39- (عـ الـقَـهـوَة)

5.5K 384 53
                                    

مرت الأيام بشكل مستقر إلى حد ما ..
شرع فخر فعليًا بـالتحرك في مشوار تجهيز الشقة، وبدأ أولًا بتفريغها وبيع الأغراض التي لا يستخدمها، بالإضافة لأثاث الغرف الأخرى عدا التي يمكث بها .. وبالطبع لم يقرب مختصات والدته ;كملابسها وفراشها وصندوقها الذي اعتادت الاحتفاظ فيه بمقتنياتها .. أي شيء يستطيع أن يمرر ذكراها بداخل رأسه يحتفظ به فورًا ويحرص على الاعتناء بها ..

وبنفس الفترة كانت اختبارات ياسمين تتوالى واحدًا تلو الآخر، وكان زياد مواظبًا على مساعدتها في المذاكرة طوال الوقت وأحيانًا كان ينتظرها أمام الجامعة حتى تنتهي من إتمام الامتحان، أو مهاتفتها على الأقل عندما ينشغل بشيء ما ويتعذر عليه المجئ ..

وعلى صعيد آخر لم تكتفِ بسمة من وضع تلك الحبوب المجهولة في أي مما يحتسيه عامر ..
وتنتظر لحظتها الحاسمة !
.
.
.

وقف زياد أمام بوابة الجامعة في انتظار تلك التي هاتفته منذ دقيقة، وهي تندب وتولول وكأن روحها على كفّ عفريت ..
لمحها وهي تخرج من البوابة وتبحث عنه بأعين تملؤها الدموع، رفع يده ليلفت نظرها له فرأته وأسرعت تركض إليه وهي تبكي بقوة، فحاول تهدئتها قائلًا :

_بالراحة بس اهدي شوية

لم تستجب له وواصلت النحيب صائحة :
_حلّيت وحش يازيزو حليت وحش اوي

_طب وفيها ايه يعني؟ ما المهم تعدّي وخلاص

_هو ايه اللي مهم اعدّي، انا متعودتش على كدا !

_يعني لما تجيبي امتياز هتطلعي تلاقي الشغل مستنيكِ؟؟ ما هتتنيلي في البيت بردو

ردت باحتجاج :
_الكلام ده مش هو اللي هيهوّن عليّا على فكرة

ضحك وقال :
_طب اجيب لك حاجة حلوة تنسّيكي شوية ؟؟

لم تحفل وظلت عابسة كما هي، تحاول نسيان الأمر والكفّ عن البكاء، ولكنها انفجرت فجأة ولم تشعر بسيل الدموع الذي فاض من عينيها كالنهر، لم يجد زياد مايفعله سوى أنه اقترب منها وأحاط كتفها بذراعه وضمها لصدرها مربتًا على كتفها .. فانكتم صوت البكاء قليلًا عندما دفنت رأسها بصدره وظلت تنوح وتتحسر على الدرجات التي ستخسرها ..

_بس يافراشة بس .. هدّي نفسك مكانش امتحان يعمل فيكِ كدا، اومال في ثانوية عامة عملتي ايه!

أخفض بصره لها ولمس وجنتها ليرفع وجهها بلطف ويجعلها تنظر له، وهو يقول :

_بس خلاص انسيه وفكري في المهم .. انتِ خلاص خلصتي! .. الناس لو سابت الورقة فاضية بتطلع فرحانة بردو عشان آخر امتحان وخدوا براءة، و ده آخر امتحان في مسيرتك الدراسية يابنتي لازم تحتفلي

كفكفت دموعها وهدأت قليلًا وهي تهز رأسها باتفاق، قبل أن يردف زياد بتعجب :

_انا مش عارف انتِ ازاي جوزك زيزو وبتعيطي على درجتين هتنقصيهم؟ ده انا مسِبتش سنة في الكلية إلا وشيلت فيها مادتين على الأقل .. ويوم ما قررت اجتهد في سنة رابعة وافوق لنفسي شيلت تلاتة!

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن