28- (تُـراب أمْـشير)

5.3K 400 30
                                    

متنسوش الڤوت فضلاً 💙
.

.

.
أعلن المنبه الذى يعتلي الكومود عن تخطّي الساعة الواحدة صباحًا ..
يعم ظلام تام على الغرفة عدا ضوء خافت قادم من الشارع يتسلل من خلال النافذة ..

مُستلقي فخر على ظهره فوق الفراش، عينيه مرتكزة على السقف بثبات، تتشابك أصابعه لتتكون بيديه عقدة يُسندها على بطنه ..
يحيط به هدوء شديد لم يكن مُحببًا له كثيرًا ؛فقد كان يساعد أصوات عقله في الارتفاع أكثر بشكل مرهق ..

تجوّل بين كل الأوضاع مرارًا وتكرارًا ؛علّه يرتاح بأحدهم ويندمج بالنوم، ولكن بلا جدوى .. حتى استقر في النهاية متمددًا على ظهره يحدق بالسقف إلى آنٍ غير معلوم ..

زفر بحنق واضح، قبل أن ينهض ليجلس على طرف الفراش ويُنزل قدميه على الأرض، ويفتح المصباح الصغير المجاور له ..

مع قلة النوم تصبح مشاعر التوتر والانفعال أعلى .. ورغم نجاحه في دفنها، إلا أنها أثبتت وجودها بتلك الارتجافة العصبية التى تصيب يده .. فأطلق زفيرًا آخر باختناق وضم قبضته محاولًا إيقاف هذه اللعنة النفسية التى لا تنوي تركه أبدًا ..

وقع بصرُه على دفتره المتروك مسبقًا فوق الكومود، انحنى قليلًا ليسحبه بيده ويفتحه وينبش بين صفحاته بلا هدف .. وصل إلى آخر صفحة مكتوب فيها، ثم تلاها بصفحة جديدة بيضاء .. شرد للحظات بعينين غامضتين وملامح لا تحمل أى رد فعل .. أمسك بقلمه على مهل وشرع يخط كلماته ببطء :

"ظن أن جروحه ستُشفى بها ..

فتركت هي واحدًا أعمق منهم جميعًا"

انتهى من الكتابة وظل محدقًا قليلًا بتلك الحروف التى افتقدت لحُسن خطه المعروف بسبب رجفة يده، وقسمات وجهه ثابتة تمامًا وكأنه لا يبالي ..

استمع لصوت هاتفه المحمول يبلغه بمتصل ما، فأخذه من فوق الكومود ونظر لـ إسم المتصل : "Yasmine"

عقد حاجبيه بتعجب من اتصالها في هذا الوقت، ثم أجاب :

_الو .....

*
*
*

لم يختلف الظلام في غرفة مريم عن غرفته، يعمها هدوء تام يشوبه أصوات شهقاتها الخافتة أثر البكاء ..
تركت المجال لدموعها لتنسال كما تريد، وبقَت جالسة على السرير تضم قدميها لصدرها ..
انكسر الظلام بضوء هاتفها الذى تركته على الفراش بجوارها، التقطته ونظرت بالشاشة لتجد المتصل صديقتها رنا، فتحت الخط وأجابتها :
_الو ..

فيما صاحت رنا فور تلقيها الإجابة :
_انتِ بردو لسة قاعدة تعيطي يامريم!؟

ردت بصوت يغلفه الدموع :
_مش عارفة انام

_مريم انا هجيلك بكرة الصبح بدري وهنقعد ونفكر بالراحة هنعمل ايه مع المتخلّف ده .. دلوقتي ارتاحي وبطلي عياط والصبح هنشوف حلّ إن شاء الله متخافيش

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن