"الفصل الحادي عشر "

1.3K 28 0
                                    

النيران المضطرمـة بالقلب لا تُخمَــــد و لـو مـرَّ عشـرات السنـون 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كم يومًا مرَّ؟ لم يكتمل يومان ، و لكنها تشعـر بأنها سـنون  ، ما هي متأكـدة منه أن الهـدوء الذي حـل عليهم بهذان اليومان من قِبَلِه هــو الـهــدوء الذي يسبق العاصفـة ، حدسهــا يُنبأهـا بأن الأسـوء قادم ، خاصـة عقب أن علمت بـ الماضي الذي سيظـل يلاحقـهم ، و بعدمـا علمت أن والده قد سقط ضحيـة تُهمـة لـ ربما لا ذنب له بها ، لا تعلم لمَ والدها مُصـر على ذلك ، و لكنها تشعر بأن "يـوسف" لم يكن كاذبًا أو مُخادعًا خاصـةً عقب سؤال والدتها عنه بعدما أخبرتها أن والدها قص عليها ما حدث كاملًا ، و أخبرتها "حبيبة" أن "يوسف" لم يكن يومًا سيئًا و امتدحت بـ خصالهِ الحميـدة التى كان يتصف بها ، لا تعلم لم شعـرت بـ تعاطـف كبير نحوه ، فـ هـو من الواضـح كان يعشق والدتها عشقًا لا حـدود له ، عشقًا حقيقيًا لم تنجح الأيـام بـأن تمحيـه ، كانت تقف في المطبخ و تغسـل الصحـون بينما تنظر أمامها بـ شـرود 

_ اطفـــى على الرز  يا يارا 

قالتها "حبيبة" من الخارج بـ صوتٍ عالٍ و لكنها لم تنتبه اليه ، كانت كلماته فقط تتردد على أذنيها ، استطاعت أن ترى ما تمكن من فعله من خلال ارسـال صـورة واحـدة ، و كيف ساءت الأوضاع بين والديها الذان صارا دائميـن الشجار ، مما أثـر بالسلب عليها هي و أختها ، لم تنتبه هي الي احتراق الطعـام ، و لم تشتم رائحته ، و لكن زكمت رائحته أنف والدته التي مرت مصادفـة بالمطبخ ، اتسعت عينا "حبيبة" و هى تسرع نحوه ، و فتحت الإنـاء لتتفاجأ بـ احتراق الأرز فـ صـار لا يصلح للتناول ، على الفور أغلقت الموقد ، و نظرت لابنتها تعنفها بنبرة متشنجة :
_ أنا مش قولتلك اطفي على الرز 

لم تنتبه حتى الى صراخ والدتها ، كانت كـ من بـ عالم آخـر ، تنغض جبين "حبيبة" و هى تتحرك نحوها ، و قبضت على ذراعها و هى تردد بـ نبرة سـاخـطة :
_ انتي يا بنتى أنا مش بأكلمك !

شهقت بخوف و قد ذكرتها فعلتها بعنفهِ معها مع اختلاف القوة ، فسرت قشعريرة في جسدها و شحب لون وجهها فرددت "حبيبة" بـ فتور :

_ ايــه شوفتى عفريت ؟

ازدردت ريقها و رددت بـ نبرة مرتجفة و هى تفتح الصنبور :
_ لأ ، خلي ولاء تيجى تكملهم !

غسلت كفيها ثم أغلقت الصنبور و سارعت بالخروج من المطبخ ، متجاهلة نداء والدتها ، فـ زفرت "حبيبة" بانزعاج و نادت على ابنتها الكبرى التى أتاها صوتها من الداخل :
_ أيــوة يا ماما 

رددت "حبيبة" بـ تذمـر :
_ تعالي شوفى المواعين دى ، كنت ناقصة الاكل يتحرق كمان 

_ ثـوانى و جاية 

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن