28

22 2 82
                                    

بعد أن استيقظَ مكانهُ في الغرفة المفروشة بالأثاث الفاخِر والمدمسة بالظُلمةِ الحالكة دون النور الخافت الصادر من الثريا المعلقة بين الارضية الرخامية و ارتفاع السقف الشاهِق ..

هو لازال يَحُطُّ رأسه على ركبتيه مخبأً وجهه ..
يجهش باندفاع وصمت !

قليلا حتى استفاق من اغمائه الابدي و خرج من تلك الغرفة الحالكة متجهًا لدورة المياه .

اخفض رأسه اسفل الصنبور كي تصب ماؤها على رأسه
تطهيرًا لروحه المدنسة و خلفها الدموع التي ذرفت منذ سنين !

كان ذلك تلقائيًا للغاية .. كما لو كان مُعتادًا على فعل ذلك كُلَّ ليلة ..

صوت عالٍ قد اقتحم المنزل " جونغ ان ألم تستيقظ بعد !؟ "
لم يكن هنالك رد .. المنزل هادئ ولا يسمع سوى هدير الماء من المغسلة هناك  ..؟

خطا تاي خطواته نحو دورة المياة ليجده عند المغسلة حيثُ كان جُثة هامدة " ها أنت ذا هنا ؟ لقد أتلفتَ حواسي بحق "

استوقفه منظر الماء وهو يسترسل على رأسه بإسراف " لقد عدت ألم تسمع ؟ " ، هو بالفعل لم يسمع .. بل يعيش في حالة اغماء مغمِرة كالهاوية في وسطٍ يملؤه صوت الماء المنهمر .

" لا تَظهَر أي مؤشرات حيوية .. دماغك معطل ؟ تعاني من عطبٍ في القنوات السمعية ؟  " ، بلى ! كل مايعمل في جسده هو عقله الشارد وغدد دمعية فقدت السيطرة ازاء الشلالات الفائضة  او بسبب تعطل جهاز التحكم .

انخفض تاي نحوه بقلق وقد افلتَ مايحمله بيديه ليتدارك جسد جونغ الخاوي

جذب كتفه للاعلى ليقيم ظهره لتسترسل قطرات الماء على قميصه الابيض " جونغ ان أنت محموم ... "

مد يده نحو جبينه لتلسعه أثر برودة الماء " ألم أخبرك من قبل أن لا تغادِرَ السرير وأنت بهذه الحال !! " .

لاحظ احمرارًا تحت عينيه المنتفخين " لا شيء يدعو للقلق تاي .. إنه ارهاق فقط " .

ارخى تاي حاجبيه مكذبًا إياه " بجدية جونغ !؟ " .

نظر جونغ ان لعلبة البيتزا الملقاة على الارض ليبتسم تعبيرًا سعادته " ااه أخيرًا وقت وجبة منتصف الليل .. هذا الجزء هو الأكثر تشويقًا كل ليلة "

رمقه تاي بينما كان يلتقطها من على الارضية ليهُمَّ ناحية المطبخ ويضعها على على المائدة  " غريب ، إنني لا أفهمك حقًا " ، تقدم تاي وجلس امامه .

حينما كان جونغ ان يضع بملئ قطعة البيتزا داخل فمه بشهية .

" كنتُ أودُّ أن أحضرَ شيئًا غير البيتزا لكن لم ألحَق وقد تأخر الوقت .. " .

توقف جونغ ان عن مضغ الطعام " من منا الذي نعتَّهُ بالغريب للتو ؟ " ، قال متعجبًا من لُطفه المفاجئ .

قلّب تاي بصره بيأس " أنتَ بسيط حقًا " .

اشاح جونغ بعينيه لينظر لشريحة البيتزا خاصته " هكذا إذًا انت تحاول قول شيء لطيف ! " ، نبس غير مكترث قبل أن يكمل تناول البيتزا باستمتاع .

استقام تاي ليستذكر " صحيح ! عمتي قادمة ليلة الجمعة وستقيم طقوسها الخاصة والتي ابغضها بحق .. لكنني اعلم انك تفضلها لذا عليك المجيء .. إيّاك والتخلف أنت تعرف مزاج والدي جيدًا ! " .

" وااه لقد طال سفرها لخمسِ سنوات .. أنا نسيتها بالفعل ! " ، فغر جونغ فاه بينما كان محشوًا بالطعام .

تنبه تاي معقبًا " سنستغِلُّ تلك الأجواء لصالحنا كما هي الخُطّة وأنتَ تعلم " .

تحاذق جونغ " اوه ستسمحُ لي بالعودةِ للعمل إذًا ؟ " .

ردَّ تاي بصرامة " لقد ناقشنا ذلك سابِقًا جونغ أنت لا تستطيع مواصلة العمل بهذه الحال ويدك لم تلتئم بعد وذلك سيسبب فوضى .. الحفلة للترفيه ولانتهاز الفرص فقط " .

ثانية حتى فُتِحَ بابُ الشقة " مرحبًا " ، صدح صوتُها المبتهج في الخارج ليشير جونغ " إنها ميني " .

نظر نحوه تاي " تبدو متحمسة .. يبدو انها سمعت عن الحفل وعمتي " .

تقدمت ميني نحوهما باندفاع " إليكما الأخبار .. ستُقامُ حفلة تنكرية ليلة الجمعة ".

" عمتي قادمة أيضًا " ، قفز جونغ ان من المائدة .

" اوه صحيح لقد نسيتُ أن أقول هذا " ، وابتسمت نحو جونغ ان " انه يومُ سعدك جونغ " .

ابتسم جونغ في وجهها بينما فمه كان ممتلِئًا لتردف بحماس " ما الذي سترتديه تايتاي ؟ ماذا عنك جونغي " .

جونغ ان باستذكار أصابه بخيبة أمل " آه ليس لدي فكرة " .

" أنا لن أرتدي شيئًا مميزًا .. سأكتفي بالقناع فقط " ، أجاب تاي بإيجاز .

" منهجي للغاية ، أنا محتارٌ حقًا " ، تذمر جونغ ان .

تاي مغيظًا له " يمكنك أن تكتفي بزيّ الشرطي الملازم القدير .. سيروق لك تأدية مهامك بينما أنت مفصول " .

ضحكت ميني مستذكرة " سيبدو ذلك بديهيًا .. لقد أصبحتَ حديث الساعة في البلاط لذا لا تفكّر لأن ذلك لم يعد تنكرًا بعد أن عرفك الجميع " .

إحمر وجهه بإحراج قبل أن تلمَع في خاطِرِهِ خَاطِرةْ " آه لدي فكرة أفضل " .

" ماهي ؟ " ، سأل تاي وميني بفضول .

" ذلك سر .. لا أريدكما أن تتعرفا علي " ، قال جونغ متحفِّظًا بينما كتّف ذراعيه حول صدره لتتسع بسمة ميني وتاي ناحيته .

حوّل تاي نظره نحو ميني بارتجال " ماذا عنك ؟ " .

" أمتلك زي ساحرة .. أظنه سيفي بالغرض " ، أوجزت .

جونغ بانبهار " سيبدو ذلك ظريفًا " .

ميني بتحاذق " سترى .. أظنّ أنني سأفاجئك " .

.

قُطبَانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن