الحلقة 22 - رائحه الحبيب

7.8K 132 7
                                    

ريان لا تصدق أنها خرجت من ذلك البيت بعد سجنها فيه لعدة أيام، لدرجة أنها كانت تعتقد أنها ستعيش دائما تحت أجنحة ميران و لن تصبح حرة أبدا.
في ساعة مبكرة من الصباح، قبل أن يخرج ميران من البيت كانت ريان قد قالت له أنها تمل كثيرا في البيت و أنها تشتاق لأليف و الخالة صدّيقة و تريد زيارتهما. كانت تتوقع أن يعبس وجه ميران و يرفض و يقول لها أن هذا غير ممكن أبدا و لكن حدث عكس ما كانت تتوقعه، ميران لم يعترض أبدا، قال أنه سيأخذها في طريقه أثناء ذهابه إلى العمل و في المساء سيمر و يأخذها لبيتهما.
وقفت سيارة ميران أمام باب منزل السيدة صدّيقة ثم قال لريان الجالسة بجانبه:
"إذا أردتِ الذهاب فأنتِ حرّة اليوم، أنا لا أتعقبك اليوم يا ريان. لن يكون هناك من يراقبك أمام الباب و لا رجل تكرهينه حولك"
ريان مازالت مندهشة مما يقوله ميران، نزل الأخير من السيارة فتح بابها، وضع يده في جيبه ثم أخرج هاتفا و أعطاه لريان قائلا:
"أنا لا أريد أن أختنق في كرهكِ بعد الآن... أنتِ حرّة الآن و لكن أمنيتي الوحيدة أن أجدكِ في إنتظاري عندما آتي لأخذك مساءا"
أخذت ريان الهاتف و اتجهت نحو المنزل، بقيت تنظر له حتى دخولها من الباب، ثم ذهب ميران حقا، هي لا تصدق حتى الآن و لكن ما فعله أسعدها كثيرا. أولا تحدثت مطولا مع السيدة صدّيقة أثناء إنتظارها لأليف ثم اتصلت بأمها، لم تستطع أن تسأل عن آزاد و لكن أخبرت أمها عن ما حدث بإختصار و قالت لها أنها تريد البقاء مع ميران.
السيدة زهرة تركت القرار لإبنتها، لم تكن تعرف بأن إبنتها حامل. ريان لن تقول هذا لأحد حتى ميران لفترة من الزمن، الآن أليف و فرات فقط يعلمان بحملها و لن يقولا لأحد... ريان أقنعت أمها بصعوبة، في النتيجة لا إسطنبول ولا ماردين مكان آمن بالنسبة لإبنتها... سألت أليف وهي تبتسم:
"هل أنتِ متحمّسة؟"
هزت ريان رأسها في خجل بمعنى نعم.
"ماذا عن السعادة؟ أين هي؟"
"ذلك الشعور بعيد عني جدا حاليا"
وضعت ريان يدها على بطنها، كانت ستموت من الحماس و لكن ما تفعله جنون، ربما ميران يراقبها من مكان ما. ميران يظن أن ريان في منزل السيدة صدّيقة و لكنها خرجت مع أليف و ذهبت إلى المشفى، هي أم تتوق للتعرف إلى طفلها بأسرع ما يمكن، عندما تحس المرأة بالروح التي بداخلها حينها تصبح أمّا.
"كيف يعاملك؟"
"أنا أخبرك منذ الصباح يا أليف، لماذا تسألين نفس السؤال مجددا؟"
أليف بقي عقلها عند حادثة جونول فقالت:
"آآه يا ريان... ليتني كنت هناك ذلك اليوم كي ترى تلك المرأة يومها... كيف تهجم عليك هكذا؟ ماذا لو حدث شيء لطفلك؟"
"و لكن لم يحدث... غير هذا ليست هي فقط التي هاجمتني، أنا أيضا فقدت نفسي ذلك اليوم"
"أساسا أنا لم أحب هذه المرأة منذ البداية، كنت أحس و كأن بها شيء غريب"
حتى لو أظهرت ريان إنزعاجها من هذه المواضيع فيبدو أن أليف لن تصمت اليوم.
"حسنا متى سيطلقها؟ مادام يريد أن تسامحيه فيجب أن يطلّق زوجته في أسرع وقت... أم أنه يكذب عليكِ؟... أووف أنا لا أستطيع أن أثق بذلك الرجل أبدا يا ريان"
رغم أن أليف لا تأخذ أجوبة أسئلتها إلا أنها لا تصمت بأي شكل... ما أنقذ ريان من هذه المعاناة هو فرات. أثناء قدومه نحوهما وهو يرتدي ميدعة المستشفى تلبّكت ريان كثيرا، آخر مرة رأت فيها فرات كان عندما وجّه له ميران لكمة على وجهه. كانت محرجة جدا، إحمرت وجنتاها و لم تستطع النظر في وجهه... قال فرات:
"كيف حالك؟"
"أنا آسفة... أعتذر منك كثيرا بإسمه"
ضحك فرات، هو شخص ذو قلب كبير لا يحمل الحقد، كان يرى كم هي حزينة:
"أنا لا أكترث لأشياء كهذه يا ريان، و أنت رجاءا توقفي عن الشعور بالحرج مما يفعله ذلك الرجل... الآن أسألك مجددا، كيف حالك؟"
"أنا بخير"
"هل انت متأكدة؟... نحن لا نعيش في غابة يا ريان، إذا كنت لا تريدين البقاء مع ذلك الرجل أو إذا كان يعاملك بسوء، بإمكاننا حل هذا الأمر"
"لا... لا تقلقوا علي بعد الآن، لا أريد أن يتدخل أحد في هذا الأمر"
فرات لم يصر كثيرا، أساسا كان واضحا من عينيها أنها تريد البقاء مع ميران. إتجهت نظرات فرات نحو بطن ريان و قال:
"حسنا، هل مازال سرّنا مخبأ؟"
"نعم، لن يعرف أحد غير ثلاثتنا لفترة"
"إلى متى تفكرين بإخفاء هذا؟"
"بقدر ما أستطيع إخفاءه"
"و لكن خلال شهرين ستكبر بطنك"
"لا تقلق، حتى ذلك الوقت سأكون قد أخذت قراري"
"حسنا إذا هيا لنذهب، الدكتورة نيلجون تنتظرنا"
تبعت ريان و أليف فرات حتى نهاية الممر ثم وقفوا أمام الباب، طرق فرات الباب و دخل، كانت مساعدة الطبيبة جالسة و عندما رأت فرات نهضت قائلة:
"تفضل يا سيد فرات، السيدة نيلجون تنتظرك"
"لا تنتظرني أنا بل تنتظر السيدة ريان"
"تفضلي يا سيدة ريان"
أشارت لها المساعدة على باب غرفة الطبيبة، كانت ريان تشعر بحماس و قلق كبير فقالت لها أليف:
"لا تقلقي، سأكون هنا"
منذ أن عرفت بحملها لم تستطع الذهاب إلى المشفى، كانت تفكر ماذا لو حدث شيء لطفلها لأنها لم تهتم به جيدا؟ عندما دخلت الغرفة كانت الطبيبة تبتسم و ترحب بها و كأنها تعرفها و هذا أراحها قليلا، تخلصت من توترها و جلست أمامها.
"أنت حامل في كم أسبوع؟"
"أعتقد سبعة أسابيع"
"هل تأتين للمراجعة لأول مرة؟"
"لم تسنح لي فرصة من قبل"
الطبيبة كانت تعرف أن ريان تمر بمشاكل عصيبة لذلك لم ترد إزعاجها كثيرا بالأسئلة.
"إذا لنرى ضغطك و وزنك و بعدها نرى الطفل"
عندما إنتهى هذا استلقت ريان على السرير، كان قلبها ينبض بشدة و كأنه سيغمى عليها، كانت تشاهد بحماس الطبيبة عندما وضعت الجل على بطنها و بدأت تنظر للشاشة أمامها.
"كل شيء يبدو طبيعيا"
قالت الطبيبة هذا ثم أعطتها منديلا كي تمسح بطنها ثم واصلت كلامها و هي ذاهبة إلى مكتبها:
"الآن سنقوم ببضعة تحاليل و لكن يجب أن تأتي للمراجعة بإستمرار، أنت في فترة مهمة من أجل نمو الطفل، يجب أن تهتمي جيدا لأكلك و شربك و نومك و صحتك"
بينما كانت الطبيبة تقول نصائحها كانت ريان تفكر متى تستطيع أن تأتي للمراجعة مرة أخرى، و الأهم من هذا هل ستخبر ميران عن طفله؟... خرجت من غرفة الطبيبة مرتاحة جدا و في يدها قائمة ما يجب أن تفعله. صحة طفلها الجيدة أضحكت وجهها، كان فرات و أليف في إنتظارها، نظرت لفرات بإمتنان قائلة:
"كل شيء على ما يرام... أنا أشكرك من أجل كل شيء"
بعد أن إنتهى عملهم في المشفى أرسلهما فرات إلى البيت في تاكسي. كان الوقت يقترب من المساء و ميران على وشك القدوم. ريان مازالت مندهشة كيف تركها ميران هنا و ذهب بدون مراقبة و كيف ذهبت و عادت من المشفى بدون مشاكل.
الآن ريان تجمع أغراضها، لقد عاشت في هذا البيت لمدة قصيرة، مهما كانت السيدة صدّيقة تعاملها بطيبة فإن ريان أحست بأنها عبء عليها، هذا ليس بيدها فهي صاحبة روح رقيقة جدا.
عندما طُرِق الباب تركت ريان ما بيدها، لقد أحست بقدوم ميران، و لم تخطئ. عند فتح الباب رأت وجه ميران، حينها إرتسمت إبتسامة على وجه ميران. لقد أعطى فرصة لريان كي تذهب و لكن عندما وجدها هنا فرح و كأنه وُلِد من جديد. لو ذهبت ريان كان ميران سيموت، و لكن كرهها له و رؤيته كرجل مستبد و ظالم كان أسوأ. أما الآن أصبحت الدنيا في يده، تلك الإبتسامة العريضة التي تذيب قلب ريان، كم كانت تليق به!
"أنا رجل محظوظ جدا... و أنتِ إمرأة جيدة جدا"
نبرة صوته كانت تحمل العديد من المشاعر، إنه سعيد جدا، كيف يعبر عن هذا؟
"لا تحاول إخراج معنى من هذا لنفسك... ليس لدي مكان أذهب إليه و لكن إياك أن تظن أنني محتاجة إليك"
حاولت ريان إبقاء صوتها باردا و وجهها عابسا و لكن ميران مازال يبتسم... قالت له:
"لماذا تضحك؟"
"لأنك تفشلين... لا تستطيعين إخفاء حبك، شفتاك تنكر هذا و لكن عيناك تصرخ بأنها تحبني..."
"أنا حقا معجبة بثقتك بنفسك"
لقد ذهبا بالكلام و نسيا أنهما أمام الباب، عندما ظهرت السيدة صدّيقة وراء ريان، مسح ميران فورا إبتسامته و أصبح جادا. لم ينسى تلك اللحظة عندما سكبت عليه هذه المرأة الماء البارد هو و آردا... قالت السيدة صدّيقة:
"هل ستقفان هكذا أمام الباب؟ هيا ادخلا إلى الداخل"
هزت ريان رأسها و لكن ميران يستغرب أن يدخل كضيف إلى هذا البيت الذي طُرِدَ منه عدة مرات، فقال:
"لا، نحن سنذهب"
"أنا لا أفهم هذا، لقد طبخت العديد من الأشياء من أجلكم"
كان صوت السيدة صدّيقة لا يقبل أي إعتراض، بقي ميران و ريان ينظران لبعض ثم أكملت الخالة كلامها:
"هيا ادخلا، و إتصلا بذلك الولد ليأتي هو أيضا. منذ أن سكبت الماء عليكما و أنا أعاني عذاب الضمير"

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن