مر على سفرها ايام، أسابيع، أشهر، لم يعرف فيها أحدنا شيء عن الآخر. كلما سألني احد من عائلتي قلت انها بخير فقط.
انتهى فصلي الجامعي الأخير واقترب موعد تخرجي من الجامعة. طلبت مني والدتي أن أطلب منها القدوم فاجبتها بأنها لن تسطيع ذلك على الرغم من أنني لم اتصل بها. في احدى الليالي وانا اتسامر انا وأماني طُرِق علينا الباب الغرفة فجأة ثم فتح.
-لماذا تنظران وكأنما رايتما شبحا؟ الن ترحبان بي؟
-نداء؟
-لم تبدو متفاجئا؟ هل تعتقد أنني سأجعل مناسبة مهمة كهذه تفوتني؟
-هل أخبرك أمجد؟
-لا يهم كيف عرفت المهم هو أنني عرفت
-أن كانت علاقتك به هكذا لماذا لم تتزوجان؟
-لأنك تعجبني وأطلقت ضحكة عالية ثم خرجت نحو غرفتها.بعد عدة أيام خرجت مسرعا نحو الجامعة ولم أرَ سوى اماني التي كانت تنام بجانبي، انه اليوم الموعود. جهزت نفسي جيدا وتحضرت حتى جاء اتصال نداء وشتتني بالكامل.
-لست واثقة أن كنت ساقدر على القدوم
-أن لم تأتِ سيجعل الأمر صعب الشرح للعائلة
-لا يهم سنتفق على أمر ما نخبرهم اياه
-لقد كنت مصرة على القدوم فماذا حدث. سمعت عدة شهقات على الجانب الآخر من السماعة
-اسفة يجب أن أذهب سنتحدث لاحقا
-يا ند... لم أكملها حتى أقفلت الخط في وجهي! هل كانت نداء تبكي؟ هل حدث لها مكروه؟ اتصلت بامجد فاخبرني انه منذ عادت إلى البلاد لم يتحدثا مطلقا. كتمت الأمر في نفسي ولكنني لم أستطع كتم توتري الذي بدأ على وجهي ظاهرا للجميع.انطلق الحفل وانا انظر بين وجوه الحضور علّي أراها، تمسكت بآخر امل ولكن لم تأت فشعرت بالخوف أكثر. كم مر من الوقت بعدها؟ لا أعلم كنت فقط أعد الساعات في المنزل وانا انتظرها لنتحدث، لاحظت اماني شرودي وسألتني عن السبب فطلبت منها عدم التحدث معي وطلبت منها أن تلزم غرفتها إلى حين أن تصل نداء. مهما حاولت اتصال بهاتفها انا أو أمجد فهو نفس النتيجة، مغلق. إلا أن اتصل أمجد وأخبرني أن هاتفها أصبح متاحا الان. اتصلت بها على الفور.
-هل انت في المنزل؟
-أين كنت؟
-اقتربت من الوصول، رجاءا لا تدع اماني تنتظرني لا أريد أن تراني هكذا.
-أين كنت؟
واقفلت الخط مجددا، كلامها حول اماني أكد لي أن أمرا خطيرا يحدث. ما إن وصلت البيت وضعت أمامي باقة ورد جميلة فيها دب محشو يرتدي ملابس التخرج وفي يده عدة حبات من الشوكولاتة ثم دخلت غرفتها مباشرة دون أن تتحدث بحرف واحد فتبعتها بسرعة.
-ما الذي تريده اريد ان اغير ملابسي.
-لماذا لم تأت اليوم؟ وما خطب وجهك وصوتك؟
-مالذي تريده؟ أتريد أن تراني مكسورة وحزينة؟
-مالذي تتفوهين به؟ اجيبي بمثل ما سألت.
- لن اجيب اخرج من غرفتي. قالت هذا وانسابت دموعها بينما أنا لم احرك ساكنا وأخذت انظر إليها، انها تكره هذا، تكره أن يرى احد دموعها وضعفها، لذلك أخذت تدفعني خارج غرفتها وتقول لي اخرج، أمسكت بكتفيها لتهدا قليلا ثم عانقتها بقوة، فانطلقت ببكاء مرير. لم أسألها اي سؤال ولم تنطق بحرف. استمرت بهذا البكاء إلى أن سكنت ونامت. وضعتها على سريرها، هممت بالخروج لكنني تراجعت وبقيت بجوارها.في اليوم التالي استيقظت هي قبلي. لم تكن بدلت ملابسها، لذا نهضت وأخذت حماما قصيرا، ثم عادت لتجدني جالسا على السرير انتظر تفسير. صرفت نظرها عني وأخذت ترتب بحاجياتها استعدادا للسفر مجددا، شعرت نفسي غير مرحبا بي، زفرت وذهبت نحو الباب.
-مراد مات
-جاء صوتها حزينا كما لم يكن من قبل، لم أعرف أن كان على الخروج ام البقاء لاحتضانها لكنها قطعت هذه الحيرة.
-ألم تكن ستخرج من الغرفة؟
وخرجت.

أنت تقرأ
ورد أسود
Romanceقبل النداء ، قبل النطق بالحرف الأول، قبل الصراخ أو الهمس، يتبادر إلى ذهني : كيف حدث هذا؟ كيف آلت الأمور إلى هذا الحد؟ قبل النداء الأخير، سيُنسى كل هدف مهما كان نبيل، ولكن قبل كل شيء، أين كانت البداية وكيف ستكون النهاية! تهدينا الحياة أحيانا بدايات ن...