"الفصل الثامن "

2K 38 0
                                        


"كُل نفس ذائقـة المـوت..إلا أن الحيـاة لا تتذوقـهـا كل الأنفـس "

جلال الـديـن الرومــى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ارتدي "يامن" قفازي الملاكمة ، كانت ملامحه متصلبة للغاية و كأنه لوح من الجليد ثم تحرك ناحية كيس الملاكمة ، رفع كفيه و وقف متحفزًا ، ثم شرع يسدد اللكمات بـ كفيه لـ يُفرغ شحنة من غضبه الكامن بداخله ، التمعت حبات العرق علي جبينه و صدره العاري ، لم يعلم كم مرَّ عليه من الوقت و هو علي تلك الحالة ، ثم توقف فجأة ليلتقط أنفاسه ، نهج صدره علوًا و هبوطًا و استدار بـ جسده للخلف ، خلع عن كفيه القفازين ، و انحنى بـ جذعه للأمام بـ حركة عادية ليلتقط احدى زجاجات المياه ، نزع عنها غطائها و قربها من شفتيه ليتجرع تقريبًا نصف ما بها ، ثم رفعها لينهمر المياه علي شعره و رأسه ، ثم ألقاها بلا اكتراث علي الأرضية خلفه ، مرر أصابعه بـ خصلاته الملتصقة علي جبينه بفعل المياه ، و نفضها للخلف و هو يردد بـ شراسـة جلية :
_ هأتشــوفي ! لو مخلتكيش تيجي تترجينى مبقـاش أنا "يامن الصياد" !

مال بـ رأسه للجانب قليلًا لينظر أمامه بنظرات جامدة ، ثم ردد بنبرة جافة :
_ و ساعتها هيبدأ انتقامى اللى بجد منك يا حسيــن !

استمع الى صوت طرقات علي باب غرفة الأجهـزة الرياضية بـ الفيلا ، فالتفت اليه مرددًا بنبرة صارمة :
_ ادخل

أدارت "هـدى" مقبض الباب و فتحته لتدلف للداخل ، تأملت حال ابنها ثم أوصدت باب الغرفة و تحركت نحوه لترمقه بنظرات حذرة ، أشاح "يامن" بوجهه مرددًا بنبرة جافة :
_ خيــر

عقدت "هدى" ساعديها أمام صدرها ، و رددت بهدوء حذر :
_ عايزة أعرف اللى في دماغك ! انت أكيـد مش ساكت عن حق أبوك ، صــح ؟

التفت "يامن" اليها ليحدجها بنظرات قوية ، ثم ردد بنبرة جامدة :
_ لا ، اطمنــى

تنفست "هـدى" بارتياح ، و تحمست خلاياها و هى تردد :
_ بـجد ! طب .. طب ناوي علي ايــه ؟

اتجه "يامن" لـ جلس فوق المقعد الجلدى ، و حمل ثقل من الحديد ليمرن به عضلات ذراعيه متجاهلًا الرد عليها ، فـ زفرت "هدى" بـ ضيق ، و تحركت نحوه بـ حذر لتقف خلفه ، ثم تلمست كتفيه بأناملها و ضغطت عليهما برفق مرددة بنبرة هادئة :
_ نفسي أعرف انت بتفكـر في ايـه

ردد "يامن" بنبرة غامضة بدون ان يلتفت لها و قد احتقن وجهه بالدماء :
_ هأتعــرفي ، متستعجليـش !

أزاحت "هدى" كفيها لتعقد ساعديها أمام صدرها ، و تنهدت بـ ضيق مرددة بـ حنق :
_ طيب ، مش هأتتغدي ؟

في مرفأ عينيكِ الأزرق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن