6- ( "عُصـفورًا عَاجـزًا" )

6.3K 352 40
                                    

يأتى المساء فى الغالب مع الراحة والهدوء , إلا فى منزل آل تَليد ;حيث يكثر هناك الضجيج والجلبة والأصوات العالية .. فإن كنت من محبى المناوشات والمجادلات والصخب ،فهذا بالفعل هو مكانك المثالى ...
.

دلف فخر من باب المنزل على صوت ضجة عالية نبعت من اشتباك عمته مع زوجة أبيه , فتطلع بملل للسيدتين وهما يتبادلان السباب والإهانة ويحاولان ضرب بعضهما ،إلا أن الفتيات يمنعن ذلك ;فتتمسك ياسمين بوالدتها ،وتحاول مريم مع الخادمة حنان إيقاف بسمة وتهدئة الأمور ..

لم يظهر عليه أى اكتراث ونفخ بكل ضجر ؛فقد تعوّد على هذه المشاحنات منذ أن أضاءت بسمة المنزل بطلّتها المشؤومة ..

وقع نظره على أخيه الواقف بعيدًا عن هذا القتال ، يكتفى بالمشاهدة فقط وهو يحتسى كوبًا من "الشاى بالحليب" ، وضحكة عريضة تعلو محياه لا تتناسب أبدا مع الأجواء المشتعلة بين أفراد العائلة ،وكأنه يشاهد فيلمًا كوميديًا ..

اقترب منه فخر حتى وقف بجانبه مباشرةً وسأله بلامبالاة :

_بقالهم كتير؟

نظر له زياد وأجاب :

_دقيقة ويزهقوا .. خد سلّى نفسك

أردف بجملته الأخيرة وهو يُخرج بعضًا من الفول السوداني من جيبه ويعطها له ، فأخذه فخر وأكل واحدة ثم قال :

_مين اللى بدأ؟

رد زياد بنفس ابتسامته الواسعة وهو يتطلع لهذا الشجار بحماس :

_انا سخّنتهم على بعض

ارتفع حاجبيه بدهشة وتطلع له بتوبيخ :
_يخربيتك! ، هى ناقصاك!؟ ، ما هما كارهين بعض خِلقة
.
.
صاحت مريم فجأة بنفاذ صبر :
_كفاية بقى كدا !!

نظرت لعمتها مردفة :
_طنط انتِ ست أرقى من إنك تخشى فى خناق تافه زى ده !

ثم استدرات لبسمة فورًا وقالت :
_اقعدى يابسمة لو سمحتى

هدأت العمة "ناهد" قليلًا بعد سماع تبجيل مريم لها ،لتثبت أنها بالفعل أرقى من هذه الخرقاء .. بينما جلست بسمة بعدما رمقتها بمقت ،وزفرت بعصبية ..

جلست ياسمين بجانب والدتها ، قبل أن تخاطب مريم خادمتهم :
_حنان هاتيلهم ماية بعد اذنك

اومأت بطاعة وغابت إلى الداخل ، ثم تحدثت مريم بهدوء :
_مفيش حاجة مستاهلة اللى بتعملوه مع بعض ده ، انتوا مش أطفال !

تفاجؤوا جميعًا بانقطاع الكهرباء وانطفأت جميع الأنوار ,
فكان أول رد فعل عفوى خرج من زياد عند شعوره بالخوف هو التمسك بذراع أخيه بقوة ، فسارع فخر بوضع كفّه الآخر فوق يده المتشبثة به بارتعاد ،ليربت عليها ويهمس له بأمن وهدوء :

_متخافش ،متخافش انا معاك .. مفيش حاجة انا جنبك اهو

.
صدح صوت ناهد تقول باشمئزاز :
_النور قطع على وشك أول مانزلتي من فوق

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن