونول عادت مجددا فعبس وجهه حتى رأى اردا، قال له بصوت هادئ:
"هل هذا انت؟"
"ما هذا؟ ألم نعد نعجبك؟"
قال اردا في صوت ساخر، ابتسم له ميران. اردا من الناس النادرين الذين يضحكون وجه ميران، صداقتهما و ارتباطهما ببعض قوي جدا منذ أيام المدرسة، لم ينفصلا عن بعض لا في الدراسة ولا في العمل، كانا أخوين بالنسبة لبعضهما، بعد أن درس ميران و أخذ ميراث والده من عمه كان اردا معه في كل خطوة. مهما كان لا يتفق مع عمه هذا الرجل هو نصف والده... سأل اردا بشكل جدّي:
"ماذا تحس؟ مالذي يمر في عقلك المثالي؟"
"لا شيئ..." ثم مرّر ميران يده على شعره من الملل.
"انت تبدو متوترا جدا، ألا يجب أن تكون سعيدا الآن؟"
منذ البداية لم يؤيد اردا فكرة الإنتقام هذه حتى أنه تجادل مع ميران عدة مرات محاولا إرجاعه عن هذا و لكن لم ينجح، لم تكن هناك أي قوة ترجع ميران عن قراره ذاك.
"لم تسر الأمور على ما يرام، ريان لم تعد إلى القصر....الذين في القصر لا يعرفون بعد ما حدث، و الأكثر من هذا قد تخرج ريان أمامي في أي لحظة"
"لنقل أنها خرجت أمامك، ماذا سيحدث؟"
ميران وضع يده على رقبته، ليس لديه إجابة لهذا السؤال، أساسا هو أيضا لا يعرف ماذا سيفعل. اتجهت عيناه إلى النافذة و أخذ نفسا عميقا:
"هي أيضا تتنفس معي في مكان ما في هذه المدينة"
"لماذا أنت مهتم بهذا؟"
سأل اردا وهو يريد أن ينبش تحت هذه المسألة:
"لقد انتهى عملك مع ريان، الآن ستنتظر المقابل الذي سيأتي من والدها"
عندما لم يأت جواب من ميران واصل اردا تلميحاته:
"لقد فعلت الخطأ الأكبر يا ميران، لقد لعبت بالنار. هل تعرف ماذا يعني الشرف بالنسبة لتلك العائلة؟ يضربونك في منتصف جبينك دون أن يفكروا حتى..."
قال ميران بصوت غاضب، ضاغطا على أسنانه:
"ذلك صعب قليلا... لم أبدأ هذه الحرب من أجل أن أموت، هذه المرة لن أكون أنا الخاسر"
وضع ميران يده على رأسه كي يسكت ألمه قليلا و قال:
"أحيانا لا أستطيع التنفس، كل شيئ يضغط على... زواجي يخنقني... "
اتكأ اردا على كرسيه ثم نظر إلى ميران، كان يرى كم هو تعيس:
"أنا حذرتك كثيرا السنة الماضية، كان يجب أن لا تتزوج جونول، انظر إلى حالتك... واضح كالشمس أنك لا تحبها، الآن كلاكما تتألمان، هل هكذا أفضل؟"
"أحيانا أود ضرب رأسي هذا على الصخر، أنا ألعن ذلك اليوم الذي قلت فيه لا أستطيع ترك جونول هكذا في هذه الحالة و وافقت على هذا الزواج"
"لا يمكنك تغيير ما حصل، لكن مازال في يدك أن لا تقوم بأخطاء تندم عليها... للأسف أنت مستمر في القيام بأخطاء مرعبة"
واصل اردا كلامه وهو يشير بإصبعه إلى وجه ميران:
"لم الكذب... ما فعلته مؤخرا أدهشني أنا أيضا. ما كان يجب أن تلمس ريان... ما كان يجب أن تُدخل فتاة بريئة في هذا الأمر... ما فعلته... "
تم قطع كلامه من طرف ميران، انهزم لغضبه مجددا:
"ان كان خطأ فهو خطأ، ما شأنك؟ هااا... ما شأنك؟ لست نادما أبدا و لو حصل مجددا سأستخدم تلك الفتاة مرة أخرى بدون تفكير... إياك أن تتدخل في عملي يا اردا... حتى لو كنت أنت"
نهض ميران من كرسيه و ضرب الباب و خرج بسرعة، حتى لو كان أقرب شخص له. كان يضغط لكمته بقوة أثناء ذهابه إلى المصعد، لم يكن يدّعي أنه بريئ أو غير مذنب و لكن كان الجميع يضغط عليه، خالته، جونول، اردا... أثناء نزول المصعد إلى الأسفل، نظر إلى عينيه في المرآة، كانت بلا إفادة، هناك رجل مرعب مخبأ وراء تلك اللؤلؤتين الزرقاء مثل البحر، أو طفل بلا حيلة. مشاعره التي لا يضع لها إسما أتعبته جدا، هو مازال وراء كل كلمة قالها قبل قليل. لو حصل مجددا سيتزوج ريان مرة أخرى و لكن هل كان سيتركها مجددا؟ لا يعرف هذا...
النار تحرق مكانها، النار التي أشعلها ميران أحرقت ريان أولا ثم أمها السيدة زهرة، الهاتف الذي جائها من ابنتها في أول يوم بعد زواجها قد ثقب كبدها، ستفقد عقلها منذ يومين تتجول كالمجنونة في القصر، لم يستغرب أحد حالها، كان الجميع يظن أنها هكذا بسبب ذهاب ريان. لم تمر حتى اللقمة من فمها منذ أن عرفت أن ريان ذهبت ضحية إنتقام و أن هذا ذنب زوجها القاتل، و لكن للصمت حدود، اليوم ستقول كل شيئ، كل من في القصر سيعلمون ما حدث لريان.
حل المساء، نزلت السيدة زهرة الدرج ببطئ، كانت ترتعش و كأنه بداخلها زلزال. اجتمع كل أفراد العائلة حول طاولة العشاء، هافين عندما رأت زوجة عمها في الدرج لوحت لها بيدها، هذه المرأة كانت لا تأكل الطعام جيدا منذ أن ذهبت ريان:
"نحن ننتظرك يا زوجة عمي"
اقتربت السيدة زهرة من الطاولة بوجه يبدو عليه الحزن، الكل كان يلاحظ حالتها الغريبة، قالت السيدة دلال:
"أنت لست أول أم تزوج ابنتها!! تمالكي نفسك قليلا يا زهرة و فكري بريان"
نظرت السيدة زهرة إلى كل الوجوه التي حول الطاولة واحدا واحدا، بديرهان قلق كثيرا من وضع أمه:
"هل أنت بخير يا أمي؟"
السيد جيهان، هافين، آزاد و السيدة دلال... كلهم كانوا ينظرون إلى حال السيدة زهرة الغريب أما هي كانت تنظر لشخص واحد.. لزوجها و حينها خرج من فمها كلام جمّد دم كل الموجودين:
"قد لا أكون أول أم تزوج إبنتها و لكن قد أكون أنا أول إمرأة تعطي ابنتها ضحية لإنتقام"
عم صمت عميق في المكان و لكن أفسده آزاد:
"ماذا يعني هذا يا زوجة عمي؟"
السيدة زهرة لا تبعد عينيها عن زوجها أبدا:
"من هذا ميران؟ من هذا الرجل الذي أعطيته ابنتي يا هازار؟"
نهض السيد هازار من كرسيه في هدوء، ماذا حصل؟ لم يفهم شيئ، ليس لديه أي فكرة عما تقوله زوجته:
"ماذا تقولين يا إمرأة؟ ألا تعرفين من يكون ميران؟"
"ماذا عنك؟ هل تعرف أنت من يكون ميران؟"
عندما وقف السيد هازار أمام زوجته حُبِسَت كل الأنفاس، كانت عينا السيدة زهرة على الطاولة، سحبت الشرشف و رمت كل ما فوق الطاولة على الأرض، ضجيج الصحون و المعالق و السكاكين المنكسرة كان سبب في وقوف الجميع في الفناء...
"أنت كيف ترمي ابنتي في النار هااا؟ كيف تعطي ريان لإبن عدوك؟ ألم تفكر أبدا فيما سيحصل لنا؟"
السيد هازار كان مصدوما بقوة، فتح فمه بصعوبة:
"ماذا تقولين يا إمرأة؟ أي عدو و أي نار؟"
لم يكن يفهم شيئ من كلام زوجته، كان غاضبا فقط. قالت السيدة زهرة بغضب:
"لماذا لم تقل؟ لماذا لم تقل لنا أنك قتلت رجلا منذ سنوات؟"
بقي الرجل مندهشا عندما سمع سر حياته من فم زوجته، ذهبت عيناه إلى أخيه الكبير السيد جيهان، لم يكن أحد يعرف سره هذا غير أخوه، من أين عرفت هذه المرأة؟
"من أين عرفت هذا؟"
"ذلك الرجل الذي قتلته قبل سنوات، أحمد كارامان، ميران هو ابن هذا الرجل. كل شيئ كان لعبة قذرة قام بها كي يأخذ منك انتقامه، و ريان أكبر ضحية في هذه اللعبة"
خرست كل الألسنة، كان الجميع يُدهس تحت هذه الحقيقة و أولهم هازار شانوغلو... ذلك الرجل.. هل كان له ابن؟ هل ميران ابن أحمد كارامان حقا؟
السيدة زهرة لم تتحمل أكثر و بدأت تبكي:
"ميران ذهب. في أول يوم بعد الزواج ترك ريان في ذلك البيت و ذهب، و لم ينس أن يرسل لك سلامه قبل ذهابه"
ركعت على الأرض و بدأت تضرب على ركبتيها باكية:
"لقد حرقت رأس ابنتي.. حرقته..."
آزاد ذهب إلى زوجة عمه، جلس بجانبها و وضع يده على كتفها:
"لا تخافي يا زوجة عمي... أين ريان الآن؟"
كان الجميع يتساءل عن هذا، حقا أين هي ريان؟ بما أن ميران تركها بعد زواجها بيوم إذا لماذا لم تعد إلى البيت رغم مرور يومين؟ نهضت السيدة زهرة و نظرت في وجه زوجها:
"لا يوجد ريان بعد الآن... اسحبوا يدكم عن ابنتي!"
"قولي مكان ريان يا سيدة زهرة"
دخل السيد جيهان في الموضوع، هو كبير البيت، لا يمكن لأحد غيره أن يخمد هذا البركان في القصر:
"سأذهب و أحضرها، لابد أن الفتاة مشتتة الآن، لنعلم بشكل جيد ما حدث و انتهى"
هزت السيدة زهرة رأسها بمعنى لا:
"انسوا هذا، ريان لن تعود إلى ماردين بعد الآن، لقد احترقت مرة و لن أسمح بأن تتأذى مرة أخرى"
قال آزاد:
"فكري بمنطق يا زوجة عمي، هذا بيت ريان أيضآ، ماذا يعني لن تعود هنا؟ تقولين أن عديم الشرف ميران تركها و ذهب. إلى أين تذهب هذه الفتاة؟"
"هل هذا هو المهم؟.. صرخت السيدة زهرة بحدة: "هناك كذبة كبيرة انطلت علينا و تم القيام بزفاف مزور من أجل الإنتقام، عزيزتي ريان فرطوا بها... من هذا ميران؟"
نهض آزاد على قدميه و نظر لعمه و كأنه ينتظر توضيح منه، هو كان في صدمة مثل الجميع، لا يصدق أن هذا الزواج كان لعبة و لكنه فهم كل شيئ الآن، فهم أنه تم خداعهم. ضغط على يديه من الغضب و كان ينظر تارة لعمه و تارة لزوجة عمه، لكن هناك شيئ لم يستطع فهمه و لم يدخل لعقله وهو أن عمه قد قتل أحدهم. لم يكن يعطي احتمال لهذا و لكن سكوت عمه دليل على قبوله هذه التهمة:
"هل هذا صحيح يا عمي؟"
كان الجميع يتكلم و ذلك الرجل ساكت، أساسا منذ أن عرف أن ميران ابن ذلك الرجل و عقله مشوش جدا، لم يتكلم كلمة واحدة، كان يقوم بحسابات في داخله رغم كل الضجة حوله.
كان عقل الجميع مشوشا، هافين كانت تتحدث بهمس مع أمها، السيدة زهرة مازالت تبكي على الأرض، عندما لم يأخذ آزاد جوابا من عمه اتجه نحو والده:
"أبي قل شيئا حبا بالله، من هذا أحمد كارامان؟"
نظر السيد جيهان إلى ابنه و أشار له بالصمت ثم نظر ألى أخيه، كان يرى كيف انهار و يفهم ما يحس به الآن، لأنه كان الوحيد في هذا القصر الذي يعلم خفايا هذا السر. يقولون أن ماضي الإنسان الملوث لا يتركه حتى لو مر فوقه سنوات، كم هذا صحيح... وقف السيد هازار أمام زوجته و قال:
"نتحدث عن كل هذا لاحقا"
كل الأنظار اتجهت إلى السيد هازار، بهذا الشكل هو قبل أنه قاتل، كم كان آزاد يتأمل أن يكون هذا غير صحيح، لم تلق وصمة القاتل على عمه. مهما كان أحمد كارامان، ميران هو ابنه و قد خدع هذه العائلة. مهما كان السبب أخذ انتقامه بهذا الشكل كان ظالما، بالنسبة لآزاد لا يمكن التسامح في هذا. لقد فتح عليهم ميران حرب بأخذ شرفهم مقابل روح والده، الآن فهم آزاد سبب غضبه المتواصل من ميران، سبب عدم تقبله له ليس فقط حبه لريان، لقد أحس منذ البداية بشيئ غريب في ميران.
أدار السيد هازار ظهره و هو في حالة مزرية، ذهب نحو الدرج ببطئ، كان يحتاج إلى البقاء بمفرده، سبب حالته هذه ليس كشف حقيقة أنه قاتل، لقد عرف اليوم أن أحمد كارامان لديه ابن و هذه الحقيقة صدمته. الرجل الذي وثق بكلامه و صدقه و أمنه على إبنته ظهر أنه ابن الرجل الذي قتله قبل سنوات... و أيضا أرسل له سلاما بأنه أخذ انتقامه و فتح حربا بينهم دون أن يخجل حتى. ميران أيضا مثل والده، ظالم مثله... توقف الرجل في الدرج، كبده يتمزق مع كل نفس يأخذه، مر كل ماضيه مثل شريط أمام عينيه، جاءت تلك اللحظة إلى عقله التي حارب نفسه كل ليلة كي ينساها، و كأنه الآن في ال27 من عمره و في يده سلاحه المصوب نحو أحمد كارامان...
تقدم آزاد بخطوة و خرجت من فمه كلمات مليئة بالغضب:
"هذا لن يتوقف هنا، لن يُغلق هذا الحساب هكذا، ليكن عهدا على انني سأقتل عديم الشرف ذلك بيدي..." يتتبع....

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن