" الفصـل العـاشـر"

1.9K 46 0
                                        

الذِكـريـات السيئـة تترك شرخًا عميقًا بالـروح لا تنجح الأيـام بـ رتقهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لاحت الذكريـات أمام عينيه كـ شريـط سينيمائي و هـو يروي لابنته ما حدث قبل تقريبًا اثنين و عشـرون عامًا ، عندما التقى بـ والدتها للمـرة الأولى و بـ حكـم القدر تعددت اللقاءات بين كلاهما لـ يسقطا في شباك العشق ، كـان "حسيــن" فقيرًا حتى منزلـه الذي سيقيم فيه مع زوجتـه لم يكن قد اكتمل بناؤه بـعد.. لم يتمكن حينها من التـقـدم لـ خطبتها ، و في نفـس الآن ، ظهـرت هي بـ حيـاة "يـوسف الصـيـاد" ، سقط "يوسف" أسيرًا لـ عشقها منذ الوهلة الأولى ، حارب والديـه كي يحظى بها زوجـة له ، و بـعد معاناة ..رضخ كلاهمـا لـ رغبـة ابنهما فى التقدم لـ خطبـة من أحب بـ صـدق …

لم يُصدق والدى "حبيبة" أن ابن رئيـس تلك الشركات العريـقـة تقدم لـ خطبة ابنتهما البسيطـة للغاية ، رآوا فيه أنه سيكـون الخلاص لهما من الفقر المدقع الذى لازمهما ، و بالرغــم من اعتراض ابنتهما اعتراضًا تامًا ، الا أنهما أجبراها على الموافقة ، تذكر "حسين" كيف كان خبر خطبتها على أحـد أشهـر رجـال الأعمال كـ الضربـة القاسـمة ، حينها كان واثقًا بها حيـن اخبرته أنها لا تبادل "يـوسف" أية مشاعـر مُطلقًا ، و انها حتمًا ستُنهى تلك الخطبـة ، و بالفعل ذلك ما حدث ..

تقـدم "حسيــن" أخيرًا لـ خطبتها ، و اضطر والديها على مضض الموافقة عليه و تزوج كلاهمـا ، كان "يـوسف" بالنسبة لـ "حسيــن"  كـعدو لدود عقب أن كان على وشـك سرقـة حبيبته منه ، و كانت "حبيبة" حريصـة كل الحرص على عـدم ذكر أي مما يخصـه أمامه ..

أنجبت "حبيبة" طفلتها الأولى "ولاء" و من ثم "يـارا" ..

عمل "حسيـن" بـ شركة "يـوسف" دون معرفة أحدهما للآخـر فى بادئ الأمـر ، و بالرغـم من أن "يـوسف" كان رئيس الشركة آنذاك بـعد وفاة والده إلا أنه كان يثق بـ "حسيــن" بـعد ان أظهـر مهارته بالعمل ، و نشأت بين كلاهما رباطـة صداقـة و عين "يـوسف" "حسيـن" مديرًا لـمكتبه ، إلا أن تلك الصداقـة و الأحـداث الهادئة لم تـدم 

_ ايــه اللى حصل بـعد كده ؟ ازاى عرفت ان يـوسف ده اللى كان عايز يتجـوز ماما ؟

تساءلت "يارا" بتلك الجملة باهتمام جلي ، فـ تنهـد "حسيـن" بـ حرارة ، و عاد ينظر أمامه بـ شـرود لـ يستكمل بعدهـا سـرد ما حـدث عندما قرر "يـوسف" ذات مـرة بـ عقد عشاء ودى للتعارف بين العائلتين .

……………………………………………………………………………..

هنا فوق ذلك التل الذي يتمكن من رؤيـة أجـزاء من المدينـة من أعلاه ، كان مشهدًا هادئًا مُريحًا للنفس ، ليس فقط لـ روعـة المشهد ، بل لأنه يحمل مكانًا خاصًا له ، حيث كان مكان والده المفضل ، لاح أمام عينيه ذكرياته معه هنـا ، لم يكن "يوسـف" لـ يصطحب أحدًا غيره في مكانه المفضـل ، فـ كان أقرب الأماكن اليـه هـو الآخــر ، كان يقف مستندًا بـ جسـده الي مقدمـة سيارته عاقدًا لساعديـه أمام صدره ، ينظر أمامه بنظرات ثاقبة ، تنهد بـ حرارة ألهبت صـدره و هـو يتذكر لمحات من طفـولته التي انتهت عقب قتل والده ، لمحات نجح بها عمـه "كمال" بإذاقتـه من ألـوان العذاب و اشتركت معه والدته طامعـة بأن تخلق شخصيـة طـاغيـة ، و بالفعل قد نجحت بـ ذلك ، مر أمام عينيه حياته كـ شريط سينيمائي مُزعـج ، كز على أسنانه بـ قوة و هـو يتذكر كيف نجح بـ حمايـة أخيه الأصغـر من شرورهـم عقب أن تغيرت شخصيته بالكامل و نتج شخص آخــر ، كيف قـام هـو بتربيته كي لا ينشأ مثله و يقاسي مثلما قاسى هـو ، و تسلل شعور ارتياح بسيط لداخله بعد نجاحه بـ ذلك ، ردد بنبرة متشنجـة :
_ استحالة كنت أسيبـه ليكي يا هـدى !

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن