29- (ظَـرف وڤِـيديو)

5.8K 438 46
                                    

"هي طبيعة البني آدم كدا دايمًا .. متذمر وغبي ومبيحسش بقيمة الحاجة اللى فى ايده لحد ما تضيع ..
انا مش عارفة آخرتها ايه بصراحة بس انا متأكدة إني مش مستعدة افرّط فيك مهما حاولت تبعدني

انا يمكن زقيتك من على الحافة زي ما بتقول، بس انا معايا حبل وعايزة الحقك بيه قبل ما توصل للأرض ..
جرّب تمسكُه، صدّقني مش هيطلع مقطوع"
.

كانت هذه آخر رسالة أرسلتها له بصوتها بعد العديد من الرسائل التى تعلم أنه لن يرد عليها .. يراها ويسمعها ولكنه لا يبادر بأي رد .. ورغم ذلك تحافظ على مراسلته دون ملل ..

كان قد صفّ سيارته بالقرب من محل عمله وظل جالسًا فيها ينصت لصوتها الذى يهُز قلبه في كل مرة يسمعه

انتهى من الاستماع تزامنًا مع ظهور الحزن مختلطًا بالضيق والحنق على وجهه، بقدر ما يؤثر صوتها به إلا أن غضبه منها لايزال يقوده ويمنعه من الالتفات إليها أو إلى ندمها وألمها الباديين فى نبرتها ..

تنهد بهمّ شديد وبقى يتطلع إلى الأنحاء من حوله بِسكون، وقع نظرُه على دفتره الذى لا يفارقه أبدًا والتقطه بهدوء .. فتحه وقلب بين صفحاته بتمهل حتى وقعت عينيه على عبارة قديمة كتبها :

"كنت تشعر وكأن فؤادك سيقفز من بين أضلعك بمجرد رؤيتها
والآن بتّ تمزق عقلك لقتل ذكرياتك بـصحبتها .."

ارتسمت فوق قسماته ضحكة جانبية ساخرة ;لم يتوقع أن يعيش ما يكتبه بهذه الحرفية، وكأن عقله كان يتنبأ بالمستقبل ..

تخطّى هذه الصفحة والتالية والتالية، حتى وصل لصفحة بيضاء فارغة .. أمسك بقلمه الأسود ونصّ كلماته بتمهل :

"أهـدرت طـاقتك مع الآخرين، ونسيت أن توفّر البعض لنفسك ..

فـنسـوك هـم، وأصبـحت الآن تـحاول تـرميم ما تـبـقّى من قلبك"

*
*
*

كانت تقف جهاد أمام حوض الحمام لتغسل أسنانها قبل الذهاب إلى العمل، يبدو عليها الإرهاق والتعب ؛لم يساندها النوم طوال الأيام القليلة الماضية، وكلّما زارها قليلًا يسرع بالهروب من عينيها بعد ساعتين على الأكثر، ليجعلها تنهض وتدور حول نفسها، مستسلمة لتفكير مزعج يكاد يحطم رأسها ..

تفاجئت بفكرة سريعة أصابت رأسها، فتوقفت عن استكمال غسل أسنانها فجأة وتوزعت أنظارها من حولها بتعجب .. ولم تلبث حتى قامت بشطف فمها سريعًا ثم ركضت إلى الخارج ..

توجهت سريعًا إلى هاتفها الذي يعتلي الطاولة، ثم فتحت قائمة الاتصال وأسرعت في النزول للأسفل كثيرًا حتى تصل لاتصالات يوم عقد قرآن زياد، لتبحث عن رقم السيدة سحر! ؛فقد تذكرت أن مريم حادثتها من هاتفها ورقمها موجود معها بالفعل ..

تُرَاب أمْشِير (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن