16- (رَفـيـقِـي)

5.7K 384 47
                                    


أنفاسه متعالية بشكل متوتر ..
وسط السكون العارم المحيط به لم يظهر سوى أصوات تنفسه الذى يحاول ضبطه قدر مايستطيع .. ولكنه على النقيض يتسارع أكثر فأكثر ..

ظلام قاتم لم يكسره سوى ضوء كشاف الهاتف الذى يتركه بجانبه ،حيث يجلس بجانب الحائط، يخفى وجهه خلف يديه ويتعمد إغلاق عينيه بقوة حتى لا يقع بصره على السواد المحيط به ..

على الأقل السواد خلف جفنيه يراه برغبته وليس مجبرًا ..

لم يكن كشاف الهاتف ذا منفعة كبيرة ؛فالمكان واسع والجزء المضئ صغير ،فحتى لو فتح عينيه تجاه المصباح فقط، ستقع حدقتيه حتمًا على المناطق المعتمة رغمًا عنه ..

استمع لصوت أخيه عبر الهاتف الذى تركه مفتوحًا منذ اتصاله به :

_زيزو أرجوك اهدى! ، مفيش أى حاجة صدقنى الموضوع بسيط ،هوّن على نفسك متفكرش فى حاجة انا قربت منك خلاص متخافش
.
.
انتهى فخر من حديثه على الهاتف وهو يستمر بالقيادة ، يحاول إخفاء قلقه عن نبرته ليبث له الاطمئنان بأكبر قدر ممكن، ولكنه فى الحقيقة خائف بشدة ;خاصةً مع استماعه لأصوات أنفاسه العنيفة ويتضح أنه يأخذها بصعوبة ..
يدرك جيدًا ما تستطيع فعله نوبة الهلع تلك بأخيه، ويخشى إن طال عليه الأمر فيسوء الوضع أكثر ..

لم يكن ارتعاده من الأمر قويًا طالما بجانبه أى أحد، ولكنه الآن وحده تمامًا مما جعل الأمر أصعب .. تسارعت نبضات قلبه حتى باتت مؤلمة فأخفض كفه ليدلك صدره بتعب ولاتزال عينيه مغلقة لا يرغب بفتحها مطلقًا ..

كل دقيقة تمر عليه كالساعة ويتضاعف الرعب أكثر، رغم محاولاته _الفاشلة_ فى امتلاك بعض الهدوء .. ولكن يبدو أن "الفوبيا" تنتصر ...

استماعه لصوت أخيه فى الخارج ينادى بإسمه كان منقذًا، لا يعلم إن تأخر عليه لدقيقة أخرى أكان سيظل _الى حد ما_ متماسكًا، أم كان خوفه سيجتاحه ويبيد ثباته عن بكرة أبيه!

تحرك ونهض بثقل واضح واقترب من الباب ...
.
تطلع فخر لقفل باب المخزن الذى يمنعه من فتحه، ثم مرر عينيه من حوله حتى وجد طوبة متوسطة الحجم على الجانب ، فأسرع بالتقاطها ثم شرع بمحاولة كسر القفل بها ..

مرة .. اثنان .. ثلاثة ، واشتدت يده فى المرة الرابعة بقوة حتى نجح بكسره وسرعان ما ترك الطوبة جانبًا ونزع باقى القفل ثم فتح الباب ..

ما إن رأى "زياد" بصيص الضوء يظهر من الباب حتى سارع بفتحه هو ، وبلحظة كان يرتمى بأحضانه بعنف ويطوّق رقبته بقوة على قدر رعبه ، فيما ضمه فخر وأخذ يربت عليه بهدوء ويهمس له بصوت ساكن :

_بس خلاص اهدىٰ مفيش حاجة

ولكن تعالت شهقاته لتعلن عن بكاء صامت طغى عليه واستسلم له رغمًا عنه ، عينيه تدور من حوله بارتعاد شديد ودموعه تتسابق على وجنتيه، بشهيق وزفير غير منتظم بالمرة ..

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن