"الفصل السـابع "

1.7K 39 0
                                    


تثلجت أطرافها بالكامل حين وقعت عيناها عليه ، كان جالسًا على الأريـكة منتصبًا بـ كتفيه ، رافعًا احدى ساقيه فـوق الأخـرى ، مرتديًا حلة سـوداء قاتمة ، و شابكًا كفيه أمام وجهه متصلب الملامح جامد النظرات ، سـرت رعشة قوية بـ جسدها ، و شهقت بـ خوف مرددة بـ ذهــول :
_ انت!

لا تعلم كيف لم يخطر ببالها مُطلقًا أن يكون هـو من فعلها ، شعرت بالدماء تغلى فى عروقها ، و كزت على أسنانها بـ عنف ، و تحركت نحوه مرددة بتشنج :
_ انت اللى عملت كده فيــا ! انت اللى حبستنى هنا !

أخفض ساقه و انتصب فى وقفته ، و هو يحدجها بنظرات قوية ، فتوقفت أمامه على بعد خطوات و قد شعرت بالذعر و انكمشت أكـثر على نفسها حين رأت الفارق العظيم في الحجم بين كليهما ، ازدردت ريقها و هى تحاول التظاهر بالثبات ، فـ دس "يامن" كفيه فى جيبيه مرددًا بنبرة قاتمة متعمدًا التحقير من شأنها :
_ السجن ده بالنسبة لك جنة عمرك ما كنتى تحلمى تشوفيها !

رفعت حاجبيها للأعلى فى ذهــول و رددت بتلعثم :
_ جـ..جنة !

اقترب منها عدة خطوات فشهقت بذعر و هى تتراجع للخلف ، تسمر فى مكانه و قد شعر بالانتشاء من تأثيره عليها و تمكنه من زرع الهلع فى نفسها ، فتسمرت "يارا" هى الأخرى بدورها و هى تنظر له بـ هلع لم تتمكن من اخفاؤه ، شملها "يامن" بنظرات قاتمة شعرت بها تخترقها ثم ردد بنبرة جامدة :
_ أه جنــــة ، استعدى بقى للجحيــم اللى هأتعيشيه !

هربت الدمـاء من عروقها ، و ارتجفت شفتيها من شدة ذعرها ، حاولت هى أن تتظاهـر بالثبات أمامه و لكنها فشلت ، أرادت تعنيفه لما صدر منه و لكن ابتلعت الكلمات بـ جوفها و لم تتمكن من التفوه بـ حرف ، بينما كان يراقب حالتها باستمتاع زائف ، و ردد بنبرة جافة و هو يـعقد كفيه خلف ظهره :
_ تفتكـرى أبوكى عامل ازاى دلوقتى ؟

رمشت بـ عينيها عدة مرات و :
_ بـ..بابا !

تابع بنبرة قاتمة و هو يلوى شفتيه بتهكم :
_ و لا حبيبة هانم ! تعرفى انها جت تبوس ايدي عشان أسيبك !

رددت بـ هلع جلى :
_ ماما ، انت .. انت عملت ايــه فيهم ؟

استدار بـ جسده بالكامل متجهًا نحو الواجهة الزجاجية و وقف أمامه عاقدًا كفيه خلف ظهره ، ثم ردد بنبرة قــاسيـة :
_ قــولى هأعمل ايــه فيهم لو فكرتى تعترضى على اللى عايزه ، أنا مأعملتش حاجة لسه !

 لم تتمكن من حل شفرات كلماته ، و لكن غلت الدماء فى عروقها من كم المشاعر الحاقدة التى يكنها لعائلتها ، فـ تجاوزت خوفها من أجلهما و استجمعت جزءًا من شجاعتها الهاربة ، ثم هـدرت بتشنج و هى تلوح بـ كفها :
_ ليـــه ؟ ليــــــــه كل ده ؟ احنا ملناش ذنب فى …...

استدار على الفور لها ليرمقها بـ نظرات نارية ، فتخشبت الكلمات على أطراف لسانها ، و غلت الدماء فى عروقه و هو يتحرك نحوها ، تراجعت للخلف عدة خطوات بـ هلع و لكنه سارع بالقبض على مرفقها بـ قوة آلمتها ، فتسمرت فى مكانها ، و تأوهت بـ صوت خفيض رُغمًا عنها ، بينما جذبها "يامن" اليه مقربًا وجهه من وجهها و هو يحدجها بنظراته المشتلعة ، و كـشر عن أنيابه و هو يزأر :
_ صـــــــوتك ده معيــــلاش ، انتى فــــــــــاهمة !

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن