الحلقة 38 - وُلِدَتْ الشمس

10K 142 10
                                    


أحيانا لا ينفع مهما فعلنا، يبقى الإنسان هكذا مكتوف اليدين و كأنه ينتظر أجله، الآن صمتت كل الألسنة...
لقد مرت ساعة على هذا الإنتظار القاتل تحت هذا العذاب الذي لا ينتهي، إنه الآن داخل كابوس مرعب يحاوطه من كل جهة، ميران لم يرى في حياته سوى الكوابيس، كانت حياته عبارة عن ظلام قبل أن يعرف ريان، تغيرت حياته يوم وقع في حب ريان و لكن الآن كل شيء عاد إلى البداية... ميران وحيد مجددا بين يدي كابوس قاتل، عاجز و يتخبط في ألم. كيف يمكن أن يكون بدون ريان؟ قبل ساعة من الآن صرخة ريان هزت كل ماردين و أرعبت الجميع، عندما سمع ميران صوت ريان لم يستطع التحرك من مكانه و أصبح جسده أسيرا لخوفه. كان ينظر هكذا إلى زوجته التي وقعت على الأرض و تصرخ من شدة ألمها، هذا وضع لم يكن ميران يتخيله لذلك بقي في حالة ذهول هكذا.
وقع في همه مع آزاد، أرادا أن يخرجا غضبهما من بعض و لكن لم يستطعا التفكير أن هذا سيتسبب في الأذى لريان...
عندما ركضت السيدة زهرة و السيدة دلال و السيد جيهان إلى جانب ريان الملقاة على الأرض حينها أفاق ميران من صدمته و ركض إلى عند زوجته. لأول مرة يحدث شيء كهذا لريان، صدمته أفقدته القدرة على التفكير، إرتجفت قدماه و لم يعرف ماذا يفعل و الحال أنه لم يخطر على باله أبدا أنه قد حان موعد الولادة، مازال مبكرا جدا، ليس وقتها الآن.
عندما ذهبوا إلى المستشفى في قلق و خوف، صرخات ريان كانت تؤلم قلب الجميع و خاصة ميران. كان قد جلس مع زوجته يحضنها في المقعد الخلفي للسيارة، أمها تجلس في المقعد الأمامي و بديرهان يقود السيارة. السيد هازار و السيد جيهان و السيدة دلال و هافين وراءهم في السيارة الأخرى أما آزاد فقد بقي في البيت، حتى أنه لم يتحرك من مكانه، بقي يشاهد هكذا ما حدث. هو ليس لديه مكان في هذه اللوحة، لأن كل من تحتاجهم ريان بجانبها الآن، آزاد ليس سوى مجرد زيادة عدد. هذا مؤلم و لكن هذه هي الحقيقة.
أصوات صراخهم أمام باب الطوارئ جمع كل موظفين المستشفى حولهم و أخذوا ريان فورا إلى غرفة المعاينة. عندما كانوا ينتظرون أمام الباب في قلق خرج الطبيب و قال شيئا لم يتوقعه ميران أبدا:
"لقد بدأت الولادة"
أصبح ميران و كأنه تلقى رصاصة في رأسه، ريان مازالت حامل في الشهر السابع، لم يكن يعلم أن هناك خطورة بأن تخوض ولادة مبكرة. عندما كان ينظر إلى ما حوله في ذهول إقتربت منه هافين و قالت له أن ريان أُصيبت بمغص كهذا منذ بضعة أيام، حينها إنهار ميران على الأرض. في ذلك اليوم كان قد قال لريان: لا تأتي... كيف له أن يعلم أن هذا ما سيحدث؟ الآن هو يحس نفسه مذنبا على كل ما حدث، و إذا حدث شيء سيء للطفلة أو لريان لن يسامح نفسه أبدا، سيموت.
لم يستطع الرجل الشاب البقاء في مكانه، جدران المستشفى كانت مثل السجن بالنسبة له. بينما كان الجميع ينتظر في قلق أمام غرفة العمليات كان هو يذهب و يأتي في الممر، كلما سمع صرخات ريان كان يمسك نفسه بصعوبة كي لا يدخل إلى جانبها. لقد مرت ساعة كاملة، كم سينتظر أكثر؟ هذه المدة كانت طويلة جدا عليه و كأن جسده يتمزق، ليس لديه طاقة لينتظر أكثر. عندما تعب من المشي إستند على الحائط مجددا و أغمض عينيه، أخذ نفسا عميقا و حاول أن يهدأ و لكن هذا غير ممكن. بينما ريان تتلوى من الألم في الداخل بسببه، هو يتمنى أن يموت الآن.
"هل تريد ماء؟"
عندما سمع ميران صوت هافين فتح عينيه و نظر لها ثم هز رأسه بمعنى لا أريد. إذا لزم الأمر لن يتنفس حتى طالما لم تخرج ريان و طفلته بخير من الداخل.
"لماذا لم تقل لي؟... أنها تألمت و أصابها مغص... لماذا لم تقل لي؟"
سأل ميران هذا فجأة، هذا الإحتمال يأكل داخله، و كأنه لا يكفي ما تسبب به اليوم، هو كان سببا أيضا في تألمها ذلك اليوم حين قال لها لا تأتي... في تلك اللحظة إمتلأت عينا هافين بالدموع، هي أيضا غاضبة من نفسها لأنها لم تخبر أحدا عن إحتمال الولادة المبكرة:
"لم تكن تعلم أن هذا ما سيحدث... لم أكن أعلم"
أساسا لا أحد يريد أن يحدث هذا، لا ميران ولا غيره... و لكن حدث. العواقب تجدهما دائما و أكثر من يحس نفسه مذنب يكون ميران دائما. عندما إبتعد عن الجدار الذي كان يستند عليه تسربت دمعة من عينه، عندما مسح هذه الدمعة بأصابعه بسرعة لاحظ أن الجميع كان ينظر له، السيدة زهرة، السيد جيهان و زوجته... و الأسوأ من هذا الرجل الذي يكون والده كان ينظر له أيضا. ربما الجميع يستغرب هذه الحقيقة و يجب أن يكون لديهم أسئلة كثيرة، لقد عرفوا كل شيء. و لكن هم السيدة زهرة الآن ليس أن ميران إبن زوجها هازار بل هي تفكر في إبنتها و حسب و تبكي من أجلها.
كم هذا غريب، إنه يتنفس الآن نفس الهواء مع الرجل الذي لا يتحمل رؤية وجهه ولو لثانية حتى، ينتظر معه نفس الإنتظار. هذه الحياة تجعلك تبتلع كل ما قلت عنه مستحيل و كأنه سم ثم تضرب الحقائق على وجهك مثل الصفعة... أدار ميران ظهره و إبتعد عدة خطوات عن أولئك الناس، لم يكن يريد أن يبقى بجانبهم، ليس بسبب غروره أو كبريائه بل بسبب ضعفه. هو الآن في ضيق لدرجة أنه لا يستطيع أن يعاند الرجل الذي أمامه، الألم الغريب الذي يحرق قلبه جعله يحس نفسه وحيدا وسط كل هؤلاء الناس... ميران لا يريد أن تدفع إبنته البريئة ثمن ذنوبه، ليحترق هو و ليبكي هو مجددا، إذا لزم الأمر لا تنظر ريان إلى وجهه مجددا و لكن يكفي أن لا يحدث لهما شيء... عندما أحس بيد تلمس كتفه إنتفض في مكانه و كأنه هناك زلزال في قلبه، لأنه يعرف من يكون هذا الشخص، هذا الأصعب، لم يستطع أن يبعده و هذا أسوأ من الموت... أغمض ميران عينيه بإحكام و ضغط على شفتيه، ليس لديه القوة لمعاندة هذا الرجل، لم يكن يريد أن يضربه هكذا في لحظة ضعفه، لا ليقتل حقده، لا ليطفأ كرهه له.
"ستكونان بخير، لا تقلق... يكفي أن تبقى صامدا، إياك أن تنحني"
كان هازار شانوغلو يتكلم بكل هدوء و لكن ميران لم يعطي أي ردة فعل، ثم إبتسم في توتر و أدار ظهره و نظر إلى عيني الرجل الذي عرفه عدوا لسنوات و قال و كأنه يسخر من كلامه:
"أنا لست بحاجة إلى هذه الكلمات يا سيد هازار... أنت إذهب و واسي زوجتك"
نظر السيد هازار إلى زوجته و إكتفى بهز رأسه، هو يعلم أنه لن يستطيع التكلم مع ميران طالما لم يتقبله كأب له، و لكن هناك حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها: كلما نظر إلى عيني إبنه كان هو يحاول التهرب منه بإبعاد عينيه الزرقاء. تلك النظرات كانت تأخذ الرجل الجريح إلى ما قبل عدة سنوات، إلى ال28 عاما التي خسرهم ثم قال:
"المسافات التي تضعها بيننا لا تجرحني... أنا أساسا خاسر منذ سنوات"
ميران أنزل عينيه إلى الأسفل و نظر إلى هاتفه الذي أخرجه من جيبه، على أساس أنه لا يستمع إلى الرجل الذي يهذي بجانبه و يلتهي بشيء آخر و لكن هذا ليس صحيح... في تلك اللحظة فعل شيئا سيُغضب ميران كثيرا، رفع إصبعه إلى الهواء ثم ضغط به على صدر إبنه و قال:
"أنت لست رجلا عديم الرحمة يا بني..."
رفع ميران عينيه من الأرض في حالة ذهول، أولا نظر إلى يد والده التي كانت على صدره ثم نظر إلى عينيه. كانت عينا ميران مليئة بالغضب و لكن هذا غضب وحدته و يُتْمِه منذ الصغر، و هو يعرف أن كلمات هذا الرجل ستكون نهايته.
"كيف تستطيع أن تُسمِع قلبك الكلام؟"
أدار ميران ظهره و إبتعد دون أن يقول شيئا و لكن كأن كلمات والده ستبقى في عقله. هو يريد أن يبكي الآن في مكان لا يراه فيه أحد... نادى ميران هافين إليه فذهبت إلى جانبه راكضة. أخرج بطاقته من جيبه و أعطاها لها و قال:
"أنا سأخرج إلى الخارج قليلا يا هافين، هنا مكتوب رقم هاتفي. إذا حدث شيء إتصلي بي فورا، أساسا سأكون أمام الباب"
عندما حبست هافين بطاقته في يدها، أدار ميران ظهره و بدأ يبتعد، لم تتحمل هافين و قالت:
"توقف لحظة"
ثم ذهبت إليه و أخرجت ورقة مطوية على أربعة من جيبها و أعطتها لميران.
"ما هذه؟"
بينما كان ميران ينظر إلى الورقة التي في يده إبتسمت هافين بألم ثم قالت:
"هذه لريان... كانت قد أوقعتها في غرفة الجلوس. كنت سأعطيها لها و لكنها من نصيبك أنت"
هز ميران رأسه ثم إبتعد من هناك و رمى بنفسه خارج المستشفى، جلس على مقعد فارغ ثم فتح الورقة التي أعطتها له هافين و بدأ يقرأ ما كتبته ريان:
"حبيبي... عشت الكثير من الأوقات و أنا أظن أن الفرحة عدوة لي. أحيانا الحياة التي تضرب على وجهي حقيقة أنني يتيمة الأب بلا رحمة، أحيانآ عندما أحس بقلة الحب و بغياب الأب الذي يداعب شعري، و أحيانا عندما لا أستطيع شرح همي لأحد و أرمي بنفسي على قبر رجل لم أعرفه أبدا... كل هذا حرق روحي كثيرا و لكن لم يكن أي منهم مؤلم بقدر تلك اللحظة التي أدرت لي ظهرك فيها و ذهبت، لم يحرقني شيء بقدر ذلك اليوم الذي صرخت فيه في وجهي بأن كل ما عشناه كان مجرد لعبة... و أنا اليوم فهمت مرة أخرى أنك أنت صاحب معظم جروح عمري التي لا تُعد... ربما أنا لست ليلى و أنت لست المجنون، أنت لم تبحث عني في الصحاري الخالية و لكن أنا إنتظرت دائما. إنتظرتك مثلما إنتظرت زليخة سيدنا يوسف. أحببتك مثلما أحبت برايا ناظم الذي خانها.
زهرة الثالوث خاصتي... ألم قلبي... الرجل الذي ترك النار في قلبي... الساعة الآن 3:45 النوم لا يأتي إلى عيني في هذه الساعات و غيابك يؤلمني. و الحال أنني أحبك كثيرا لدرجة أن لا أقول لك همي، لأنك الرجل الوحيد الذي كان مينائي الذي أرسيت فيه قلبي، لأنك الرجل الوحيد الذي طارت كل أحزاني كالعصفور عندما تمسكت بقلبه، لأنك الصباح المنير الذي وصلت له بعد ليالي مظلمة.
أنا جالسة الآن على حافة الشباك أشاهد السماء و إسمك يحرق لساني، و هناك دموعي طبعا. لو لم تكن دموعي كيف كنت سأتحمل غيابك؟ الدقائق تلاحق بعضها، تقوم بداخلي العواصف بدونك و لكنني هادئة مثل قرية تم تركها. من يريد أن يكون تعيسا؟ القدر لا يعامل جميع الناس بعدل، الحزن يكون مثل وحمة ولادة في حياة بعض الناس يا حبيبي. ثم أتذكر أن حتى حزني هو أنت و أفكر، كيف تكون الحياة بدونك؟
يقولون أن لكل عشق ولادة و موت، أي عشق يكون خالد؟ كل نفس ستتذوق تلك النهاية، كل قلب سيتألم و يتمزق بتلك النظرة الأخيرة. هل يمكنني أن أنساك في يوم من الايام؟ ماذا لو لم يضيق قلبي كلما تذكرت إسمك مثل السابق؟ ماذا لو نسيت يديك و صوتك الذي يجعل داخلي يرتجف؟
هذه الفكرة مرعبة يا حبيبي، مرعبة كثيرا... هل أنا كنت ضعيفة جدا أم الحياة لم تكن عادلة؟ لماذا حملتني هموما ثقيلة لا أستطيع حملها على ظهري؟ هل كانت الهموم كبيرة أم أنا كنت صغيرة جدا؟... أواسي نفسي و أنا أبتسم، هل ترى؟ ثم أقول بداخلي سيمضي و الحال أن لا شيء يمضي. أنا سأنتهي و لكن الآلام لا تنتهي. في غيابك لا يوجد أحد ليواسيني، هل ترى هذا؟"
****
طوى ميران الرسالة التي حولت قلبه إلى مكان حريق و حبسها داخل يده. يريد أن يصرخ و لكن ليس لديه القوة ليفتح شفتيه، هو يتألم لدرجة... إنحنى إلى الأمام و سند رأسه على يده ثم قال باكيا:
"أنا لم أستحقكِ أبدا"
بعد يومين...
الساعات فقط هي التي تمر في هذه الحياة الظالمة، لقد توقف الزمن بالنسبة لريان و لم يبقى أي أهمية للنفس الذي تتنفسه و لحياتها. لأن قلبها وقع في هم روح أغلى من روحها، لم تستطع حمايتها، لم تهتم بها كما يجب و الحياة الآن تمتحنها بألم روحها التي جاءت إلى الدنيا قبل وقتها.
لم تستطع أن تشرح لميران أن العداوة لا تنفع أحدا بشيء و أنه لا يمكن الوصول إلى أي شيء بالشجار. حتى لو شرحت له هذا هو لم يفهم.
"هذا الإنتظار... يقتلني"
الحياة أعطتهما إنتظار غير واضح متى سينتهي، هناك عدة أبعاد للألم و لكن بالنسبة لريان هذا هو الأسوأ. الآن عندما تضع يدها على بطنها لا يوجد بداخلها روح تحس بها، داخلها فارغ و محطم... هذه المرة هي لا تتألم من أجل نفسها أو من أجل أحد آخر بل من أجل روح خرجت من روحها.
وضعت يدها على الزجاج، هي تتخبط كي تستطيع لمس إبنتها التي يفصلها عنها الزجاج و لكن لا يسمحون لها برؤيتها. جسدها الصغير يجادل داخل الحضانة كي تبقى على قيد الحياة. ترى هل تحس هذه الصغيرة بأمها التي تتألم كي تستطيع لمسها؟ هل تحس بأبيها الذي يموت من الندم لأنه لم يستطع أن يمنع كل هذا؟
"روحي تتألم..."
قالت ريان هذا ثم أغلقت عينيها و نزلت دمعة أخرى على وجنتها، ثم رفعت رأسها و نظرت إلى عيني الرجل الذي بجانبها و قالت:
"لم أستطع أن ألمسها ولو لمرة واحدة... مثلا كيف هي رائحتها؟... لا أعرف أبدا"
لم يمر سوى يومان على الولادة التي لم تكن منتظَرة، كان قد أصابها ألم لم تتعرف عليه من قبل، أحضروها إلى المستشفى دون أن تفهم ما حدث ثم أدخلوها إلى غرفة الولادة. لقد خافت كثيرا و أحست نفسها وحيدة رغم كل من حولها. لا وجود ميران و لا كلمات أمها... لا شيء منها إستطاع أن يطفئ النار بداخل ريان، ما بعد ذلك معروف، أخذوا إبنتها و كأنهم ينتزعون روحها، لم تسمع بكاءها و لم ترى وجهها حتى.
كان الأطباء قد قالوا لهم بأن هناك إحتمال أن يفقدوا الطفلة لأن نموها لم يكتمل في بطن أمها. أثناء قولهم ذلك الكلام القاتل، ألم يفكروا بحالة ريان أبدا؟ إفادة وجه الطبيب الذي قال هذا حُفِرت في عقل ريان، كلما تذكرته تغضب كثيرا رغم أنه ليس مذنب في هذا... نظرت إلى طفلتها مجددا و قالت بصوت ضعيف:
"وقف أمامي و يقول لي يمكن أن تموت... قل لي إذا حدث لها شيء كيف سأعيش؟"
ضغط ميران على يديه بشدة، إنه يحارب كي لا ينهار. كلما رأى عيني ريان الحزينة يتمنى الموت، ألا تنظر له و كأنها تلومه، ميران لا يستطيع التنفس حتى... وضع يده على كتف ريان و حضنها ثم قال:
"لن يحدث لها شيء... يجب أن نبقى صبورين، سننتظر ثم سنأخذ إبنتنا و نذهب من هنا"
الكلمات التي يقولها كانت تؤلم روحه لأنه يخاف أن يكون الظالم مجددا في نهاية هذا الطريق. إذا حدث شيء لإبنته سيفقد كل ما يملكه، سيكون قد أنهى ريان و في النهاية سيفقد عقله بلا شك. منذ يومين لا يوجد سوى دعاء واحد على لسانه:
"إحفظها لنا يا الله"
هما يشاهدان إبنتهما الصغيرة منذ يومين خلف هذا الزجاج، كلاهما مدمر أكثر من الآخر، كم سيدوم هذا الإنتظار؟ لا أحد يعلم. هل سيتمسك ذلك الجسد الصغير بالحياة؟ بعض الأطفال الذين يولدون قبل وقتهم يفقدون حياتهم في هذه الفترة. و الذين يعيشون، يبقون لأسابيع أو حتى لمدة أطول في العناية المركزة... الأطباء لم يعطوهما فترة معينة لكن قالوا بأن الوضع الصحي للطفلة جيد و لكن من الممكن أن يحدث أي شيء فجأة.
ميران أراد أن يواسي ريان و لكن لم يجد أي كلمة ليقولها، لا يوجد أي كلمة بإمكانها أن تحسن من حال ريان. الشيء الوحيد الذي سيضحك وجهها هو تمسك إبنتها بالحياة، بالنسبة لميران أيضا هكذا. من سيواسيه بينما يحس بالذنب هكذا؟
أنزل يده إلى خصر زوجته و كان ينظر إلى طفلته التي تنام في الحضانة... قوة الإنسان لا تكفي لكل شيء، أحيانا يتجاوز الجبال و البحار ثم تتعثر قدمه في حجرة صغيرة، ميران يحس و كأنه أطلق رصاصة في قلبه بيديه.
ليس هما فقط بل من في القصر أيضا في حالة مزرية، يأتون إلى المستشفى كثيرا و يحاولون البقاء بجانب ريان حتى أنهم حاولوا إقناعها بالذهاب إلى البيت لأن الإنتظار وراء هذا الزجاج لا ينفع بشيء سوى تعذيبهما... حتى الأطباء قالوا لهما أن يذهبا إلى البيت على الأقل في اليل، ريان قامت بالولادة قبل يومين و جسدها ضعيف جدا. بينما كانت تمشي في أروقة المستشفى أحست بالإغماء عدة مرات، من حسن الحظ أن ميران لا يبتعد من جانبها أبدا، و لكن ريان لا تسمع الكلام، كيف لها أن تسمع؟ حنان الأم إلتصق بروحها، إبنتها هنا، كيف ستذهب؟
"يجب أن تخرجا إلى الخارج"
قالت الممرضة هذا ثم إبتعدت. يسمحون لهم بالدخول في أوقات معينة فقط، و باقي اليوم ينتظران في الخارج مثل جميع الأزواج الذين في نفس الحالة.
"هيا لنخرج يا ريان"
أمسك ميران يد ريان و خطى خطوة نحو باب الخروج و لكن عندما لاحظ أن ريان لا تتحرك، توقف و إلتفت لينظر لها. إنها لا تفرق عينيها الحزينتين عن إبنتها التي وراء الزجاج. سحب ميران يد ريان نحوه حتى تحركت من مكانها ثم خرجا من العناية المركزة... هما ليسا وحيدان هنا، هناك عائلات كثيرة تقاسمهما نفس الألم. هناك من كانوا ضحايا ولادة مبكرة مثلما و هناك من وُلِد أطفالهم بأمراض خطيرة. و لكن أحيانا تحدث أشياء تضحك وجهيهما و تبعث الأمل في داخلهما عندما يروا أزواجا يأخذون أطفالهم بعد أن تعافوا و يغادرون المستشفى، كان ميران و ريان يفرحان معهم.
فُتِحت أبواب وحدة العناية المركزة و دخل الأطباء في توتر، عندما رأى ميران و ريان هذا توقفا فورا. لابد أنه قد حدث شيء لأحد الأطفال، حتى من الممكن أن تكون طفلتهما. عندما ركضت ريان مسرعة نحو الباب أمسكها ميران من ذراعها و أوقفها، أساسا لقد أغلقوا الأبواب فورا. ترى ماذا حدث؟ أحست ريان و كأنها ستفقد عقلها وهي تنظر إلى هذا الباب الذي أُغلِق في وجهها... أشارت إلى الباب بإصبعها ثم نظرت إلى ميران قائلة:
"ميران... ميران... لقد حدث شيء سيء"
سحبت ذراعها من يد ميران ثم بدأت تضرب الباب و تصرخ:
"إفتحوا الباب... إفتحوا"
مهما حاول ميران إيقافها لم تكفي قوته لذلك، لقد جن جنونها. إنه يحاول التصرف بحذر كي لا تتألم ريان أكثر ثم صرخ:
"عودي إلى وعيك يا ريان... إهدئي"
"التي في الداخل هي إبنتي و روحي، كيف لي أن أهدأ؟"
قالت ريان هذا لميران وهي تنظر له بحدّة، غير معروف ما يحدث في الداخل و ميران يطلب منها أن تهدأ... هذا مستحيل.
ميران لا يتحمل أكثر نظراتها الحادة له و كأنه ليس حزينا و لا يتألم بسبب هذا:
"هل هي إبنتكِ أنتِ فقط؟ إنها إبنتي... أنا أيضا في حالة مزرية، ألا ترين هذا؟"
إقناع ريان أصعب من المستحيل، إنها لا تسمعه. مازالت تضرب الباب، تبكي و تتوسل قائلة:
"إفتحوا الباب أرجوكم، ليقل أحدكم شيئا"
إبتعد ميران عن ريان بعدة خطوات في عجز، مهما فعل لن يستطيع إقناعها. أغلق وجهه بيديه و أخذ نفسا، ترى متى سينتهي هذا العذاب؟ هل سيضحكان مجددا مثل السابق؟
"لا تموت يا ميران... لا تموت إبنتي أرجوكم"
سحبت ريان يدها من الباب و لم تبقى لديها طاقة في جسدها، عندما كانت ستقع على الأرض لحق بها ميران و أمسكها.
"أنا أريد أن أشتم رائحتها، لا رائحة التراب"
ميران لأول يحس نفسه عاجزا هكذا، لم يبقى أي شيء يمكن أن يفعله. ريان تربط يديه و قدميه بتصرفها هذا، لم يستطع قول شيء، لسانه لا يطاوعه. هذه المرة لا يريد العودة بالزمن إلى الوراء بل يتمنى أن يتقدم بالزمن إلى الأمام و يخرجوا ثلاثة أشخاص من هذا المستشفى الذي دخلا له كشخصين، و لكن لا يستطيع فعل هذا.
"لا تفعلي هذا يا ريان..."
تكلم ميران و كأنه يتوسل إليها بصوته العاجز، لا يحب أبدا أن يراها حزينة هكذا. بينما الضحك هو ما يليق بوجهها فإن ريان تبكي دائما و هذا ثقيل جدا على رجولته. ميران تقبل هذا، هو لم يُضحِك وجه ريان بشكل جيد أبدا، كلما خطى خطوة من أجل هذا تضع الحياة أمامه العديد من المصاعب.
أغمضت ريان عينيها بإحكام و كانت الدموع تتسرب على وجنتيها و تقول:
"لم أشم رائحتها، لم أحبها، أرجوك لا تموت إبنتي..."
عانق ميران زوجته بقوة بين ذراعيه ثم أمسكها من كتفيها ليرفعها عن الأرض. عندما فُتِح الباب فجأة تمالكت ريان نفسها بسرعة، إبتعدت عن ذراعي ميران و قطعت طريق الطبيب، كان قلبها و كأنه سيخرج من مكانه من خوفها الشديد:
"ماذا حدث؟ ماذا فعلتم في الداخل؟ هل إبنتي بخير؟"
كانت ريان تسأل دون أن تأخذ نفسا، الطبيب يفهم حالها و لكن تصرفها هذا يضرها فقط. نظر لها و قال:
"لا يوجد ما يدعو للخوف، إبنتكما بخير جدا"
أخذت ريان نفسا عميقا و وضعت يدها المرتجفة على جبينها، رُسِمت إبتسامة خفيفة على وجهها و ميران أيضا تنفس براحة. و لكن الطبيب بقي ينظر لهما و كأنه يتردد في قول شيء ما. هذا الوضع أقلقهما، عبس وجه ميران و قال:
"هل هناك مشكلة؟"
هز الطبيب رأسه بمعنى لا ثم قال:
"لا، لا يوجد شيء كهذا... المشكلة هي حالتكما"
نظر الطبيب إلى ريان أولا ثم إلى ميران، كلاهما شابان جدا، مازالا مبتدآن. حماسهما هذا لأنهما لأول مرة يصبحان أبا و أما. هما عديما التجربة و خائفان، الطبيب يفهم هذا الوضع جيدا و لكن بقاؤهما ليلا و نهارا في الرواق لا ينفع أحدا.
"لقد تأخر الوقت، إذهبا إلى بيتكما رجاءا. أساسا أنتما هنا في النهار، بقاؤكما في الليل أيضا لا يساعدنا ولا يساعد إبنتكما في أي شيء. لا تفعلان أي شيء سوى إيذاء نفسكما، و أيضا لا يوجد ما تقلقان حوله، الممرضات يعتنون بالأطفال طول الوقت، عيوننا عليهم دائما. إبنتكما في أيدي أمينة"
الطبيب كان محقا في كل ماقاله، بعد الولادة لم تنم ريان سوى يوم واحد، في اليوم الموالي نهضت فورا. بدل أن ترتاح هي تتجول مثل المجنونة و لا تنفصل عن باب العناية المركزة. لا تستمع لأمها ولا لميران، غير ذلك السيدة زهرة أيضا لا تغادر المستشفى بسبب ريان، إنها تجعل الجميع في حالة مزرية معها. و لكنها الآن تعطي الحق للطبيب، أساسا هي لا تستطيع حتى الإقتراب من إبنتها، على الأقل لن تدمر نفسها بإحتمال أن تلمسها وراء هذا الباب... إنها متعبة لدرجة أنها لأول مرة تريد الذهاب برغبتها من هنا. بعد أن ذهب الطبيب نظرت إلى ميران و الإستسلام في عينيها. حبس الرجل الشاب وجه زوجته الحزين بين يديه و قال:
"لنذهب، أنا أعرف فندقا قريب من هنا"
إبتعدت ريان بخطوات ثقيلة عن العناية المركزة، نزلا بالمصعد إلى طابق الكفتيريا. السيدة زهرة، بديرهان، آردا و أليف جميعهم جالسون على الطاولة و ينتظرون نفس الإنتظار.
آردا الذي تلقى خبر ولادة ريان المبكرة سافر فورا إلى ماردين، أليف أيضا جاءت معه. لديها إمتحانات آخر الأسبوع و لكنها لا تهتم حتى... عندما إقترب ميران و ريان من الطاولة بقي بديرهان ينظر له، في الواقع هو لم يتكلم مع ميران أبدا منذ أن عرف الحقيقة، لم يتقبل بعد أنه يحمل نفس دم هذا الرجل و أنه أخوه الكبير. هذه الحقيقة غريبة و صعبة بالنسبة له أيضا. و الأكثر غرابة أنه لم يعد يحمل غضبا تجاه ميران.
سحب آردا الكرسي لميران كي يجلس لكنه بقي واقفا مع ريان و قال:
"نحن ذاهبان، أنتم أيضا إنهضوا هيا"
قالت السيدة زهرة:
"إلى أين؟"
"لا يوجد معنى لبقائنا هنا يا أمي. أنا تقبلت هذا، هذا الإنتظار سيستمر لأسابيع"
"إنتظار جميل... إياكِ أن تفقدي أملكِ. ستكون بخير، ستكبر إبنتنا"
قالت السيدة زهرة هذا و هي تبتسم، هذه المرأة تفكر بالجيد دائما و لا تفكر بعكس ذلك
"إن شاء الله يا أمي"
عندما رأى ميران الدمعة التي نزلت من عين ريان أدار ظهره، هو لا يتحمل أكثر. لا يتحمل أن يراها تبكي دائما.
نهض آردا و بديرهان و أليف أيضا من الطاولة، هذه آخر ليلة تمضيها في ماردين، غدا سترى ريان لآخر مرة و تعود إلى إسطنبول مجبرة. آردا أيضا مضطر على العودة، لا يمكنه أن يترك مكانه في الشركة فارغا بينما السيد وحيد يشك بهم و يبحث عن أي ثغرة لميران.
خرجوا جميعا من المستشفى و إتجهوا نحو السيارات، السيدة زهرة تعرف أن ميران و ريان لن يذهبا إلى القصر و لكن عرضت عليهما هذا بأمل صغير:
"ليتكما تأتيان إلى القصر..."
في تلك اللحظة إلتقت عينا ميران ببديرهان فهرّب عينيه فورا، بديرهان أيضا فعل هذا. كلاهما في حال غريبة، يريدان التحدث و لكن لا يعرفان من أين سيبدآن بالكلام، لم يتقبلا بعد بأنهما أخوين... كل شيء صعب لدرجة.
عندما نظرت ريان إلى وجه ميران رأت على وجهه علامات الرفض التام الذهاب إلى القصر، هو لا يذهب أبدا إلى هناك و أساسا ريان ليس لديها القوة لهذا.
"نحن سنبقى في فندق قريب من هنا"
عندما قالت ريان هذا هزت السيدة زهرة رأسها بالموافقة، من الواضح أن الجميع يمضي وقتا سيئا، لا معنى للإصرار أكثر.
"نلتقي غدا يا إبنتي الجميلة"
آردا أيضا سيذهب مع ميران و ريان و يمضي ليلته الأخيرة في الفندق كي يعود غدا إلى إسطنبول. بديرهان لم يقل شيئا و ذهب إلى السيارة و خلفه والدته و أليف، سيوصلها إلى بيت خالته ثم سيذهب إلى القصر.
عندما ذهب ميران و ريان إلى سيارته المستأجرة كان آردا يمشي خلفهما بخطى ثقيلة، لأن عقله كان معها. إنه يفكر بأليف كثيرا حتى أنه أصبح يراها في أحلامه. ماذا يحدث له؟ لماذا يود رؤيتها دائما؟ أم أنه هو أيضا وقع في النار التي وقع فيها ميران؟ النار التي يسمونها العشق... قبل أن يركب السيارة أدار ظهره و نظر للمرة الأخيرة و كان قلبه سيخرج من مكانه، لأن تلك الفتاة الجميلة كانت تنظر له هي أيضا....
فور دخولهما إلى غرفة الفندق نزعت ريان ثيابها التي تفوح برائحة المستشفى و رمت بنفسها في غرفة الإستحمام. لم تنظر حتى إلى وجه ميران ولم تكلمه كلمة واحدة، هي تتهرب منه نوعا ما، و لكن الرجل الذي تهرب منه مدرك لكل هذا. ميران مستلقي منذ ساعة تقريبا على الأريكة و يتصارع مع إحساسه بالذنب الذي يخنقه، و لا يبعد عينيه عن باب الحمام الذي لا يُفتَح... لم يتحمل مجددا و نهض من الأريكة ثم وقف أمام باب الحمام الذي لم يُفتح منذ ساعة، عندما رفع يده ليطرق الباب فتحت ريان و وجدته أمامها. أبعدت عينيها عن ميران و بدأت تجفف شعرها بالمنشفة.
هي غاضبة منه، و لا تستطيع التحكم في هذا الغضب. إن كانوا في الوضع اليوم فميران هو السبب في ذلك، عداوته التي لا تعرف الإنتهاء و غضبه الذي لا يهدأ. هي تقطع عليه فاتورة تألمها ذلك اليوم و ولادتها المبكرة بسبب الشجار الذي إفتعله. لو لم يتشاجر ميران لم تكن ريان لتتألم، لو لم يصر ميران على الذهاب لم تكن لتلد ريان قبل وقتها.
مرة واحدة فقط، منذ أن دخل حياتها لمرة واحدة أرادت أن تأخذ قرار بنفسها، ميران جعلها تندم ألف مرة على قرارها عندما قالت أنها لن تذهب معه. هل هي عديمة القيمة لهذه الدرجة في عينه؟ أليس هناك أي أهمية لقراراتها في هذا الزواج؟
عندما جاءت إلى عقلها فكرة الزواج إرتسمت إبتسامة ساخرة على شفتيها، هي لم تتزوج ميران حتى الآن. هي تعيش مع رجل لا تحمل إسمه وهو رسميا مازال زوج إمرأة أخرى... ذهب ميران خلفها و أمسكها من ذراعها ليوقفها و قال:
"ريان..."
أغمضت ريان عينيها، هي تريد أن يتركها و شأنها، و إلا ما ستقوله لن يكون جيدا أبدا. ريان تريد أن تنام و تستيقظ صباحا لتذهب إلى المستشفى مجددا.
"أنتِ تلومينني أليس كذلك؟"
ميران رجل ذكي و صريح، على الأقل هو مدرك لما تسبب به و يعترف بذنبه. بينما ميران مازال يمسك ذراعها إلتفتت ريان و نظرت له بفراغ ثم قالت:
"أترك ذراعي، سأجفف شعري و أنام"
ميران لم يترك ذراعها بل أمسك ذراعها الأخرى أيضا، في تلك اللحظة وقعت المنشفة التي كانت على رأس ريان و إنسدل شعرها على كتفيها. رائحة شعر حبيبته ملأت أنفه فدفن رأسه بين خصلات شعرها لا إرادياً و قال:
"أنتِ تلومنني، أنا أعرف هذا... أنا أموت يا ريان، أموت"
ضغطت ريان بأسنانها على شفتيها، هذا صعب جدا. لم تعد كيف ستتصرف مع هذا الرجل الذي يجرحها بعمق ثم يعود لمعانقتها من المكان الذي تركه ينزف... أغمضت عينيها و صرخت:
"مرة واحدة... لمرة واحدة فقط أردت أن لا تعارضني، أردت أن تحترم قراري و لكن أنت خربت الدنيا عندما أدرت ظهري و ذهبت"
"أنا أعتذر... سامحيني"
أراد ميران أن يضرب رأسه على الحائط أثناء قوله لهذا الإعتذار الذي لا ينفع لشيء. هو حبس ريان تماما بين ذراعيه و لكنها تتخبط كي تبتعد عنه، لكن قوتها لا تكفي.
"لقد غرت عليكِ، غرت من آزاد"
عندما جاء الموضوع إلى آزاد أحست ريان و كأنها ستفقد عقلها، ممن و من ماذا يغار؟ آزاد هو إبن عم ريان، هو الرجل الذي كبرت معه لسنوات تحت نفس السقف مثل الإخوة، هو الرجل الذي تراه كأخ كبير لها. من أين تخرج هذه الغيرة؟
نفذ كل صبر ريان و إستجمعت كل قوتها ثم خلصت نفسها من يدي ميران و صرخت:
"ماذا يعني تغار من آزاد؟ أنت جُننت، أنت لست بخير"
ريان لا تستطيع أن تفهم، هم آزاد هو حماية ريان و حبه لها لا يتجاوز حب الأخ لأخته. حسنا ميران غاضب من والده و يعتبره عدوا، حسنا ماذا يريد من آزاد؟... صرخ ميران:
"نعم أنا لست بخير، كيف أسمح لكِ بالبقاء بجانبه رغم أنني أعرف بحبه لكِ؟ كيف أغض النظر عن هذا؟"
هذا الإعتراف الذي قاله فجأة تسبب في صدمة ريان، مالذي يهذي به ميران؟ من يحب من؟ ضحكت ضحكة هستيرية، لقد إنهارت كل أعصابها. غضب ميران بسبب هذه الحقيقة التي خرجت من فمه فجأة فضرب السرير بقدمه ثم إلتفت إلى ريان و قال:
"لا تضحكي، أنا جاد"
ربما هي لن تصدقه و لكن هذه هي الحقيقة، منذ أن رأى آزاد إستغرب من نظراته لريان و عداوته له، حينها فهم ما يحس به. هذا لا يهرب من عيني ميران أبدا. هذا هو سبب عدم تفاهمه الشديد مع آزاد. بما أنه قال هذا فلن يسكت بعد الآن، ضغط على أسنانه و قال:
"أنتِ ساذجة يا إبنتي، أنتِ عمياء لدرجة أن لا تفهمي نظرات الرجل الذي أمامكِ"
ريان الآن قد يغمى عليها من الصدمة، لا تريد تصديق ما يقوله ميران. لا، هذا غير ممكن، مستحيل... همست بهدوء:
"لا... هذه أوهامك أنت"
"أوهام ماذا يا ريان؟"
ميران مازال يصرخ، هو غاضب جدا الآن و معظم غضبه من آزاد. أخذ هاتفه من على الطاولة ثم وضعه بين يدي ريان و قال:
"أنتِ لا تصدقينني أليس كذلك؟... هيا إسألي آزاد، لنرى إن كان لديه الشجاعة لينكر هذا"
بقيت ريان تنظر للهاتف الذي في يدها، هي لن تتصل بأحد. أعطت الهاتف لميران مجددا ثم جلست على حافة السرير دون أن تقول شيء. هي تريد أن تصدق أن ميران يكذب و لكنها تعرفه جيدا، هو لا يكذب أبدا في موضوع كهذا.
غضب ميران لا يهدأ، رمى هاتفه بقوة إلى الطاولة و إتجه نحو النافذة، أما ريان فقد كانت صامتة، آزاد أيضا كسر غصنا منها. هل كانت هي وراء الحزن الذي كان في عينه دائما ولا تعرف سببه؟ ذهابه وراءها إلى إسطنبول و إفتعاله للمشاكل هل كان بسبب حبه لها؟ ريان كيف ستنظر مجددا إلى وجه آزاد؟
مرت عدة دقائق على هذا الصمت القاتل، كلاهما لم يفتحا فمهما بكلمة. الغرفة التي يتواجدان فيها في آخر طابق للفندق و كل جمال المدينة و الليل كان تحتهما. ريان تجلس على حافة السرير و ميران يسند رأسه على النافذة وهو يتخبط في عجزه. ماكان يجب أن يصرخ بالحقيقة التي يعرفها بخصوص آزاد كي يُسكت ريان، ما كان يجب أن يغار و يفتعل شجارا، ما كان يجب أن يتسبب في كل هذا.
ميران إرتكب العديد من الأخطاء و مازال يخطئ، هو لا يعرف إن كانت ستخمد العاصفة التي بداخله يوما ما، كل ما يعرفه أنه لا يحرق روح أحد عمدا. و لكن لا توجد أي حقيقة تكفي لإنقاذه. لو كان يعلم ذلك اليوم أنه سيكون سببا لريان و طفلته التي لم تولد بعد، هل كان سيفعل هذا؟ هو نادم و لكنه لا يستطيع قول هذا لأنه لا توجد أي كلمة ندم تجعله محقا.
هل يكره الإنسان نفسه؟ ميران يكره نفسه. ألا تدير ريان وجهها عنه؟ هو يتمنى الموت هنا الآن... إبتعد عن النافذة و إتجه عدة خطوات نحو ريان و هي لا تبدي أي ردة فعل، إنها تنظر إلى نفس المكان منذ عدة دقائق، حتى أن ميران يشك بأنها تتنفس. حتى عندما إنهار على ركبتيه و جلس على الأرض لم ينجح في لفت انتباه ريان، مازالت عيناها الذابلة تنظر شاردة إلى نفس النقطة... مسح ميران وجهه بكفيه و أخذ نفسا عميقا، لقد فكر كثيرا و لكن لم يجد حلا. ما سيقوله بعد قليل سيأخذ روحه إلى الإنتحار نوعا ما، هو متأكد الآن أنه لم يبقى لديه أي غصن ليتمسك به. قال بصوت ذابل:
"أنا لن أحدثكِ عن الربيع بعد الآن... لأنني فقدت كل أملي"
هل الحياة تمتحن صبره أم أنها تقيس قدرته على تحمل الألم؟ و الحال كم كانت لديه أحلام جميلة، ريان لم تكن لتلد بهذا الشكل، حياة إبنتهما لم تكن لتكون في خطر، ميران ماكان ليكون سببا في هذا... قال بصوت متقطع:
"كلما حاولت إصلاح بعض الأشياء أدمر كل شيء يا ريان. أنت محقة. ماذا أقول؟ أنتِ محقة حتى النهاية... أنا لا أعرف سوى الهدم و الكسر، لا أفلح إلا بإفساد كل شيء"
هو لم يعد ميران القديم، الرجل الذي كان يطلب عفوها عنه ليلا و نهارا عندما خدعها و الذي كان يفرش الورود تحت قدمي المرأة التي يحبها... لم تبقى لديه طاقة ليطلب العفو حتى، ليس لديه حال لإصلاح شيء. بعد أن تغير كل ما يؤمن به في ليلة واحدة لم تبقى لديه طاقة للعيش حتى.
"إذا حدث لها شيء..."
قال ميران هذا بصوت مختنق و كأن هناك عقدة في حلقه، تشكّل أمام عينيه خيال إبنته التي لم يشتم رائحتها و لم يرى وجهها إلا من بعيد خلف الزجاج. لا يمكن آن ينهار الإنسان أكثر من هكذا، لا يمكن أن  يؤذي نفسه بكلامه أكثر... قال ميران و هو يحس كأن قلبه يخرج من مكانه:
"اتركيني يا ريان... أنا رجل حقير لا أصلح لشيء... اتركيني و اذهبي"
عندما أبعدت ريان عينيها عن الفراغ الذي كانت تنظر له و إلتفتت إلى الرجل الذي يجلس تحت قدميها في حالة مزرية، تحطم قلبها على حالته، هذا ليس ميران الذي تعرفه، هو لا يتراجع و لا يفقد أمله أبدا، لا يدير وجهه عن ريان. ما هذا اللذي يقوله؟... ألا يعلم أن غضب ريان على لسانها فقط؟ ما في قلبها تجاهه لا يتغير أبدا.
وقفت ريان من حافة السرير و جلست مثل ميران تماما على الأرض، وضعت يدها على رقبته ثم سندت رأس الرجل الذي تحبه على كتفها. ليست هي فقط المنهارة، ميران أيضا ينتهي أمام عينها و هي لن تسمح بذلك، نزلت دمعة من عينها ثم قالت:
"أنت دوائي... أنت جرحي الوحيد الذي لا أريد أن أُشفى منه"
الرجل الذي يبكي أمامها بشدة بعد عدة أشهر، كانت تريد أن تنتزع من قلبه كل ما يجعله يتألم، لا تريده أن يفوح بالحزن، لا تريد أن تذبل ضحكته التي تجعل قلبها يرفرف، لا لتحترق روح حبيبها...
ريان ستستمر في كونها تلك المرأة الجريحة التي تفتح حربا على ميران في مكان ما في أعماقها، لن تسامح هذا الرجل بشكل كامل أبدا، لن تنسى ما فعله بها أبدا. ماهو معنى المسامحة؟ ربما هو تجاهل عيوب ذلك الشخص تماما و نسيان كل ما حدث. ماذا سيحدث إذا نسيت؟ عفو ريان عن ميران معناه إطفاء حريق ذلك العشق داخلها، تلك النار، ذلك الحريق الأول لن ينطفئ أبدا.
"كيف أتركك؟... كيف أتخلى عنك؟"
قالت ريان هذا ثم فعلت كما يفعل ميران لها دائما، حبست وجهه بين يديها، داعبت لحيته التي غرقت بين كفّيها بحنان. إرتجف قلبها حين رأت جفونه المبللة بدموع العجز. فكرت بإحتمال الحياة بدونه فإحترقت بشدة، جن جنونها، هذا الإحتمال يدمرها... ريان ترى الآن كيف يضغط على شفتيه و يحارب كي لا يبكي أكثر، هي ترى هذا و تموت. كيف يبكي رجل بحزن هكذا؟ كيف يبكي بشكل جميل هكذا و ينتزع قلبها من مكانه؟... وضعت ريان يدها على وجهه و مسحت دموعه بإصبعها و قالت:
"يا ألم قلبي... كيف أتخلى عنكَ؟"
ريان مندهشة كيف وصلا إلى هذه الحالة؟ متى إنزلق حبل الحياة من يديهما؟ متى وصلا إلى هذا الوضع؟... سندت جبينها على جبين ميران، نظرت إلى عينيه وهي تصدق أن كل شيء سيتحسن و تريد أن تجعله يصدق هذا، تريد أن تُخرِج رجلها من الحفرة التي وقع فيها. قالت ريان:
"لقد وعدتني، كيف تنسى هذا؟... على أساس أن الشمس ستشرق في حياتنا؟"
هز ميران رأسه، ريان على حق، هو هذى كثيرا بسبب صدمته ولم يعرف ما يقوله. هو لا يمكن أن يستسلم، لأنه رجل قوي. كيف نسي بسرعة نومه في الليالي المظلمة و كأنه في سجن، و كيف كبر وهو يأخذ القوة من وحدته؟... كيف نسي أنه وقف صامدا على قدميه في أقوى لحظات عجزه.
رفع ميران رأسه و قبّل جبين ريان، فكّر بما قالته له قبل قليل و إبتسم، من المؤكد أنه لم يبتسم من قلبه هكذا من قبل ثم قال لها:
"أساسا لقد وُلِدَتْ الشمس في حياتنا"
عندما قال ميران هذا مبتسما، إبتسمت له ريان أيضا، هي كذلك لم تبتسم من قلبها مثل الآن أبدا. لقد فهمت ما قصده ميران، هزت رأسها مبتسمة و قد نزلت دمعة من عينها:
"نعم، لقد وُلِدَتْ جوناش (شمس)"
أصبح الآن لإبنتهما الصغيرة التي تصارع الحياة إسما يليق بها، إسمها الآن "جوناش" (شمس). أجمل نور دخل إلى حياتهما، الشمس التي ستنير ظلام أمها و أبيها... الوعد الذي قدمه ميران لريان قبل بضعة أشهر، جملة خرجت من فمه هكذا، لم يكن يعلم أنها ستكون وسيلة لشيء جميل كهذا. ما هذه الصدفة الرائعة؟
"لقد وُلِدَتْ شمسنا"
كانت هذه آخر كلمات الرجل الشاب، سيبدأ بأمل جديد غدا صباحا، سيقف صامدا على قدميه... من أجله، من أجل زوجته ريان، من أجل إبنته جوناش...
*****
هما ينتظران طائرة إسطنبول التي ستقلع بعد ساعة، جلسا بجانب بعض في غرفة الإنتظار، أليف تضع السماعة في أذنها و تستمع للموسيقى كي لا تتحدث مع آردا، أما هو فقد كان يعبث بهاتفه. في الواقع هو لا يهتم للهاتف و لكنه لا يعرف ماذا يفعل، إنه يمضي الوقت هكذا لأن الفتاة التي بجانبه لا تحدثه.
أليف ذهبت في الصباح الباكر إلى المستشفى و رأت ريان لآخر مرة، بعد فترة آردا أيضا ذهب إلى المشفى ثم خرج كل منهم على حدى. عندما جاءت أليف إلى المطار وجدته ينتظر هناك، و كأنه لا يوجد يوم آخر، كلاهما يعودان في نفس اليوم و نفس الطائرة إلى إسطنبول.
ملّ آردا من الهاتف و وضعه في جيبه ثم نظر إلى الفتاة بجانبه، هذا الإنتظار يزعجه. أخذ السماعة من أذن أليف ثم وضعها في أذنه مازحا و قال:
"لنرى إلى ماذا تستمعين"
إلتفتت أليف إلى الرجل الذي سحب سماعتها بدون إذن، إنه تقريبا يضع كتفه على كتفها. هذا الإقتراب لا يزعج آردا و لكن أليف منزعجة جدا.
"كم هي أغنية مزعجة... ألا يوجد أغنية حركة قليلا؟"
أليف إنزعجت أكثر من نظرات آردا لها، أليست هذه النظرات التي تجعل قلبها يذوب؟ و لكن لا، لن تنهزم له. أليف ليست فتاة يتم تطبيقها بسهولة، لن تسلم قلبها أبدا لهذا الرجل ذو العين الزائغة، أساسا هما مختلفان عن بعض كثيرا، لا يمكن... سحبت سماعتها من أذن آردا و قالت:
"لا يوجد. كذلك سأفرح إذا لم تتجول بجانبي. لا أعرف إن كنت مدركا و لكن هنا ماردين و ليس إسطنبول"
"ماذا سيحدث إن كانت ماردين؟"
هذه مدينة أليف و من الممكن أن يراها أحد معارفها وهي بجانب رجل غريب ثم يذهب ليخبر عائلتها، حتى هذا اليوم أليف لم تفعل أي شيء يحني رأس عائلتها، و لن تسمح لأحد بفهم هذا الوضع بشكل خاطئ، أساسا إخوتها قد يقتلونها.
أساسا هذا هو سبب عدم إتفاقها مع آردا، هو إنسان مرتاح و غير مبالي، كل ما يريده هو التجول و التغازل مع الفتاة التي معه. هي لا تقترب منه ولا تعطيه وجها لأنها تظن أن هذه هي نيته، هي ليست فتاة من هذا النوع.
قال آردا بصوت حاد و بجدية:
"لماذا تتعاملين معي هكذا؟ قولي، هل أنتِ مزعجة هكذا دائما؟"
سحبت أليف سماعتها من يده ثم قالت بسخرية:
"لا يا روحي، أنا أتصرف هكذا معك أنت فقط"
"إذا ماذا تفعلين هنا بجانبي يا ابنتي؟ لو أنكِ ذهبتِ في طائرة أخرى"
آردا كان قد جاء قبلها إلى هنا و هي جاءت و جلست بجانبه، لو أنها لم تجلس... نزعت أليف سماعاتها و إلتفتت إلى آردا ثم قالت بأسلوب ساخر:
"لا تسأل... هناك طائرة كل ساعة من ماردين إلى إسطنبول و لكن أنا إخترت هذه الساعة خصيصا كي أراك... هل أنت مجنون أم ماذا؟"
و لكن هذا الهراء إلى هنا فحسب، لأول مرة يريد هذا الرجل أن يتكلم بجدية مع هذه الفتاة. قال بشكل جدي:
"لا أعرف عنكِ و لكن أنا إخترت هذا اليوم و هذه الساعة خصيصا كي أراكِ"
"إذهب إلى عملك يا آردا، هاقد بدأت بالمزاح مجددا"
"أنا جاد يا أليف"
كل ما قال إعتراف على لسانه، تعاكسه أليف و تغير الموضوع و تتصرف و كأنها تسخر منه و لكن هذه المرة لن يسمح بهذا و سيحافظ على جديته... نهض آردا فجأة على قدميه ثم أمسك بذراع أليف و أوقفها معه، أُصيبت الفتاة بذهول و لم تفهم لماذا فعل هذا ثم صرخت في وجهه:
"ماذا تفعل أنت؟"
"لماذا أنتِ صعبة و عديمة الإحساس هكذا؟"
إزعجت أليف كثيرا و أحست كأن أحدهم ينظر إليهما، دفعت الرجل الذي أمامها و بدأت تضرب بيديها على صدره حينها ضحك آردا قائلا:
"كان من المفترض أن تعشقيني ألف مرة يا إبنتي"
آردا متأكد جدا من نفسه الآن، لا يمكن أن يكون هناك سبب آخر لنبضات قلبه هذه بجانبها،آردا يعشق أليف. حسنا ماذا عنها؟
لأول مرة هو يصادف فتاة مثلها في حياته، باردة و ذات مسافة و لكن رغم كل برودها هو يريدها، هذه الفتاة لا يمكن تطبيقها بالمال ولا بالوسامة... قالت أليف بعصبية:
"ماذا تظن نفسك يا هذا؟ هل تظن نفسك براد بيت لأنك خدعت بضعة فتيات و جعلتهن يقعن في غرامك؟... على ماذا سأعشقك أنا؟"
"و من هو براد بيت؟ إنه لا يمر من شارعي حتى"
"يا إلاهي بقدر ماهو بشع هو أيضا متعجرف و مغرور"
عندما سمع آردا تنبيه على طائرة إسطنبول نظر إلى ساعته، مازال هناك 20 دقيقة للإقلاع و لكن أليف أدارت ظهرها و ذهبت، إنها تهرب مجددا و لكن لن يسمح لها هذه المرة، لا الزمان ولا المكان يهمه، لقد فاض الكأس بداخله و لن يصمت أكثر... أسرع في خطواته ثم وقف أمامها فذهبت الفتاة من الطرف الآخر و لكنه قطع طريقها مجددا.
"إبتعد من أمامي أيها الغبي"
هي عنيدة جدا و لكنه جاد جدا الآن و سيثبت لها نفسه. أمسكها من ذراعها و قال:
"لن أبتعد، لماذا تهربين مني؟"
في تلك اللحظة سألت أليف سؤالا لم يكن آردا ينتظره:
"ماذا تريد مني؟"
"أريدكِ أنتِ، أنتِ"
لم يفكر آردا أبدا و قال ما يجول في قلبه، و لكن أليف خافت جدا أمام إعترافه هذا، هي تخاف أن تنهزم يوما ما أمام هذا الرجل الذي كل همه هو المتعة... عبس وجهها ثم قالت بغضب:
"ليس لدي عمل مع رجل مثلك، لماذا لا تفهم؟... أنا لا أناسبك و لن أكون أليف التي تريدها"
بقي كل حماس آردا في حلقه و تناثر أمله، مالذي يجعلهما مستحيلان؟... قال آردا وهو يصرخ:
"لماذا؟... لماذا؟"
"لأن كل همك هو المتعة، اليوم تكون معي و غدا مع أخرى"
إبتعد آردا من أمامها دون أن يقول شيئا، إذا هي تفكر هكذا عنه، كل همها أنه قد يتركها يوما ما. في الواقع ما عاشته ريان مع ميران لديه تأثير كبير على أفكار أليف، النساء التي تعشق بجنون يتألمن دائما و أليف لا تريد أن تتألم... ذهبت أليف إلى طائرتها و لكن هذا الرجل المجنون مصر على إلقاء إمضاءه هذه الليلة فصرخ بكل قوة:
"ألييييف"
عندما إلتفتت له أليف كانت تتمنى أن لا يراها أحد و يتعرف عليها هناك و تُفضح أمامه و لكنها لا تعرف أن ما سيقوله آردا بعد قليل سيفتح صفحة جديدة في حياتها. لحق بها هذا الشاب و قال:
"بما أنكِ لا تصدقينني إذا أنا سآتي إلى منزلكم و أطلبكِ من والدك على سنة الله ورسوله... هيا لنرى، هل لديكِ إعتراض على هذا أيضا؟"
.... يتتبع.....

زهرة الثالوثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن