تُرَاب أمْشِير (مكتملة)

10- (أصْـدقَاء رسْـمـيًا)

زاد اتساع عينيها أكثر مما هى عليه بمجرد ملاحظتها بقع الدم التى لطخت الأرضية ، أفاقت لنفسها سريعًا وأسرعت تجثو على ركبتيها بجانبه ، وضعت يده أسفل رأسه لترفعها قليلًا وهى تهتف كلماتها بسرعة وفزع :

_فوق فوق بالله عليك اوعى تفصل خلّيك صاحى اوعى تغمض عينك ،متودنيش ف دهية !

نظر لها بصعوبة وبعينين شبه مغلقة فأسرعت تتأكد :
_انت سامعنى؟ شايف حاجة؟

لم يعطها ردًا واستمرت تأوهاته المنخفضة ، مما ضاعف قلقها أكثر .. فراحت تحثه على النهوض وهى تقوم بإسناده ومساعدته :

_حاول تقوم طيب ،قوم معايا .. انا آسفة حقك عليا والله انا مكنتش اعرف إنه انت ...
.
.
.

دلفت إلى الحمام الخاص بالمكتب وبحثت بالخزانة الصغيرة المجاورة للحوض لتجد صندوق الإسعافات الأولية ،فسحبته فورًا وخرجت إلى "فخر" الجالس على الأريكة يسد جرحه ببضع مناديل ورقية ولايزال وجهه ينقبض بتوجع واضح ..

أسرعت بالاتجاه إليه وجلست بجانبه وفتحت الصندوق وهى تقول بتوتر :
_انا اسفة انا آسفة بجد والله ما جه ف بالى إن انت اللى واقف ..

رد بخفوت وهو يهمّ بأخذ الصندوق :
_حصل خير خلاص، هاتى

ولكنها أبت أن ياخذه وقالت :
_لا لا انا هعملهالك

_مش لازم ،انا هتصرف

_والله أبدا ، كفاية عملتى السودا ، كمان مش هساعدك؟

غيّرت وضع جلستها فاستندت على ركبتيها لترتفع وترى إصابته بوضوح ،وقالت :
_حوش ايدك بالراحة

استجاب لطلبها وأبعد يده مصحوبة بالمناديل ،فسارعت هى بوضع القطن على رأسه مما أوجعه قليلًا فاعتذرت فورًا :
_اسفة معلش

سارعت دموعها بالانسيال على وجهها وهى تقول ،مواصلة عملها :

_والله العظيم والله العظيم انا ماكنت أعرف ، انا افتكرته حرامى .. كنت فاكرة فى حاجة مهمة ف المكتب وهكون عملت فيكوا جِميل عشان منعته ياخدها .. آسفة والله آسفة

أجابها بعدم اهتمام :
_خلاص ياجهاد سمعت "آسفة" دى ستين مرة خلاص

ولكنها استطردت من جديد :
_بذمّتك واحد ساعدنى واستجدع معايا أكتر من مرة ازاى هعمل فيه كدا؟ أكيد مش هقصد أذيته أبدا

لم ينظر إليها ولكنه أدرك بكاءها من صوتها فقال :

_طب انتى بتعيطى ليه دلوقتى!

_عشان انت أكيد مش هتسكت و ياهتحبسنى يا هتطردنى م الشركة ، ومش هلومك والله انا عارفة إنى بتاعة مشاكل وخنقتك .. بس انا ماليش دعوة، معرفش كل حاجة بتكلكع معايا كدا ليه!

_طب امسحى دموعك بس وبطّلى هبل
اختتم جملته بتأوه خافت ،فأسرعت تقول :
_معلش معلش قربت اخلّص خلاص.