٢٧.. حين تمطر رصاصاً

119 38 23
                                    

شعر سردار بانها تنظر له لذا رفع أنظاره لها..وكانت بالفعل كذلك....تحتسي قهوتها وأعينها عليه دون أن تزيحهم هذه المرة لذا قال لها بهدوء :" تريدين أن تسألي عن الموضوع ؟!"هزت سيران كتفيها وقالت بنبرة مماثلة لخاصته :" لا لا اريد ان أسال ان كنت تريد التحدث عن الموضوع..انا هنا "نظر لها سردار بهدوء ثم أومأ برأسه وواصل الارتشاف من قهوته دون ان يتحدث عما حدث الليلة الماضية..لان لديه العديد من الامور التي تشغل باله...وهو لا يريد تذكر والدي سيلين..فلطالما كان يمقتهم ورأيه لا زال كما هو ....ومن الجيد انهما رحلا...لانه لا يريد رؤية وجهيهما بتاتا...خرج من أفكاره عندما سمع صوت طرق خفيف فنظر ليجد سيران شاردة في أفكارها وهي تطرق بأصابعها على الرخام...ولكن ليس هذا ما شد انتباهه...بل الوشم في كف يدها...لطالما رآه لكن ليس بهذا الوضوح........لقد كان وشم طائر سنونو جميل وتحته كتابة بالتركية
Mucizeler mümkün
( المعجزات تحدث )
هو يعلم ان السنونو في الوشوم يعتبر كرمز للعودة الآمنة للأصل والوطن....لكن ما لا يتفق فيه هو وجود المعجزات....هذا ما لا يؤمن به هو.....لهذا سألها بهدوء :" تؤمنين بالمعجزات إذن ؟!"خرجت سيران من شرودها على سؤاله ونظرت له بغير فهم ...
فأشار بعينيه إلى وشم كفها وهنا ابتسمت وأجابته بهدوء :" أجل...أؤمن بها...ألا تفعل أنت ؟!"نفى سردار برأسه ثم أجابها بهدوء وهو يضع كأسه جانبا :" لما أؤمن بشيئ لن يحدث..ألم يقولوا أن المعجزات كانت في الماضي....؟!"وضعت سيران كلا مرفقيها على السطح الرخامي ونظرت له لثواني بطريقة هادئة ثم ردت عليه بنبرة صوت واثقة :" بل قالوا أن المعجزات تُخلق من الصعوبات....ولأن الصعوبات لا زمن محدد لها..فكذلك هي المعجزات..."
أجابها سردار وهو ينظر لها :" لكنني شخص واقعي لا أؤمن بما لا يحدث.."ابتسمت سيران بهدوء وسألته وهي تلعب بالخاتم في يديها:" ومن أخبرك أنها لا تحدث..؟!"

رفع سردار حاجبه دون ان تتغير ملامح وجهه الهادئة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

رفع سردار حاجبه دون ان تتغير ملامح وجهه الهادئة..كأنه ينتظر منها إثباتا لذا فقد ابتسمت وقالت بشرود دون ان تنظر له هذه المرة :" يمكنك ان تقول أن هناك معجزة حدثت معي قبل سنوات....لقد تغير كل شيئ حينها....."تمعن سردار في كلماتها وأمعن النظر لاعينها كذلك دون ان تنتبه له :
" المعجزة تتعلق به أليس كذلك ؟!"رفعت سيران نظرها له :" لما خمّنت هذا ؟!"وحينها أجابها سردار بنفس الجدية :" لأنكِ كلما تتحدثين عنه تلمع عينيك...ألست واعية لهذا ؟!"رفعت سيران حاجبيها بتعجب وهي تلعب بخصلات شعرها الشقراء :" ربما...لا أعلم...."احتسى سردار آخر ما تبقى من كأسه ثم نهض من مكانه وأراد المغادرة لكنه توقف ونظر لثواني بغرابة ثم قال لها بهدوء وكأنه عزم قراره فجأة :" هل ترين هذا ؟! "وأشار لها للوشم في صدره بعد ان فتح ازرار قميصه و الذي سألته عنه سابقا ثم تابع حديثه :"...كل شيء بدأ من هنا....ولا زال لحد الآن...لذا في اليوم الذي أقرر فيه أن أؤمن
بالمعجزات.المعجزة الوحيدة ستكون هزيمتي لقدري و بنفسي..."وعندما أنهى حديثه التفت وغادر بهدوء حاملا سترته في يده...بينما هي اكتفت بالنظر له مبتسمة وهي تلمس ذلك الجرح في باطن يدها والذي حرصت دوما على أن لا يراه.
❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄❄
بعد مرور عدة ساعات أوقف بالابان سيارته أمام قصر كوشوفالى ثم نظر للجالسة بجانبه بابتسامة هادئة وقال :" أعلم أنى خلفت بوعدى معكى أمس يا ابنتى ولم اتى لكن تعلمى العمل يأخذ وقتى ."
ابتسمت زهراء بهدوء ثم قبلته من وجنته بحب :" اعلم يا ابى ولقد عوضنى اخذتنى الى المنزل لأحظى بالفطور معكم لا تعلم كم كنت اشتاق لأمى ولأيجه ولك لذا لا تعتذر ابى" نظر لها بالابان بحزن بهدوء :" اشاهد انكى لستى كما عهدك منذ ان اخذتك للمنزل ولستى بخير والدتك وشقيقتك ايضا لاحظو هذا انا سبب حزنك هذا سامحيني يا ابنتى..."رسمت زهراء ابتسامة مصطنعه على وجهها :" ابى لماذا تقول هذا انظر ان سعيدة اقسم لك "على إثر صوتها خرج هو من شروده وابتسم لها:" اتمنى ان تكونى سعيدة يا زهراء.. هل ياغيز جيد معكي يعاملك جيدا؟ "
ظهرت لمعة حزن فى عينيها وابتسمت بخفة:" لا تتخيل الى درجه هو جيد معى" ثم فتحت باب السيارة و ترجلت منها..فاشعل هو محرك السيارة ونظر لها لآخر مرة...لذا لوحت له ليشعر بندم وهو يبتسم لها وانطلق مغادرا بينما هي كانت تراقب رحيله حتى اختفى من الأنظار فاختفت ابتسامتها كذلك و تحولت ملامحها للجمود ثم نظرت للفراغ بشرود وقالت بهمس خافت :" أتمنى ألا لا يكون ظنى صحيح ابى وتخذلنى "هي حقا تتمنى ألا يفعل...فهو لا يعلم عما خاطرت به من أجل تحقيق رغبته فى اتمام هذه الزواجأخرجها من شرودها صوت فتح بوابة القصر إلكترونيا لذا سارعت للإبتسام بخفة ودخلت بخطوات هادئة وكعبها العالي يطرق على الممر المؤدي للباب الداخلي...دخلت للداخل فوجدت ادريس يقرأ في ملفات ما وهو يرتدي نظارته لذا توجهت وجلست بجانبه وقالت بابتسامة :" صباح الخير سيد ادريس.."قهقه آدريس بخفة ثم أغلق ما في يده ونظر لها :" صباح النور يا ابنتى وما هذه سيد ادريس اسمى بابا ادريس فأنتى زوجة ابنى......هل كنت في الخارج ؟! لأنني لم أرك عندما غادرت!! "أومأت زهراء برأسها وهى تشعر كم ادريس عكس ما توقعت وانه مثل والدها ثم وضعت حقيبتها جانبا بهدوء :" لقد خرجت مع ابى صباحا لتناول الفطور فى منزلى كنت مشتاقه الى عائلتى...ولم أشأ أن أوقظكم في الصباح الباكر لذا غادرت..."زم ادريس ا شفتيه بجدية ثم نزع نظاراته ووضعها جانبا :" هل تحدثت مع زوجك حول هذا الموضوع ؟! أنت تعلمين رأيه بخصوص هذا "تنهدت زهراء بخفة :" لم أفعل بعد....فهو لايزال غاضبا مني دون سبب حتى...لذا سأنتظر المزيد من الوقت حتى تحين الفرصة الملائمة لذلك....ثم أنا متأكدة أنه يعلم بخروجي ودخولي من القصر كما يفعل دوما لذا أخذ الاذن منه لن يفرق معه. "ربَّت آدريس على يدها بجدية :" هو يفعل هذا لحمايتك..لذا لا تعانديه...وبخصوص موضوع ذهابك الى عائلتك. دون أذنه خروجك بصفه عامه دون اذنه..أريدك أن تفكري جيدا بالأمر..فياغيز لا يتصرف دون سبب...وأنت بالتأكيد لا تريدين خسارة زوجك من أجل العناد ..؟!"نظرت زهراء لأدريس بهدوء دون أن تجيبه ثم أبعدت نظرها عنه وقالت مغيرة الموضوع تماما :" إذن....أين الجميع ؟! أنا لا أرى أحدا.."
تفهم آدريس تهربها من الإجابة لذا لم يرد الضغط عليها :" سلطانة في المطبخ تساعد في تحضير الطعام....يامور مع أستاذة السباحة...عمر أعتقد أنه في الأعلى..وسيران كذلك...أما سردار و ياغيز فهما كما تعلمين...يفعلون ما يفعلونه...والذي نحن لانعرفه..."ردت زهراء بسخرية :" أجل..أنا متأكدة من ذلك...فالحراس يرتجفون خارجا...لابد وانهم رأوا شيئا لم يجدر بهم رؤيته.....بفضل سردار طبعا وياغيز..لا اعلم بعد..."حرك آدريس رأسه بقلة حيلة بينما زهراء فنهضت ثم عدلت فستانها :" سأذهب للمطبخ إذن وأزعج زوجتك قليلا..."إبتسم آدريس :
" أجل....أزعجيها حتى تفقد أعصابها....جزاءا لما فعلته بي أمس..."قلبت زهراء عينيها بتذمر ومزاح :" أنتما حقا ميؤوس منكما....عجوزان لا يملان من الشجار..يا الهي...الهمني الصبر...انا لا أستحق هذا..."
وبعدها غادرت المكان وهي سعيده بهذا الترابط الذى بدأ ينشأ بينها وبين افراد العائلة انهم عكس ما توقعت بينما في تلك الأثناء كانت سيران تجلس في طاولة مستديرة داخل المكتبة مع عمر وهي تقرأ له من الكتاب في يديها بهدوء وهو يستمع لها بتركيز دون ان يُحدث أي صوت حتى وصلت إلى مقطع معين جذب انتباهه وجعله يفكر بما قاله له والده أمس:"...الكون يحب السرعة....لا تتباطأ...لاتفكر مرة ثانية ...لا تشكك.....عندما تجد الفرصة أمامك..
.وتوجد الدافعية...ويكون الحافز الفطري بداخلك فتحرك...هذه هي مهمتك..وكل ماعليك القيام به..."
قلبت سيران الصفحة لأخرى وأثناء ذلك ألقت نظرة على عمر فوجدت أنه كان مقتضب الحاجبين فاعتقدت انه لم يفهم شيئا ما لذا سألته بهدوء وبحرص :" هل تريد أن أشرح لك شيئا ما ؟!"
رفع عمر رأسه ونظر لها نظرة خاطفة لكنه سرعان ما أشاح ببصره عنها بتوتر واحمر وجهه خجلا....لانه لايحب التواصل البصري كثيرا....ومع ذلك فقد أجابها بهزة خفيفة من رأسه نافيا ماقالته...ثم قال بتأتأة وتوتر :"ه..هنااك....هنا..ااك....مس...في المدرس..سة."
توقف عمر عن الحديث تحت الأنظار المترقبة لسيران...ثم أغمض عينيه وتنفس...آخذا أنفاسا عميقة.....وهذا جعلها تبتسم كونه بدأ يتبع نصائحها....بعد عدة ثواني فتح أعينه الجميلة وقال دون أن ينظر لها :" ه..هناك مسابقة في المدرسة...و أ..أنا......أريد أن أشارك.....لكن....المشكلة..هو...أأ..."
رأت سيران ذلك النزاع في تعابير وجهه لذا واصلت مكانه بهدوء وبابتسامة مطمأنة :" أنت تريد أن تشارك فيها لكنك خائف من الوقوف أمام الناس ؟!..."أومأ الصغير برأسه لذا هي تابعت بنفس النبرة :" هل تريدني أن أساعدك ؟!"
رفع عمر بنظره نحوها بتفاجئ فابتسمت له بهدوء وهذا جعله يخجل و يخفض بصره من جديد وهو يلعب بأطراف قميصه بتوتر....ثم قال بصوت خافت يكاد لايكون مسموعا :" ك..كيف؟!"
شبكت سيران يديها بابتسامة سعيدة على وجهها :
" لا تقلق..الأمر بسيط...علينا فقط ان نتعاون ونسير معا خطوة بخطوة....وحينها أعدك أنك ستستطيع المشاركة في المسابقة بل والفوز فيها..."
ظهرت ابتسامة خفيفة على شفاه عمر رغم أن جلسته كانت متوترة لذا فإن سيران تابعت بهدوء:
" لكن عمر إن أردت أن ننجح فعليك ألا تخفض رأسك عند التحدث...يمكنك أن تنظر لعيني مباشرة..الأمر صعب قليلا لكن عليك أن تحاول..فأنا واثقة أنك قوي وتستطيع فعلها..."
عض الصغير شفتيه و لم يرفع نظره لذا عبست سيران بلطف :" ألا تعجبك عيناي ؟! هل هي بشعة لهذه الدرجة ؟! "ودون وعي وجد عمر نفسه ينظر لها أو بالأصح لحدقيتاها العسلية اللامعة ثم أمال رأسه باستغراب وهو ينظر لها دون أن يتوتر لأول مرة ودون أن يدرك ذلك أيضا...وبعدها أردف بهمس خافت :" إنها جميلة.....أعينك!.."
ابتسمت سيران ابتسامة صادقة وبسعادة حقيقية..

التوأم İkizحيث تعيش القصص. اكتشف الآن