الفصل التاسع والثلاثون

248 18 29
                                    

لا تنسوا ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله.
****
Vote and comment! 💙
الفصل ال39

«أعلم أنها لا تحبني؛ لكن اخبروا قلبي بذلك».
*****
ارتخى على مقعده بعد ساعاتٍ من العمل، فيوم الأحد - على عكس باقي الأيام - مكتظ بالمحاضرات، ودائمًا ما تخور قواه عقب إنهائه لآخر واحدة.

أحنى ظهره إلى الأمام، وشبك يديه على الطاولة، ثم أسند رأسه إليها وعلامات الإرهاق قد رسمت تضاريسها على وجهه. دقائق، وكان باب مكتبه يُدق، فسمح لطارق بالدخول دون أن يكلف نفسه عناء معرفة هويته لظنه بأنه العامل أتى له بفنجان القهوة الذي طلبه، ولكن تلك الرائحة الأنثوية الممزوجة بنفحات الورود الناعمة اخترقت خلوته القصيرة، فرفع رأسه بحدة لمعرفة صاحبتها، فاصطدم نظره بتلك التي سببت له الكوابيس لأيام، تقف عند الباب بابتسامتها المستفزة للأعصاب.

وبسرعة البرق، أشاح بنظره عنها قائلًا بلهجة خشنة، خالية من اللباقة والذوق:
- غادري فورًا يا آنسة!

- أهكذا تعامل زوارك يا سيد فراس؟

خرج ذلك السؤال من فمها بغنج، بينما تتقدم نحو الداخل بخطوات متمايلة، فرد عليها وقد بلغ غضبه ذروته، ناهضًا من مقعده بحدة أسقطته:
- لا شأن لكِ! غادري حالًا!

بينما يوليها هو ظهره، هامت هي في تفاصيله، تحدجه بنظرات متيمة، فتمنت للحظة أن تضع يدها على كتفه، دون أن تأبه لتلك الهالة الخطيرة المنبعثة منه.

فاقت من تخيلاتها على صوته الذي رن صداه في الأجواء:
- من فضلك اخرجي!

- تطلب مني المغادرة بعد أن تسببت لي في إعاقة في قدمي؟

تجعد جبينه من كلماتها، فلم يدري بنفسه إلا وهو يلتفت وينظر إلى قدمها المضمدة، متذكرًا أنه قام - حقًا - بدفعها المرة السابقة، لكن تلك الدفعة من المستحيل أن تضر قدمها!

لاحظت هي تسمره وتحديقه في قدمها، فرفعتها قليلًا بدلال ثم قالت:
- أوليس في دينكم يا شيخ فراس آية تتحدث عن القصاص؟

أزاح عينيه عنها، مستغفرًا الله عما بدر منه من تجاوز، ثم قال مدافعًا عن نفسه بينما يعطيها ظهره:
- بلى! لكنني والحمد لله لم أفعل ما يجعلك تقتصين مني... فارحلي من فضلك يا آنسة!

- قدمي شاهدة على ذلك. أريد الاقتصاص منك يا شيخ.

في تلك اللحظة وعقب سماعه ما تفوهه به لسانها؛ صار شغله الشاغل مغادرة المكتب والهروب من كيدها، فبقاءه لثانية واحدة برفقتها يعني فقدانه لأعصابه، مما سيؤدي به إلى عواقب وخيمة هو في غنى عنها.

ومع استدارته ليغادر، فوجئ بالتي صدع صوتها في المكان تقف عند الباب، تضم يديها إلى صدرها، وعينيها العسلية تطلق شراراتٍ من الغضب المغلف بالبرود:
- يبدو أن من استعنتِ به ليجلب لك أخباره لم يعلمك أن لشيخ شيخة، أيتها الصفراء الأجنبية.

رواية صفاء الروح 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن