ببرودة يمر الوقت وهاقد مر عامين على زواجنا . لم اعد ارى نداء تقريبا ، تنتطلق صباحا نحو جامعتها ، تعود وتعد الطعام بالكاد تأكل القيل وتنتطلق مسرعة نحو عملها ، وهكذا اضمحل جسدها وتشققت يداها . لم تتوقف يوما بسبب البرد القارس او الحر الشديد . كنت دائم القلق عليها لذا اذهب نحو غرفتها ليلا لاراها نائمة وكأنها عدت الف ميل في يوم واحد . فتاة مثلها لم تعتد على قساوة الحياة .اردت مساعدتها حقا ولكنني لم اعرف كيف ، لا استطيع الخروج والعمل ولا اعرف شيئا في البيت او شيئا عن دراستها لذا قررت ان اسالها .
في احد الايام قارسة البرودة عادت من الجامعة راكضة نحو المدفئة لتبث الحرارة نحو يديها الصغيرتين ، أمسكت يديها بكلتا يداي وبدات انفخ فيهما ، كانتا كقطعة جليدية يمكنك الشعور بعظام اصابعها الرقيقة وقد دخل فيها الصقيع
-هذا قاس جدا عليك
-انا اعتاد الامور بسرعة لا تقلق
-افتقدك!
رفعت بنظرها نحوي وفتحت عينيها على مصراعيهما
-حقا ؟ قالت ذلك وبدت متعطشة نحو الاجابة
-اجل . قلت هذا وشددت على يدها ثم سحبتها نحوي واحتضنتها :
-اريد حقا مساعدتك
-انا بخير هكذا
-اريد ان اتعلم كيفية تدبير المنزل !!
ابتعدت من بين يدي وضحكت بصوت عالي ، لم ار هذه الضحكة منذ زمن قلبي خفق بشدة ولكنني اردت أن اريها انني اتكلم بجدية بشأن مساعدتي لها لذا نهضت من جوارها ورفعت صوتي قليلا
-لم تضحكين انا اتكلم بجدية
اوقفت ضحكتها ولكن ابتسامتها لم تتوقف ، نهضت ووقفت بمقابلتي لتلتقي اعيننا فاشحت بنظري عنها ، انه ليس الوقت المناسب لاضعف
-هل انت غاضب لانني ضحكت ؟
-ابدا
-اذن انظر الي على الاقل بينما نتحدث
هززت راسي ب لا فسحبت وجهي نحو وجهها مجددا
-عزيزي لم كل هذا الحزن البادي على هذا الوجه الجميل ؟
-هه جميل ؟
-اجل ..هذا ما اراه انا
ورفعت كفها الصغير ووضعته على وجهي المعافى ، أملت برأسي على كفها وأغمضت عيني وكدت أن أنسى سبب هذا الحوار ،بل كدت ان انسى كل همومي وانا نائم على راحة كفها المتشققة ،أزحت رأسي قليلا ووضعت كفي على كفها وقبلت راحة يدها
-هل تريد مساعدتي اذن ؟
أومأت رأسي بأجل دون النطق بحرف واحد
-حسنا اذن اتبعني نحو المطبخ .
وبدأت أتعلمكان اسبوعا جليديا ، عاصفة هائجة اجتاحت البلاد ، اغلقت الطرقات ولم يعد بامكان نداء الذهاب للجامعة أو العمل لذا وأخيرا سنمضي بعض الوقت معا ، أو هذا ما ظننته . كانت جالسة بجواري على الاريكة تشرب بعض الشاي بعد أن تناولت غدائها لتذهب للعمل قبل أن يتصل بها صاحب العمل ويخبرها بانه قد اغلقت الشوارع ولا مجال لقدومها
-وأخيرا سنقضي بعض الوقت معا . قلت ذلك وأكاد أطير من الفرحة لهذا فابتسمت
-هل تفتقدني جدا ؟
- أكثر مما تتصورين
فتحت ذراعي فالقت نفسها بينهما ، عانقتها بشدة وكأنني أحاول منعها من الخروج من بين يدي للأبد قبلت رأسها ومسدت شعرها ،شعرها الذي بدأ ينمو مجددا . قاطعنا هاتف نداء في هذا المشهد الصامت نهضت وتحدثت مع الشخص الذي على الهاتف ثم نظرت حوي
-صديقتي لها ابنة تضعها في حضانة قريبة وبسبب اغلاقات الطرق لن تتمكن من اخذها وهي تطلب مني ان احتفظ بها ريثما تفتح الطرق ، هل يمكننا فعل ذلك ؟
صمت قليلا ، ماذا عني ؟ الن تقضي نداء وقتها معي ؟ والاهم ،ماذا ستفعل الطفلة عندما تراني ؟ لكن وبدون ادراك وجدتني اخبرها اجل . قلت لها أجل وفي جوفي الف صوت يقول لا !!بالفعل أحضرت نداء الطفلة ، الطفلة التي ما ان رأتني حتى اختبأت خلف نداء واخذت تصرخ أما انا فتراجعت بهدوء نحو غرفتي ولم انبس ببنت شفة ابدا تلك الليلة ولم اخرج حتى لشرب كأس ماء.
أنت تقرأ
ورد أسود
Romanceقبل النداء ، قبل النطق بالحرف الأول، قبل الصراخ أو الهمس، يتبادر إلى ذهني : كيف حدث هذا؟ كيف آلت الأمور إلى هذا الحد؟ قبل النداء الأخير، سيُنسى كل هدف مهما كان نبيل، ولكن قبل كل شيء، أين كانت البداية وكيف ستكون النهاية! تهدينا الحياة أحيانا بدايات ن...