الحلقة 31 - مثل الكابوس

6.6K 99 6
                                    

التعاسة مثل مرض خبيث، إذا دخلت إلى روح الإنسان لا تفارقه بعدها. وضع ميران و ريان هكذا، و كأن لا القدر لا يريد أن يكونا سعيدين و يوجه لهما ضربة في أكثر الأوقات حرجا... تمنى ميران في داخله أن يبقى هادئا، يجب أن يبقى هادئا. ضغط بقوة بأظافره على يده كي لا يحرق روح أحد حتى أنه لم يحس بخروج الدم من المكان الذي يضغط عليه بداخل يده.
مالذي تلمح له هذه المرأة؟
كان يبحث عن ريان منذ عشر دقائق و لكنه لم يتوقع أن يجد ريان في هذه الغرفة عندما فتح الموظف الباب. لا يعرف ميران ماذا حدث و لكنه ليس غبيا حتى لا يفهم. أصلي و فرات على ماذا يتشاجران في يوم خطوبتهما؟  لماذا ريان معهما في هذه الغرفة؟ مالذي تلمح له أصلي؟ ميران لا يستطيع حتى وضع هذا الإحتمال على ريان.
ريان تقف متجمدة في مكانها و تنظر إلى ميران، كان يجب أن تفعل أي شيء لتخرج من هذه الغرفة قبل أن يحدث كل هذا و لكن لم تستطع. كيف ستفسر ما حدث هنا لميران؟ المجيء إلى هذه الخطوبة كان خطأ بالنسبة لها.
"لماذا تصمتون؟ هيا تحدثوا"
صرخت أصلي بهذا و أفسدت الصمت الذي كان في الغرفة أما ريان و كأنها دُفِنت تحت الأرض. إلتفت فرات إلى أصلي و رفع إصبعه في وجهها قائلا:
"إذا لم تستجمعي نفسكِ و تعتذري من ريان، فأنا أنزع هذا الخاتم كما وضعته"
فرات أيضا لا يصدق ما حدث، أصلي لم تكتفي بتدمير علاقتهما فقط بل هي تضر علاقة الآخرين أيضا. بقي فرات ينظر إلى وجه ميران، خوفه ليس من أن يفهم هذا الوضع بشكل خاطئ، أساسا لا يوجد شيء كهذا، و لكنه لا يستطيع إخباره بالحقيقة و هذا ما يرعبه... نظرت أصلي إلى ريان و أشارت لها بإصبعها:
"ستنزع الخاتم هااا؟ و من أجلها آيضا"
ميران لن يبقى هادئا أكثر، تقدم خطوة نحو فرات و قال:
"ماذا تقول هذه المرأة يا فرات؟"
ريان لم تتحرك من مكانها من شدة خوفها. إقترب فرات من ميران و عندما حاول وضع يده على كتفه، أمسكه ميران من ذراعه و دفعه. قال فرات:
"لقد حدث سوء تفاهم كبير يا ميران"
وضع ميران إصبعه على فمه و كأنه يأمره بالصمت ثم قال:
"ذلك واضح... سألتقي معك فيما بعد بخصوص هذا"
صوته الذي كان يبدو هادئا و كأنه يحمل مخاطر كبيرة بداخله، ثم نظر ميران إلى ريان، في هذه اللحظة و في هذا الوضع إن كان يبقى هادئا و لا يتحمل ما سمعه فسبب هذا الوحيد هو طفلته التي في بطن زوجته، لو لم يكن يخاف من أن تتضرر الطفلة كان سيهدم هذا المكان على رأس الجميع.
ترك فرات خلفه و إتجه نحو ريان، أمسك بذراع زوجته التي ترتجف من الخوف ثم أخرجها من الغرفة... أليف عندما لم تر ريان و ميران أحست بأن شيئا ما حدث و أخبرت آردا  ثم إتصلا بريان و ميران لعدة مرات و لكن لم يفتح أحد. بينما كانا ينتظران أمام مدخل القاعة، خرج ميران و ريان، عندما رأتهما أليف رفعت يدها لتشير لهما و لكن عين ميران لا ترى شيئا الآن، لا يرى أليف التي تشير بيدها و لا يسمع آردا الذي ينادي له. كانت عيناه و كأنها تُخرج النار، من يراه لا بد أن يفهم أنه حدث شيء ما، غير ذلك عندما رأووا كيف يجرّ ميران ريان من يدها خافوا كثيرا، لمست أليف يد و آردا و قالت:
"لقد حدث شيء ما يا آردا"
إتجه آردا و خلفه أليف نحو ميران و ريان، كلاهما لا يعلم بالقيامة التي قامت في الداخل. ريان كانت تحاول أن تمشي مع خطوات ميران كي لا تُظهر شيئا لأحد، همها الوحيد أن تقوم بتفسير لميران و تتخطى هذه الليلة بسلام... عندما ترك ميران ذراعها رفعت رأسها و نظرت له ثم فهمت من عينيه أن هذه الليلة ستمضي بصعوبة و لكنها تحمد الله، على الأقل لم تحدث فضيحة.
"عساه خيرا يا ميران؟ هل هناك مشكلة؟"
عندما سمع ميران صوت صديقه إلتفت له و قال:
"لا يوجد شيء، نحن ذاهبان إلى البيت فقط"
"تبدو متوترا؟"
عندما قال آردا هذا، نظر ميران إلى ريان و في تلك اللحظة كانت أليف تحاول أن تسألها ماذا حصل. بعد نظراته القاتلة لريان إلتفت ميران إلى صديقه مجددا و قال:
"لا توجد مشكلة يا أخي، عن إذنكما"
إستلم مفاتيح سيارته و إتجه نحوها، فتح بابها ثم نظر إلى زوجته قائلا:
"هل ستركبين؟"
مهما كان يحاول أن يبدو طبيعيا فإن ريان تعرف جيدا معنى تصرفه هذا، هدوءه الآن أمام الآخرين لا يعني أنه سيبقى هكذا عندما يصلا إلى البيت.
عندما ركبت ريان السيارة أغلق ميران الباب وراءها بقوة، بقيت أليف تشاهد ما يحدث في دهشة، بالتأكيد هناك مشكلة و لكن الزوج و الزوجة كلاهما لا يقولان شيئا. آردا يعرف ميران جيدا، لا بد أنه حدث شيء سيء جدا جعله في هذه الحالة. عندما  ركب ميران السيارة و أغلق بابه لحق به آردا و ضرب الزجاج بغضب و قال:
"لا أعرف ماذا حدث و لكن لن تخرج غضبك من هذه الفتاة المسكينة، و إلا سأكسر رأسك"
أغلق ميران نافذة السيارة دون أن يهتم حتى بما قاله صديقه ثم إنطلق بسرعة. أن ينصحه أحد أو يقول له ماذا يجب أن يفعل كان يصيبه بالجنون حتى لو كان هذا الشخص صديقه المقرّب... أثناء الطريق كانت تتشكل العديد من السيناريوهات في عقل ميران و لكنه لا يريد تصديق أي منها. عندما إلتفت إلى جانبه رأى إمرأة لا تستطيع حتى التنفس من خوفها:
"ضعي حزام الأمان"
هذا التفصيل الصغير الذي نسيته ريان لم يغب عن إنتباه ميران. بعد أن فعلت ما قاله لها نظر إلى الطريق مجددا، كانت الأفكار السيئة تنخر عقله، كيف له أن يفكر بشيء جيد في وضع كهذا؟
ثقة ميران بريان لا نهاية لها، هو يعرفه أنه لم تخنه و لن تخونه أبدا. لو كان هناك شيء كهذا كان قد إنتبه له من قبل، حتى لو كان قد شكّ بفرات في البداية و لكنه تخلص من هذه الفكرة مع الوقت و فهم أنه كان مخطأ. كل هذا جميل و جيد و لكن لا يخرج الدخان من مكان لا يوجد فيه نار... أولا تصرفات ريان الغريبة و إصرارها على عدم الذهاب إلى هذه الخطوبة، ثم تلميحات فرات و خطيبته الغامضة... ميران على وشك الجنون، ماذا يخفون عنه؟ هو سيعرف كل شيء كان سببا في خروج هذه الإشاعة و لكن أولا يجب أن يبقى هادئا.
عندما نظر إلى ريان مجددا رأى الخوف على وجهها، هذا الخوف هو دليل على أن ريان تُخفي شيئا. بدأ يأخذ نفسا عميقا كي يحافظ على هدوئه و حاول أن يسرع أكثر قليلا و لكنه كان حذرا. في النهاية لم تتحمل ريان و تكلمت:
"ميران... أنت تُخيفني"
لم يبعد ميران عينيه عن الطريق و قال:
"لماذا أنتِ خائفة يا ريان؟"
كان يحاول أخذ شيء من فمها و لكن ريان خائفة من قول شيء خاطئ يضعها في موقف حرج أكثر ففضلت الصمت و النظر من نافذة السيارة.
"من ماذا تخافين يا ريان؟ من ماذا؟"
لم تعرف ريان كيف تخرج من هذا البئر الذي وقعت فيه، لقد فهم كل شيء بشكل خاطئ. كان واضحا أن هذا السر الذي تخفيه سيفتح على رأسها عدة مشاكل. ترى هل يجب أن تخبر ميران بالحقيقة الليلة؟  قالت بصوت مرتجف:
"انظر، لا أعرف مالذي تفكر به و لكن أنا لم أفعل شيئا خاطئا"
أخذ ميران نفسا عميقا، كانت يده على المقود و اليد الأخرى يمسك بها رقبته، إنه يجاهد كي لا يسيطر غضبه عليه. ذلك التلميح القبيح الذي قالته تلك المرأة عن زوجته التي يعشقها أصابه بالجنون و لكنه لم يقل كلمة واحدة.
"سنتحدث في البيت"
كان هذا آخر صوت في السيارة صوت ميران، ثم بدأت الأفكار السيئة تلاحق بعضها أثناء هذه الدقائق الطويلة و الطريق التي لا تنتهي....
أخيرا وصل ميران و ريان إلى البيت، لم يكن دخولهما من الباب هادئا مثلما كان اليوم أبدا، حتى في أسوأ أيامهما. صمت ميران المخيف كان يرعب ريان. هذه الليلة يمكن أن تكون بداية النهاية الكبيرة، قد تقول ريان كل الحقائق التي تعرفها مهما كان الثمن.
بعد أن دخلا إلى المنزل رمى ميران المفاتيح التي في يده على الأرض ثم صعد الدرج بسرعة أما ريان فقد بقيت واقفة في مكانها لمدة. هل تذهب خلفه؟ أم تنتظر حتى يأتي و يحاسبها؟ اللعنة، هي لا تملك أي فكرة عما يجب أن تفعله الآن. صوت إغلاق باب غرفة النوم بقوة جعل ريان تهتز  في مكانها من الخوف ثم وضعت كل هذا الخوف جانبا و بدأت تفكر، لقد خافت من هذا الرجل كل هذا الوقت  و ماذا حدث؟ لماذا في كل مرة يتم رمي الذنب عليها و تكون هي الخاسرة بينما هي بريئة و لم تفعل شيئا؟ جمعت كل الشجاعة و الجرأة التي بداخلها ثم نزعت معطفها، رمته على الأرض و إتجهت نحو غرفة النوم. عندما فتحت الباب و دخلت لم ترى ميران، نظرت إلى الحمام ثم أخذت نفسا عميقا و ذهبت إليه، فتحت باب الحمام و دخلت ثم وجدت ميران أمامها. كان يحاول نزع قميصه و كأنه يمزقه. عندما يحبس غضبه بداخله كان دائما يضر الأشياء التي حوله.
"ميران؟"
قالت ريان بصوت واثق من نفسه عكس حالتها عندما كانت في السيارة، كم هذا غريب لقد غمرتها جرأة غير معهودة ثم قالت و كأنها تحاسبه:
"مالذي تحاول فعله؟"
"هل أنا مالذي أحاول فعله يا ريان؟"
ثم رمى القميص الذي بيده على الأرض:
"هل أنا؟ أنا؟"
صوته العالي كان يخيف ريان نعم و لكنها لن تكسر شجاعتها هذه المرة. قالت بصوت عاجز:
"لقد أحضرتني و أنت تجرّني من هناك... ألن تسألني حتى عن ما حدث؟"
و كأنه إذا سألها بإمكانها أن تجيبه... مسح ميران وجهه بيديه ثم وضع عينيه الزرقاء على ريان و قال:
"إذا سألتكِ، هل ستجيبين؟"
كان يخاف من الجواب الذي سيأخذه منها حتى الموت، بينما كانت ريان ستتكلم أسكتها صوت ميران:
"أخبريني، لماذا كنتِ في تلك الغرفة؟ ماهو الشيء الذي كانت تلمح له تلك المرأة؟ قولي كل شيء و إلا سأفقد عقلي"
"لا أعرف يا ميران"
ربما هي ستكذب الآن و لكن قول تلك الحقيقة ليس من وظيفتها لذلك هي مجبورة على الكذب. إقتربت من ميران و لمست ذراعه، الآن داخلها يبكي دما، إنها تخدع الرجل الذي تحبه و تكذب عليه، كانت تتحدث دون أن تنظر إلى عينيه:
"لا أعرف ماذا حدث بينهما، عندما كنت ذاهبة إلى الحمام مررت من هناك و سمعت شجارهما. دخلت الغرفة كي أتحدث معهما فقط، أصلي فهمت هذا بشكل خاطئ و أخرجت غضبها مني"
هناك شيء ما، ميران يعرف هذا. بينما قلبه يريد أن يصدق ريان كان عقله لا يريد أن يقع في الفخ. ريان تخفي شيئا و لا تنجح في الكذب حتى.
"لا تنتظرين مني أن أصدق ما تقولينه أليس كذلك؟"
" أنتظر. لأنني لم أفعل شيئا سيئا"
كانت ريان عاجزة جدا. أمسك ميران يد ريان التي كانت على ذراعه و أبعدها ثم أشار إلى الباب قائلا:
"إذهبي يا ريان، إذهبي و إلا سأكسر قلبكِ"
ميران تحول إلى ذلك الرجل مجددا، ذلك الرجل الذي أكبر ضعف له هو غضبه... ريان ذهبت نحو الباب دون أن تقول شيئا، ميران كان يبدو غاضبا جدا و لم ترد أن تأخذ نصيبها من هذا الغضب. نعم، ميران محق، هي تخفي عنه بعض الأشياء و إن كان التعبير جائزا هي تحيك الأمور من خلفه و لكن هل لديها حل آخر؟ إنها تقاوم بشدة كي لا تبكي. بعد أن خرجت و أغلقت الباب خلفها سمعت صوتا مدويا جعلها تغلق أذنيها بيديها، ميران الآن يكسر كل ماهو موجود في غرفة الإستحمام. ريان لا تريد البقاء أكثر في هذه الغرفة، كيفما كان هو سيأتي إليها عندما يهدأ... خرجت من غرفة النوم و إتجهت نحو غرفة الضيوف و رمت نفسها على الأريكة، ما حدث اليوم مثل الكابوس، كابوس سيء. و كأنه سيمر إذا إستيقظت و لكن هذا غير صحيح. منظر أصلي و فرات لا يذهب من أمام عينيها، فهم هذه الفتاة الخاطئ و الجمل المرعبة التي قالتها... ماذا عن فرات؟ ريان تحزن عليه أيضا، هو أيضا أخذ نصيبه رغم أنه غير مذنب.
أغمضت ريان عينيها و لكنها لن تنام، كان هاتفها يرن كثيرا و لن تفتحه. كيفما كان هي متعودة على هذا البئر المظلم الذي وقعت فيه، الحياة تضحك في وجهها مرة و تعبس ألف مرة. أمنيتها الوحيدة هي أن تنام و تستيقظ من هذا الكابوس. وضعت يدها على بطنها و بدأت تفكر، لو لم تكن حاملا الآن ما كانت لتنجو بهذه السهولة من هذا الوضع، و لكنها رفضت هذه الفكرة فورا، لا لن تفكر بهذا أبدا، الرجل الذي تحبه ليس  شخصا سيئا هكذا.
مرّت عدة ساعات...
لا تعرف ريان كم نامت و لكنها فتحت عينيها على الصوت الذي سمعته. مازال الظلام دامس و لم تشرق الشمس بعد، لكنها فتحت عينيها بصعوبة مع قدوم ميران و إشعاله للضوء في غرفة الضيوف. وقف ميران أمامها و كان يرتدي قميصا أسود و عيناه محمرتين من عدم النوم. بينما كانت ريان تحاول النهوض  لاحظت جرحا في يد ميران، عندما نهضت جلس بجانبها ميران فأخذت يده الجريحة بين يديها و قالت في خوف:
"ماذا حدث ليدك يا ميران؟"
ميران لم يهتم حتى بسؤال ريان، لقد تخلص من غضبه و جاء إليها. الآن بإمكانه أن يتحدث معها براحة مثل أي إنسان بعقل سليم. نظر إلى عيني زوجته السوداء مثل ظلام الليل و كأنه يقول لها أريد أن أصدقكِ.
"هل أنت بخير؟ ماذا حدث ليدكَ؟"
"أنا بخير، لا يوجد بي شيء"
همس الرجل الشاب بهذا ثم نظر إلى أطراف الغرفة قليلا و نظر إلى ريان مجددا و قال:
"هل أنتِ بخير؟"
"كيف بإمكاني أن أكون؟"
عندما سألت ريان هذا، إبتسم ميران بسخرية، كلاهما بحال سيئة و يسألان أسئلة سخيفة.
"أنظري إليّ يا ريان، أنظري إلى عينيّ..."
ثم أمسك ريان من أسفل فمها و جعلها تنظر له، حينها ضغطت ريان على شفتيها، لا تستطيع أن تبقى قوية عندما تنظر لهاتين العينين،
"أنتِ ثروتي الوحيدة في هذه الدنيا يا ريان، أنتِ كل ما أملكه. أنتِ المرأة التي أحبها..."
حبست ريان أنفاسها و هي تنتظر ما سيأتي بعد هذه الكلمات، هي تعلم جيدا أن هذا الهدوء ليس علامة خير.
"ماذا تخفين عني؟"
هذا السؤال الذي تخاف منه ريان كان مثل الصفعة على وجهها، هذا سؤال لن تستطيع الإجابة عليه. خافت و هرّبت عينيها منه. كيف لها أن تقول أن ما تخفيه متعلق بوالده الحقيقي؟ هذا موضوع يتخطاها و ليس شيئا يسهل تجاوزه.
قال ميران، هو أيضا روحه تحترق:
"أعدكِ... إن كنتِ قد فعلتِ شيئا يغضبني و تخفينه عني، قولي لي الآن، لن أغضب. هذا وعد"
"لقد قلتُ لك... لا أخفي عنك شيئا"
تجمّد وجه ميران الذي لم يأخذ الإجابة التي ينتظرها، لم يعطي أي إفادة. سحب يده من بين يدي ريان و أبعد نظراته عنها ثم إتجه نحو الباب. إلتفت إليها قبل أن يخرج و قال بصوت منكسر:
"لا تحرقي روحي يا ريان، ليس لدي ما أخسره غيركِ أنتِ و إبنتي"
لا يعرف ميران بأي معنى قال هذه الكلمات، هل هو غضب؟ خيبة أمل؟ عتاب؟ أم أنه تهديد... كان داخله يحترق، أن يحس أنه إنسان مخدوع يصيبه بالجنون:
"إذا خيّبتِ أملي أنتِ أيضا فلن تجدي أي أثر من حالتي هذه"
****
أخذت ريان قسطا من الراحة ثم فتحت عينيها، لا تعرف كم نامت ولا كم الساعة الآن. أبعدت الغطاء الذي فوقها و نهضت، عندما كانت تحاول النوم لا تتذكر أنها تغطت بشيء. هذا يعني أن ميران عاد إلى هنا بعد أن نامت ريان و قام بتغطيتها.
بعد أن إستيقظت ذهبت لتنظر في غرفة النوم، ميران ليس موجود و السرير لم يكن مبعثرا و هذا يعني أن ميران لم ينم هنا أبدا... حسنا إذا أين هو؟
جاءت عيناها على حقيبتها التي كانت مرمية على الأرض، إنحنت بهدوء و أخذت هاتفها منها، الساعة تقترب من الثانية ظهرا، ريان لا تصدق أنها نامت بهذا القدر... إتصلت بميران و بقيت تنتظر، رنّ الهاتف مطولا و لكنه لم يفتح. بعد أن إستسلمت و أغلقت الهاتف، إتجهت نحو الخزانة لتغير ملابسها، مازالت ترتدي فستان ليلة الخطوبة. أثناء نزع فستانها سمعت صوت رسالة وردتها على الهاتف فركضت نحوه، إنه ميران:
"أنا مشغول"
ميران لا يريد أن يفتح الهاتف، هذه مجرد حجج. و الحال أنه حتى لو كانت يداه غارقة في الدماء فلن يرفض مكالمة ريان. ريان لم تعرف على ماذا تحزن، من حسن الحظ أنه بعد بضعة أيام ستخرج كل الحقائق إلى الوسط و ستمر هذه الأيام العاصفة. هل حقا ستمر؟... توقفت في مكانها حين تذكرت ما قاله لها فرات، قال لها أن هازار شانوغلو يريدها أن تلتقي بخالة ميران. بينما ميران غاضب و منكسر منها هكذا كيف ستتحدث مع خالته؟ و لكن يجب أن تتحدث مع السيدة نرجس و تفتح أبواب هذا الماضي المؤلم.
تلك المرأة لماذا صمتت عن هذه الحقيقة؟ ريان تتساءل عن هذا بجنون.
غيرت ملابسها و خرجت من غرفة النوم، أحست بالجوع، يجب أن تأكل شيئا و لكنها لا ترغب أبدا. جرّت قدميها نحو المطبخ أثناء ذلك رن جرس الباب فذهبت إليه مسرعة. خمّنت من هو القادم و لم تكن مخطئة، إنها أليف. بعد ما رأته في ليلة الخطوبة البارحة تُعْتبر أنها تأخرت بالمجيء. عندما فتحت ريان الباب قالت أليف بدون أن تتنفس حتى:
"ماذا حدث ليلة البارحة يا ريان؟"
دخلت من الباب في توتر ثم أكملت:
"هل تعرفين كم خفت؟ صبرت حتى الصباح بصعوبة حتى أنني لم أنم"
"سأقول لكِ"
قالت ريان هذا بصوت منهك، بالطبع ستقول، ستقول لها ما قالته لميران. مثلما خدعت ميران هي ستخدع أليف أيضا الآن لأنها مجبرة على هذا.
****
ماردين،
القصر هادئ مجددا و يعيش يوما عادي، بعد طعام العشاء إنصرف الجميع إلى غرفته. كان آزاد يعمل طوال اليوم و هذا كان يمنع تفكيره المتواصل بريان و لكن الليالي و كأنها عدوّة له. كلما حل الظلام في السماء كان يركب عذاب الحب على كتفيه.
فتح آزاد باب غرفته و خرج، إنه لا يستطيع التنفس في هذا المكان، رغم أنه لا يعرف أين سيذهب لكنه أراد الإبتعاد عن القصر. ربما التجول في شوارع ميديات سيكون جيدا، أخذ جاكيته و وضعها على كتفه و إنطلق. عند نزوله الدرج تفقد جيوبه و لم يجد علبة السجائر. كان سيعود إلى غرفته و لكن تذكر أنه ترك علبة سجائره في غرفة المكتب، لقد نظر إلى بعض الملفات هناك قبل طعام العشاء... عندما إقترب من غرفة المكتب سمع أصوات من الداخل، من المحتمل أنه والده أو عمه، الآن لن يتحمل أسئلتهم إلى أين أنت ذاهب و ماذا تفعل... تخلى عن علبة السجائر و كان سيعود أدراجه حتى سمع إسما جعله يتجمد في مكانه: ريان، إنهم يتحدثون عن ريان. مسح آزاد إفادة الألم على وجهه و إقترب من الباب في هدوء. ليس من عادته أبدا التنصت من وراء الأبواب، هو ليس إنسانا فضوليا و لكن الموضوع يخص ريان. حتى إسمها فقط يضيق قلبه. بدأ يستمع بدقة لما يقال في الداخل، إنه صوت والده و عمه.
"هل إتصلتَ بريان مرة أخرى؟"
أغمض آزاد عينيه عندما سمع إسمها مرة أخرى، كان والده هو من يتكلم.
"ماذا لو ضايق ميران ريان لمجرد أنك إتصلت بها؟"
آزاد لم يفهم عن ماذا يتحدثان و لكن من الواضح أنه هناك  وضع مزعج، أسند رأسه على الباب كي يسمع بشكل أفضل ثم تكلم عمه هازار:
"لا لم أتصل... ميران كان غاضبا جدا، لم أتجرأ على الإتصال مرة أخرى. أتمنى أن لا يكونا قد تشاجرا بسببي"
عمه هازار إتصل بريان، آزاد لا يعرف السبب و لكن حسب ما فهمه أن ميران أمسك بها و قد يكون حرق روحها لهذا السبب. آزاد لا يتحمل هذا، سماع إسم ميران فقط كافي لكي يشعل غضبه و لو عرف أنه يضايق ريان سيجن جنونه. ياله من رجل؟! المرأة التي يقول أنه يحبها، أولا يلعب عليها لعبة حقيرة و الآن يفرقها عن عائلتها. هل ما يفعله رجولة؟
"هل ستذهب بشكل مؤكد إلى إسطنبول يا هازار؟"
"سأذهب الأسبوع القادم يا أخي"
عبس وجه آزاد بعد سماع هذا، عن ماذا يتحدث والده؟ لماذا سيذهب عمه إلى إسطنبول؟... فضوله زاد عن حده الآن و يجب أن يعرف سبب ذهاب عمه إلى إسطنبول. من الواضح أنه هناك موضوع خطير، ربما ميران يعامل ريان بشكل سيء. عندما وضع يده على مقبض الباب ليفتح توقف فجأة و تجمد الدم في عروقه لما سمعه من عمه:
"لقد بقيت بعيدا عن إبني بما فيه الكفاية، مهما حدث سأعترف بكل شيء"
لم يستطع آزاد أن يفهم ماذا قصد عمه بقوله لقد بقيتُ بعيدا عن إبني، عمه لديه إبن واحد وهو بديرهان. عن أي بعد يتحدث هذا الرجل؟ ما علاقته بميران؟ آزاد لم يرد التفكير حتى بهذا الإحتمال، هو متأكد أن عمه لديه تفسير منطقي أو أن آزاد أساء الفهم. في النتيجة عمه قال سأذهب إلى إسطنبول و لم يقل أن ميران إبنه... سأل السيد جيهان:
"ماذا عن ميران؟ ماذا لو لم يتقبل هذه الحقيقة ؟ماذا لو لم يراك كوالد له؟"
قبل أن يسمع آزاد هذه الجملة كان يتمنى أن يكون قد أساء الفهم و لكنه أُصيب بصدمة بعد ما قاله والده و تجمد عقله و أفكاره. لم يعرف ماذا سيفعل، ما سمعه لا يمكن أن يكون صحيحا، لماذا سيكون عمه هو والد ميران؟ ماهذا الهراء؟
بعد ما سمعه آزاد لم يستطع التحمل أكثر، لقد تحمل لعدة أشهر و لم يذكر إسم ريان ولا ميران على لسانه و لكنه لن يصبر أكثر. ضغط على مقبض الباب و دخل إلى المكتب بدون إذن. الرجلان الذان وجدا أمامهما آزاد فجأة سكتا من الدهشة. لا بد أن آزاد سمع ما قالاه قبل قليل و هذا تفسير الصدمة التي على وجهه الآن.
"أنا، قبل قليل... مالذي سمعته؟"
الصدمة ضربت لسانه أيضا، بقي ينظر تارة إلى والده و أخرى إلى عمه. هو لم يتقبل حتى الآن دخول ميران المفاجئ إلى حياتهم و أصبح عدوا له لأنه أخذ ريان و ذهب.
"أغلق الباب يا آزاد"
قال السيد جيهان هذا بصوت واثق، بما أن آزاد سمع كل شيء فسيعرف هو أيضا هذا الماضي، لا يخرج السر من فم إبنه و كيفما ستُعرف هذه الحقيقة يوما ما و لا داعي للإخفاء أكثر.
أغلق آزاد الباب و إقترب منهما ثم همس بغضب:
"لقد سمعت كل شيء... لقد قلتَ إبني يا عمي"
ثم سحب نظراته من عمه و إلتفت إلى والده قائلا:
"ماذا عنك؟ عن أي حقيقة تتحدث؟ ماذا يحدث هنا؟"
"ما سمعته صحيح"
قال السيد هازار هذا و كأنه يتقبل الهزيمة، لقد وُضِع على كتفيه مجددا عبئ ذلك الماضي و عذاب ال28 سنة التي سُرِقت منه.
"ميران هو إبني الحقيقي"
****
عندما فتحت ريان الباب الحديدي و خرجت من البيت كانت تجد صعوبة في التنفس. ليس بيدها، لقد عاشت في هذا البيت أسوأ اللحظات. دخولها إليه بالقوة و أخذها منه بالقوة أيضا... و شجارها مع جونول في هذا البيت. لا تنسى أي شيء من هذا.
بعد مدة طويلة لأول مرة تأتي إلى بيت السيدة نرجس، قدومها إلى هنا كان صعبا، في النتيجة هي جاءت خلسة عن ميران. ريان ستفعل ما طلبه منه والدها، ستتحدث مع السيدة نرجس عن الماضي، لماذا أخفت والدة ميران هذه الحقيقة عنه و عن والده؟ و لماذا شاركت خالته في هذا الذنب؟
مر يومان على ليلة تلك الخطوبة المشؤومة، يومان إنقضيا بشكل هادئ و لكن هي تعلم أن هذا الهدوء لن يدوم طويلا، بعد بضعة أيام ستتحرك الأرض من مكانها.
البارحة عاد ميران إلى البيت في وقت متأخر، و لا يُعْتَبر أنه تحدث مع ريان غير كلمتين للضرورة. هل هو غاضب أم منكسر؟ لم تعرف ريان ماهو إحساسه لكنها كانت تحس بذنب كبير.
كان قلبها ينبض بشدة بعد أن ضغطت على جرس الباب، في داخلها خوف و توتر كبير. لم يمر الكثير حتى رأت أمامها السيدة نرجس فأخذت نفسا عميقا، يجب أن تكون هادئة.
"ريان؟"
لم تكن المرأة تتوقع رؤية ريان أمامها و هي محقة في هذا، ريان لم تكن تذهب إلى هذا البيت أبدا. دخلت من عتبة المنزل و بقيت تنظر للأطراف ظنا أنه هناك أحد:
"هل يوجد أحد في المنزل؟"
في النتيجة هي ذهبت إلى هناك دون إعطاء خبر، كانت متوترة لدرجة أنها لم تفكر بهذا فشعرت بالحرج.
"لا، لا... من سيكون؟ هيا ادخلي يا صغيرتي"
أيلول إلى الخارج مجددا بعد تعافي ميران لذلك فكرت ريان أنها تستطيع التحدث مع الخالة بكل راحة في البيت... بعد أن دخلت ريان، أغلقت السيدة نرجس الباب ثم سبقتها بخطوات سريعة و أشارت إلى غرفة الجلوس، لم تردها أن تدخل إلى الصالون لسبب ما. ريان لم تهتم بهذا، البيت كان هادئا و لم تتوقع وجود أحد هناك.
"هيا لنذهب إلى غرفة الجلوس"
ذهبت ريان معها إلى الغرفة ثم نزعت معطفها و حقيبتها و وضعتهما على جنب.
"هل أنتِ جائعة يا ريان؟"
"لن أبقى كثيرا يا خالتي، لدي ما سأتحدث به معك. هيا إجلسي، غير ذلك ميران لا يعلم بوجودي هنا"
"هل هناك مشكلة؟"
"هناك شيء مهم يجب أن نتحدث به"
غمر القلق السيدة نرجس حين جلست أمام ريان، أساسا هي تعلم أن ريان لا تأتي إلى هنا إلا إذا كان هناك مشكلة كبيرة، و لكن لم تتوقع أبدا أن الموضوع يخص ماضي والدة ميران.
"ماذا سنتحدث يا إبنتي؟ لا تجعليني أقلق"
مسحت ريان وجهها بيديها و لم تعرف من أين و كيف تبدأ بالكلام، ماذا يُقال في وضع كهذا؟ ماذا لو كانت خالته لا تعرف شيئا و نقلت كل ما سيحدث هنا إلى ميران؟ و لكن لا... حتى لو لم تكن تعرف شيئا، ألا تعرف أيضا أن أختها كانت متزوجة من هازار شانوغلو قبل 29 سنة؟
"خالتي... الآن سأسألك سؤال و..."
"لا تجعليني أنفجر يا ريان، هيا إسألي ما ستسألينه"
"لماذا أخفيتِ عن ميران أن أمه كانت متزوجة من أبي يا خالتي؟"
أخذت نفسا عميقا بعد السؤال و كأنه كان مثل اللكمة في حلقها، و كأن روحها تخرج رويدا رويدا، نظرت إلى وجه السيدة نرجس كيف تحول شكلها في لحظة.
"ريان أنت من أين... من أين عرفت هذا؟"
"أنا أعرف كل شيء، و لكن عقلي لا يستوعب. لا أفهم لماذا أخفيتِ هذه الحقيقة كل هذا الوقت؟ لماذا جعلتِ ميران يصدق أن سبب قتل هازار شانوغلو لأحمد كارامان هو مسألة أموال و أراضي؟ رغم أنكِ تعرفين كل شيء لماذا لم تمنعيه من أخذ هذا الإنتقام؟"
ثم نهضت ريان على قدميها و بدأت تدور في الغرفة و لم تفرق عينيها للحظة عن المرأة التي ترتعش أمامها من الصدمة. هي تنتظر أجوبة كثيرة الآن و لكن المرأة كانت صامتة. وقفت ريان أمام المرأة و كأنها تحاسبها:
"لقد كنتِ شريكة في لعبة إنتقام إبن أختك... عندما جئت إلى قصرنا، كيف حدث و لم يعرف أبي أخت زوجته السابقة؟ ماذا عنكِ، لماذا أخفيت هذا؟ لماذا لم تقولي الحقيقة لميران عندما فعل بي ذلك السوء؟ لماذا لم تمنعيه؟"
السيدة نرجس مازالت صامتة،من الواضح أن ما سمعته كان وقعه قويا عليها. لم تكن تنتظر أن تسمع هذا من ريان، و هي أيضا مذنبة لذلك كانت تصمت...
"ألم تخافي من الله أيضا يا إمرأة؟"
عندما إرتفع صوت ريان لاحظت أن عيني السيدة نرجس إحمرت، إنها على وشك البكاء و لكنها لن تنجو من يدي ريان بسهولة، لا يمكنها التملص من ذنبها بالبكاء:
"لا تسكتي يا خالتي... هيا تكلمي"
عندما قالت ريان هذا وقعت تلك المرأة على قدميها و إنهارت بالبكاء ثم نظرت بعينين متوسلة:
"أنا لم أشأ أن يحدث هذا"
هل كانت تظن أن هذا السر لن يُكشَف أبدا؟ مهما مر من الوقت فالماضي لا يترك الإنسان.
"كنت مجبرة يا ريان... هذا ما أرادته ديلشاه"
"يعني أنتِ فعلت هذا السوء لميران فقط لأن أمه أرادت هذا؟... هل تظنين أن ميران سيسامحك إذا عرف هذا؟... أنتِ أكثر إنسانة قاسية رأيتها في حياتي، و أنا كنت أفكر لعدة ليالي كيف فعلتِ ذلك السوء بي... أنتِ لم تشفقي حتى على إبن أختك..."
"هذا يكفي يا ريان"
قالت السيدة نرجس بصوت باكي بينما كانت ريان تنظر لها في غضب. هذه المرأة هي السبب الرئيسي لكل ما حدث، هذا السر الذي أخفته لسنوات كم من حياة دمّر؟ هذه المرأة التي يقول عنها ميران عائلتي الوحيدة. كم هذا مؤسف، و الحال أن هذه المرأة جعلته يكبر مع كذبة كبيرة.
"إنها وصية ديلشاه.. لم تكن تريد أن يعرف إبنها أنها كانت زوجة هازار شانوغلو قبل سنوات. كيف يمكن أن أدوس وصية أختي؟"
"لا يمكن أن تبرّئي نفسك و تختبئي وراء هذه الوصية و الدموع المزيفة يا سيدة نرجس... عندما يعرف ميران كل شيء لن يسامحك أبدا"
"أفديكِ لا تقولي له شيئا يا ريان، ميران حتى عمره هذا لم يعرف شيئا، ليستمر الوضع هكذا... أنت ستحرقينه هو و ليس أنا"
الآن دور ريان في الصدمة، بعد كل ما فعلته كيف تريد هذه المرأة إخفاء هذا السر أكثر؟
"أنا لا أصدقك"
قالت ريان هذا ثم بقيت تنتظر من هذه المرأة أن تقدم توضيحا قد يكون منطقيا أو تقول شيئا لا تعرفه و لكن اللعنة، إنها تبكي فقط و تصمت، و كأن ذنبها لا يكفي تريد أن تستمر بالإخفاء أيضا... قالت ريان و هي ترتجف:
"صمتي أنا لن يغير شيئا"
كانت ريان تريد الذهاب من هنا بسرعة، كم هي غبية، كانت تظن أن حملها سيخف عندما تصارح هذه المرأة بالحقيقة. الآن عذابها يتضاعف أكثر لأن من فعل هذا السوء بميران لم تكن أمه فقط بل خالته أيضا و سينهار عند معرفة هذا.
"أبي سيقول لميران كل شيء"
عندما قالت ريان هذا رفعت السيدة نرجس رأسها و نظرت لها. في تلك اللحظة فوتت ريان أهم تفصيلة و قالت ذلك السر الكبير:
"ميران سيعرف أن أحمد كارامان ليس والده، بل هازار شانوغلو"
قالت ريان هذا ثم أخذت حقيبتها و معطفها و كانت تهم بالخروج و تمسك نفسها بصعوبة كي لا تبكي. و لكن عندما سمعت ذلك الضجيج توقفت في مكانها و إلتفتت وراءها: السيدة نرجس فقدت وعيها و كانت مرمية على الأرض و غارقة في دموعها... ريان نسيت كل غضبها و ركضت نحو المرأة، أمسكت برأسها و كانت خائفة جدا، ليس هناك أحد غيرهما في المنزل. على الأقل هذا ما تظنه ريان، غير مدركة أن أحد أعدائها سمع كل ما قالته بالحرف، أكثر شخص غير مناسب قد عرف هذا السر. ريان لا تعرف أنها تركت روحها في الخطر.... يتتبع...

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن