الفصل الخامس والعشرون

256 24 9
                                    

لا تنسوا ذكر الله، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ

الفصل ال25

الخوف... التوتر... والقلق؛ كل تلك المشاعر كان يعيشها السيد بلال وهو يحاول منذ عشرة دقائق إفاقة زوجته سارة، والتي أغمي عليها من الصدمة ما أن أبلغها بما حدث لآدم، فقناع القوة والصلابة الذي يرتديه أمام الناس؛ سقط دون خجل أمام محبوبة قلبه، ورفيقة دربه.

أرتخت ملامح وجهه المشدودة، ما إن رأى عينيها العسلية تنظرُ إليها بدموعٍ، عكست الألم والحزن الذي يعتصر فؤادها على ابنها، فتنهد بثقــلٍ وهو يضمها إلى صدره، فقد فهم مغزى نظرتها، فقال بنبرة هادئة لعلها تريح قلبها، لكن هيهات هيهات أن تستطيع جميع الكلمات الموجودة في أشهر قواميس اللغة أن تريح قلب أم على ابنها، ما لم تره بأم عينيها:
- باللهِ عليك يا سارة، توقفي عن البكاء، لقد اتصل بي الطبيب وأبلغني باستيقاظه.

لم يتلقى منها ردًا، فتابع مضيفًا بجدية:
- تعلمين أنها ليست المرة الأولى التي يُصاب فيها، ولا أضمن لكِ أن تكون الأخيرة، فهذه هي طبيعة عمله كضابطٍ في الشرطة.

شعر بتلك الارتعاشة التي هاجمت جسدها ما أن أردف بتلك الكلمات، يعلم أنها تكره عملهم أكثر من أي شيءٍ آخر، فلطالما حاولت إقناع آدم بالاستقالة والاهتمام بأعمال والده، لكنه كان يرفض ويصر على رأيه، كأن حياته ستنتهي لو ابتعد عنه.

وبعد مرور نصف ساعة، كان كليهما متوجهان نحو المستشفى وحدهما، فلقد طلبت الخالة سارة من زوجها أن يخبر شقيقه فؤاد بألا يُخبر صفية بمَ حدث لآدم، وأن يظل معها حتى تعود من عنده، وأيضًا بأن لا يبلغ صفاء كذلك.

وحمدت الله في سرها أن يوسف أخذ نسرين إلى مدرستها، فلا طاقة لديها لتهدئة ولا واحدة منهنّ.
.
.
.
.
- صافي، هذا طعامك، تناوليه قبل أن يبرد، أنا ذاهبة إلى الجامعة الآن، ستأتي والدتي بعد قليل.
نبست صفاء لخالتها، بينما تضع صينية الطعام على حجرها، ثم استطردت تنادي عليها ويديها مشغولة بلف حجابها، عندما لم تتلق منها جوابًا:
- صافي! صافي!

لم تنتبه صفية لها إلا عندما وضعت يدها على كتفها، فتطلعت إليها بتيه بعد أن عاد إليها وعيُها، فسألتها:
- هل قُلتِ شيء؟

- ما بك؟

تنهدت صفية بقلق، مفصحةً لها عما يدور في خلدها:
- عندما عاد عمك فؤاد أمس، بد عليه التوتر والقلق، رغم أنه حاول أن يظهر أمامي في صورةٍ طبيعية، إلا أنني واثقة أنه يخفي عني شيءٍ ما...
صمتت قليلًا ثم قالت:
- ترى هل يكون حدث شيئًا ما لآدم؟

كانت صفاء تستمع لخالتها بكل هدوءٍ وصبرٍ، لكن ما إن نطقت كلماتها المتشائمة حتى قاطعتها:
- لا داعي لكل هذا القلق، تعلمين أن هذه عادته، أحيانًا يختفي لأيام كأنه غير موجودٍ على كوكب الأرض.

رواية صفاء الروح 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن