الفصل التاسع عشر

328 26 14
                                    

لا تنسوا ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ ✨
Vote and comment!
Enjoy!
.
.
.
.
الفصل ال١٩

أحيانًا تتشابه أيامنا، إلى درجة أننا نعتقد أن الأحداث التي عشناها بالأمس هي نفسها التي نعيشها الآن. لكن الأمر مجرد وهم يصوره لنا عقلنا الباطني، فمن المستحيل أن يكون اليوم شبيه بالغد، أو اليوم شبيه بالأمس؛ لأنه يكفي أن مشاعرنا التي نمر به كل يوم مختلفة تمامًا.

في مركز الشرطة؛

«تبًا، كيف استطاعوا الهروب قبل أن نداهم مقرهم؟»
هدر آدم بعصبية، وهو يلكم المكتب بقبضته، وعيونه تكاد تحترق من الغضب.

«أهدأ يا سيد آدم، عصبيتك هذه ستضرك فقط، وتبعدك عن التفكير السليم.»
نطق صابر بتلك الكلمات بقلق، محاولاً تهدأت انفعال رأيسه، الذي يكاد يحرق المكتب من شدة غضبه.

رمى آدم ما على المكتب بعنف، وقد فارت دماء سخطه:
- كيف تطلب مني أن أهدأ؟ ها.. كلما اعتقدنا أننا سنطيح بهم، نجد أنهم يسبقوننا بخطوة أو أكثر.

تهالك على كرسي مكتبه، وهو يمسك بجيبنه الذي بدأ الصداع يغزوه من كثرة انفعاله. تحدث بعد دقائق بنبرة جادة، وقد أظلمت عيناه من النتيجة التي قذف بها عقله:
- هناك خائن بيننا!

-خائن!
رددها صابر بفاه مفتوح، وعقله لا يستطيع استيعاب ما قاله رأيسه. فهو يعلم مدى إخلاص زملاءه، ولا يمكن أن يكون بينهم خائن! فعارضه باحترام:
- لا أعتقد ذلك سيدي. جميع من يعملون تحت امرتك مخلصين، ولا يمكن أن يكون بينهم غدار، فهم عشرة عمر!

ابتسم آدم بسخرية من الثقة العمياء التي يضعها - ذراعه الأيمن - في اتباعه، معيداً كلماته بتهكم حاد:
- مخلصين! عشرة عمر!
ثم استطرد بجمود، دون أن يضيف كلمة أخرى:
- يمكنك المغادرة يا صابر!
أطاع صابر الأمر دون أن ينبس ببنت شفة، فقد أعتاد على مزاجية رأيسه، وشخصيته المتناقضة. فإذا أمره بشيء؛ فهو يفعله دون جدال أو نقاش دون. وهذا ما جعل آدم يختاره كذراعه الأيمن، يثق فيه ثقة عمياء، ويشك فى أي شخص عداه هو.
زفـــــر أنفاسه بحرارة، مرجعاً رأسه إلى الخلف وهو يتذكر ما حدث قبل ساعة من الآن.
*************
كان يجلس على كرسي مكتبه باقتضاب، يراجع أوراق القضية التي يعمل عليها حاليا، وتستقر سيجارته بين سبابته والوسطى، يأخذ منها نفسا حادا، ما يلبس أن يزفره بخشونة، كأنه بهذا ينفس به عن ثورة الغضب المندلعة داخله. وما أن تنتهي تلك المتعة المحرمة، حتى يدعس بها في منفضتها، كأنها وباء متحرك... وهي كذلك!
فجأة اقتحم مكتبه دون سابق إنذار مساعده وذراعه الأيمن «صابر»، وقبل أن ينهره على تصرفه الوقح، هتف الأخير بنبرة موسومة بالحماس:
- سيدي، لقد تلقينا اتصال عن مختبر مشبوه...

رواية صفاء الروح 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن