"الفصل الأربعون"

1K 23 0
                                    

انما غضبي گصاعقة حلّت على كوكب الأرض فأهلكت جميع قاطنيه .. احترس ..فكلمة الرحمة لا يفقهها قاموسي !
_____________________________________________
اجتذب أحد أفراد الحراسة قابضًا على تلابيبه بكفيه هادرًا بصوتٍ جهوري شرس:
- و انتو كنتو فيـن ؟ كنتو فيــن يا بهايم و هي بتطلع من هنا ؟
كانت عينيه گ جذوتين من النار و وجهه متوهج بنذير غير مُبشر مُطلقًا ، أوداجه منتفخة و عروق جبينه و جانبي رأسه بارزة بوضوح ، من يراه يجزم بأن الجحيم قد استعرت نيرانها بداخل أوردته ، لم يقوَ الحارس على رفع نظراته اليه ، و تلعثمت نبرته و هو يردد :
- يـ.. يامن بيه..
فأطبق بكفه على عنقه و هو يحدجه بنظراتٍ تطاير الشرر منها ، اختنق صدر الأخير و شحب لون وجهه كما جحظت عيناه و ..
.................................................................................
كان يقف منزويًا بركن في بهو القصر ، نقر على شاشة هاتفه و رفع الهاتف الى أذنه منتويًا التأكد مما قاله " عمر" عن تلك الحادثة التي صُدم بها والدها ، انتظر ردها و هو ينظر أمامه بنظراتٍ مترقبة و صوت " يامن" الجهوري الشرس يخترق مسامعه ..
كانت ممدة على الأريكة تتابع ذلك المسلسل التركي بأعين شاردة حتى انتبهت الى رنين هاتفها فاستقامت في جلستها و التقطته ليتنغض جبينها و تعبس ملامحها ، ترددت في الإجابة ببادئ الأمر و لكن أكلها الفضول لمعرفة سبب اتصاله فـنقرت زر الإجابة و رفعت الهاتف الى أذنها لتردد بفتور :
- ألو
فردد " فارس" بنبرة جادة :
- أبوكي فين ؟
رفعت حاجبيها مرددة باستنكار :
- نعم ؟
فعاد يصيغ سؤاله بطريقة أخرى :
- حسين فين ؟ حصل له حاجة ؟
التفتت برأسها حين استمعت الى صوت فتح باب المنزل لترى والدها يدلف منه فرددت بنبرة خافتة :
- بابا لسه راجع من برا ، انت بتسأل ليه ؟
فتنغض جبينه مرددًا بخشونة :
- يعنى كويس ؟
فهزت رأسها بإيماءة بسيطة :
- أيوة ، هو في حاجة ؟
فرك وجهه بكفه و تنهد بحرارة متمتمًا :
- لأ متشغليش بالك
فـ احتدت نبرتها و هي تردد :
- استنى ، أنا متأكدة ان في حاجة حصلت ، انت مش ..
- بتكلمي مين يا ولاء ؟
قالها " حسين" مستفسرًا بنبرة هادئة ، فخفق قلبها بعنفٍ في صدرها و هي تزيح الهاتف عن أذنها و تلتفت له كـ الملسوعة متمتمة بتلعثم :
- ها .. دي..دي صاحبتي يا بابا
فـ أشار للتلفاز مرددًا بنبرة جادة :
- طب وطي التليفزيون شوية عشان تعرفي تتكلمي
فـ لوت ثغرها بابتسامة باهتة و هي تتمتم بنبرة مبحوحة :
- حاضر يا بابا
..............................................................................
تفصد جبينها عرقًا و ازداد معدل تنفسها و نهج صدرها علوًا و هبوطًا ، انتفضت فزعة من نومتها مستقيمة بجلستها لتجد نفسها قد غفت على الأرضية بحجرة ابنتها ، استندت بكفيها على الأرضية و استقامت بوقفتها ، أدارت المقبض و أوفضت للخارج و هي تصيح بذعرٍ :
- حسيـن ! الحق يا حسين
التفت " حسين" لها متعجبًا خروجها و دنا منها ليردد متلهفًا :
- حبيبة
فـرددت بهلعٍ :
- بنتنا حصل لها حاجة يا حسين ، يارا حصل لها حاجة !
تنغض جبين " ولاء" و هي تتابع ما تقوله والدتها بشدوهٍ ، بينما نفى " حسين" برأسه و هو يردد بنبرة جادة :
- متخافيش يا حبيبة ، ده كابوس
هزت رأسها و هي تبكي بشكل هيستيري مرددة من بين شهقاتها :
- بقولك حصل لها حاجة ، يارا حصل لها حاجة يا حسين ، اتصرف يا حسين
اجتذبها ليدفنها بأحضانها و حاوطها بذراعيها محاولًا احتوائها ، و لكنها أخذت تُقاومه و هي تهذي :
- بنتنا بتضيع يا حسين ، دي بنتك يا حسين ، اعمل حاجة .. دي بنتك
ثبت رأسها بذقنه و ضمها أكثر اليه ثم مسد على ظهرها برفقٍ و هو يردد بصوت رخيم :
- متخافيش يا حبيبة ، صدقيني دي أوهام
استكان جسدها نوعًا ما و لكن لم تستكن روحها ، ظلت تهمهم بكلماتٍ مبهمة و هي تتشبث به ، بينما سحبت "ولاء" عكازها و اتكأت علي و كادت تدنوَ منهم ، فأشار " حسين" لها بالانسحاب ففعلت تاركة لهما .
أغلق " فارس" المكالمة عقب أن استمع الى الحديث كاملًا ، ازدادت شكوكه بعدما استمع لوالدتها ، ان الأم تستشعر حدوث السوء لأبنائها ، و يبدو أنها قد استشعر ما حدث لابنتها ، دس الهاتف في جيبه حين استمع الى صوته الشرس ثانية و استدار بجسده لتتسع عيناه و هو يراه يكاد يزهق روحه ، فـ أوفض نحوه و حاول أن يفصل بينهما مرددًا باستنكار :
- سيبه يا يامن هيموت في ايدك
ظل مسلطًا نظراته المُظلمة على وجهه الشاحب ، فـ قبض " فارس" على كتفه و هو يحاول تخليص عنق الأخير من قبضته بكفه الآخر مرددًا باستهجان :
- هو ذنبه ايه ؟ آآ..
فزجره بنظرة متوهجة و دفع كفه بعنفٍ و هو يهدر بشراسة :
- اخــــــــــــــــــــرس
سحب " فارس" كفه متنهدًا بضيق فـ نظر " يامن" للحارس و دفعه بعنفٍ للخلف هادرًا بنبرة أشد بأسًا :
- مشوفش وش واحد فيكم تاني ،  بـــــــــــــــــرا
فرك عنقه و هو يسعل محاولًا التقاط أنفاسه غير مُصدقًا أنه قد مُنح حياته من جديد ، و في أقل من دقيقة كان الجميع يوفض خارج القصر عدا " عمر " و " فارس" ، التفت " يامن" الى " فارس" و تحرك نحوه ليقبض على تلابيبه  لـيزأر بـ:ـ
-  كنت فيـن انت كمان يا غبي و هي بتهرب من هنا ؟ ها كنت فيــــن ؟
حاد ببصره عنه متنهدًا بضيق ، فـ دفعه " يامن" بعنفٍ للخلف و انتقل بنظراته الحامية نحو أخيه هادرًا بصرامة :
- و ديتها فيـن ؟ انطق ؟
طأطأ " عمر" رأسه ليتجنب نظراته التي شعر بها تخترقه ، فـ ردد " فارس" و هو يضبط ياقته بنبرة جامدة :
- عمر ملوش ذنب في حاجة ، عمر كان ..
فـ بسط كفه مرددًا بصرامة قاسية :
- بـــــــــس ، الكلام ده ميمشيش عليا ، استحالة تعرف تهرب من غير مساعدة
فـ رفع " عمر" نظراته اليه مرددًا بجسارة :
- أيوة أنا .. أنا اللي ساعدتها تمشي من هنا !
كور قبضتيه بقوةٍ حتى برزت عروق ظهره الخضراء مُحاولًا كظم لهيب سخطه عن أخيه مرددًا :
- هي فيــــــــن ؟ انطق ؟
فجلّ الامتعاض على ملامحه و هو يردد بسخط :
- ازاي وصل بيك الشر انك تدبر لحادثة لأبوها ؟
تنغض جبينه و هو ينظر له باستهجان فتابع " عمر" باحتدام :
- مش مكفيك اللي عملته فيها و في عيلتها ؟ بردو لسه بتأذيهم و مش راضي تسيبهم في حالهم !
فـ دنا منه منتويًا الهجوم عليه و هو يزأر :
- انت بتقول ايه يالا ؟ أبوها ايه و زفت ايه ؟ انطق وديتها فيـن بدل ما أخليك تنطق بطريقتي !
فـ سد " فارس" الطريق بجسده عنه و هو يردد مُحذرًا :
- يامن .. يامن اهدى شوية
فـ دفعه بعنفٍ للخلف و هو يهدر بشراسة :
- اهدى ازاي يا متخلف ؟ اهــــــــــدى ازاي ؟
فـ ردد " عمر" بازدراء :
- متخافش ، هي هترجع تاني ، ما هي للأسف مش هتعرف تهرب منك طول العمر ! كده كده هتلاقيها
فتراجع " عمر" للخلف و قد تدفق الارتباك في عروقه حين رآه يدنوَ منه گليث ينوى الهجوم على فريسته ، حتى تفاجأ باصطدام ظهره بالجدار فلم يعد له مفرًا منه ، كور " يامن" قبضته بقوةٍ و كاد يسدد لكمة له في وجهه و لكنه زمجر غاضبًا و هو يلكم الحائط بجوار رأسه و هو يجأر بـ :
- هترجع ازاي يا غبي ؟ هتـــرجع ازاي ما انتو مش فاهمين حاجة !
فـامتقع وجه " عمر" وهو يردد بنبرة حادة :
- حرام عليك بقى يا أخي ، انت بتعمل فيها كده ليه ؟ كل ده بسبب أبوها و ..
فـ لكم الجدار مجددًا و هو يجأر بـ :
- أبوهـا ايـــــه ؟ أبوها ايــــــــه الوقتي ، بقولك حصل لها حاجة ، أبوها ايه و زفت ايه الوقتي !
تنغض جبين " فارس" و هو يبسط كفه لـ " عمر " مرددًا بنبرة جامدة :
- اهدى يا عمر شوية
ثم نظر لـ " يامن" و قد تشكك في احتمالية معرفته لما حدث لها ، خاصةً و أن والدتها قد استشعرت حدوث السوء لها فردد متشككًا :
- يامن انت تعرف حاجة ؟ قصدك ايه بإنه هيحصل لها حاجة ؟
فـ ركل بقدمه منضدة صغيرة دائرية لتسقط و يسقط ما فوقها متهشمًا محدثًا دوي مزعج  هادرًا باهتياج :
- معرفـــــــــش ، معرفــــــــــــــــــــــش !
نظر " فارس" لـ " عمر" مرددًا بنبرة متريثة :
- عمـر ، قول حصل ايه بالظبط يا عمر ، اتكلم !
فـردد بتعند :
- لأ ، أنا وعدتها مش هقول حاجة ، هي وثقت فيا و أنا مش هبقى زيكم و أخون الثقة دي
فـ كاد يهجم عليه مجددًا و هو يجأر بـ :
- انت متخلف ؟ بقـولك حياتها في خطـر و انت بتقول ثقة !
فـ سد " فارس" الطريق أمامه مجددًا و هو يقبض على كتفيه مرددًا بنبرة ثابتة :
- خلاص خلاص ، ممكن تهدى طيب و أنا هتصرف ، أنا هتكلم معاه
ظل مسلطًا لنظراته الشرسة على " عمر" الذي حاد ببصره عنه و قد أصابه التوتر ، بينما ردد " فارس" بنبرة جادة :
- يامن ، اهدى شوية ، اهدى و أنا هتصرف ، طالما هتفضل كده هو مش هيقول حاجة
كز على أسنانه بعنفٍ و هو يشمله بازدارء ، ثم دفع كفيه عن كتفيه و أشاح بوجهه ليمسح عليه بكفه بعنفٍ ، استدار " فارس" نحو " عمر" و دنا منه مرددًا بنبرة متريثة :
- عمر ، اتكلم يا عمر ، وديتها فين ؟ انت مش خايف عليها
فـ نظر له من زاوية عين مرددًا بجفاء :
- أنا مش خايف عليها غير منكم ! محدش أذاها و لا هيأذيها قد يامن
فـ ردد " فارس" بنفاذ صبر :
- يا ابني اتكلم بقى و الله أنا حايشه عنك بالعافية
فـ نظر " عمر" لـ" يامن" قائلًا بامتعاض :
- لأ سيبه ، مش فارقة معايا كتير ، أنا أصلًا مبقتش أفرق معاه و ...
كان كمن يتقد بنيران السخط و الغضب ، استدار بجسده بالكامل و أطبق جفنيه محاولًا عدم الانصات لما يُقال خلفه ، ركز جم تركزه و تفكيره عن احتمالية أماكن تواجدها و احتمالية الأذى المُلحق بها ، فرك عنقه بقسوةٍ و هو يردد بداخله باصرار :
- مش هسيبك تضيعي مني ! مش هسيبـك !
- عمـر ، عايزك تعرف ان حسين كويس و محصلوش حاجة ! يعني يارا دلوقتي فعلًا في خطر
قالها " فارس" بنبرة جادة و هو يقبض على كتفه ، فـ اتسعت عينا " عمر" بصدمة و هو يتمتم :
- محصلوش حاجة ؟
فـ أومأ " فارس" مؤكدًا :
- أيوة ، أنا كلمت ولاء و اتأكدت منها ، حسين كويس و محصلوش حاجة
فنظر " عمر" تلقائيًا لـ " يامن" المولي ظهره له ، فـ التفت الأخير لينظر له بنظراتٍ تطاير الشرر منها و أشهر سبابته محذرًا بصوتٍ قاتم  :
- حالًا تقول اللي حصل بالظبط و إلا قسمًا بالله لتشوف مني وش مش هيعجبك يا عمر
ازدرد " عمر" ريقه و بهت و هو يردد بارتباك :
- أنا .. أنا معرفش ، واحد .. واحد اتصل بيا و قالي انه عايز يكلم يارا و ..
فـتوهجت عيناه و هو يردد بنبرة ناقمة :
- ميـن الـ××× ؟
فرك " عمر" عنقه و هو يحاول تذكر اسمه فلم يفلح ، فـ تهدل كتفيه و هو ينظر له بتوتر جلّ على ملامحه من طرف عين متمتمًا :
- مش .. مش فاكر ، بس أنا وصلت الموبايل ليها و قالها انه عمل حادثة و هي صممت تشوفهم
كور " يامن" قبضته و هو يلكم الجدار بها ، و كز على أسنانه بعنفٍ مشددًا على عضلات فكه ، فردد " فارس" بنبرة جادة و هو يحثه على المتابعة :
- كمل ، خرجتها من هنا ازاي
فـ قبض على شفتيه بقوةٍ و هو يقص عليه بإيجاز كيف نجح بتهريبها من هنا ، بينما كانت النيران تستعر أكثر بصدرهِ و هو يُحاول جاهدًا التحكم بالبركان الذي على وشك أن يثور في وجه أخيه ، بينما امتعضت ملامح " فارس" و هو يعنفه مرددًا :
- يعني انت صدقت على طول و مشكتش في حاجة ؟ ايه الغباء اللي انت فيه ده ؟
فـتمتم " عمر" بعفوية :
- أنا .. أنا بصراحة حسيت ان في حاجة غلط ، فاديتها موبايلي عشان....
هنا سلط نظراته لثوانٍ أمامه ثم التفت لينظر لأخيه بنظرات قدحت شررًا من عينيه التى باتت گجذوتين من الجحيم ، فابتلع الأخير كلماته من فرط التوتر ، لم يُضيف حرفًا بل استدار بجسده فجأة و مضى نحو الأريكة ليسحب سترته و التقط بحركة خاطفة مفاتيحه و هاتفه ثم أوفض للخارج بخطواتٍ واسعة ، تنغض جبين " فارس" و هو يتابعه بنظراته ، ثم أوفض نحوه و هو يهتف  :
- يـامــــــن ، انت رايـح فين ؟ عرفت هي فين ؟
فلم يكترث له و هو يتحرك نحو الجراج و استقل سيارته خلف المقود ، كاد " فارس" يستقلها بجواره و لكنه أدار المحرك و ضغط على دواسة البنزين مُنطلقًا بالسيارة بدون أن يُضيف حرفًا و قد كانت تعبيراته تكفي لتشرح باستفاضة عن ما يجول بخاطره 
..............................................................................
سحب قداحته و عاد بظهره للخلف و هو يُخرج من جيبه علبة سجائره ، أخرج سيجارًا و أشعله ثم دسها بين شفتيه و ترك سحابة  الدخان تنبعث من فمه و هو يردد بنبرة شيطانية :
- أخيرًا بقيتي معايا !
ألقى بعلبة السجائر و القداحة بلا اكتراثٍ على الكومود و عاد يسلط نظراته الخبيثة عليها ، ثم قوس شفتيه ليردد بلؤم :
- لازم البيه جوزك يعرف ، و لا ايه ؟
التقط هاتفه و نقر على شاشته ثم رفعه الى أذنه و عاد بظهره للخلف رافعًا ساقًا فوق الأخرى منتظرًا أن يأتيه رده
....................................................................................
لم يكن ليتركه بحالة گ تلك ، حتى انه استدعى رجاله بسياراتهم خلفه ليتبعه ، و ظلّ على بعد مسافة مناسبة منه تجنبًا لرؤيته له ، فهو يُدرك جيدًا ما ستؤول اليه الأمور و هو لا يكاد يرى من أمامه حتى من فرط غضبه الذي يعمى عينيه ، استمع الى رنين هاتفه المتواصل فنفخ بضيقٍ و هو يلتقطه ، حدّق بشاشته قليلًا ثم أجاب بنبرة محتدمة و قد نفذ صبره :
- عايزة ايه السعادي ؟
فـ رددت "ولاء" باستنكار و هي توصد باب حجرتها جيدًا :
- انت بتزعقلي !
فـ أطبق جفنيه متمتمًا بضجر :
- ولاء ، مش وقتك
توسطت خصرها بكفها و ضيقت عينيها مرددة بنبرة ساخطة :
- و الله أنا مش بكلمك عشان حاجة تافهة ، لو كان بإيدي مكنتش كلمتك أصلًا ، بس للأسف أنا مضطرة عشان انت الوحيد اللي تقدر ترد عليا ، و كمان أنا حد غيرك من العيلة دي ، عشان كده أنا مجبورة اني أكلمك مش مخيرة ، و بالذات ان  آآ..
فقاطعها بنفاذ صبر :
- بـــــــس ، ايه ؟ انتي لما بتفتحي مبتقفليش !
حرِد صدرها و هي تردد باستهجان :
- انت ازاي تكلمني كده !
زفر حانقًا و هو يُدير المقود لينعطف ، و دقق النظر ليبحث عن سيارته التي كانت تلتهم الطريق أمامه ، بينما كانت تتابع حديثها الذي لا ينتهي :
- انت فاكر نفسك مين عشان تكلمني بالشكل ده ؟ على فكرة أنا مسمحلكش ! مش عشان ابن عيلة غنية تتكبر عليا بقى ، مش كفاية ابن عمك و اللي هببه.. أنا بقى عايزة أكلم أختي حالًا ، معرفش ازاي بس تتصرف ، ماما حاسة ان يارا مش كويسة ، و ماما لما بتـ...
ضيق عينيه و هو يبحث عن سيارتهِ حتى وصل الى نهاية طريق متفرع الى طريقين لا يدري أيهما سَلك ، فـغلت الدماء بعروقهِ و زأر بها بنبرة شرسة على غير عادته :
- تعرفي تخرسي بقى ، أنا مالي أنا باللي بتقوليه ده ، عندي حاجة أهم من اني أسمع تفاهتك دي
ثم أغلق المكالمة في وجهها و ألقى بالهاتف بلا اكتراثٍ على المقعد المجاور ، وضغط بقوةٍ بكفيه على المقود و هو يردد بنبرة ساخطة :
- روحت فين بس يا ابني ، اوف ، كان وقتك انتي كمان
...............................................................
أعدائهِ كُثُر .. كل منهم يسعى للانتقام منه فيستغل ثغراته و قد كان  احداهم بل أوحدهم .. أخيه ، لذلك و باهتمامهِ المتواري بأخيه زرع جهاز تعقب بهاتفه حتى يراقب تحركاته كاملةً ، و بعد أن حدد الموقع عن طريق تطبيق بهاتفهِ ، كان يلتهم الطريق بسيارته حتى أنه سجل أكثر من مخالفة مرورية و لكنه لم يكترث ، آلاف السيناريوهات اقتحمت ذهنهِ عن هوية الخاطف و سبب خطفها ، كان القلق ينهش بداخله ، ازدادت نظراته تصميمًا و ضغط بكفيه على المقود و هو يتمتم باصرار :
- مش هخسرك ، مستحيل ده يحصل ، مستحيـــــــــــــل !
استمع الى رنين هاتفه فتجاهله لأكثر من مرة ، و لكنه ضجر من رنينه المتواصل فأخرجه من جيبه و نقر زر الإجابة و رفعه الى أذنه و قبل أن يثور بركانه بوجه من قرر اخراج شحنة سخطه كاملًا به ، كان يستمع لصوته البغيض و هو يردد بنبرة باردة :
- و أخيرًا الباشا حن علينا و رد
لم يكن لينسى صوته مُطلقًا ، الآن اتضحت الصورة كاملةً أمامه.. كان يضع عينه الذي ودّ لو يقتلعهما عليها فاختطفها ، لم يكن ليحتاج تفسيرًا عن ماهية الأذى الذي من الممكن أن يلحق بها ، مجرد التفكير بذلك جعل رأسه يشتعل احتدامًا ، سخونة تغلغلت الى جسده و  يردد بنبرة جامدة هادئة هدوء الذي يسبق العاصفة :
- قسمًا بالله لو لمست شعرة منها لأنسفك !
أصدر قهقهات كانت گالبنزين الذي سُكب فوق نيرانه المتقدة فازداد سعيرها ، و جعل الدماء تفور بأوردتهِ التي شعر و كأن الجحيم يتربع فيها ، بينما تلاشى صوت ضحكاته ليحل محلها ابتسامة شيطانية و هو يميل للأمام ليتلمس وجنتها بأطراف أنمله و هو يرمقها بتلذذ مريض متمتمًا بنبرة أشبه للفحيح :
- تعرف أنا كنت مستنى اللحظة دي من امتى ؟ اللحظة اللي هتبقى فيها في حضني !
أطلق عنان سخطه ليطفو على السطح هادرًا بنبرة شرسة و هو يكز على أسنانه :
- اخـــرس يا ابن الـ×××× يا ×××× قسمًا بالله لأمحيك من على وش الأرض يا ××××××
فارتفع جانب ثغره بابتسامة و كأنه قد أثنى عليه ، ثم ردد بنبرة جافة و هو يتلمس وجهه الذي برزت به ندوب ستظل تاركة أثرها به  :
- كنت فاكرني هعديلك اللي عملته فيا ، يبقى انت متعرفش أنا مين
ازدادت نظراته قتامة وهو يردد بصوتٍ حالك :
- لا انت اللى متعرفش أنا مين .. بس متخافش أنا هعرفك مين يامن الصياد ، اصبر بس و انت هتعرف حق المعرفة يا ××××××
ثم أغلق المكالمة و ألقى بالهاتف على المقعد المجاور بعنفٍ ، ثم ضرب بقبته المتكورة المقود و هو يتمتم باستهجان :
- مش هسيبك تضيعي مني ، مش هسمحله يأذيكي ، مش هسمحله !
..................................................................................
شعرت بصداع يداهم رأسها و هي تفتح عينيها حتى اقتحمها الإنارة القوية فـ أطبقتهما ثانيةً ثم عادت ترمش بهما لتعتاد على الضوء ، تأوهت بخفوتٍ و هي تحاول الاعتدال بجلستها ، استغرقها دقائقٍ حتى تستعيد بذهنها ما حدث لها ، خفق قلبها بعنفٍ في صدرها و فرّت الدماء من عروقها ، حتى التفتت گالملسوعة اثر صوته و هو يردد بنبرة متهكمة :
- و أخيرًا يا بنت عمتي حنيتي عليا و صحيتي
فتلاشى خوفها رويدًا رويدًا و تهللت أساريرها و هي تردد بحبور :
- خالد !
كانت نظراته نحوها جافة و لكنها لم تتمكن من فك شفراتها ، فـ اعتدلت في جلستها و هي تتمتم بارتياح :
- كنت متأكدة انك هتساعدني ، انت اللي جيبتني هنا صح ؟
رفع ساقًا فوق الأخرى و التقط قداحته ليُشعل سيجارًا ثم ألقها بلا اكتراث على الكومود و  تمتم و الدخان ينبعث من فمه بصوتٍ أجشّ :
- اه
فـ تلاشت بسمتها لتردد بتشكك :
- طب .. طب عملت كده ليه ؟ انت خوفتني ، لو كانوا قالوا انهم تبعك و هيوصلـ..
ابتلعت كلماتها و تغضن جبينها و هي تتلفت حولها ثم سلطت بصرها عليه لتردد بتوتر طفيف :
- انت .. انت موصلتنيش المستشفى ليه ؟
ظل يرمقها بنظراتٍ عجزت عن تفسيرها ، بل أنها فسرتها و لكنها خشيت أن تعترف بها لنفسها ، نظراتٍ شهوانية انبثقت من عيناه و هما تتجولان على جسدها ، ازدردت ريقها و هي تضم ركبتيها الى صدرها متمتمة بارتباك جلّ على ملامحها :
- خالد ! احنا .. احنا فين ؟ انت مودتنيش عند بابا و ماما ليه ؟ أنا عايزة أشوفهم ، عايزة أكون جمب بابا
سلط عيناه على وجهها و سحب نفسًا من سيجاره نفثه و هو يردد بنبرة ساخرة :
- ليه ؟ هي عمتي و جوزها حصل لهم حاجة و لا ايه ؟
رمشت بعينيها عدة مرات مرددة باستفسار :
- نعم ؟
فمال بجذعهِ للأمام ليُخفض ساقه و هو يردد بتهكمٍ :
- هو أنا مقولتلكيش ؟
عقدت حاجبيها و هي تنظر له بترقبٍ :
- تقولي ايه ؟
فـ تابع بنبرة شيطانية :
- أصل عمتي و جوزها كويسين محصلهمش حاجة ، تعيشي و تاخدي غيرها يا ××××× !
....................................................................................................................................

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن