تحركت نحو الدرج و همت بالصعود لـ تجـد من يسـد بـ جسـده الضخـم الطريق أمامها رفعت نظراتها لـ تجـد " فارس" مرتديًا حلة من اللون" الكافيـه " الفاتح و مـن أسفله قميص أبيض اللون ، كـان يُطوق معصمه بـ ساعة يده الفضيـة الضخمـة ،و لـم يكترث لـ يرفع نظراته اليها ، فـ توسطت خصرها بـ كفيها و هي تنظر له شزرًا ، تحـركت للجانب قليلًا لـ تمرّ من جواره فـ عاد يسـد الطريق أمامها مُصدرًا صفيرًا خافتًا من بيـن شفتيـه ، فـ كـزّت على أسنانها بعنفٍ هادرة بـ تشنج :
_ متستفـزنيـش انت كمـان ، عـديني !
انتهـى من ارتداء ساعته ، فـ رفع نظراته اليها لـ يردد ببرود :
_ سـوري يا هـدى هانم مخدتش بالي ، كنتي بتقـولي حاجــة ؟
فـ صـاحت به بـ غيظٍ و قـد اشتعلت عيناها :
_ فــــارس !
فـ تجمدت تعبيراته و هـو يدس كفيه بـ جيبيه مرددًا بنبرة جافة :
_ طالعة فوق تعملي ايـه يا هـدى هانم ؟
تنغض جبينها مرددة بـ استهجـان :
_ و انت مالك ؟ ده قصـــري ، أطلع أنزل أروح في أي حتة انت ملكش دعـوة !
حك ذقنه بـ اصبعيه متمتمًا بنبرة ذات مغـزى:
_ ده لما يكـون بتاعك لوحـدك ، لكـن دلوقتي في غيـرك فيه !
و كأنه نزع فتيـل القنبلة ، احتدت نظراتها و احتدمت نبرتها و هـي تردد :
_ نعــــم ! قصــدك ان بنت حبيبـة تتساوى بيا أنا هـدى هـانم الريحاني !
فـ مط شفتيه للأمام و هـو يتمتم باستنكار زائف :
_ تــــــــــؤ ، حاشا لله يا هـدى هانم ، يمكـن تكون أعلى منـك !
فـ هـدرت به بـ تشنجٍ :
_ اخــــرس ، انت واحـد قليل الأدب ، صحيح و انت هتبقى متربي ازاي و أمـك مبتـ.....
أظلمــت عيناه و قسـت تعبيراته و هـو يصيـــح بـ شراسة :
_ الــــــــــــــزمي حـــدودك يا هـــدى !
رفعت رأسها بـ كبرياء و لوت ثغرها ببسمة ساخرة متمتمة و هـي تعقـد ساعديها أمام صدرها :
_ ليــــــه ؟ أنا قولت حاجة غلط ؟ مـش ده اللي حصـل !
اشتعلت عيناه و هو ينظـر لها بنظراتٍ ساخطـة ، و كـزّ على أسنانه بـ عنفٍ فـ تابعت بـ ازدراء :
_ دي حتى مستنتش أما تطلق من أبوك ! هــربت و سابتك و سابته و معملـ.......
فـ قاطعها هادرًا بنبرةٍ شرسة غير معهودة منه :
_ هــــــــــــــــدى ، أنا لدلوقتي مراعي انك مرات أبويا ، قسمًا بالله كلمة زيادة و هنسى انك تقربيلي
فـ اتسعت ابتسامتها الظافـرة و قـد أدركت أنها أصابته في مقتلٍ ، و رفعت كتفيها متمتمة ببرود :
_ و ليـه ؟ أنا أصلًا كلامي مـش معاك ، عـدّيني
فـ بسط ذراعه أمامها يمنعها من الصعـود و حدجها بنظرات قاتمـة مرددًا بنبرة جافـة و هـو يشير بـ عينيه للأسفل :
_ أوضتك تحت يا هـدى هانم ، مفيـش سبب لطلوعـك
فـ احتقنت عيناها بالدماء و هـي تردد بـ استهجان :
_ مـش هتمعني عنها يا فارس ، البت دي مش هتقعد لحظـة زيادة في قصـري
فـ احتــدمت نظراته و هو يردد بتهديد صريح :
_ و مـرات يامن مش هتفضـل غير هنا و إلا اتصـرفي مع يامـن نفسه مش تعملي عملتك من وراه !
كـزت على أسنانها و قـوست شفتيها باستهجان :
_ انت بتهددني ؟
رفع كتفيه متمتمًا بنبرة ثابتة :
_ اعتبريه تهـديد ، نصيحـة ، تحـذير ، زي ما تحبي
شملته بنظرات ازدراء متمتمة بوعيـد :
_ ماشي يا فارس ، بس أنا مـش هسكـت !
فـ ابتسـم لها ابتسامة جليدية و :
_ و أنا هقف لك بالمرصـاد !
غلت الدماء بعروقها و كـزّت على أسنانها بـ قوةٍ حتى ارتعش صدغيها ، فـ أشار " فارس" بـ كفه مرددًا بـ غلظة :
_ يالا يا هـدى هـانم
شملته بنظرات ساخطـة ، ثـم استدارت بـ جسدها لـتهبط الدرجات التي صعدتها ، فـ تابعها " فارس" بـ نظراتٍ ساخطة ، و زفـر بـ حرارة ألهبت صـدره ، ثـم هبط هـو الآخـر الدرجات القليلة ، لـ يتفاجأ بـ " سهيـر" تصعـد الدرجات حاملة بـكفيها حاملًا معدنيًا أُسنـد فوقه العديـد من أنواع الجبـن و ابريق الشاي ، فتنغض جبينه و هـو يرى " عمـر" يسيـر خلفها ، فـ استمع اليها تردد بنبرة هادئة :
_ هي طيبة أوي ، بس ساعات بتتعصب و ده حقها
انتبهت الى " فارس" فـ توقفت في مكانها ، فـ تنغض جبيـن " عمر" و :
_ كملي يا سهيـر
فـ أشارت بـ عينيها الى " فارس" و تنحنحت و هـي تردد بنبرة عـذبة :
_ صباح الخيـر يا فارس بيه ، ثواني و الفطار هيكون جاهـز
فـ تنغض جبينه و هـو ينظر لـ " عمر" متمتمًا بنبرة جادة :
_ الأكل ده لـ " يارا " ؟
أومأت " سهيـر" برأسها :
_ أه يا فارس بيه
فـ دنا " فارس" من كلاهما و سحب " عمر" من أذنه متمتمًا بنبرة جادة :
_ و فرقع لوز ده بيعمل ايـه ؟
فتآوه " عمـر" مـتألمًا و هـو يحاول تخليص نفسه :
_ آآآآه يا فارس بتوجع و الله
فـ نظر له متمتمًا باستنكار :
_ رايـح فيـن ؟
عبست ملامه و هو يردد متآوهًا :
_ هتعرف على مرات أخويا
فـ جـذبه اليه مشيرًا لـ " سهير" بـ عينيه و :
_ اطلعي انتي يا سهيـر و سيبك منه
فـ لوت ثغرها ببسمة صغيرة مرددة بنبرة هادئة :
_ حاضر يا فارس بيه ، عن اذنك
ثـم استدارت و شرعت تصعـد الدرجات للأعلى ، فـ تمتم " عمـر" بـ احتجاج :
_ سهيـــر ، استنى يا سهيـر ، كـده بتبيعينى في لحظة !
فـ عنفه الأخير و هـو يلكزه بـ عنفٍ في كتفه و ردد ساخطًا :
_ يا أخي اتنيل بقى أنا هلاقيها منك و لا من أمك !
فـ عبست ملامح " عمـر" و هـو يضبط ملابسه و :
_ كـده بوظت التي شيرت ، أقابل البنت ازاي أنا دلوقتي ؟
فـ تأففت ملامح " فارس" مرددًا :
_ قالولك قبل كـده انك بارد و مستفـز ؟
فـ ابتسم " عمـر" ابتسامة واسعـة متمتمًا بغطرسة :
_ يــــا ، كتيــــــــر
فـ قبض على كتف ملابسه مرددًا بنبرة حازمة :
_ عمــــــــر ، أنا مش ناقص
تأففت ملامح " عمر" متمتمًا باستنكار :
_ هـو أنا عملت حاجة ؟ أنا عايـز أهـون على البنت بس !
فـ ردد " فارس" بـ نبرة ساخطة :
_ و انت مالك ؟ ايه الحشريـة دي ؟
فـ استنكر " عمر" متمتمًا :
_ و الله حـرام اللي بتعملوه فيا ده ، سيـب بقى
فـ دفعه " فارس" للخلف برفقٍ مرددًا بتنهيـدة :
_ عمــــر ، هي أساسًا مش طايقـة حـد من العيلة ، متخنقهاش أكتر يا أخي !
فـ أشار " عمر" لـ نفسه قائلًا بتفاخـر :
_ ليه يعني ؟ هـو أنا زيكم ؟ ده أنا أدخـل القلب من أول نظـرة !
فـ زفـر " فارس" قائلًا بـ حنق :
_ يا ابني متستفزنيـش بقى
فـ ربت " عمر" على كتفه متمتمًا بنبرة جادة :
_ طـب صدقنى لو قالتلي أمشي هسيبها و أنزل
فـ ردد " فارس" بـ نفاذ صبرٍ و هـو يدفعه من كتفه :
_ اطلع يا عمـر انت زهقتني ، بس لـو حصل حاجة من وراك افتكـر ان أخـوك ...
فـ قاطعه بـ حمـاس مفاجئ :
_ أخيـــرًا
ثـم استدار بـ جسـده لـ يبتلع الدرجات للأعلى ، فـ تابعه " فارس" بنظرات مشـدوهـة ، ثـم ضرب كفًا بالآخـر متمتمًا بـ استنكار :
_ ماله ده ؟
دس كفه بـ جيبه لـ يخرج هاتفه ، ثـم نقر على شاشته و رفعه الى أذنه منتظرًا أن يأتيـه الرد .
.................................................................................................
جلس على احـدى درجات القبر الرخامية ، و ظـل محدقًا أمامه بنظرات شاردة ، سحب شهيقًا عميقًا لصدره زفـره على مهلٍ و هـو يتمتم باصرارٍ :
_ كـان قصـدك ايه يا بابا ؟ أنا مش هسيبها !
مسـح بكفه على اللوح الرخامي للقبر المدون عليه اسـم ولده و تمتم بصوتٍ قاتم :
_ أنا بحاول أرجع حقـك
ثم كـز على أسنانه و هـو يتمتم بـ نبرة شرسـة :
_ بس ناري مبتبردش مهما عملت ، تفتكـر ليـه ؟
ارتفع جانب ثغره ببسمة ساخرة و انتصب في وقفته و هـو ينظـر للقبر و تمتم بتهكمٍ مرير :
_ عملت اللي عايـزه و سرقتها منه زي ما سرقـك مني ! كان ممكـن أسيبها تمـوت زي ما هـو قتلك بإيـديـه ، بـس..
طـرد زفيرًا حارًا ألهـب صـدره و هـو يدس كفيه بـ جيبيه و :
_ بس مقدرتش ، مـش هسيبها بالسهـولة دي !
رفع نظراته لـينظـر أمامه بنظرات قاسيـة مرددًا بنبرة قاتمـة :
_ هـو ميستحقهاش ، هـي بتحـاول تصد عنه الأذى و هـو في أول مشكلة اتبرى منها !
ثـم لوى شفتيه بتهكمٍ و تابع :
_ و هي لسـه غبية بـ تموت فيه و مـش عارفـة انه ممكن يبيعها في ثانية قدام مصلحته !
عقـد كفيه خلف ظهرهِ و نظـر للقبر متمتمًا بتنهيـدة :
_ لسـه مش مصـدقة ان هـو اللي خـدك مني ، فاكراه ملاك و هـو شيطـان
قست نظراته أكثر و هـو يتمتم بشراسة :
_ انا بس اللي فاهمـك يا حسيـن ، يارا تخصني أنا .. و مـش هسمحلك تاخـدها مني زي ما خـدته !
نظـر للقبر بنظراتٍ مُطولة متنهـدًا بـ حرارة ، ثـم تمتم بـ آسى :
_ أنا عارف انك مش عايـز حـد يتأذى
ثـم دس كفيه بـ جيبيه و هـو يردد بـ صوتٍ صلب وقـد أظلمت نظراته :
_ بس الحرب دي مـش هتنتهي غير بـ موت حـد فينا !
ألقى عليه نظرة أخيـرة ثـم أحنى بصره عنه و هـو يستديـر بـ جسـده ، خـرج من المقابر ، و دس المفاتيح ببوابتها يوصدها ، ثـم نزعها و هـو يستديـر بـ جسـده سائرًا نحو سيارتهِ بـ شمـوخٍ مريب ، استقل سيارته خلف المقـود و أدار محركها ، ثـم ضغط على دواسـة البزيـن و انطلق مبتعدًا بها ، انتبه الى رنين الهاتف فالتقطه ليتنغض جبينه ، ثم أجاب عن طريق جهاز سماعة الأذن بالبلوتوث مرددًا بـ صوتٍ جاف :
_ عايـز ايـه ؟
سأله مستنكرًا :
_ روحـت فين كده ؟
فـ تجاوز سـؤاله و هـو يسأل بـ نبرة جامدة :
_ حصـل حاجة ؟
فـ تنهـد " فارس" متمتمًا بـ ضيق :
_ كـان هيحصل ، هـدى شكلها مش هتعديها
زفـر بـ حنق شديـد و احتقنت عيناه و وجهه بالدماء متمتمًا بـ نبرة ثابتة :
_ متسمحلهاش تقرب منها لغايـة ما أرجـع
أومأ برأسه متمتمًا بنبرة جـادة و هـو يسيـر نحـو احـدى الأرائك :
_ متقلقش
..........................................................................................
دسـت الملعقة في صحـن الحساء الذي تتصاعد منه الأبخـرة ثـم رفعتها الى شفتيها فـ هـزت "ولاء" رأسها نافية متمتمة بـ استياء :
_ شبعت يا ماما ، خلاص
عبست ملامح " حبيبة" و :
_ شبعتي ايه يا ولاء انتي كلتي حاجة ؟
تجمعت الدموع في عينيها حتى تشوشت الرؤية لديها و هـي تتمتم بـ قنوط :
_ مليش نفس لـحاجة ، كـل حاجة من غير يارا باهتـة ، الدنيا وحشـة أوي من غيرها
و كأنها سكبت ملحًا على جُرحها الغائـر ، تهـدل كتفي "حبيبة" بيأسٍ و انهمرت الدموع من عينيها بلا وعي منها ، أسندت الصحـن على الكومود المجاور للفراش ، و دنت أكثر منها تجتذبها لأحضانها ، فـ دفنت "ولاء" رأسها في كتفها متمتمة بـ قهـرٍ :
_ وحشتني أوي يا ماما ، أوي
فـ أطبقت " حبيبة" جفنيها لتنهمـر الدموع من بينهما فـ تابعت " ولاء" بنبرة امتزجت مع شهقاتها :
_ عـايزة أشوفها مرة واحـدة بس ، اسمـع صوتها ، عايـزة أي حاجة تطمنّي عليها
فـ ضمتها أكثر الى أحضانها و كأنها تحاول شفاء جـروحها بها ، و لكـن ظـلت الدماء تنزف من جُرح روحها الغائـر ، ربتت عـدة مرات على ظهرها برفقٍ محاولة مواساتها بينما هي لا تجـد من يواسيها ، ابتعـدت "ولاء" عنها لتنظر لها بعينين دامعتيـن و :
_ ماما ، بابا ملوش ذنب في اللي حصل
فـ تجهمت ملامحها و هـي تردد بامتعاض :
_ مالوش ذنب ! كان هيقتل أختك و تقوليلي مالوش ذنب !
فـ رددت " ولاء" بنبرة مبحوحة :
_ مش قصدي بس .. بس هـو مكنش يقصـ..
فـ كان ردّها حاسمًا :
_ مكنش يقصـد أختك بس كان يقصـد حـد تاني ! و دي هي اللي كويسـة ، فكـرة انه يرفع سكينة و يضرب بيها حـد ايًا كان دي تخليه في نظـري مذنب !
فـ عبست ملامح " ولاء" و هي تردد باحتجاج :
_ و ده ميستاهلش القتل ، ده حـول حياتنا جحيـم
فـ نزحـت " حبيبة" دموعها بأطراف أناملها ، و رددت بنبرة حازمـة و هي تنهض عن الفراش :
_ ولاء ، خلصنا
زمت "ولاء" شفتيها بضيقٍ و هي تنظر لها من طرف عيـن ، بينما التفطت " حبيبة" صحـن الحساء و استدارت بـ جسدها لـ تخرج من الغرفـة ، اتجهت نحـو المطبـخ و أسندت الصحـن بداخل الحوض ، ثـم خرجت .. قادتها قدماها الى غرفتها ، فلذة كبدها التي عانت و مازالت تعاني الكثيـر لذنب لم تقترفه ، دلفت للداخل بـ خطى بطيئة .. منهكـة ، أوصدت الباب خلفها ، و استدارت لتتجول بنظراتها في الغرفـة ، هنا كانت تضحك بصوتٍ مرتفع ، هنا كانت مبتهجة و هنا كانت تبتسم بإشراق ، هنا عبست ملامحها ، و هنا بكت بعـد أدائها الغير جيـد في احـدى امتحاناتها ، هنا كانت تقرأ احدي الروايات و مندمجة مع أحداثها الى أقصى حد ..كانت روحها و كأنها عالقة هنا ، سارت بخطوات بطيئة نحـو مكتبتها التي اكتظت بالروايات ، التقطت احـداهـن و قـد كانت المفضلة لديها ، تتذكـر حتى أنها روتها لها العديد من المرات باختصار من شـدة تعلقها بها ، سارت بأناملها على الغلاف الذي برز اسمها عليه ، و فتحت دفتيها لـتفر أوراقها ، فاضـت دموعها أنهارًا بلا وعي منها حتى ، تلظت النيران في فؤادها ، تنهـدت بـ شوقٍ و هـي تضمها الى صدرها و كأنها تحتضنها هي ، تراخى جسدها لـتخر على ركبتيها و دفنت رأسها بيـن كفيها تاركة العنان لـ دموعها و شهقاتها المريرة و انّاتها الموجـوعة
.........................................................................................
_ عـرفت حاجة عنهـم ؟
كـان ذلك أول سـؤال سألته " يارا" ، جلس أمامها على طرف الفراش و أومأ برأسه متمتمًا بـ هـدوء منتويًا طمأنتها :
_ آه ، باباكي طلع براءة
أومأت برأسها متنهـدة بـ حرارة و :
_ عارفـة ، معرفتش ماما و ولاء عامليـن ايـه ؟ كلهم كويسيـن ؟
فـ اتسعت ابتسامته أكثر و هـو يردد بـ حمـاس :
_ اه متقلقيش ، أختــك هتفـك الجبيرة تقريبًا الأسبـوع ده ، و كلهم كـويـ....
و كأنه سكب دلوًا من الثلج فوق رأسها ، تثلجت أطرافها ، و فغرت شفتيها مقاطعة بـ شـدوه :
_ جبيرة ايـه ؟
فـ تابع موضحًا بعفوية :
_ الجبيرة اللي في رجلها ، و الدكتور قال انها ممكـن تمشي عليها عادي و ان الحـ..
خفق قلبها بـ عنفٍ في صـدرها و هـي تصيح بـ استنكار :
_ جبيرة ايه اللي بتتكلم عنها ؟ ولاء حصل لها ايـه ؟
رمش بعينيه عـدة مرات غير مستوعبًا ردة فعلها ، و قبض بقوةٍ على شفتيها و هو يسألها بـ حـذر و قـد استشف أنه أفسـد كـل شئ بـ صراحته الزائـدة :
_ هـو .. هـو انتي متعرفيـش ؟
ازدردت ريقها بتوجس متمتمة بـ حـدة :
_ معرفـش ايه ؟ اتكلـــم ، أختي حصل لها ايـه ؟
فـ أحنى بصره عنها متمتمًا بصوتٍ خافت :
_ عملت حادثـة !
صـدر منها شهقـة مذهـولة كتمتها بـ كفها و هـي محملقة به بـذهـولٍ متمتمة من بيـن شفتيها بـ دهشـة :
_ حـ..حادثـة !
هبت واقفة في مكانها هادرة بـتشنـجٍ :
_ يعني ايـــه ؟ يعني ايه عملت حادثـة ، امتى و ازاي ؟ ازاي أنا معرفش !
ارتبكت ملامحه من رد فعلها ، و استقام بوقفته أمامها باسطًا كفيه مرددًا بـ رجاء :
_ اهـدي اهـدي ، هي كويسة والله ، رجلها بس اتعملها جبيرة ، و قريب أوي هتفكها
مـرّت من جواره مرددة بـعصبيـة:
_ حـاسب
فـ سـد الطريق أمامها متمتمًا بنبرة متوترة :
_ رايحـة فيـن بس ؟
كـزت على أسنانها و أشاحت بكفها قائلة بتشنجٍ :
_ هشـوف أختي ، مـش هستني هنا ثانيـة واحـدة
هـز رأسه نفيًا متمتمًا بـنبرة جادة :
_ للأسـف مينفعـش ، مـش هتعرفي تخـرجي من هنا
فـ دفعته من كتفه مـرددة بـ ازدراء :
_ حاسـب
سـارت بـ خطوات متعرجـة نحـو الخارج بينما ظـل متسمرًا في مكانه يراقب ابتعادها بأعيـن متسعـة ، حك مؤخـرة رأسه بـ كفه متمتمًا ببلاهـة :
_ الواضـح كـده اني عملت مصيبـة
ثـم أوفض للخارج محاولًا اللحاق بها ، هبطـ " يارا" الدرجـات و عينيها ممتلئة بالدمـوع ، قلبها يخفق رعبًا على شقيقتها ، تبعها " عمـر" و هـو يصيـح بـ نبرة جـادة :
_ استنـي بس ، يـــارا
تابعت هبوطها الدرجات غير مكترثـة لـصياحه ، فـ انتبـه " فارس" لصوت الصياح فـ رفع نظراته عـن هاتفه و هـو يضغط على الزر الجانبي ليغلقه ، و تنغض جبينه و هو يستقيم بوقفته دافنًا له في جيبه ، سـار أمامها حتى سـدّ عليها الطريق متمتمًا بنبرة جـادة :
_ رايحة فيــن ؟
رفعت نظراتها الدامعـة اليه هادرة بتشنجٍ :
_ و انت ميــن انت كمـان ؟ عـديني ، أنا هخـرج من هنا يعني هخــرج
حول " فارس" نظراته المشتعلـة لـ "عمر" الذي كـان يدنـو من كلاهما :
_ هببت ايــــه ؟
فـ ازدرد " عمر" ريقه بتوتر و هـو يوزع النظرات بينهما ، فـ حاولت " يارا" تجاوزه مرددة بـ تصميـم :
_ أنا هشـوف أختي ، حـاسبــوا
فـ سـدّ الطريق ثانية أمامها و سلط نظراته الضائقة عليها مرددًا بـ شـدوه :
_ اختك ؟
رفع نظراته الناريـة لـ " عمـر" الذي رفع كتفيه مبررًا بـ اضطراب :
_ كنت فاكرها عارفـة
مسـح " فارس" على وجهه بـ قـوةٍ و سلط نظراته عليها متمتمًا بنبرة جامدة :
_ بصـي ، أختك كويسـة و محصلهاش حاجة ، الحادثـة دي أنا اللي....
فـ هـدرت مشيحـة بـ كفيها و قـد فاض بها الكيـل :
_ هـو عايـز ايـه تاني مني ؟ مـش كفايـة اللي عمله ؟ كمـان كـان هيقتل أختي ؟
رفع " فارس" حاجبيه مشـدوهًا و كاد يبرر ما حـدث لولا أن خـرجت " هـدى" متجهمة الوجـه هادرة بـ استهجـان :
_ ايه اللي بيحصـل في قصــري ده ؟ ازاي تتجرأي ترفعـي صـوتك ؟
التفتت " يارا" لها لـ تنظر لها بـ عينان حمراوان ، ،تلاحقت أنفساها المتوترة و هـي توفض نحوها متمتمة بتوسـل و قـد فاضت دموعها أنهارًا :
_ أرجـوكي خـرجيني من هنا ، أرجـوكي ! ابنـك حابسني هنا غصـب و أختي .. اختي ابنك .. ابنك داسها و كان هيقتلها و .....
فشملتها بنظرات ازدراء و ابتسمت ظافرة متمتمة :
_ و الله أنا مكنتش راضيـة انك تقعـدي هنا ثانية واحـدة ، لكـن الواضـح ان يامن متجـوزك عشـان يذلك !
ثـم تنفست بارتياح و اتسعت ابتسامتها القاسيـة و هـي تتابع بـ ظفرٍ :
_ أخيرًا جه اليـوم اللي أشـوف عيلة حبيبة بتنهار فيـه !
فغرت شفتيها مـن شـدة صدمتها و اتسعت عيناها و هـي تنظـر لها بـ ذهـول ، هـزت رأسها نافيـة عـدة مرات و هـي تمرر نظراتها بينهـم متمتمة بـ استهجان :
_ انــتو لا يمكـن تكونوا بشـر ، كلكـم شياطيـن ، كلكـــــم !
فـ مسـح " فارس" بـ عنفٍ على وجهه و نظـر لـ " هـدى" بنظراتٍ ناريـة متمتمًا بنبرة شرسـة :
_ هـــــــدى ، يامـن مش هيعـدي اللي بيحصـل ده على خيـر !
توسطت " هـدى" خصرها بـ كفيها بالرغـم من حنقها لتواجدها الى أنها أرادت أن تُشعـل النيران بـصدرها علّ نيرانها تهـدأ فـ تمتمت بـ خبثٍ :
_ كنت متأكـدة ان ابني مـش متجـوزك حُبًا فيكي ، و فعلًا ، يوميـن و هيزهـق منك و يرميكي ، عادي جدًا !
امتعضـت ملامح " عمـر" و هـو يردد مستنكرًا :
_ ماما ...
فـ التفتت اليه ترمقه بـ قسوة مقاطعـة بـ نبرة ساخطـة :
_ اخـرس انت ، متـــدخلـــش
هـزت " يارا" رأسها استنكارًا و هـي فاغـرة لـ شفتيها ، و ظلت محملقة بها بـ ذهـول ، ثـم تمتمت بـ عـدم استيعـاب :
_ انتـو .. انتــو مجانيـن ، كلكـم مجانيـن ، أنا لا يمـكن أعيـش معاكم أبدًا ، لا يمكــــن
ثـم أوفضت للخارج آملة أنها ستتمكـن من الخروج من هنا ، فـ تابعتها " هـدى" بنظرات مزدريـة مرددة بـ تأفف :
_ في داهيـة
رمقها " فـارس" بنظراتٍ محتـدمـة ، و ضيق عينيه و هـو يدنو منها هامسًا بـ نبرة متوعـدة :
_ ماشي يا هـدى ، متفكريش انك هترتاحي بالسهـولة دي ، يـامـن مش هيسيبها ، خليكي حاطة ده في دماغـك كويس !
فـ كـزّت على أسنانها بـ عنفٍ و هـي تنظر له بـ فتـور فـ بادلها بنظراتٍ قاسيـة ، ثـم ابتعـد عنها موفضًا للخارج لليحلق بها .
..............................................................................................
أطلقت ساقيها للريـح و قلبها يخفق ذُعرًا كما لو أن الطبول تدق به ، كـانت تتلفت للخلف لتضمـن عـدم ملاحقـة أحـدهم لها ، و لكنها أسرعت أكثر من ركضها متحاملة على آلامها حيـن لاحقها الحرس الداخلي للقصـر و المكلفـون فقط بـمنعها من الخروج ، على الجانب الآخـر .. أصـدر أبواقًا لـ تنبيـه حـرس البوابـة فـ قاموا بـفتحها له على الفـور ، اقتاد السيارة فوق الممر استشعـر اهتزاز الهاتف بجيبه فـ أخرجه منه ليتنغض جبينه حين رآى اسـم " فارس" مُضيئًا لشاشته ، نقـر زر الإجابـة و رفع الهاتف الى أذنه و هو يرفع نظراته للزجاج الأمامي لـم ينتبه هـو الى تلك المهـرولة في اتجاهه الا بعـد فـوات الأوان و قـد كانت المسافـة بينها و بين السيارة تكاد تكون منعدمـة و..............................................................................................................
أنت تقرأ
في مرفأ عينيكِ الأزرق
Romance" مُقَدِمة" أَقْسَـــمَ أن يُذيقَه من نَفـس الكَـأْس و حينَ حَانَتْ لـَحظة الأخذ بالثـَـأْر ظَهـَرَت هى أَمَـامــه كـمَلاك يَــرده عن خَطِيئة الانْتِقَام لـ ينْتَشلها منه عَنوَة فـ يـَحرِق رُوحُـه رُويدًا رُويدًا و لـكن.. لم يَـضَع المشاعر فى ال...