الورقة الخامسة والعشرون

660 8 1
                                    

اللهم إني اسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة..اللهم إني اسألك العفو والعافيه في  ديني ودنياي وعاقبة أمري..اللهم أستر عوراتي، وآمن روعاتي،وأحفظني من بين يدي ومن خلفي،وعن يميني وعن شمالي ،وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي.. 

-----------------

هناك من يهديك الحب دون أن تهديه شيئ.. وهناك من يهديك الألم ،ويذيقك مر الأيام بعد أن تهديه كل شيئ.

(الأحداث تتمه للبارت السابق)

(سند)
لندن 4 صباحاً

كان جالس في بلكونة جناحه في فندق (دورشستر) الشهير المطل على حديقة (الهايد بارك) وهي واحدة من أكبر الحدائق الملكية غرب لندن،ومشغول بقراءة وتوقيع بعض الملفات، وبعد نصف ساعة حط القلم عالطاولة الزجاجية بهدوء وجمع الملفات بترتيب في شنطتة الجلدية،ماعدا ملف واحد اتأمله بجمود قبل مايفتحه ويبدأ بقراءة الأوراق بصمت..جوري صالح الجابر..متزوجة ب خالد محمد *** وأم لطفلين ياسمين 13، قصي11 .. العمر 28 سنه.. السكن جدة حي**** طالبة ثانوي..أصيبت في حادث دخلت على أثره في غيبوبة.. الخ الخ الخ...
رمى الملف عالطاولة وراقب الأوراق اللي طيرها الهواء بلامبالاة قبل مايمشي لسور البلكونة ويستند عليها"ذي المعلومات وجبتها،ياترى أقلك هي وينها يبه ولا.. !" سرح في سماء لندن وذاكرتة ترجع بيه لشهور مضت..

(في الماضي)

واقف قدام الشباك اللي محتل جدار بأكمله ويطل عالبحر من الدور العشرين،وبدون ما يلتفت للباب اللي دق/أدخل ياريان.
دخل ريان وحط ملف عالمكتب وجلس عالكنب بصمت أحتراماً للشخصية الوقورة والباردة اللي قدامه وعينه تدور في المكتب بتنهيدة،كل مافي المكتب يوحي بالفخامة  المتشحه بالسواد بداية من المكتب الزجاجي الضخم بقاعدته المصنوعة من خشب الأبنوس الأسود والستاير السوداء لطقم الكنب الجلدي الأسود واللوحات الفنية لأشهر الفنانين للسجاد الإيراني بألوانه الغامقة.. حتى غرفة الإجتماعات الضخمة المتصلة بالمكتب كانت ألوانها متفاوته بين الأسود والرمادي، وكانت الجدران المصبوغة باللون الأبيض وأصص النباتات المنتشرة في المكتب بتنسيق هي الشيئ الوحيد اللي كسر السواد وأعطى لمحة حياة للغرفة..وإن كانت فشلت في أعطاء اللمحة ذي لصاحب المكان.
صحي ريان من تأمله على صوت الجوال اللي رن لحد ما فصل ،ألتفت لسند لما رن الجوال للمرة الثانية،وبتردد/طال عمرك عندك مكالمة.
سند بدون مايلتفت وببرود/كم مرة قلت لك لا تناديني كذا.
ريان بهدوء/ إن شاء الله ،بس ذا جوالك الخاص..
أخيراً قرر يتحرك ويتوجه لمكتبه وقبل مايأخذ جواله فصل الإتصال ، جلس عالكرسي المقابل لريان وبتساؤل/تشرب قهوة..
هز رأسه بإبتسامة وطلب أثنين قهوة تركي سادة تشبه سند في سوادها ومرارتها .. رن الجوال للمرة الثالثة وهو في يده، وعقد حواجبه بإستغراب لما شاف رقم..ذا الجوال مخصصه لأهله ومحد معاه ذا الرقم غيرهم.. رفع الخط وببرود/ألو نعم..
غمض عيونه بنفاذ صبر لما مالقي جواب ورجع يعيد كلامه/ ألو.. مين معاي.
 جاه صوت وحده/السلام عليكم..الأخ أبو بدر.
رد عليها ببرود/ وعليكم السلام والرحمة.. وصلتي أختي.
بصراحة أخوي عم مساعد تعب شويه ونقلن---
وقف فجأة وقاطعها بحدة/وش صار بأبوي.. أنتي مين.
ياأخي لحظه لو سمحت..هوا بخير بس السكر أنخفض شوية وذحين صار كويس، بس للأحتياط بننقله بالإسعاف على مستشفى*** وتقدروا تجوا وتتط----
عصب أول ماسمع أسم المستشفى اللي أول مرة يسمع فيه وماخلاها تكمل كلامها،
وبأمر/هييي أنتي، قولي للسواق بدل المستشفى الزباله اللي بتأخذوه ليه،يأخذه لمستشفى***هو يتعالج هناك وعارفين حالته..
تابع بحدة لما ماردت/هيييي أنتي فاهمه.
راح  وراء المكتب يقفل الخزنة وهو ينتظر موافقتها المحتومة لأوامره،قبل ماينصدم باللي تقوله/أولاً"أحترم نفسك أيش هيييي ذي، ثانياً: السواق مو شغال عندي علشان أمشيه بكيفي هوا عنده تعليمات ونظام يمشي عليه،ثالثاً :حالة الوالد ما تسمح لنا ننقله للمستشفى اللي قلت عليه لإنه يبغى لنا ساعة عالأقل علشان نوصله في الزحمة ذي وهوا أولى بالوقت ذا يتعالج فيه.
رابعاً وهوا أهم من كل اللي قلته: بدل التفاهه والوقاحة اللي أنت فيها أتصل على مستشفى***** وخليهم يحولوا ملف الوالد الطبي على المستشفى الزباله اللي مو عاجبك علشان يعرفوا تاريخة المرضي، عالأقل سوي شيئ مفيد وبعدها وديه إن شاء الله المريخ.
شاف الجوال بصدمة للحظات لما أنقفل الخط في وجهه، ونقل نظراته بين الجوال وريان بعدم تصديق/قفلت في وجهي أنا!
طالع ريان في وجهه المصدوم بعدم فهم ،أخذ سند جواله الثاني ومفاتيحه وطلع من المكتب مثل الأعصار وهو يعيد الإتصال بنفس الرقم وريان وراه،غمض عيونه بغضب لما أنقفل الخط وأتنفس بعمق"أكيد مافي تغطية في المصعد"،راقبه ريان بإستغراب وقلق، أول مرة يشوف سند فاقد أعصابه وشايل قناع البرود وإنفعالاته ظاهره على وجهه بذي الطريقة..من صاحبة الإتصال الغريب اللي وصلته لذي الحالة..  أتصل سند من جواله الثاني وبسرعة/سالم وينك..
سالم/في وسط البلد عمي سند..
سند/وأبوي والشباب وينهم.
سالم بتردد/عمي مساعد..طلب مني أنتظره في السيارة وهو بيتمشى شوي وبيتصل لي أًجي أخذه.
فار دمه من حركات أبوه اللي مايخليها،كان لأخر لحظه متأمل أن الإتصال ذا مجرد لعبة لحرق أعصابه لكن كلام سالم قطع أخر أمل عنده وبحدة/شلون تخليه بروحه يا سالم..أنا موصيك ماتتركه لحاله أبد..
سالم بندم/والله عمي حاولت فيه وأترجيته أنزل معه أو يأخذ رافع وجاسم بس هو عيا وماقدرنا نعارضه..
سند/يصير خير..المهم روح أنت والشباب لمستشفى **** وأنتظروني لين أجيكم .
سالم بخوف/عم سند عمي مساعد فيه شيئ؟
سند ببرود/لاتحاتي،سوي اللي قلت لك عليه وبس.
قفل الخط وخرج برا الشركة وركب سيارته الرولز رايز السوداء مع ريان وببرود/مستشفى *** وسط البلد..ريان أتصل على دكتور رياض وخله يحول الملف الطبي للوالد علي مستشفى*** بسرعة،وأعمل إتصالاتك معاهم..
وعاد الإتصال وبرضه قفلت في وجهه ضغط عالجوال بغضب وهو يتحلف للي أتصلت واتجرأت تكلمه بذاك الأسلوب الوقح وتتطاول عليه، بس يتطمن على أبوه ويتأكد من السالفه..أتصل على جوال أبوه ورد عليه واحد/ هلا..
سند ببرود/إذا حاب تظل في وظيفتك فالأحسن إنك تنقل الوالد لمستشفى ****.
الرجال/والله ياأخوي أحنا وصلنا المستشفى.
قاطعه سند/يعني ماتبي تساعد نفسك.
الرجال/تقدر تتفضل وتنقله مكان ماتحب---
قفل في وجهه بدون ما يسمع باقي كلامه، ألتفت لريان ومد له جواله وببرود/أخر رقم في السجل،أبي أعرف صاحبته وكل شيئ عنها الحين.
أخذ ريان الجوال وأرسل الرقم لجواله وسوا إتصالاته وبعد عشر دقايق/الرقم بأسم خالد محمد، يمني مقيم ويشتغل محاسب في شركة *** تبي معلومات أكثر؟
أتنهد بصوت مسموع وباله مع أبوه"ياترى هي صادقه وأبوي بخير.. ولا أبوي مافيه شيئ  وذي لعبة من واحد غبي ماحسبها صح وورط نفسه معاي"
عاد ريان سؤاله بتردد لانه عارف إن سند ما يحب أحد يكلمه وهو يفكر.
راقب المناظر اللي يمروا من جنبها ببرود/مو مستعجل،أتطمن عالوالد ولكل حادثاً حديث.
حكى لريان اللي صار وجلسوا يحللوا الموضوع كإنه قضية فلسطين لحد ما وصلوا المستشفى.. دخل سند وريان ووراهم أثنين من الحرس بجثثهم الضخمة ومسدساتهم الواضحة من تحت بدلهم السوداء ولقيوا خمسة من الموظفين في إستقبالهم، اتقدم واحد منهم من سند ومد يده بإرتباك واضح/ دكتور ربيع عبدالكريم مدير المستشفى.
طالع فيه سند ببرود قبل مايمد يده ويسلم عليه/وين الوالد.
أشر له دكتور ربيع عالطريق وبحماس/طال عمرك أحب أطمنك إن طويل العمر بصحة ممتازة وأنا أشرفت شخصياً على علاجه ونقله لغرفة الشخصيات البارزة و----
قاطعه سند بحركة من يده ومسكه واحد من الحرس على جنب ودخل سند وريان الغرفة 
بهدوء/السلام عليكم.
أبو سند/وعليكم السلام والرحمة..
أتوجه سند وريان لأبوه وباسوا رأسه وهم يتحمدوا له بالسلامة..
جلس سند قدام أبوه وبإهتمام/يبه كيفك الحين..وش تحس فيه..
أبو سند بإبتسامة/الحمدلله مافيني إلا العافية يا بوك..لاتحاتي.
سند بعتاب/وشلون ماأحاتي يالغالي وأنت مهمل صحتك لين طحت..وش فايدة التنبيه المخصص لإبرتك..وش فايدة الناس اللي معك..ليه ماخليت سالم ولا أحد من الشباب يروح معك دامك تبي تتمشى..
دار بعينه بعدم رضى في الجناح اللي على قدر معقول من الفخامة وببرود/خلنا نطلع 
من هنا لازم أتطمن عليك.
هز رأسه بلا/قلت لك خلاص أنا بخير مو مب محتاج لمستشفى ثاني..
دق الباب ودخل واحد من الحرس وبأدب/الحمدلله على سلامتك ياطويل العمر.. ماتشوف شر.
أبو سند/الله يسلمك يافهاد ،الشر مايجيك.
فهاد/طال عمرك الدكتور برا ويستئذن في الدخول.
أشر له سند وطلع بسرعة ودخل الدكتور/السلام عليكم.
ردوا السلام..ومدي يده وسلم عليهم بهدوء،طالع سند في بطاقته وبإهتمام /شلون صحة الوالد دكتور أحمد.
دكتور أحمد/صحته عامةً ممتازة ولله الحمد.. كل الحكاية إنه أنفعل وماأهتم بأكله اليوم وكمان ماأخذ الإنسولين في وقته لحد ماأستنزف طاقته وأنهار..بس الحمدلله كريمتكم أتصرفت بذكاء رفعت له مستوى السكر وأعطته الإنسولين بسرعة قبل مايتفاقم وضعة ويدخل في غيبوبة سكر.
طالع سند بإستغراب/كريمتنا!!
حاول ريان يستفسرمن الدكتور/هو كان معاه أحد؟
دكتور أحمد/أيوه..كريمتكم كانت معاه من أول مادخل الطوارئ. 
سند ببرود/ أنتوا أيش النظام المتبع عندكم في المستشفى ذي.. أي أحد يقدر يدخل بسهوله!ممتاااااز .
دكتور أحمد بهدوء/والله مو من أختصاصي
أتابع أهل المريض ،أنا دكتور. .بعدين البنت أسعفته وأنقذت حياته وبعدها جات معاه عالطوارئ وكانت متابعه حالته لحظه بلحظه،غير إنها كانت تناديه بأبويا وأخذت بطاقة الأحوال وكملت بياناته في الإستقبال ودفعت تكاليف العلاج..بعد ذا كله أيش تبغاني أستنتج غير أنها بنته.
ضرب يده عالطاولة ووقف بغضب/تستنتج إنك غبي يادكتور..ذا أسمه تسيب وإهمال.. شفت هويتها..اتأكدت إنها تقرب له..ولا الشغله خذني جيتك..وكمان مأخذه بطاقة الوالد،يعني سرقته عيني عينك..
أبو سند بضيق/سند وش ذا الكلام الله يهديك.
دكتور أحمد/مين جاب سيرة سرقة،كل ما هنالك إنهم طلبوا منها تكمل بيانات الوالد وهيا جات وأستئذنت مني وأخذت البطاقة بس ورجعت محفظة الوالد لجيبه قدامي.. كل تصرفاتها تقول إنها بنته.
طلع أبو سند المحفظة لسند بغضب/أرتحت الحين.. وهي فعلاً بنتي.
طالع في الدكتور بإبتسامة أعتذار/السموحه منك يادكتور أحمد ويعطيك العافية،ياليت تعذر ولدي على كلامه..هو يقط خيط وخيط إذا أنشغل علي..تقدر تتفضل تعبناك معنا.
دكتور أحمد بقهر/مسموح يا عم مساعد ذا واجبي وماسويت شيئ.
طالع في سند بنظرة وتابع/وإذا في أحد يستاهل الشكر فهي الأخت اللي عن جد تعبت نفسها وأنقذت حياتك وراحت بدون كلمة شكر.
أبو سند بإبتسامة/مابين الأب وبنته شكر ياولدي..
طالع سند في الدكتور ببرود ظاهري وهو وده يلخبط معالم وجهه على نغزاته الواضحة،بس أضطر يسكت أحترام لأبوه
خرج الدكتور ومعاه ريان اللي فضل ينسحب ويتركهم يتكلموا براحتهم.
أبو سند بغضب/نعنبو إبليسك أنت ماتستحي تكلم الرجال كذا..على بالك موظف عندك.
سند ببرود/مابقي غير أوظف هالأشكال المهمله عندي علشان شغلي يوقف.
أبو سند بملل/أنت وبعدين معاك ليه مكبر السالفه، وبعدين شلون عرفت إني هنا..وبتريقة/لايكون عممت بلاغ عن ضياعي.
سند ببرود/والله بنتك ماقصرت أتصلت تبلغني وقلت أدبها علي.
أبو سند بإبتسامة/والله بنتي بنت رجال وسنعه وإذا قلت أدبها عليك فذا جزاك ،لإنك أكيد غلطت عليها ولا هي وش زينها.
وقف يساعد أبوه اللي نزل من السرير وبعصبية/أقلك قلت أدبها تقول جزاتي ووش زينها..أنت تعرفها من قبل؟
أبو سند بهدوء/لا ماعرف حتى أسمها ،بس  أعرفك أنت وأسلوبك المستفز..تبي تفهمني إنك ماقطيت عليها كم كلمة من كلامك البارد اللي يغث.. وهي ردت عليك؟
طالع سند في أبوه المستمتع بذا النقاش ويدافع عنها بإستماته كإنها من بقية أهله، خرجوا من الغرفة وببرود/مو مشكلة ساعة وأعرف عنها وش تأكل عالفطور.
وقف أبو سند وبجدية/سند البنت ذي مالك فيها ولا تدور عليها..
سند/اللي يسمعك يقول إني رجل عصابة ومدري وش بسوي فيها..أنا بشوف وش وراها وبطمن لا أكثر.
أبو سند بتهديد/أترك عنك الدكتور أحمد، والبنت لا تتدخل فيها بأي شكل من الأشكال..والأفضل إنك تنساها وتشيلها من بالك نهائياً..ماأبيك تعرف حتى أسمها ياسند..فهمت..
هز رأسه بموافقة جامده زي ملامحه وخرجوا للسيارات اللي واقفة قدام مدخل المستشفى ولفتت إنتباه الناس بموديلاتها الحديثة والغالية وبالحرس الضخام  اللي موزعين عند البوابة وماشيين وراهم، وأعطوا للناس صورة واضحة عن شخصية أصحابها ومركزهم الإجتماعي في البلد..
أتحركت سيارة أبو سند عالبيت وأول ما أختفت من قدامه  رجع المستشفى وفي باله شيئ واحد بس.
رجع من ذكريات الماضي لما سمع صوت تنبيه أذان الفجر وراح يتوضأ ويصلي وهو ناوي يتصل بأبوه ويبلغه باللي عرفه.
(جوري)
الخميس 7:30صباحاً
بعد ما تركها عبدالرحمن وساعدتها صوفي عالوضوء،صلت الفجر وقرأت اللي قدرت عليه من القرأن وماقدرت تكمل بسبب صداعها وألم عيونها القوي..رجعت المصحف مكانه عالكومدينه وسندت رأسها عالمخدة وغمضت عيونها بتعب،مر في بالها حلمها عن حادث السيارة وحست بغصة غريبة وهي تفكر أو تحاول تفكر وتجمع خيوط اللي صار في ذهنها،كل اللي فاكرته مجرد ومضات  لحادث وكلام مبعثر عنه من الدكتور اللي زارها في الليل ومن عبدالرحمن.. حاسه بأشياء كثيرة فاقدتها ومحسستها  بالضياع والتشتت،ذكريات مبهمه..تفاصيل غايبه عنها..وفجوة في داخلها بتتوسع تدريجياً لحد مارح تلتهم البقية من اللمحات اللي بتحاول تتمسك بيها رغم إنها سببت لها الألم والخيبة ..حست بصداعها زاد  
وبموجة بغثيان قوية تهدد بفقدانها السيطرة
على نفسها..وبدون تردد ضغطت زر إستدعاء الممرضات وعلقت عليه، وفي لحظات كانت صوفي وعبدالرحمن هاجمين عالغرفة بسرعة، صوفي بقلق/ what happened
(ماذا حدث)
شافها عبدالرحمن حاطه يدها على فمها ويدها الثانية ضامتها على صدرها بقوة قرب منها سلة الزبالة بسرعة علشان تستفرغ وصار يضرب ظهرها بخفه.. وبعد ماخلصت غسلت فمها وأعطى السلة  لصوفي اللي أشر لها تطلع بعد ما طلبت الدكتور،عدل المخدات  عالسرير وسند رأس جوري عليها بشويش، وبلل المناديل بمويا باردة ومسح وجهها وبقلق/ حبيبتي بأيش حاسه..
غمضت عيونها ونزلت دموعها بصمت لإنها موعارفه هيا بتبكي ليه أساساً، دقائق ودق الباب وغطت وجهها بسرعة ومسحت دموعها بطرحتها، ودخل دكتور فهد ومعاه دكتور ثاني وصوفي وهم يسلموا وردوا عليهم السلام. جلس دكتور فهد قدام جوري وبإبتسامة/صباح الخير..ماشاء الله شكلك اليوم أحسن بكثير ..قولي لي أيش اللي تاعبك..سلامات.
هزت كتفها بمدري بدون ما ورد عليه،طالع في عبدالرحمن والدكتور اللي معاه وحك خده بمزح/شوفي هو أنا دكتور شاطر ،بس مو لدرجة إني أعرف أيش فيكي بدون ماتقولي..
مسك عبدالرحمن يدها وبحنان/حبيبتي قولي اللي تاعبك ،لاتستحي ..ماتبغي تطلعي من هنا..
هزت رأسها بأيوه، وتشجع فهد/طيب ممكن تكشفيي وجهك.
سحب عبدالرحمن الطرحة عن وجهها بسرعة ،وأنتبه دكتور فهد لوجهها الأحمر وعيونها المنتفخه من البكاء وبمزح/الظاهر المكيف خربان..شوفي وجهك كيف أحمر من الحر..
جوري بهدوء/أبغى أطلع من هنا،أكتب لي خروج لو سمحت.
دكتور فهد/مليتي منا بذي السرعة،توك مالحقتي تتعرفي علينا..بعدين لسا في شوية فحوصات نعملها علشان نتطمن عليكي قبل ماتتركينا..قولي بأيش حاسه.
أخذت نفس بعمق وبهمس/حاسه بصداع وغثيان وعيوني تعورني ومو شايفه مزبوط، وحاسه إني مضيعه ..وأبغى.. أبكي وهنا (أشرت على قلبها) مررره يعورني..حاسه إني..مو أنا.. وموقادرة اتحكم في نفسي. صوفي قاست لها الضغط والسكر، وكشف فهد  على عيونها وسمع نبضات قلبها بالسماعة،وبجدية/شوفي يامدام جوري الضغط والسكر عندك منخفض وضربات قلبك سريعة..حاولي تهدي أعصابك أنتي خارجة من غيبوبة ووضعك حرج في ذي المرحلة.. الغثيان والصداع وحتى الزغلله وتشويش الرؤية أعراض ملازمه للإرتجاج اللي حصل لك..يعني إنك تعاني منها اليومين الجايه شيئ طبيعي ،بس إذا استمرت أكثر من كذا فذا اللي خطير.. علشان كذا حاولي تتماسكي وتصبري علشان تخفي بسرعة.
جوري برجفة/أنا مو فاكره الحادث..بش شفت حلم وكان يشبه الكلام اللي قلتوه.. وبعدها صارت تجي في بالي أشياء وذكريات عن نفس الحلم ،ياترى هوا مجرد حلم ولا حقيقة وفعلاً صار؟
قرب منها الدكتور الثاني وبهدوء/عالغالب اللي شفتيه كان هوا حقيقة الحادث اللي صار لكن بسبب الإصابة اللي في رأسك والإرتجاج فقدتي السيطرة على ذكرياتك وطريقة تذكرها وإستحضارها متى ماأردتي، وحكاية الحلم ذي ماهي غير وسيلة ذكية من الدماغ لعرض ذكرياتك اللي شكلك قاعده تضغطي على نفسك علشان تتذكريها .. ونفسيتك المتغيرة شيئ طبيعي بعد الحادث.. حاولي ترتاحي وأعطي نفسك فرصة وأنتي هترجعي زي ماكنتي.
بعد عشر دقائق خرجوا من عندها وهي مرتاحه نوعاً ما.. وقعدت مع عبدالرحمن اللي حكى لها عند الحادث ،طالعت في عبدالرحمن بإستغراب/ يعني أنت كنت معايا من أول ماسويت الحادث ..
عبدالرحمن بتنهيدة/أنا في البداية كنت أحلم فيكي تناديني وتقولي إنك تعبانة وخايفة إستغربت من الحلم لإنه أتكرر،بعدها ركزت إنك من يومين ما تردي على إتصالاتي ورسايلي، حتى الواتس ماعد دخلتيه ولما سألت أمي والبنات وصالح قالوا نفس الكلام..أتصلت على خالد وأرتبك وقام يألف لي قصص، مره جوالك مكسور ومره مشغوله بالمذاكرة ومره خارجه.. اتأكدت إنك في مشكلة وقلت في البيت إن عندي دورة في دبي وجيت على هنا بعد الحادث بأسبوع .. ولما قالي خالد عاللي صار ماصدقته غير لماجيت وشفتك بعيني وأنتي بين الحياة والموت..ما عرفت أيش أسوي كنت..
أخذ نفس عميق وزفره بقوة وتابع/كنت أجلس معاكي ربع ساعة كل يوم أتكلم معاكي وأطمنك عالعيال ولما تطردني الممرضة كنت أراقبك من وراء قزاز العناية، كنت أصلي وأدعي لك طول الليل وبعدها أرجع الشقة أنام ساعتين وأوديهم المدرسة وبعدها أجيبهم يزوروكي ونرجع نذاكر وأوصلهم البيت..طبعاً جوالك أنتهى فرحت طلعت شريحة بنفس رقمك ورجعت بياناتك وكنت أرسل لأمي والبنات رسايل أطمنهم عليكي وألفت لهم قصة أعتكافك علشان المذاكرة..وأمي وأحلام مامشيت عليهم نهائياً، وأزعجوني.
مسحت دموعها وبإبتسامة متعبه/كإن الزمن بيعيد نفسه..نفس الظلام والخوف ونفس القلق والخوف ليكم.. ونفس الصوت اللي كان يطمني..تدري إني كنت أسمعك تقرأ القرآن..وأحس بيدك تشدني للنور علشان أطلع..كنت مصباحي المنير في ذيك العتمه..
عبدالرحمن بنظرة/الزمن مو بس عاد الأماكن والأحساس عاد الأشخاص كمان..في الحالتين كان لخالد يد في الموضوع بشكل أو بأخر..ولا أنا غلطان؟
أختفت إبتسامتها وحل محلها البرود،سكتت لدقائق وبشرود/ أنت وين ساكن..
طالع فيها بتمعن/فيصل رتب لي شقة قريبة من الشركة..ليه؟
سألته بنفس الشرود/ينفع تأخذني معاك.
عبدالرحمن بإستفسار/كيف أخذك معايا.. تشوفي الشقة وتزوريني وكذا.
هزت رأسها بلا/تأخذني أعيش معاك..أنا مابرجع لبيت خالد.
طالع فيها بعدم تصديق"بيت خالد" وبجدية/
أنتي تتكلمي من جد.. كيف يعني تعيشي معايا..
وبتردد/ بت ..بتتطلقي؟
أترددت الكلمة في بالها زي الصدى لعدة مرات وماحست لها أي تأثير سلبي في نفسها،كانت دايماً تتخوف من ذي الكلمة ومن تأثيرها  السيئ في نفس اللي يسمعها..بس ذي المرة كان لها وقع من نوع أخر.. وكانها الكلمة اللي هتخلي كل شيئ يمشي بشكل مزبوط في حياتها.
أحترم سكوتها وراقب تعابير وجهها بإهتمام، "معقوله ..أخيراً فكرت في الطلاق،ولا ذا من تأثير الضربة اللي في رأسها" كرر سؤاله مرة ثانيه،طالعت فيه وكررت الكلمة كذا مره بهدوء / أتطلق...أتطلق..
أتنهدت بقوة وغمضت عيونها، وما قدر يمنع إبتسامة أتسللت لشفايفه لما تابعت بجديه/يمكن مو ذي اليومين .. بس الأكيد إني.. خلاص.. مالي حياة معاه من اليوم.
طالع في ملامحها الهاديه وهيا تتكلم،كانت تتكلم بجمود وإنطلاق وكأنها بتتكلم في شيئ عادي أو بتتكلم عن شخص ثاني ماله علاقة بيها،وبشك/ أيش اللي صار بينكم وخلاكي تفكري في الطلاق بعد كل اللي صار بينكم..أنتي مافكرتي في الطلاق حتى لما أتزوج عليكي، جايه ذحين بكل بساطة تطلبيه.
عقدت حواجبها وبهدوء/أيش اللي لازم أفهمه من كلامك ذا،إنك مو موافق؟
حرك يده قدامها بنفي وبإندفاع/ لااااااا ، مو قصدي كذا..بس بعد زواج دام 15 سنة تقريباً، وأكيد أتحملتي فيها أشياء ماتخطر في بالي..جايه ذحين تقولي طلاق وماتبغي أستغرب!! أيش سوى لك ذي المرة وخلاكي أخيراً ترمي طوبته زي ما بيقولوا.  
أتنهدت/ماصار شيئ أو بالأحرى لسا  ماتأكدت ،بس تقدر تقول إن ذا القرار المناسب وإن شاء الله أكون أتخذته في الوقت المناسب..بس مابغاك تتكلم مع خالد في أي شيئ ذحين..أبغى الأولاد يخلصوا إمتحاناتهم وبعدها يصير خير.
وبتردد/أنت مارديت ينفع تأخذني معاك ولاااا وجودنا هيضايقك؟
عص شفايفه بقهر وضربها في رأسها/طول عمري أقول إنك غبية،بس ماتوقعتك غبية للدرجة ذي..أحد يتضايق من نفسه!!
غمضت عيونها بألم وبهمس/آآآآيي رأسي ياحمار.
عض أصابعه بندم ومسك رأسها بشويش، وبخوف/عورتك..الله يكسر ي--------
قاطعته بتعب/لا تدعي على نفسك ياغبي.. شكل الغباء متوارث في العيله..
يلااا أتصل على معاذ بكلمه وحشني..وبعدها علي والبنات.
أتصل وفك الإسبيكر وبإبتسامة/السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
معاذ بفرحة/وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..حيا الله ذا الصوت..كيفك حبيبتي وكيف صحتك.. أنتي بخير..طمنيني عنك..
مسكت رأسها بألم بسبب ضحكتها/ الله يحييك ويبقيك ياعمري أنت..وحبه حبه عليا كل ذا بجاوب عليه مره وحده.
معاذ بتنهيدة/الحمدلله اللي رجعك لنا بالسلامة..كيف صرتي ذحين..في شيئ تاعبك.
طالعت في السقف للحظه وهي تحاول تمسك دموعها وبمرح/تصدق كنت حاسه نفسي مسافره عن جد ودوبي رجعت لما سمعت صوتك وصوت أمي..لاتخاف حبيبي أنا بخير وعافية.
عبدالرحمن بزعل/ذحين أنا ضارب مشوار لهنا وكسرت بلاط المستشفى رايح جاي عليكي وكل الممرضات حسبوني مجنون وأنا جنبك ألت وأعجن وماخليت حكاية ماحكيتها لك وأنتي نايمة ومشخره، وفي الأخير صوت معاذ هوا اللي رجعك..الله لنا بس، الله فوق.
جاها صوت علي وهو يخاصم معاذ/أنقلع بس لاأدفنك هنا..السلام عليكم.
صاحت بفرحة/علي حبيبي..وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..كيفك حالك حبيبي.
علي بعصبية/حالي زفت،ليش أنا أخر من يعلم..يعني هم أخوانك وأنا أبن البطة السوداء و لا كيف.
طالعت في عبدالرحمن بصدمة وعضت شفايفها بقهر/علي لا تقول كذا..أنا كنت------
قاطعها بغضب/وليش ماأقول هااا..لو كان حصلك حاجة لاقدر الله  متى كنت هعرف.. في عزاكي ياغبية..
أخذ عبدالرحمن الجوال منها لما نزلت دموعها بغزارة ومسكت رأسها بألم، وبحدة/أنا اللي قلت لمعاذ مايتكلم مالك ومالها ..عجبك ذحين لما بكيتها وهيا تعبانه ياغبي..خلاص قفل مالت عليك.
علي بقلق/لحظه ..صدق بكيت..طيب هي كيف حالها ،هاتها أكلمها.
عبدالرحمن بغضب/مع نفسك..كانت تكلمك وهي فرحانه وسديت نفسها حسبي الله على غباءك..
سحبت جوري الجوال منه وبصوت باكي/ألو حبيبي.
عبدالرحمن بزعل/حبك برص ياحمار.. من جد زي ماقلتي الغباء متوارث في العيله.
علي بهدوء/عبادي أنقلع من جنبها خليني أكلمها..جوري حبيبتي..
جوري/هلا ..
علي/سامحيني ياقلبي ماقصدي بس والله قهرتوني ليش ماتكلموني.
جوري بتنهيدة/حصل خير مو زعلانه..بس عبادي ماحب يخوفكم..وخلاص أنا صرت بخير ومافيني إلا العافية.     
كملوا سوالف وقفلت معاه أتصلت عالبقية تتطمن عليهم وتطمنهم.
(خالد)
المستشفى الساعة 6المغرب
وقف قدام الإستقبال/لو سمحت أخوي.. بسأل عن وحدة جات اليوم في حادث سيارة في الخط السريع..
الموظف/عندنا ثلاث حوادث اليوم..حرمتين وطفل..أسم المريضة لو سمحت.
خالد/جوري الجابر..
الموظف/تقدر تسأل الدكتور أحمد عبدالله  هوا الإستشاري والمشرف على حالتها.
وفي مكتب الدكتور أحمد/السلام عليكم.
دكتور أحمد/وعليكم السلام والرحمة..آمرني ياخوي.
خالد/بسأل عن حالة جوري الجابر.. كيف وضعها.
دكتور أحمد بإهتمام/أيش تقرب لها.
خالد/زوجها.
أشر دكتور أحمد على يد خالد المجبسة والخدوش اللي في وجهه/الحمدلله عالسلامة ، أنت كنت معها وقت الحادث.
هز رأسه بموافقة،طالع فيه فيه للحظات/بصراحة أنا أستغربت لما مالقيت أحد من أهلها هنا بعد العملية،وبياناتها ماعرفناها غير من الشرطة اللي جابت متعلقاتكم وعرفنا منها هويتها..
خالد بشرح/أهلي مايدروا عن الحادث ..أنا نقلوني على مستشفى ثانية وعلى ماقدرت أطلع وأعرف هيا فين جيت بسرعة.
دكتور أحمد/يأسفني إني أبلغك إن زوجتك في غيبوبة..
خالد بصدمة/غيبوبة،يعني هتموت؟
دكتور أحمد بهدوء/يارجال أذكر الله من جاب سيرة الموت، للأسف زوجتك جاتنا ووضعها خطير ،كانت محجوزة في السيارة لساعتين وأكثر ووصلت وهي بتعاني من نزيف وإرتجاج في المخ غير الكسور اللي في رجلها.. الحمدلله سيطرنا عالنزيف وعملنا لها عملية لرأسها علشان نخفف الضغط عن الدماغ ونقلنا لها دم..
أتنهد وتابع/ورجلها فيها كسر مضاعف  عالجناها وجبسناها ،بس للأسف دخلت في غيبوبة بعد العملية على طول..
خالد بإرتباك/طيب متى تصحى من غيبوتها ذي.
دكتور أحمد/والله ذا شيئ بيد رب العالمين.. أدعوا لها والله كريم..
وقف خالد وشكر الدكتور وقبل مايطلع/ أقدر أشوفها.
طلب دكتور أحمد ممرضة ووصلته لقسم العناية المركزة،وبهدوء/تقدر تدخل لها عشر دقائق بس بعد التعقيم..دخل غرفة التعقيم ولبس لبس خاص ودخل لجوري،إرتبكت خطواته وهو يتقدم ناحية سريرها وشافها مغمضة عيونها بإستسلام وجسمها كله طالع منه أسلاك وموصل بأجهزة محاصرتها من الجانبين، شعرها مغطى بطرحة وكانت الخدوش واضحة في وجهها الشاحب، راقب تنفسها المنتظم تحت قناع الأكسجين اللي مستقر على وجهها..
أتذكر كيف تركها في السيارة وماساعدها، وبرجفة/أنا ماساعدتك لإنك كنتي محشورة في السيارة..يعني ماكنت أقدر أسوي لك شيئ، أنا كنت مستني الدفاع المدني يطلعك.. وبعدين كان في ناس تساعدك ..علشان كذا أنا كنت مطمن عليكي ،لكن ندى كانت مغمى عليها ومو راضيه تفوق وأنا أتلخبطت حسبت فيها شيئ والإسعاف جاء وأخذني مع ندى قبلك.. ندى كانت حامل وسقطت.. وهيا مره تعبانه..
مسك يدها وتابع/أنا عارف إنك مارح تزعلي مني ..أصلاً أنتي كنتي متأكدة إن ما بيدي شيئ علشان كذا ماطلبتي مساعدتي وكنتي مستنيه الدفاع المدني زيي.
دخلت الممرضة وطلبت منه يطلع..وراح عالإستقبال يشوف التكاليف، وبعدها راح عالبيت وكلم أهله باللي صار..

 رواية خريف الحب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن