5- (لَحظْة انكسَار و ردّ اعتِبار)

6.4K 381 46
                                    


تسير على جانب الطريق بتيه وضياع .. تمر العديد من السيارات بجانبها باستمرار ..

خطواتها مشتتة وطريقها مجهول ، لا تدرى إلى أين تتوجه ، فقط كل ماتسعى إليه الآن هو الابتعاد قدر المستطاع ..

تنهمر عبراتها دون توقف منذ بداية الطريق ،حتى أصابتها شهقات لاإرادية لا يسمع صوتها أحد إلا هى ..

ذلك الكحل الذى اعتادت تزيين عينيها به لم يعد يزينها ،بل يلطخها بعشوائية ..

لم يتبق إنشًا بوجنتيها لم تلمسه الدموع حتى أصبح وجهها يتلألأ بفعل ضوء الشمس , فقد انفجرت ببكاء مرير ؛ وكأنها كانت تدخر دموعها على مدار شهور وأفرجت عنها فى لحظة واحدة ..

تعب جسدها رغم عدم سيرها مسافة طويلة على الإطلاق ، يبدو أن إجهادها النفسى هيمن على عضلاتها حتى أنهكها ، فلم تقاوم كثيرًا واستسلمت للوضع واستقرت على الرصيف ..

أخفت وجهها بين يديها وارتفع صوت بكاءها رغمًا عنها ، فشلت كل محاولاتها فى كتمه حتى لا تجذب الناس إليها ،ولكنها بالفعل لا تستطيع !..

.
"قومي لو سمحتي"

صوتًا مريحًا وهادئًا للغاية اخترق آذانها يحثها على النهوض برجاء ..

أبعدت يديها عن وجهها فكان أول ماوقع عليه نظرها هو أقدام أحدهم تقف أمامها مباشرة ، فرفعت رأسها على مهل حتى تقابلت عينيها الباكية بخاصته الهادئة ، وقد تكوّن ظلّ جسده عليها فحجب عنها أشعة الشمس ..

رمشت أكثر من مرة بعدم استيعاب ، هل هذا هو أم أن الشمس التى تصطدم أشعتها بظهره تُضعف بصرها؟

استطاعت رؤية ابتسامته المميزة تعتلي محياه وهو يمدّ لها يد العون ويقول بنبرة ساحرة أجبرتها على تصديقه :

"انا فى صفّك "

ظلت تحدقه بعينيها المتورمتين بصمت تام ؛وعقلها لايزال مذهولًا من وجوده ، بينما هز هو رأسه بخفة وحرّك أصابع كفه الممدود بتشجيع ..

مسحت دموعها بظهر يدها اليسرى ثم وبيدها الأخرى استجابت له وتعلّقت بيده ليساعدها على النهوض ..

.
.
بأحد المقاعد القابعة بالشارع بالقرب من بعض الأشجار الخضراء ، كانت تجلس وحدها عندما تحدثت بالهاتف مع أخيها وأنهت المكالمة بقولها :
_لا خليك مكانك انا جاية .. لما آجى هحكيلك كل حاجة بالتفصيل ... انا كويسة والله ،شوية وهبقى عندك .. سلام

بعد إغلاق المكالمة التفتت لـ فخر وهو يجلس بجانبها ،بعدما اشترى زجاجة مياه صغيرة وعلبة مناديل ..

أعطى الاثنين لها وهو يقول بهدوء :
_اتفضلي

أخذتهما "جهاد" على مهل وشكرته بخفوت .. أخرجت منديلًا تمسح به آثار الكحل من حول عينيها ولم تضف كلمة أخرى ..

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن