٣١.. شبح الماضي

306 36 25
                                    

استيقظت سيران من نومها فجأة وشعرت بنبضات قلبها تتزايد لذا سارعت ووضعت يدها مكان قلبها وظهر الخوف على وجهها يا الهي..هذا  يحدث من جديد....بالتأكيد شيء سيئ يحدث مع سردار...ففي كل مرة يتألم سردار او يواجه خطرا ما  ينقبض قلبها...... حدسها في هذا الموضوع دوما صائب... لسبب غريب ولامنطقي يُقال أنك تصل لأعلى درجات الحب عندما تبدأ الشعور بمن تحب اذا أصابه سوء....قد يبدو الأمر خياليا...لا معقولا وضربا من المستحيل....لكننا لا نشك أبدا في الأمومة أليس كذلك ؟!... ذلك الشعور الفطري الذي يخالج الأم حين تشعر بأن أحد أبناءها قد يكون في خطر او في مصيبة....وحتى هذا غير منطقي..لكننا لا نشكك به اطلاقا...وكذلك حبها هي تحبه كانها امه....وتشعر بأنه أمانُها وكأنه والدها....تناقض نوعا ما..لكن ان لم يكن حبا فلا اعلم ما هو ؟! أبعدت سيران الغطاء عنها ونهضت من مكانها وهي تشد خصلات شعرها للخلف... المطر كان يتساقط بغزارة في هذه الليلة الحالكة...وكأن السماء أيضا تعلم بأن قلبها غير مطمئن..وان شيئا  سيئا قادم....الرياح كانت تعصف بقوة كما كان قلبها يضرب بقوة داخل قفصها الصدري...هي لا تستطيع البقاء هكذا دون ان تتأكد من  سلامته...لذا بحثت بأعينها عن هاتفها حتى وجدته..فسارعت لتتفقده لكنها لم تجد  اي رسائل تخص سردار....لذا دون تردد اتصلت على رقم احد الرجال المكلفين بمراقبة سردار منذ أكثر من عشر سنوات...ورغم ان الوقت كان جد متأخر لكنه أجاب بعد ثواني فقط وبصوت هادئ وجدي :" نعم سيدتي.."وهنا قالت سيران مباشرة وبصوت بارد  :" ما الذي حدث ؟!" اجاب الاخر" لم يحدث شيء سيدتي..السيد سردار لم يخرج من القصر بتاتا....فهو منذ عودته مساءا لم يغادر...."صمتت سيران لثواني وهي لا تزال تضع يدها على قلبها الذي كان يخفق بسرعة بينما عقلها كان مزدحما بعدة أفكار.....هي متأكدة أن حدسها صحيح و لم يخطأ يوما...لكن إن كان سردار لا يزال في القصر  فهل هذا يعني ان ما أصابه قد أصابه هنا ؟!.... وعند هذه الفكرة سارعت بغلق المكالمة ورمي الهاتف على السرير دون ان تجيب الرجل حتى...ثم حملت وشاحها ووضعته على كتفيها وخرجت من غرفتها عازمة على التوجه نحو غرفة المراقبة والتأكد من  الكاميرات لكن ما أن رأت باب غرفة سردار مفتوحا حتى توقفت أدراجها فجأة وقضبت جبينها....وبكل هدوء وخفة تقدمت لتلقي نظرة دون أن يشعر بها... وحينها وجدت سردار يجلس على حافة سريره ويمسك رأسه بين يديه بقوة وهو  عاري الصدر رغم برودة الجو قليلا.....لكن ما جعلها تزداد قلقا هو انها ورغم الظلام في الغرفة الا انها لمحت قطرات من العرق تتصبب منه....هل يُعقل أنه رأى كابوسا ؟؟؟...ام هل هو مريض؟!... يا اللهي هي حتى لم تعرف ما الذي يجب ان تفعله....لذا اكتفت بمراقبته منتظرة ان يقوم بأي ردة فعل لتعرف ما به...لكنه لم يتحرك...لقد ظلت متصنمة مكانها بقلب خائف وهي تراقبه لأكثر من ساعة...بينما هو لا يزال منحني الرأس وفي حالته الغريبة تلك غارقا  في أفكاره...تعلمون ؟؟ في بعض الأحيان يكون الإنسان أعمى.. لا يرى العديد من الأمور حوله...ولا يدرك قيمة العديد من الأمور الأخرى..  لأنه لو فعل لما وُجد الندم.....فأحيانا هناك أشخاص يشعرون بك من نبرة صوتك...من نظرة عينيك...من كلمة كتبتها او قلتها...وحتى من ضحكة فلتت من بين شفاهك.....أولئك ذوي القلوب المميزة لا يجب ان تخسرهم...لكن ومجددا لأن الإنسان لا ينتبه للتفاصيل الصغيرة هذه فهو قد يخسرهم بصورة أو بأخرى...لذا كل ما عليكم فعله هو أن تنظروا...أنظروا جيدا حولكم...انظروا للأمور الصغيرة التي قد تصنع فارقا كبيرا وحينها من يعلم... ربما تتغير حياتكم....
سيران كانت هكذا....كانت ذلك القلب المميز في حياة سردار المظلمة...لكن ولأنه كان منشغلا  بالسواد حوله....أعينه لم تراها... وفي حالته هذه يجب عليه أن يختار حقا.....ما بين الغرق في ظلماته...او النجاة بين  يديها.....وهذا ليس بالقرار السهل بتاتا؟!
خرجت سيران من تحديقها فيه عندما أبعد يديه عن وجهه  ونهض من مكانه فجأة ... ملامحه وتعابير وجهه لم تتبين لها....لكن الشيئ الأكيد هو انه كان شاردا وغير منتبه بتاتا وذلك كان واضح من الطريقة التي كان يسير بها متوجها نحو تلك المنضدة بجانب سريره...لقد كان يبدو تائها وهذا لم يحدث من قبل...فهو مهما كان منشغلا الا ان تركيزه دوما ما يكون في قمته....لكن الآن كان كمن غرق في عالم آخر.. وهذا جعل قلبها ينقبض أكثر
وفجأة لا حظت سردار يتوقف ويمد يده ليحمل  إطار صورة ما...ورغم ان أعينها لم ترى لكن قلبها كان متأكدا لمن تعود..سيلين..كيف لها أن تنسى ؟..... الوحيدة التي ستجعل سردار كوشوفالى ضائعا ومشتتا هكذا هي سيلين...ربما لهذا قلبها أنبأها.....ألم سردار الأكبر مصدره واحد وهذا لم يكن يجب أن تنساه بتاتا...لذا وبلمحة حزن وانكسار بين عينيها شدت خصلات شعرها للخلف وانسحبت من مكانها......بفكرة واحدة في رأسها..وهي ان سردار يتألم مجددا بسبب حبه لسلين....وها هي  تعود لنقطة الصفر....لكن تبا كم كانت مخطأة..... في تلك الأثناء...أعاد سردار الإطار مكانه و شد خصلات شعره الذهبي للخلف بغضب...لقد كان يشعر بالغضب من نفسه....لقد كان كمن كان في دوامة والآن فقط خرج منها....هذه أول مرة يرى سيلين في أحلامه منذ وفاتها....لقد رآها...وهذا هزه بقوة.....كانت جميلة كالعادة وهي ترتدي فستانها الأبيض وخصلات شعرها الأشقر تتطاير بفعل الرياح...لكن ليس هذا ما أخافه....لقد كان وداعها.... كانت تضحك وهي تلوح له مبتعدة كانها آخر مرة ستزوره في منامه....وهذا كان بمثابة إعادة إحياء ليوم  مماتها....عندما كان يراقب جثمانها ينزل تحت الأرض والتراب يُردُّ على تابوتها.....لقد شعر بنفس ذلك الفقدان والخسارة.....الضياع أقرب وصف لحالته.........يبدو أن النسيان متعة لن يحضى بها بتاتا...فهو لا يزال يتذكر كل لحظة من ذلك اليوم الأسود.....
وما أغضبه أنه حقا ولوهلة أوشك أن ينسى....هاته الأيام الأخيرة قضاها بسلاسة غير معتادة...لم يشعر بالفراغ لوهلة..لوهلة فقط.....وكل هذا بسببها.. سيران
لقد بعثرت عقله...هو الذي كان دوما متماسكا....كيف لها أن تفعل هذا...كيف ؟!....لقد كان يعلم انها صارت خطرا عليه....لكن سيلين أمر سيظل دوما في حياته....لهذا هو غاضب...غاضب من نفسه ومنها....لم يجدر به أن يسمح لنفسه بالانجراف....لم يجدر به ان يسقط حصونه أمامها......فالنتيجة كارثية...لقد أوشك على نسيان سيلين..تبا..وعند هذه الفكرة توجه سردار نحو  علبة سجائره وأخرج سيجارة.. أشعلها...و سحب منها بقوة لعل بعضا من غضبه يقل....لعل هذا السم يخفف من سوداوية أفكاره....وأفكاره هذه تتضمن الابتعاد تماما عن شخص معين...القدر مجددا....أحدهما حزين معتقدا أن الآخر لا يفكر به....بينما الآخر غاضب لتفكيره بمن لا يجدر به ذلك

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 28 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

التوأم İkizحيث تعيش القصص. اكتشف الآن