علّنا خُلِقنا لنظلّ هكذا " خطين متوازيين "
يعجزان عن الفراق ؛ وعن التواصل
ولن يلتقيا إلا إذا انكسر أحدهما...
❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄
" ألا تعتقدين أن بإخباركِ لي بهذا..سأشك بكِ...؟!..."
قالها سردار ببرود وهو ينظر لها منتظرا اجابتها فأومأت سيران برأسها بهدوء و اردفت دون اي خوف او تردد :" أنا أعلم.....وهذا جيد صراحة ...لأن الشك أولى خطوات الوصول للحقيقة...وانتَ قلتَ أنك تريد معرفة الحقيقة..." اتاها الرد من سردار بنفس نبرته السابقة :" وهل أنتِ تريدين ذلك ؟!"
ابتسمت سيران:" ربما....أنا أريدك أن تكتشفها لوحدك...ولكن في نفس الوقت لا أريد...."حينها اجابها سردار بجدية بحتة :" إذن..لما تفعلين هذا ؟!"
لما تفعل هذا...حتى هي لا تعلم الإجابة الأكيدة...فكل ما تعرفه هو أن ماضيها سيعيد فتح جروح عديدة لها.....وهي تريده أن يرى جراحها لانه الوحيد الاحق بذلك...لكن في نفس الوقت...هي خائفة....خائفة من إعادة مواجهة نفسها التي دفنتها....لذا فهي لم تجبه عن سؤاله...و كالعادة عندما تتهرب...طرحت سؤالا مغايرا :" هناك ثلاثة أجزاء من الحقيقة سردار
...حقيقة آلمتني فأغلقت بابها....حقيقة أحزنتي فكتمتها...وحقيقة ستغضبك وتلك أخفيتها.....لذا ماذا ستختار ؟!" تمعن سردار بكلماتها ثم أجابها بمنطقية وبكل هدوء :" أنا شخص آخذ الكل أو اللاشيئ....لكن ولأنها قاعدة متبادلة...فليس من العدل أن أعرف كل هذا بينما أنت لا تفعلين..."شبكت سيران أصابعها مع بعض ثم ردت بصوت خافت كانها تهمس له بموعد للحقيقة.. :" إذن...الانتظار...هذا هو الحل..كل شيئ مناسب في وقته سردار...."ارتخت تعابير وجه سردار من الجمود الى الهدوء وهو ينظر لها بتمعن ولأعينها التي كانت تحمل لمعة مميزة....فهي كذلك امراة مميزة...لقد كانت وبطريقة غريبة تجيد الحزن وتتقن ارتداءه...كأنه ثوب تعودت وضعه على اكتافها منذ زمن فأثقلها....وتنظر للأشياء بمنظور خاص..وتفصلها وتحللها بمنظور أكثر غرابة وأكثر منطقية....لذا فهو رد عليها دون ان يزيح بأعينه عنها :" لنفرض أنني لن أقرأ ماضيكِ وماقلته بطريقة خاطئة..حتى لا أقود الأمور لمنحى خاطئ....ولن أعبث به لسبب وحيد وهو أن الألم في عينيك أقسى وأكبر من رغبتي في كشفه...لذا سأمنحك وقتا مقيدا..."ابتسمت سيران وأمالت رأسها قليلا :" مقيدا بماذا..؟؛"رفع سردار حاجبه بجدية :" مقيدا بالمدة التي سأستغرقها لأعرف الحقيقة...ففي اللحظة التي سأفعل ستنقلب الموازين...."أومأت سيران بخفة وقالت بهدوء :" عادل كفاية.."وحينها تشاركا نظرة أخيرة ثم أزاحا أنظارهما من جديد عن أعين بعضهما.....وقطع هدوءهما صوت رنين هاتف سيران..فالتفت سردار لعمله من جديد معتقدا انها ستغادر وتتحدث بخصوصية لكنها لم تفعل بل أجابت بجدية بالايطالية حتى وهي تعلم أن سردار يتحدث الايطالية:" نعم أولغا..... أي صفقة ؟!... لقد أخبرتكِ مسبقا أنها مرفوضة...لاداعي لأي موعد ثان معه أجل أنا متأكدة... لا.....سأخبرها أنا أن ترسل لك الملفات....جيد..."وبهذه الكلمة أغلقت سيران الهاتف فقال لها سردار بهدوء دون ان يرفع نظره عن الملفات :" أرى أنك لاتواجهين مشاكل في العمل عن بعد...؟!"أومأت برأسها :" لقد تعودت على ذلك..أنت تعلم.."أشار سردار للملفات أمامه :" أجل أنا أكثر من يعلم..."ضحكت سيران على وضعه :" ليس وكأنك طلبت مساعدتي وأنا رفضت.."هز سردار رأسه برفض :" لا..اليوم يوم راحتك لذا لا داع لإقحامك في عملي...كما أن معظم الملفات عن صفقات غير قانونية...لذا..."هزت سيران يديها باستسلام و ابتسامة :" حسنا....كما تريد...لن أفعل...انت الخاسر...".. رغم انها جديا ارادت ان تضحك عن الفكرة..فعلى الاغلب انها طوال حياتها عملت في ملفات الصفقات الغير قانونية أكثر مما عملت في القانونية.....لو فقط يعلم...ولكن مع ذلك فقد أضافت قائلة باستفسار حقيقي :" لكن هل يمكن أن أسألك شيئا..؟!."نظر لها سردار وأومأ برأسه فقالت مباشرة :
" لما لم تسألني عن هوية الملك رغم أنني أخبرتك أنني أعرفه...؟!"مرر سردار يده على خصلات شعره الذهبي وبيده الأخرى كان يقلب الصفحات ثم اجابها بهدوء :" ومن أخبركي أنني أريد معرفة هويته أصلا ؟!"قضبت سيران جبينها باستغراب وقالت :" ولما هذا ؟!"نظر سردار لها نظرات خفة قبل أن يعيد أعينه الزرقاء البلورية الجميلة صوب عمله :" لأن ذلك لن يفيدني بشيئ....عملي معه يسري بشكل جيد ولن يتعارض ابدا مع حقيقة هويته وهو ما أكده بنفسه عندما سألته مسبقا....لذا مادام يريد اخفاء نفسه..فليفعل....."فكرت سيران بكلماته بشرود ثم هزت رأسها بموافقة....لكنها أضافت بعدها :" أنا أعلم بأنك كنت تحكم العديد من اتحاديات المافيا ولسنين طويلة...ثم فجأة تخليت عنها واكتفيت بتركيا...ألم تندم على ذلك؟!... لانك لو لم تتخل عن الزعامة لما اضطررت للعمل مع الملك...؟!"نظر سردار لها وهو يرفع حاجبه :" انت تعرفين الكثير نظرا لشخص لا يعمل في المافيا..."هزت سيران كتفيها بخفة و بنبرة واثقة :" وهل تعتقد ان هناك شخصا في العالم لا يعرف هويتكَ او ما تفعله....؟!"ظهر شبح ابتسامة على محياه ثم اجابها بهدوء على سؤالها السابق :
" لا......أنا لم أندم...لقد فكرت جيدا قبل اتخاذ القرار وكنت أعلم ما سيحدث.....كما ان العمل مع الملك ليس سيئا...فهو شخص منظم و يعمل باحترافية..
...اضافة الى أنه يحترم المواعيد بدقة..."
ابتسمت سيران بخفة على جملته الأخيرة لانها تعلم كم أن سردار يكره الأشخاص الذين يتأخرون في المواعيد....وهي عادة تشترك فيها معه..... كما انها نوعا ما ارتاحت لما قاله....اولا لمدحه جانبها الآخر ....وكونه لاينزعج من عمله مع الملك فهذا كان يقلقها في غالب الأحيان....
❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄
فى غرفة ياغيز كانت زهراء تتصل بوالدها حتى يأتى: "ابى اشتقت لكم هذا مافى الامر من فضلك لا تتأخروا اريد رؤيتكم..... حسنا اذا لم يأتى احد معك يكفى ان تأتى انت... حسنا الى اللقاء" اغلقت مع والدها ووقفت امام المرآه تنظر الى نفسها حتى انتفض جسدها عندما سمعت طرقات على باب الغرفة: " تفضل".. دخلت الخادمه وقالت بهدوء: " العشاء جاهز سيدتى والجميع فى انتظارك" سألته بتوتر: "هل ياغيز وسردار فى الاسفل" اجابت الخادمه: " الجميع فى الاسفل عدا ياغيز بيك لم يراه احد منذ الصباح" تنفست زهراء بخوف ونزلت الى العشاء مع الخادمه لتصطدم فى ياغيز الذى دخل للتو الى القصر حاوط خصرها باحكام بينما هى تمسكت فى ذراعيه بقوة خجلت الخادمه فذهبت ليهمس لها بخبث وهو يبتعد عنها: " فى المرة القادمة انتبهى يا زوجة اخى" بلعت ريها بخجل وتأكدت انه سردار من كلمته زوجة اخى: " اعتذر سردار.. " اتجهت الى غرفة الطعام فى حين ابتسم ياغيز بسخرية ولحق بها شهقت بصدمة فور رؤية جيرين وسردار يجلسون حول الطاولة هل هذا سردار؟ خرجت من صدمتها على همس ياغيز: " فشلتى فى الاختبار لا تستطيعين التفريق بيننا يا زوجتى"
جلس على مقعده ببرود فى حين جلست جانبه زهراء بصمت وهى تنظر الى سيران التى فهمت ان هناك خطب ما رمقة سيران ياغيز بغضب واشمئزاز ليبادلها هو بابتسامة استفزازية..
❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄
بعد العشاء كان يجلس فوق فراش ويضع ابنه عمر في حضنه....بينما الصغير كان يلمس باصابعه الصغيرة هذا الوشم الذى يشبه الدائرة على صدر سردار فأزرار قميصه كانت مفتوحه بعض الشىء...لقد كان ينظر لها باندهاش كما يفعل كل مرة وهذا يجلب البسمة لسردار..كونه يعلم مدى صعوبة صغيره في التأقلم والتفاعل مع العالم الخارجي..لذا هو نادرا ما يرى ردات فعل مختلفة منه....منذ أن وعى عمر على الحياة...أظهر استجابة مرتفعة من الخوف...وتطورت عبر السنين لرهاب اجتماعي حسب ماقاله الطبيب النفسي ...في البداية اعتقد سردار وسيلين أن الصغير خجول وانطوائي قليلا...لكن الأمر زاد عن حده عندما بدأ يخاف من أبسط الأمور...يخاف من الوجوه الجديدة...يخاف أن يلمسه أحد سوا عائلته...يخاف من الظهور في العلن..يخاف حتى من التحدث وإبداء رأيه مهما كان بسيطا....وبالخوف أنا لاأعني خوفا بسيطا..بل كان يصل به الحد للارتجاف والاحمرار والتعرق...وهذا أخافهم....لقد حاول سردار أخذه لأطباء نفسيين...لكنه كان يرفض وتسوء حالته...كونه سيضطر للخروج...لذا أحضر الاطباء للقصر...لكنهم لم ينجحوا بأي شيئ.....كونه كان جد صغير ويصعب التعامل معه...سوى بعض الأطباء ذوي الكفاءة الذين تمكنوا على الاقل من تشخيصه بالشكل الصحيح والتحدث معه قليلا.....وقد طمأنوهم أنه يعاني من رهاب اجتماعي يمكن علاجه نفسيا دون استعمال الأدوية....خصوصا وانه صغير ولازال هناك امل
والحل الوحيد كان ان يتم مساعدته ضمن العائلة أولا..كونه يرتاح معهم...لذا عليهم ان يخرجوه من حالته قليلا...كي يستطيع على الاقل البدأ في حصص العلاج النفسي ولكن على عكس كل مايعاني منه عمر فإنه أظهر عبقرية كبيرة منذ صغره فاجأتهم...لكنها اعتبرت كمؤشر جيد على امكانية استجابة عقله للعلاج.......فقط إذا تم التعامل معه بطريقة صحيحة....صدقوني لا تستطيعون تصور كم كان الأمر صعبا على سردار بعد وفاة سيلين...فالتعامل مع صغيرين احدهما يعاني رهابا هو امر صعب..والاكثر صعوبة هو محاولة اقناعهما بوفاة امهما واختفاءها من حياتهم..تنهد سردار بقوة ثم حمل عمر وعدل وضعيته في حضنه حتى يصبح مقابلا له ثم قال بهدوء وهو يداعب وجنته بابهامه:" هل أنت بخير صغيري ؟!"نظر عمر لسردار بنظرات تحمل الفهم....فهما كبيرا لما قاله له رغم صغر سنه....وبعدها أومأ برأسه قائلا بخفة :" أ.أجل..أبي..."
مرر سردار ابهامه بين عينيه بارهاق ثم نظر لاعين عمر الجميلة فابتسم بخفة تلقائيا وقبله من جبينه..ثم عاد وسأله بنفس الهدوء :" لقد سمعت أن هناك مسابقة علمية للذكاء في المدرسة وانهم رشحوا اسمك....هل تريد المشاركة ؟!"في البداية قضب عمر جبينه باستغراب سرعان ما تحول لخوف وبدأ يعبث بقميص سردار بتوتر واضح جدا لكن سردار سارع بامساك يديه بخفة و رفع له رأسه ثم قال وهو ينظر في عينيه :" لا تخف..أنا هنا معك....لازال هناك وقت طويل للمسابقة...وانت لن تفعل إلا ماتريده...هذا وعد مني..."أغمض عمر عينيه وبدأ يتنفس بهدوء وهذا جعل سردار يستغرب...لكنه بعد مدة لاحظ هدوء ارتجافه و استرخاء جسده....وهذا لم يحدث من قبل ...لقد كانوا سابقا يواجهون صعوبة في تهدئته..كيف فعلها توا لوحده ؟!..وحينها فتح الصغير عينيه ونظر لوالده وأومأ برأسه بخفة موافقا على حديث سردار....ورغم ان ماحدث غريب الا ان سردار لم يرد ان يضغط عليه بل قبل راسه ثم وضعه في فراشه واشعل التلفاز على قناة الشريط الوثائقي لان عمر يحب متابعته قبل ان ينام...على عكس يامور التي تحب البقاء في الاسفل وترسم..حتى تنام....
أغلق سردار الباب خلفه و سار عبر ذلك الرواق المميز وارضيته اللامعة...ثم نزل للاسفل اين يتواجد الجميع...فوجد سيران ووالده يجلسان أمام رقعة الشطرنج وكلاهما يبدو عليهما التركيز...بينما والدته وزهراء كانتا تشاهدان التلفاز و يامور تشاهد مباراة الشطرنج باستغراب وهي تجلس على الارض وتسند وجهها على مرفقيها واوراق الرسم مبعثرة امامها....فى حين رمقه ياغيز بنظرة لم يرتاح لها
أنت تقرأ
التوأم İkiz
Mystery / Thrillerهذه الرواية مقتبسة من رواية اخرى❤ قد نكون اخوة من أماً واحدة، أجل نحن توأمان متطابقان نشبه بعضنا لدرجة لا تستطيع ان تفرق بيننا حتى ندبات الجسد و الوشوم متطابقه كأننا شخص وانقسم الى اثنين، لكن جوهرنا يجعلك تجزم اننا لا علاقة لنا ببعضنا افعالنا مثل ج...