مرت أيام العزا صعبة، ثقيلة، خصوصًا على الأحفاد اللي فارقو يدهم الحنون، يدهم اللي يشوفونه نهاية كل أسبوع، يدهم اللي كان ييلس جدام الباب ومجهز طاولته وحاط دلة القهوة والتمر، وبما انهم جيران، كل ماطلعو بسياييرهم يرفع ايده وعصاه يسلم عليهم، ومرات يمرونه ع السريع يقهويهم ويكملون مشاوريهم..موته كان صدمة وفاجعة.. لأنه له حضور قوي بحياتهم، اليدة كانت متصبرة وموكلة أمرها لله، الكل منهار الا هيه متماسكة ومقوية عمرها عشانهم، العمة موزة أكثر وحدة ردة فعلها لوفاته كانت عنيفة، يالسه فغرفتها وعلى السرير ماتبا تشوف حد ولا تسلم على الناس اللي تعزي، تاكل وتشرب بالغصب وبعد ضرابة.. انتهت ايام العزا.. وسلطان يحاول يتواصل معاها بأي طريقة لكنه مش قادر لأنها عاقة تلفونها وماتفتحه أبد.. كان يطمن عليها من خلال اخوانها والشباب.. قرر سلطان يزورها ويدخل غرفتها بالغصب وفعلًا دخل ويلس على السرير
موزة كانت مغطية ويهها باللحاف، وماتعرف منو اللي دخل
موزة بعصبية: للمرة المليون مابا ريوق
سلطان يسحب اللحاف: صباح الخير
موزة ترجع اللحاف على ويهها: سلطان ماريد اشوف حد
سلطان: وأنا أي حد ؟ صدي علي انزين، طالعيني
موزة:.......
سلطان راح لجهتها ويلس على طرف السرير، ورد يسحب اللحاف عن ويهها: قومي بنتريق برع
موزة باستهزاء: وانته تشوف وقته الحين اطلع اتمشى واتريق ؟
سلطان يبوس راسها: لا عيوني فهمتيني غلط، بخذ لج رقاق وكرك وبنسير نيلس ع البحر، لازم تشمين هوا وتطلعين من البيت
موزة تتنهد: ماريد، مالي خاطر
سلطان يبتسم: والله ثم والله مابطلع من الغرفة الا وايدي بايدج
موزة غمضت عينها بنرفزة: سلطاااااااان!!! ليش تضغط علي ؟
سلطان يمسك ايدها ويرفعها: تحرطمي لين باجر، مابتأثر.. يلا قومي بدلي ولبسي عباتج
موزة: انزين اطلع برع عشان ابدل على راحتي
سلطان: تراني ريلج، حلالج
موزة باحراج: لا والله؟
سلطان: انا ماضمنج، اخاف اطلع من الغرفه وتقفلين الباب عني وعقب تعطيني سحبة محترمة، سيري تلبسي بالحمام وانا بنتظرج هنيه
موزة قامت: أمري لله
لبست موزة وطلعت هيه وسلطان للصالة وايده بايدها
اليدة تفتح ايدها : تعالي يا اميه تعالي، مابغيتي تطلعين من هالغرفة
موزة حضنت امها وصاحت فحضنها
اليدة بعتاب: ويهج ذاوي، تعبان واصفر، ليش يا اميه تسوين فنفسج جيه وتعورين قلوبنا
سلطان: ماعليج عمتي، الحين بوكلها غصب، برجعها لكم البيت وهيه تارسة بطنها
موزة ابتسمت له بحب
العمة شيخة: توكلو الله يحفظكم.. ماوصيك عليها سلطان، ترى محد رايملها فالبيت
سلطان: لاتوصين أم حميد
توجهو سلطان وموزة للبحر، حميد بطل الكراسيي، يلسو عليها وبدو ياكلون
موزة تعطيه الصحن: الحمد لله شبعت
سلطان يلقمها: آسف بتخلصين الخبز كله
موزة: صدقنيي شبعت
سلطان: بدون نقاش، بتخلصين كل اللي فالصحن
موزة استسلمت له وكلت الرقاق كله
سلطان مسك ايدها وباسها: تراني حاس فيج، والله حاس، لاتنسين أنا يتيم الأم والأب، تيتمت بعمر صغير وشلت مسؤولية كبيرة على ظهري، وراعيت اخواني الصغار، انتي ابوج على الأقل شاف احفاده، وعاش معاكم عمر، فرح بتخرجج و وظيفتج ولحق على ملجتج، قولي الحمد لله وهوني على نفسج.. ادعيله، مايبا غير الدعاء
موزة هزت راسها تأيد كلامه ودموعها تنزل بهدوء..
سلطان مسح دموعها: اوعديني تنتبهين على نفسج، ومتى ماضاقت فيج الدنيا أنا موجود، دقيلي، تبيني اييج للبيت بيي، انتي بس آمريني، انا مابضغط عليج وايد، اليوم بس غصبتج على هالمشوار لأنه مُش ولا بُد منه
موزة: أوعدك...الله لا يحرمني من حبك وحنانك
سلطان: ولا من وجودج يا أغلاهم
*****************************************
يوم الخميس بليل.. طرشت العمة شيخة ڤويس على قروب العيلة اللي الكل موجود فيه وقالت: مساء الخير عليكم جميعًا، حبايبي مثل ما نحن متعودين قبل، نتيمع اسبوعيًا، بكون بانتظاركم باجر ان شاء الله.. أبوي توفى رحمة الله عليه، والحزن بعده موجود فالقلب، لكن لاتنسون انه كان دايمًا يوصي على هالعادة، اننا نتلاقى كل يمعه
سعيد: ماعليه عموه، مابنقطع هالعادة، لكن محد له خاطر هالويكند
سارة: هيه عموه، خليها الاسبوع الياي
عاشة: أصلًا مادري كيف بنلتم وكرسي يدي فاضي، وايد صعب الموضوع عموه
مايد: وأنا رايي من رايهم بصراحة
العمة شيخة سجلت فويس ثاني: لو لي خاطر عندكم لا تردوني، تعالو كلكم حتى لو الموضوع صعب، لازم تواجهون هالموقف
سعيد سجل فويس: حاضرين، بس عشان خاطرج
******************************************
في بيت بو مايد.. سارة منسدحه على ريول عاشة وتطالع السما
سارة: تتوقعين كيف الوضع بيكون باجر بدون يدي ؟
عاشة: وايد صعب، الله يهديها عموه، ليش مُصرة يعني اننا نتيمع ؟ ماحس وقته
سارة: عموه ماتسوي شي بدون سبب، لازم في سبب.. وتبين الصدق، لما فكرت فيها ترى صح كلامها، كل واحد بييلس يتهرب من هالموقف لمتى ؟ لازم نواجه المواقف عشان نتخطاها
عاشة بحزن: عمرنا مابنتخطى وفاة يدي
سارة تتنهد: أكيد هالكلام، بس لازم نتعايش، لاتنسين يدتي بتتعب وبتتأثر.. مانبا هالشي يصيرلها، يكفي يدي فجأة راح مننا بغمضة عين، تعرفين ياني شعور اني لازم ماضيع ولا فرصة عشان أتلاقى ويا يدتي ولا أهلي، لأنج ممكن تخسرين أقرب الناس بلحظة مش حاسة فيها
عاشة: وانتي الصادقة، قبل كنت شوية أحس بملل من موضوع اننا لازم كل يمعة فبيت يدي، وأحس انه مثل القانون والشي الاجباري اللي ماله لزمة، بس الحين استوعبت انه يدي ويدتي لهم عمر مُعين ومش دايمين لنا.. لو ما بريناهم وشفناهم الحين، بوفاتهم بنندم وبنتحسر على كل لحظة قصرنا فيها وياهم
سارة تضحك: والله وقمنا نتناقش بحكمة ونقول كلام بجدية
عاشة تبتسم: نحن مرينا بصدمة وحدة وجيه خلتنا نفكر، تتوقعين عموه شيخة شو وضعها ؟ ريلها توفى وربت التوأم بروحها بأكمل وجه وعاشت بدون ريال طول عمرها شايلة مسؤولية.. أحسها من الصعوبات اللي شافتها بحياتها صارت انسانة حكيمة وعاقلة
سارة: لو ياخذ حميد نص عقلها
عاشة: حرام عليج، حميد مب قاصرنه شي
سارة: مرات ما أفهم تصرفاته.. أحسه يبالغ.. ويوم نكون فالنادي يا ربيه يكتمني، لاتسوين جيه ولا تسوين مادري شو.. ويوم اقوله ليش ؟ يقول انتي بنت خالي احاتيج
عاشة تبتسم: يمكن الولد فقلبه شي ثاني، ويمكن انتي بعد فقلبج شي ثاني عشان جيه تحسين خوفه مب طبيعي
سارة طالعتها بنظرات مرتبكة ومليانة استفاهامات، وماحبت ترد عليها..
******************************************
على الساعة 11:00 بليل اتصل راشد لنورة
راشد: السلام عليكم
نورة: وعليكم السلام ورحمة الله، شحالك راشد
راشد: بخير الحمد الله انتي علومج
نورة: بخير دامك بخير
راشد: وحشتيني
نورة تتنهد: والله وانت أكثر
راشد: شخبارها يدتي وشخبارهم عماتي
نورة: الحمد لله أحسن عن قبل، واليوم مر سلطان على عمتي موزة ودخل عندها بالغصب وغير لها نفسيتها
راشد: وين دخل فالميلس قصدج ؟
نورة: لا، راح لها الغرفة وعقب مرو علينا الصالة يسولفون شويه وبعدها طلعو يشمون هوا، عموه تحتاج تطلع شوي من البيت
راشد بعصبية: خير ان شاء الله شعنده يتمشى فالبيت هالشكل والبيت متروس حريم ؟
نورة تتنهد: لا حول ولا قوة الا بالله، ريال ويبا يتطمن على حرمته، دخل لها الغرفة، شو المشكلة ؟؟؟ تراه خلاص بيصير فرد من أفراد العايلة، بييلس ويانا بكل يمعه، وبيكون موجود بكل مناسباتنا
راشد باستهزاء: انتي اييه شو تخربطين ؟؟ تراه ريال غريب.. وبعدين تعالي، مساعه تقولين مر الصالة، انتي كنتي فالصالة ؟
نورة: هيه كنت فالصالة
راشد بنرفزة: وتقولينها بعد ؟؟؟ شو ميلسنج فالصالة ؟
نورة بعصبية أكثر عنه: راشد انته شفيييك ؟ شايف انه هذا وقت مشاااااااكل ؟؟؟؟ وبعدين الكل فالصالة، يدتي وامي وحريم عمي وعمتي شيخة، الكل موجود، شو يعني لو مر علينا سلم وروّح ؟ شو هالتعقيد اللي فيك ؟ ليش ماتخلي المواضيع سهالات ؟
راشد يصرخ: عيال عمج وعمتج تيلسين وياهم ماقلنا شي، غيرهم لا، ريل عمتج ريال غرييبب وبيبقى غريب حتى لو خذ عمتي و...
نورة تقاطعه بعدم اكتراث: انته الكلام وياك ضايع أصلًا.. ورقعت الخط بوييهه
راشد طالع التلفون وهو مغتاض!!! ماتوقع هالحركة تطلع من نورة.. ماعليه يا نورة، أنا بعرف كيف أحاسبج على هالحركة السخيفة
****************************************
يوم اليمعه، الكل متواجد فبيت اليد، ويالسين برع.. الهدوء سيد الموقف.. الكل يالس وساكت.. الوضع غريب.. مش متعودين على غياب يدهم وصوته.. كانو متعودين أول مايدخلون من الباب يسمعون صوته العالي وهو يهلي ويرحب فيهم: يا هلا يا هلا بالغالييين و يا مرحبا
غير طريقة سلامه الحنونة، الأحفاد يبوسون راسه وهو بالمقابل يبوس ايدهم.. أما الحفيدات ياخذهم بالأحضان على طول
الكل يالس سرحان ويسترجع هالذكريات..
قطع صمتهم ابو محمد: ماتبون عشا ؟
اليدة: كل شي جاهز بالمطبخ، خل الخدامه تيب الأكل
عاشة قامت: احنا بنيب لكم العشا
راحو البنات كلهم المطبخ يغرفون العشا ويجهزونه.. آمنة كانت وياهم بس بالها مشغول
آمنة: بنات اسبقوني للعشا.. أنا شوي وبييكم
نورة: ليش ؟
آمنة: بروح الحمام وراجعه
نورة: زين
الكل متيمع ع العشا.. آمنه كانت تراقب تحرُكات سعيد، لاحظت انه راح ورا.. ورا البيت في مكان كله زرع ونخيل وفيه كرسيين، طلعت من المطبخ متوجهة للمكان وفعلًا شافت سعيد يالس على كرسي يدهم و وقفت تسمع صوته العذب