الفصـل التاسع

394 40 8
                                    

لا تنسوا ذكر الله، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ

تعليق على الفقرات وتصويت من فضلكم.

******

الأرواح النقية؛ مهمــا طال بها العهد، ستظـــل على حالها.

الفصل التاسع

- ترى إلى أين أودى بك غضبك هذه المرة؟
أقتحم خلوته وسلسلة أفكاره التي التفت حوله كأفعى سامة، صوتًا هادئًا رزينًا، يأسر القلوب ويبث فيها الهدوء والسكينة.

فتح فراس عيناه بلهفة، استشعرها الوقف أمامه بوجهٍ بشوشٍ وقور، تحتضنه لحية بيضاء مسترسلة، ويستند بقوة واهنة إلى عكازه، وابتسامته الحانية أنارت محياه.

تابع الأخير كلامه:
- المرة الماضية جئت بسبب خالتك، فما الذي أيقظ براكين غضبك هذه المرة، يا بنيّ؟

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبي مصطفى؟
ألقى فِراس السلام على الشيخ مصطفى بحب وإحترام، بعد أن قبل يده الظاهر عليها أثر الزمن.

ربت الشيخ على كتفه بقبولٍ ورضا، ثم جلس إلى جانب فراس بصعوبةٍ وإعياء، بعد أن ساعده بكل محبة، تاركًا عكازه يفترش الأرض بجانبه.

ربت الشيخ مصطفى مرة أخرى على قدم فراس، قائلًا بنبرة جادة لا تخلو من اللين:
- ما الــذي أدى بك إلى أن تأتي في هذا الوقت إلى المسجد نهار العيد؟

طأطأ فراس رأسه بحزنٍ وخيبة أمل من ذاته، ما أن تذكر ما فعله ابن عمته مع خالته، وغضبه الذي تحكم به، إلى درجة أنــه لم ينصاع إلى رجاء والدته؛ فلولا خاله - بعد الله سبحانه وتعالى - لضاعت آخرته على شخصٍ لا يستحق.

- إلى هذه الدرجة الأمر صعب أن يقال؟
سأله الشيخ بنبرةٍ عطوفة، وهو يراقب صمته الذي طال، لكن تنهيدة حارة خرجت من أعماق قلبه، كأنه بذلك يطفئ تلك الجمرة المشتعلــة في داخله.

نظر  بعينين   مرهقتان   إلى  الشيخ  مصطفى، فقابلته  نظرته  الحانية،  تحسه  على  البوح بما  يعتمر  فؤاده... صحيح  أن  الشكوى  لغير ﷲِ  مذلة؛  لكن  في  بعض  الأحيان  نحتاج لروح  نقية  من  بني  البشر،  تستقبل  آلامنا دون  شفقة،  وتستمع  لشكوانا  بلا تذمر.

وهذا  ما  كانت  عليه  روح  الشيخ مصطفى؛  روح  نقية،  هذبها  إيمانه وطاعته  لله-  سبحانه  وتعالى-...  روح  لا تقول  إلا  ما  يرضي  الله،  محبة  للخير،  ولا ترد  الإساءة بالإساءة.
.
.
.
.
-  جميلة!  اللهم بارك!
تمتمت  بها  صفاء،  وهي  تتأمل  صورتها المنعكسة  في  المرآة  بإعجابٍ حقيقي، ثم أكملت  بهيام،  مشبع  بغرور أنثوي:
- وهذا  الجمال  لا  يستحقه  إلا  فارس أحلامي  فراس! ...  آه  لو  تحن  عينه  عليّ، وتنظر  إلي  بتلك  النظرة  التي  ستوقع  ما بقي  من  قلبي  في هواه.

رواية صفاء الروح 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن