الفصل السابع والعشرون

295 16 40
                                    


لا تنسوا ذكر الله، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ 🌹

(فصل طويل)
Vote+ comment!

Enjoy!

الفصل السابع والعشرون

في منزل فراس، وفي غرفة الجلوس المخصصة لنساء، كانت الخالة نادية تجلس رفقة صديقاتها اللواتي أتين لزيارتها وقضاء بعض الوقت معها، خاصةً وأنه ليس لديهن مايفعلنه؛ فقد كبر أولادهن وانشغل كل واحدٍ منهم بحياته.

وكانت زيارتهن فرصة لها لتنسى تذكرها صباحًا لماضيها الأليم مع عائلة الغراب!

- ألن تأتي فاطمة؟ لقد مضى وقتٍ منذ تقابلنا.
سألت إحداهن باستغراب بينما تحتسي قهوتها على مهلٍ، فأجابتها الخالة نادية وقد انسلت تنهيدة محبطة من بين شفتيها:
- اتصلت بها واخبرتني أنها لا تستطيع القدوم.

- هذا مؤسف!
علقت واحدة منهن على كلامها، فوافقنها بإماءةٍ من رؤوسهن.
مر وقت وهن يتجاذبن أطراف الحديث، وتقص كل واحدةٍ منهن قصةً حدثت معها في الأيام الأخيرة، وكيف أثرت على حياتها وحياة عائلتها. ومع استماعها لقصصهن والتعليق عليها، لاحظت الخالة نادية حالة الصمت التي كانت عليها صديقتها «فضيلة» منذ قدومها، وهذا ليس من عادتها. فسألتها بقلقٍ:
- ما بك يا فضيلة، ليس من عادتك البقاء صامتة كل هذا الوقت؟

زفرة حارة خرجت من أعماق قلب الأخيرة، أوضحت مـــدى الضيق الذي يعتمــر قلبها، قائلةً في حزن:
- تذكرن عندما اخبرتكن عن الفتاة التي يحبها ابني عبد المالك ويريد خطبتها؟

- نعم.
أجبنّ عليها في وقتٍ واحدٍ بينما يتبادلن نظرات الحيرة والتعجب، فأكملت هي في غصةٍ على ما يعانيه ابنها:
- لقد تمت خطبتها على ابن عمها ومنذ علم عبد المالك بالأمر؛ دخل في حالة اكتئاب واحباط لم نستطع إخراجه منها.

اكملت كلامه وقد اغرورقت عيناها بالدموع:
-لا أعرف لماذا حظ ابني من السعادة قصير؟

- لا حولا ولا قوة إلا بالله، استهدي بالله يا فضيلة، ما هذا الكلام الذي تقولينه؟
نهرتها الخالة نادية بحدةٍ، ثم استرسلت في حكمة:
- إياكِ أن تعيديه مجددًا؛ فأمر المؤمن كله خير. ربما ما ترينه الآن حظٌ سيء؛ هو في الحقيقة بدايةٌ لخيرٍ ستسجدين لله شكرًا عليه. وأيضًا بدلًا من الحزن على شيء ليس مقدرًا له الحدوث؛ عليكِ مواساة ابنك وافهامه أن ما هو فيه امتحان من الله، وعليه الصبر عليه وألا يجزع، فما عند الله أفضل.

كل كلمةٍ كانت تقولها لصديقتها خرجت من قلبها قبل لسانها، وهذا ما جعل الخالة فضيلة يرتاح فؤادها وتستغفر الله على سوء ظنها به؛ فحقًا كما قالت صديقتها: « أمر المؤمن كله خير»

- شكرًا لك يا نادية كلماتك أطفأت نار الأسى في قلبي.
- الشكر لله يا فضيلة، نحن أخوات وهذا واجبنا إتجاه بعضنا البعض.
وافقنها جميعًا على ما قالته، فهن يشهدن على حنكتها وحكمتها في حل المشاكل. لكن ليتهن يدركن ما يجول في عقل حكيمتهن، فبعد أن استمعت لشكوى صديقتها وحال ابنها؛ بدأت خيوط الخوف تلتف على قلبها من أن يواجه ابنها نفس المصير، لهذا قررت أنها ستحدث أم يوسف على رغبة ابنها فراس في خطبة صفاء. فهي لا تريد أن يسبقها أحدًا لزوجة ابنها المستقبلية.

رواية صفاء الروح 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن