« عودة بعد الفراق »
« الفصل الواحد والعشرون »
« ليلة بعنوان الونس »
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبداخل المشفى، رحل الكبار وتبقى شباب وفتيات العائلة، كانت «ماهيتاب» ممدة على الفراش، تستند بظهرها على ظهر الفراش، و«سهيل» يجلس أمامها يطعمها من الوجبات التي أحضرها لهم «زين»، أما عن الشباب فكانوا يلتفون حول «وليد» الذي يحمل «نوح» ويداعبه، تقدمت منه «حبيبة» تقول بتذمر :
في ايه يا وليد أنت مستحوذ عالواد من ساعة ما خرج من بطن أمه، ما تجيبه شوية.
إبتسم عليها، من ثم وقف يناولها الطفل برفق، أخذته تنظر له بحب شديد، هابطة على جبينه تقبل جبهته بلطف، تمسك يداه الصغيرة للغاية تقبلها عدة قبلات متتالية، بينما هو كان ينظر لها بحب بالغ، يتخيل ذلك اليوم الذي ستكون به أم لطفله، مشت قليلاً بالطفل بعيدًا عنه حتى وصلت للفتيات لتجلس بجانبهم والصغير على قدميها وبين ذراعيها تحتويه بحب، كانت «ماهيتاب» تناظرهم بسعادة، لقد أصبح لدى طفلها ثمانية خالات، جميعهم حنونين وقلوبهم صافية، تعرف أن سعادتهم بـ «نوح» ليست مزيفة بل سعادة حقيقية، كانت «ميساء» تداعب وجهه بلطف وكان «مروان» يتابعها بعينه، يبتسم على ما تفعله فهي تشبه الأطفال كثيرًا، جسده النحيف، طولها المتوسط، حتى ملامحها طفولية بنسبة كبيرة، وكأن طفلاً يداعب طفلاً آخر، إبتسم على تفكيره ثم هز رأسه بيأس، منذ معرفته أنه يحبها تحولت حياته بشكل جذري، بعدما كان يفكر في العمل في الأربعة والعشرون ساعة، إحتلت هي المركز الأول في تفكيره، ليصبح العمل في المرتبة الثانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرجت «رحمة» من الغرفة، في طريقها للكافيتريا لشراء مشروب ساخن لها، أثناء سيرها سمعت صوت صراخ حاد يأتي من الغرفة المجاورة لها، صوت فتاة تصرخ بألم وبكائها يرتفع، شعرت بالحزن الشديد من أجلها، ولا تعرف ما الذي قادها إلى تلك الغرفة، وقفت عن النافذة تنظر من خلالها لترى تلك الفتاة، ولكن ما جعلها تندهش وكأن أحدهم قام بسكب مياة مثلجة فوق رأسها، أن الفتاة هي «ريهام» شقيقتها، إبتلعت لُعابها بتوتر، ثم دفعت الباب دالفة للداخل تركض لها بلهفة، كم إشتاقت لها وإشتاقت لرؤيتها تلك الشقراء، بكت بقوة تحتضنها تتغاضى عن صراخها وألمها، بعد ثواني إبتعدت عنها تنظر لبطنها المنتخفة بسبب الحمل ومن الواضح أن حان موعد ولادتها، أمسكت «ريهام» يدها بقوة هاتفة :
رحمة، رحمة علشان خاطري إلحقيني أنا بموت نادي على الدكتور بسرعة، مش قادرة.
أنهت حديثها بصراخ حاد، دموعها تنساب على وجنتيها بقوة، هرعت «رحمة» للخارج لكي تبحث عن الطبيب إصطدمت بــ «زين» الذي تسير بجانبه «زهراء» نظرت لها « زهراء» ولبكائها الحاد على شقيقتها، إقتربت منها تربت على ذراعيها بحنان هاتفة :
أنت تقرأ
عودة بعد الفراق
Humorكنت أظن أن الفراق يجعلنا نفقد القدرة على الحب، لكنه يزداد بمرور الوقت أكثر.