الفصل السادس والعشرون

288 17 26
                                    

استغفر الله العظيم وأتوب إليه، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ 🌹
Enjoy!

الفصل السادس والعشرون.

تظل تلهس خلف الدنيا ومتاعها دون أن تلقي بالًا لما حولك؛ حتى تفاجئـــك بإحدى صدماتها، فتهمِسُ عندها في أذنك بنبرةٍ خبيثة تشبه حفيف الأوراق اليابسة: « هل ظننت أنني سأتركك تلهو وتمرح، وتجري خلفي بفرحٍ دون أن أعكر مزاجك وأفسد عليك راحة بالك؟»
.
.
.
.
.
وقفت سيارة أجرة أمام المبنى الذي تقطن فيه عائلة «الزياتي» ،فترجل منها رجلٌ في مقتبل الأربعين، ترافقه عجوز ذات ملامح وجه صارمة. وبينما انشغل الرجل بمحاسبة السائق؛ وقفت هي تستند إلى عكازها الخشبي تنظر بعدم رضى إلى المبنى.

- هيا يا أمي، لقد وصلنا.
ناد الأربعيني على والدته المنشغلة في إلقاء نظرات حانقة على الحي الشعبي. غمغمت بانزعاج وصل إلى مسامعه:
- لم أرى أبخل من زوج أختك! رغم المكانة المرموقة التي وصل لها في سلك الأمن؛ إلا أنه لا يزال يعيش في هذا الحي!

«ها قد بدأنا، كان الله في عونك يا صهري، فقد جاءت حماتك.»
تمتم الأربعيني في سره بشفقةٍ على ما ينتظر صهره، ثم تنحنح بعد برهةً قائلًا لوالدته التي لا يعجبها العجب:
- تعلمين يا أمي أن ما يهم ليس الحي الذي يسكن في الشخص؛ بل الجيران. وجيــران صهري أغلبهم أخلاقهم طيبة، ولا يخرج من فمهم العيب.

مطت والدته شفتيها بامتعاضٍ ثم قالت:
- هذا ما تجيده في حياتك؛ معارضةِ فقط.
واصلت حديثها إليه، مشيرةً بعكازها إلى الحقيبة الصغيرة الموضوعة على الأرض:
- هيا بنا، ولا تنسى الحقيبة.

أومأ في طاعةٍ، ويده تتجه نحو الحقيبة، بينما سارت هي نحو باب العمارة في خطواتٍ متمهلة.
***********
ما إن خطت قدم العجوز باب العمارة حتى التقت بأكثر شخصية تثير حنقها كلما أتت لزيارة ابنتها.

- الحاجة نجمة هذه أنتِ؟
صاحت المرأة في تفاجئ ما أن رأت «الحاجة نجمة» تدلف من باب العمارة.

-لا أعتقد أيضًا أنه خيالي! فوجهي لم تزدد تجاعيده منذ آخر مرة التقيت بكِ فيها يا أم زين!
ردت الحاجة نجمة عليها ببرودٍ، ممزوجٍ بالانزعاج.

حاولت أم زين إخفاء موجة الأحراج التي تعرضت لها من رد الحاجة نجمة، قائلةً بترحيب:
- الحمد لله على سلامتك، وأيضًا مبارك على صفية.

- وفيكِ بارك الله، العاقبة عندكِ.

رفعت أم زين نظرها نحو الرجل الأربعيني، ملقيةً السلام عليه:
- الحمد لله على السلامة يا سيد سالم.
أومأ لها «سالم» برأسه ونظره مصوبًا نحو الأرض، مواصلًا سيره نحو باب المصعد.

- أراكِ لاحقًا يا أم زين.
تحركت الحاجة نجمة نحو المصعد، بينما ظلت أم زين واقفةً في مكانها تراقب خطواتها المتمهلة.
. . .. . . . .
وفي شقة فؤاد الزياتي،
كان مشغولًا بتغيير الحفاضات لتوأم المشاكس، فقد أصر بالأمس على صفاء لتعلمه كيف يقوم بذلك، ليخفف الحمل على محبوبة قلبه، ويكون خير الزوج والأب.

رواية صفاء الروح 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن