« عودة بعد الفراق »
« الفصل الثلاثون »
« مات »
كفارة الغيبة: الاستغفار لمن اغتبته، الدعاء له، الثناء عليه في غيبته.
قال مجاهد: كفارة أكلك لحم أخيك (الغيبة)؛ أن تُثنِي عليه، وتدعو له بخير.
_________________________تجمدت في مكانها، عينيها تتسعان من شدة الصدمة. كانت واقفة على بعد خطوات قليلة من أخيها ، الذي وقع في حادثة مؤلمة ، وترتجف لها القلوب سقط قلبها في معدتها، وكأن العالم من حولها قد تحول إلى سكون مرعب فور وقوع الحادث، تجمّع عدد من الناس بحكم أن هذا طريق عام ويمر في الدقيقة أكثر من ثلاث أو أربع سيارات تقدم رجل مسن ذو لحية بيضاء نحيلة إلى السيارة، بينما كان الآخرون يشكلون دائرة حول السيارة، مستعدين للمساعدة ، بدأ الشباب في تحريك حطام السيارة برفق، قام أحد الرجال، الذي بدا وكأنه على دراية بآلية السيارات، بفتح غطاء المحرك والتأكد من أن المحرك لا يزال في حالة خطر. ثم أخرج من حقيبته أداة متعددة الاستخدامات وبدأ بفك الأجزاء التي كانت تعوق فتح الأبواب وكل هذا وهي تنظر لما يحدث بصدمة وكأنها تنتظر أن تستيقظ من هذا الكابوس المؤلم ولكنه مهلاً هذا ليس كابوس فهي كانت بين ذراعيه الآن هي أحست بنبضات قلبه بل أحست بإنفاسه كيف أن يكون كابوساً بفضل التعاون السريع والتنسيق الجيد، تمكنوا من فتح الباب الأمامي وسحب « سراج» برفق خارج السيارة في تلك اللحظة انفجرت « رحمة » في البكاء وكأنها استوعبت حقيقة الأمر الآن وأمه ليس كابوساً بل هو حقيقي وواقعي سقطت على الأرض بجانبه وهي تنظر لتلك الدماء التي تنزف من جسد أخيها كان فاقدا للوعي جسده ملطخاً بالدماء ناهيك عن وجهه الذي أصبحت ملامحه غير واضحة من الدم المتراكم عليه بكت بعنق شديد وهي تنظر لحالته تلك وكل نبضة في قلبها كانت تترافق مع صرخة صامتة في أعماقها جلست بجانبها إمرأة كبيرة من سن والدتها ويبدوا عليها البساطة والهدوء ثم وضعت يديها على كتفها وقالت بحنان :
اهدي يا حبيبتي متقلقيش هو هيبقى كويس ؟؟
نظرت لها « رحمة » ثم قالت ببكاء حاد :
ازاي هيبقى كويس هو ..... هو مينفعش يموت لا سراج مش هينفع يموت انا مش هينفع لا لا لا سراج ... سراج علشان خاطري قوم بص اختك جنبك اهو مش انت كنت لسة بتوعدني أننا مش هنسيب بعض وأننا هنتعالج وأننا هنفضل مع بعض عالطول
لم تتلقى منه أي إجابة فلقد دخلت حقاً في حالة هيستيرية وأصبحت تتصرف بشكل غير مفهوم أمسكت كفه الملطخ بالدماء ثم قالت بصراخ حاد جعل قلوب الحاضرين تتقطع من حدته :
سراااااااااج بقولك قوم انت مش هينفع تسيبني بالله عليك يا سراج انا لسة مشبعتش منك طب اوعدك لو قومت انا هروح معاك البيت ونروح سوا سرااااج علشان خاطري متعملش كدة فيا
حاولت السيدة تهدئتها قدر الإمكان حتى وأخيراً، وصل فريق الإسعاف وأخذ «سراج» بسلام، وركضت « رحمة » خلفهم حتى جلست برفقة أخيها وهي تشدد مسكتها على كفه وكأنه بتلك الطريقة تمنعه من تركها كان المسعف يقوم له ببعض الإجراءات اللازمة والاسعافات الأولية حتى وصولهم للمشفى وفجأة تذكرت الشباب لذلك أخرجت هاتفها بلهفة ثم طلبت رقم «حبيبة» وبعد دقائق أتاها الرد حين قالت «حبيبة» بمرح :
أنت تقرأ
عودة بعد الفراق
Humorكنت أظن أن الفراق يجعلنا نفقد القدرة على الحب، لكنه يزداد بمرور الوقت أكثر.