الحلقة الثالثة - الكذبات الهادئة

10.5K 164 8
                                    


لقد وقعت ريان في حب رجل سيترك في قلبها جراح كبيرة قد نزلت ستارة سوداء على عينيه، كما قالت هي سابقا انها تمشي نحو الهاوية و عينها مغمضة. حل الليل مع نسمات مجنونة في السماء، ريان لا تصدق بعد أنها خرجت من القصر و في منتصف الليل، أخيرا قد نجح ميران في سلب عقلها. ريان فكرت في لقائهما طول اليوم، كررت ما قاله لها في ذهنها، جانب منها غاضب من ميران و الجانب الآخر منها كان يجده جذابا جدا. في النهاية خاطرت و خرجت من القصر.
غطت جسدها البارد بيديها و ذهبت مسرعة وراء القصر، كان الظلام دامس و العين لا ترى العين، هل قدومها إلى هنا صحيح؟ لم تكن تعرف. فكرت طول اليوم فيما قاله و ما سيقوله، تأثرت به بشكل غريب... أول شيء فعلته ريان عند عودتها هو إخبار هافين بما قاله لها ميران، و هي كانت مصرة أكثر من ريان و انتظرت حلول منتصف الليل بفارغ الصبر و هي الآن واقفة أمام الباب تراقب الوضع من أجل ريان. ذهبت ريان إلى آخر نقطة وراء القصر و بدأت تنظر يمينا و يسارا، لم يكن يظهر أحد، بدأت تفكر أن ميران خدعها، نسيت أن تلبس شيئا فوقها من التوتر و الجو لم يعد دافئا، شفتاها بدأت ترتجف من البرد. لم تحس سوى بمعطف يوضع فوق ظهرها من الخلف، التفتت بخوف و عندما التقت عيناها بعيني ميران فرحت لأنه لم يكن آزاد. ابتسمت للرجل الذي أمامها و هي لا تعرف ما ستقول. "أرجو أنني لم أخفك" كان ميران أول من تكلم، لم يفرق عينيه للحظة عن ريان. "لا، و أنا كنت أنتظرك" قالت ريان و هي تنظر إلى الشجرة. "ظننت أنك لن تأتي، لقد أدهشتني" لم تكن تسطيع التنفس حتى من خجلها، نعم لقد قالت لن آتي، ماذا حصل حتى وجدت نفسها هنا. لدى هذا الرجل قوة تجعلها ستموت من حماسها، كان هناك ألف سؤال في عقل ريان و هذا سبب مجيئها أساسا، تريد أن تأخذ إجابات عن أسئلتها. رجل يعيش في اسطنبول ماذا يفعل في ماردين؟ لماذا اختارها هي للزواج؟ جواب كل هذا عند ميران و لكن لم تكن لديها الجرأة لتسأل... "هل لديك شخص تحبينه يا ريان؟" لم تكن الفتاة تعرف ماذا تجيب على هذا السؤال المفاجئ. لم يكن لديها حبيب و لكن تكن تنتظر سؤال كهذا. "لا، ليس لدي" قالت بصوت خافت. "جيد" هذا الجواب أعجب ميران، عندما نظر إلى وجه ريان المحمر من الخجل، سكنت إبتسامة على شفتيه، اقترب من البنت التي تبعد عنه خطوات، وضع يده على وجهها و أداره إلى وجهه. وجه ريان كان صغير، شفتاها و أنفها كذلك، شعرها المموج الأسود كان يليق جدا ببشرتها البيضاء، من غير الممكن عدم التأثر بها. عندما طلب ميران ريان للزواج، لم يكن يهمه ان كانت تريده أم لا، كان إقناع والدها كافيا، لم يكن يفكر حتى أن يجلس معها ليقنعها و لكنها بدأت تلفت إهتمامه. مهما كان كل شيئ كان عبارة عن لعبة، لعبة دامية و وسخة، لماذا لا تكون ممتعة؟
"لماذا تريد الزواج بي؟" سألت الفتاة المرتعشة أمامه سؤالا لم يكن ينتظره، ماذا كان سيقول؟ لم يكن ليقول "أنت أجمل جزء في لعبة إنتقامي"... "اريد الزواج بك لأن..." أبعد يده عن وجه ريان و إتكأ على الشجرة بجانبه، الآن هو يتسائل كثيرا حول ريان. "أردت الزواج بي لأن؟" لم يكن لديه جواب لهذا السؤال، استمر بالإبتسام بكل جاذبيته. لو يقول "وقعت في حبك" هل كان سيكون مبالغا؟ ربما لن يكون مبالغ و لكن هذا الوضع مضحك بالنسبة لميران. "منذ أول يوم رأيتك فيه و أنت في عقلي، و تعرفين انا أحب والدك" الكلمات التي قالها بدون تفكير واجهتها ريان بنظرات مندهشة، ماذا يعني هل قال شيئا سخيفا؟ ريان كانت على وشك ان تضحك، لقد كانت أسخف كلمات سمعتها، لو كان الذي أمامها شخصا عاديا ما كانت ريان ستهتم، لكن ماقاله ميران غير معقول، رجل من اسطنبول لماذا يأتي إلى ماردين من أجل الزواج؟ هل هو بشع؟ لا أبدا بل بالعكس لقد كان مثيرا لدرجة تفقد العقل، كانت له ثروة تكفيه طول العمر. عندما تفكر بكل هذا كانت تجد نفسها ناقصة لتصبح زوجة هذا الرجل، لابد من وجود شيئ آخر، ليس هذا الجواب الذي تريده ريان.
"هل تشتري بضاعة من السوق يا ميران؟ نحن نتحدث عن زواج، تقاسم عمر في بيت واحد، و أنت تقول رأيتك فأعجبتني هل هذا شيئ منطقي؟" ميران اندهش، أخذ مقابل لم ينتظره من ريان، هذه الفتاة قوية و قاسية مع ذلك هي مجرد صيد لميران لذلك يجب أن يفكر منطقيا و لا يجب أن يقع في فخ أسئلة ريان." هل هناك طريقة أخرى غير الزواج كي أصل إليك؟" لا يوجد. و ريان تعرف هذا..." هذه ليست إسطنبول، و الا أنا كنت أود أن أعرفك قبل و أمضي معك وقتا جميلا، لا أعرف مالذي يشوش عقلك، كل ما أعرفه أن الحب لا يعرف حدود أو مسافات، الإنسان لا يستطيع أن يتحكم في قلبه." هذه الفتاة ذكية جدا و عكس عائلتها هي تحس بشيئ، يجب على ميران أن يفعل كل يفعل كل شيئ ليقنعها.
" هل ناديتني من أجل قول هذا يعني؟" قالت ريان بصوت قاسي. "قلت لك انني أريد التعرف عليك، ماذا كنت تنتظرين؟" ابتعد عن الشجرة التي يتكأ عليها، اقترب من ريان و وضع يده على شعرها هذه المرة: "في النهاية انت ستصبحين زوجتي أليس كذلك؟" ابتعدت ريان عنه فورا و خلصت شعرها من يده، كلمة"زوجتي" أدهشتها و كأن قنبلة قد سقطت في قلبها و تحطمت، كيف يمكن لمجرد كلمة أن تحمس إنسان لهذه الدرجة، هل كانت تريد أم لا تريد؟ مشاعرها كانت كالعقدة العمياء فهمها صعب. "هذا ليس إختياري" أنزلت ريان عينيها إلى الأرض: "لم يسألني أحد إن كنت أريد الزواج أم لا"... ميران لم يكن يعلم بهذا كان يظن أن ريان موافقة، قال بصوت متصنع: "لم أكن أعلم بهذا، انا آسف" ربما كان الوقت المناسب للتأثير عليها، كان يخاطر و لكن كان واثقا من نفسه جدا: "ان كنت لا تريدين لن يحصل هذا الزواج أبدا، لا يمكن الحسنى بالغصب، هذا لا يليق بي. و لكن أنا أظن أنني أستحق فرصة" ريان نظرت و كأنها تقول أي فرصة. "فكري حتى يوم الغد مساءا و قرري، ان مازلت لا تريديني أقسم أنني سأتخلى عنك." وقفت ريان قليلا: "كيف ستعلم بقراري؟" غدا في المساء سأرسل جونول إلى القصر، تحدثي معها و أخبريها قرارك." "هل جونول أختك الحقيقية؟" قال ميران بصوت متردد: "نعم أصغر مني بسنتين."
ريان لم تكن تعلم كم أمضت من الوقت، تحركت بسرعة عندما تذكرت هافين الواقفة على الباب: "يجب أن أذهب، لقد بردت." أغمض الرجل الشاب عينيه بمعنى الموافقة فذهبت ريان دون أن تقول شيئ... "بعض الأشياء تأتي مرة واحدة في حياة الإنسان، مثل الموت، مثل العشق... لا تستطيع أن تهرب من الموت و لكن يمكنك الهروب من العشق، و إذا هربت من العشق تعيش فارغا في هذه الدنيا" تجمد دم ريان من الكلمات التي قالها ميران، توقفت، ما تحدث عنه هل هو عشق سيولد بينهما؟ أكملت طريقها دون أن تلتفت أو تجيب بكلمة. عندما وصلت إلى باب القصر انتبهت لوجود معطف ميران الذي فوقها و كانت تعانقها بشدة، التفتت ورائها لقد ذهب ميران. خلعت المعطف و دخلت إلى القصر. هافين تجمدت في إنتظار ريان، صعدتا الدرج على أطراف أصابعهما و تنفستا الصعداء بعد دخول الغرفة، لو أمسك بهما آزاد أو بديرهان ستكون كارثة... "ماذا تحدثتما؟" ازداد فضول هافين بعدما رأت وجه ريان المحمر من الخجل. "لم نتحدث كثيرا، أشعر بشيئ مختلف يا هافين، هناك شعور بداخلي لا أستطيع أن أضع له إسما، ميران... رجل مختلف" "و لكن عمي يعرفه و منذ وقت طويل، لو كان رجل سيئ هل كان ليعطيك له؟" "أنا في عقله دائما، هذا ما قاله" ارتسمت إبتسامة على وجه ريان، كانت تفكر بكلامه، لقد أعجبها. "لست فتاة لا يمكن الإعجاب بها، ميديات تحترق من أجلك" لم تستطع ريان منع نفسها من الضحك بعد قهقهة هافين... "قلت لميران لا أريد الزواج" "ماذا؟ هل أنت مجنونة يا ابنتي؟" "قال أنه يريد فرصة، سافكر حتى الغد و أبلغ أخته بقراري." "لن تقولي لا؟ لن ترفضي أليس كذلك يا ريان؟" "كم أنت تواقة لزواجي و ذهابي من هنا؟" عندما رمت بالوسادة على رأسها امتلأت الغرفة بضحكاتهما. تحدثت مع هافين كثيرا، كان الفجر على وشك البزوغ، ذهبت هافين ألى غرفتها أما ريان أخذت المعطف إلى أنفها، هل هذه رائحة ميران؟ هل رائحته جميلة هكذا؟ أغمضت عينيها و كل جحر في قلبها يردد نفس الشيئ: ميران!
بعد 10 أيام...
اليوم ستقام خطوبة ريان و ميران لذلك هناك ضوضاء في القصر، كل نساء القصر يجرون في طرف، التجهيزات مستمرة، ريان مشغولة بتنظيف الصالون، عند مجيئ أليف تركت العمل و ذهبت معها إلى غرفتها، أليف ابنة خالة ريان و صديقتها في المدرسة، أقرب شخص لها و حافظة أسرارها، تخرجتا السنة الماضية من المعهد، أليف ذهبت إلى الجامعة في إسطنبول، والدها لم يحملها مسؤولية كالزواج، تركوها تعيش بحرية... بعد دخولهما إلى الغرفة، عرضت ريان ثيابها لأليف، أغلبها كانت جديدة، أليف لم تعرف ماذا ستختار، كان يوجد لباس من كل لون و كلها تليق بريان. "جربي هذا يا ريان، مو تنورة سوداء طويلة ستكونين رائعة برأيي" وضعت ريان الألبسة على جسدها أمام المرآة: "حسنا، ممكن" جلست أليف على حافة السرير: "أنا أتسائل عن ميران كثيرآ." ظهرت إبتسامة على وجه ريان، لا تستطيع أن تمنع إحساس السعادة الذي يغمرها عند ذكر إسم ميران، خطر على بالها ذلك المساء، فكرت كثيرا، أرادت أن ترفض و لكن فكرة خسارة هذا الرجل بدت لها مخيفة. كانت تقف بخجل أمام جونول ذلك اليوم، فوق ذلك ميران أرسل باقة ورد جميلة معها و وضع ملاحظة بين الورود الحمراء "بعض الآشياء تأتي مرة واحدة في حياة الإنسان، مثل الموت... مثل العشق..." و تم خداع ريان، انجرفت مع رياحه الكاذبة و لم تستطع أن تقاوم جاذبيته القوية. قالت نعم دون أن تعرف ما سيحل بها و هكذا قبلت الزواج بميران.
رفعت أليف اصبعها و كأنها تلوم ريان: "أنت تبتسمين يا ريان!" واصلت ريان الإبتسامة، كان داخلها لا يتسع من السعادة: "عندما ترينه في المساء ستعرفين لماذا أبتسم"
ريان كانت تسترق السمع وراء الباب، لقد مرت ساعة على مجيئ ميران و عائلته، في طرف من الصالون تجلس حماتها و أخت زوجها المستقبلية مع أمها و خالتها و زوجة عمها. في الجهة الأخرى ميران و عمها و والدها يتحدثون عن العمل. ميران أيضا ليس له أب، إنهما يتقاسمان نفس القدر مع ريان، الإثنان فقدا والديهما في عمر صغير، لكن كان هناك أب على رأس ريان حتى لو لم يكن والدها الحقيقي. حتى عمرها هذا لم يحب أي رجل هذه الفتاة، لم يكن لديها أب، إنها تتعرف لأول مرة على الحب و الزواج. عندما كانت تسترق النظر إلى ميران جاءت عينها في عين آزاد، آزاد بدأ ينظر لها بقسوة فابتعدت ريان عن الباب و ركضت نحو المطبخ إلى جانب الفتيات. "أين ذهبت أنت؟ لقد كنا نتحدث عن ميران" جلست ريان بجانبهم: "ماذا تحدثتم؟" "لقد كنا نقول أنه وسيم، محترم و جذاب جدا..." كل الفتيات ينتظرن ما سيخرج من فم ريان، اليوم ستقام الخطوبة و ليس هناك مفر بعد الآن، ريان لم تقل أي شيئ، نعم لقد قبلت الزواج به لكن ميران لم يجب على أسئلتها بعد. كان ميران يذهب بكثرة إلى إسطنبول لم يجدا وقت ليخرجا لكن سيتقابلان كثيرا بعد اليوم، ستبدأ تحضيرات العرس و الحنة، هم ريان الوحيد هو التعرف أكثر على ميران في هذه الفترة. وضعت يدها على الطاولة قائلة: "أريد فقط أن أكون سعيدة"
جاء بديرهان ليخبر الفتيات أن مراسم الخطوبة قد بدأت ليذهب الجميع إلى الصالون. كبير البيت السيد جيهان، وضع خاتم في يد ميران و الآخر في يد ريان قائلا "ليكن مبارك" ثم قطع الشريط الأحمر. قبلوا أيادي الكبار بالترتيب، مرت ساعتان تحدثوا فيها عن كل شيئ كعائلة واحدة، تناولوا الطعام و التقطوا الصور.. عند تجهز ميران و عائلته للذهاب، اقترب من ريان بسرية، وضع شيئ بين يديها ثم ابتعد. عندما فتحت ريان يدها وجدت فلاشة ثم أغلقت يديها مجددا. لماذا أعطاها هذا و ماذا يوجد بداخله؟ انسحب كل شخص إلى غرفته بعد توضيب القصر، ريان في غرفتها و داخلها مشاعر غير مفهومة، حماس قلق و سعادة غير مفهومة. غيرت ملابسها بسرعة ثم أخذت الحاسوب لترى ماذا يوجد في الفلاشة، لم تتحمس في حياتها بهذا القدر أبدا. أصيبت بصدمة عندما فتحت الملف الموجود في الفلاشة، غمرها حماس كبير و هي تشاهد الصور التي أمامها و كانت تحاول أن تفهم من و لماذا التقط هذه الصور؟ يوجد ملف فيه صور كثيرة لريان في الفلاشة، كلها التقطت من بعيد و بدون علمها، هذه الصور عائدة للستة أشهر الأخيرة تقريبا، لاحظت وجود رسالة في الملف مع الصور، فتحتها و حماسها يتضاعف....
"هل تؤمنين بالحب من أول نظرة؟ أنا لم أكن أؤمن به حتى رأيتك. لقد تغير كل شيئ من بعدك، أنا تغيرت و حياتي تغيرت و إذ بك أصبحت في عقلي و فكري، أنت ليلي و نهاري. مللت من كل ليلة لا تكونين موجودة في صباحها.. تعبت من كل مكان أنظر إليه و لا تكونين فيه. لقد حفرتك في قلبي، لم تخرجي يوما واحدا من عقلي و كان يقول اسما واحدا: ريان، ريان، ريان... و أنت أحبيني يا جميلة الجميلات، لتمت هذه الروح من أجلك، أحبك كثيرا، هذا الرجل مجنون بك... "
ريان أصبحت تتأثر كثيرا بهذا الرجل و تقع في حبه أكثر كل يوم، كانت السعادة تغمرها، هل كان جواب كل شيئ بسيط هكذا؟ هل كان ميران يعشقها و لهذا طلبها للزواج؟ أغلقت الحاسوب و وضعته على الطاولة ثم أخرجت المعطف المخبأ في خزانتها، حضنته بشدة، اشتمت رائحته و حبستها بداخلها و الإبتسامة لا تنقص من شفتيها. لقد استسلم قلبها للحب، انها عاشقة لميران الآن. ريان فتاة صغيرة، جاهلة و بريئة كثيرا و لأنها كبرت ناقصة الحب سلم قلبها لأول رجل اعتقدت أنه يحبها، كان هو أول رجل في حياتها، لم تكن تعلم أنه سيكون الأخير أيضا.
ميران يشاهد السماء و على وجهه إبتسامة مليئة بالكره، الألم و الإنتقام، كان يفكر بريان ولا يعرف السبب، كان سيريهم ما معنى الألم و الموت و أنت حي، كان سيأخذ انتقام شخص بريئ بإيلامهم و من شخص بريئ آخر. بعد انتهاء الخطوبة و خروجه من القصر انتزع الخاتم من اصبعه و رماه في جيبه، كان يقرف من هذه العائلة و من كل شيء يخصهم و حتى من ريان. كان يقرف من اللعبة التي يلعبها و يغضب من نفسه لكن يجب أن يتحمل حتى ينتهي كل شيئ. كان يكره الجلوس على طاولتهم و الضحك في وجوههم و لكن يجب أن يصبر. عندما رن الهاتف نهض من السرير، المتصل كان آردا، أقدم صديق لميران، صديقه الوحيد.
"نعم؟"
"مالذي تسعى إليه؟" صوت آردا و كأنه يوبخه
"أنا أسعى وراء ريان يا أخي، لماذا تسأل عن شيء تعرفه؟"
كان يعاند صوت آردا الغاضب بضحكة المعتادة، خرج إلى البالكون ليكمل حديثه.
"ماذا يعني إعطاء الصور لريان؟"
"أريد قلب ريان أيضا، صدقني هكذا سيكون ممتع أكثر"
مع العلم أنه عندما جاء إلى هنا كان يظن أن ريان لا تهمه، عندما اختار ريان من أجل الإنتقام، جعل أحد يراقبها و يصور كل خطوة لها و الآن أعطاها الصور و كأنه يقول لقد التقطت أنا هذه الصور لأنني كنت أعشقك. كم استمتع و هو يكتب عن عشقه الكاذب، كان يريد أن تظن ريان أنه يعشقها و أن تقع في حبه و هاقد وصل إلى هدفه.
"ستدمر حياة البنت، على الأقل لا تلعب بمشاعرها"
المشاعر... عن ماذا يتحدث هذا الرجل؟ هل يظن أن ميران يهتم بما ستحسه هذه الفتاة؟ انها ابنة عدوه، لو قالت أنا أموت لن يرحمها.
"إياك أن تحاول تقديم النصائح لي مرة أخرى"
أغلق الهاتف في وجه آردا ثم داخل الغرفة ضاربا الباب بقوة. جونول لا تهدأ مجددا، هي أوصلت هذا الموضوع لآردا و كأنها تشتكيه. الرحمة، الشفقة و الضمير، هذه أحاسيس غريبة عنه، هو ينام منذ سنوات على يمين الإنتقام.
مرت 3 أيام على الخطوبة، أخذت ريان القهوة التي حضرتها إلى الصالون و جلست بجانب أمها و هافين و زوجة عمها. حتى لو لم تصارح سوى هافين بمشاعرها فكل من في البيت لاحظوا تغير ريان و سعادتها، و هذا الوضع كان يعجب أمها زهرة بالأكثر،  انها أم، لو تحزن ابنتها سيمزق كبدها.
بعد أن أعطت القهوة للموجودين جلست بجانب أمها.
"لقد تعبت من تنظيف هذا البيت، انه لا ينتهي" قالت هافين
"هل لديك عمل آخر يا سيدة هافين؟ طبعا ستنظفين." القائلة هي السيدة دلال، أم هافين و آزاد. نظرت هافين إلى ريان و هي تضحك:
"انظري إلى ريان ستتخلص من كل هذا، من يعلم كم هي جميلة الحياة التي تنتظرها في إسطنبول"
"اي خلاص؟ في الآساس عملها في البيت سيبدأ الآن"
"برأيي أن ريان سترتاح هناك"
"انشاالله تعيش في راحة عزيزتي ريان" ضحكت ريان أمام هذه الأمنيات. وضعت السيدة زهرة فنجان القهوة على الطاولة و قالت:
"غدا سنخرج إلى التسوق مع السيدة نرجس و جونول، لنسجل ما سنشتريه حتى لا ننسى شيئا"
قلب ريان يرفرف من الآن، ترى هل سيأتي ميران؟ عدم رؤيتها له خارج القصر كان يجعلها تشتاق له، لقد بدأت تشتاق له من الآن. حل الصباح و لم تنم ريان من حماسها و لكنها كانت تطير من الفرح، سيلتقون مع السيدة نرجس و جونول في السوق. جالوا كل أسواق ماردين و امتلأت السيارة بما أخذوه من الذهب، القماش، المفارش و الثياب... كان يوما ممتعا و متعبا. في الأخير ذهبوا لإختيار فستان الحناء، أتت هافين و يداها محملة بالألبسة: "لو نأخذ هذا من أجل الحناء؟" لكن لم يعجب ريان كثيرا: "مازال يوجد الكثير ليوم الحناء، لنرى دكان آخر"
ريان هلا نظرت؟" نادت جونول ريان و هي تنظر إلى الألبسة، ذهبت إليها ريان لترى الفستان الذي أشارت إليه، كان فستان أخضر ممزوج بالأصفر.
"لو تجربي هذا برأيي أنه سيليق بك كثيرا"
هزت ريان رأسها بمعنى لا: "شكرا و لكن أنا أريد فستان حناء أحمر"
"لنرى الأحمر إذا"
كل شيئ كان جميل و لكن ريان تعبت كثيرا و لم يبقى لها حال لتختار الفستان و لكن رأت أمامها فستان أحمر، انه الفستان الذي في أحلامها، مدت رأسها لترى من الذي يحمله. تجمد لسانها عندما رأت الرجل الذي يبتسم لها وراء الفستان. هل الإبتسام يليق كثيرا برجل هكذا؟ هل يليق به الحب لهذه الدرجة؟ لأول مرة ابتسمت ريان لميران، أخذت الفستان من يده: "ميران أنت... متى جئت؟"
بدل أن يجيب الرجل وضع الفستان عليها و وجهها إلى المرآة: "برأيي هذا سيليق بك كثيرا"
عندما قطعت الأمل من مجيئه جاء ميران، لقد نسيت حتى تعبها الآن، لو يقول ميران لنتجول الآن ستبقى معه لساعات... عندما كانت ترى الفستان عليها رأت آزاد من المرآة ثم نظرت إلى ميران الذي يضع يده على كتفها، هذا القرب قد يغضب آزاد و لقد غضب فعلا هذا واضح من عينيه، تراجعت خطوة كي تبتعد عن ميران و في نفس الوقت تقدم آزاد نحوهما... يتتبع

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن