22. الأحلام ليست مستحيلة والأخير

956 31 8
                                    

« عودة بعد الفراق »
« الفصل الثاني والعشرون والأخير »
« الأحلام ليست مستحيلة »
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد مرور سنة.
في يوم الجمعة، تتحرك «حبيبة» بخفة بين أروقة المنزل، تسند يديها خلف ظهرها بسبب بطنها المنتفخة، فلقد وصلت لشهرها التاسع من الحمل، وقد تلد في أي لحظة، تحمل بيدها مبخرة صغيرة ينبعث منها عطر البخور، فيملأ الأرجاء بعبق روحاني هادئ يبعث السكينة في النفوس، يصل إلى أسماعها صوت القرآن الكريم، يملأ أجواء المنزل عبر قناة المجد، فيكسر السكون بآيات الله بصوت رخيم، يُعلن المذيع بتلك الكلمات الشهيرة: "قناة المجد للقرآن الكريم... قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار"، فتشعر «حبيبة» بحركة القلب وهدوئه في آن واحد، ذلك المذيع وتلك الجملة التي حُفرت بآذاننا وقلوبنا، وحين يُعلن عن القارئ، الشيخ محمد صديق المنشاوي، يبدأ الصوت العذب في تلاوة الآيات، بصوت مُقوّى فيه عمق وخشوع، يُبكي القلوب ويهز المشاعر، فيحمل الحرف جلاله وهيبته، وتختلط في الأجواء رائحة البخور مع عبق الكلمات، فتغدو كل زاوية في البيت ملاذاً لأرواح أهل المنزل، وتظل «حبيبة» تتحرك بين الغرف، وكأنما تنثر البركة والرحمة برائحة البخور وآيات القرآن الكريم، في تلك اللحظة إستمعت لصوت طرقات على الباب لتترك البخور من يديها متحركة نحوه، وقفت تبتسم بمشاكسة قبل أن تفتح هاتفة :

مش هفتحلك غير لما تقولي عايزة ايه ؟؟

زفر الآخر من الخارج وهو يقف أمام باب المنزل، يحمل في يديه الفطور الذي نزل خصيصًا من الصباح لإحضاره، وضع كفه على وجنته يقول بقلة حيلة :

حواوشي

عايزة ايه ؟؟

حواوشي

جايب شعرك على جنب ليه

علشان العربيات

طب ايه اللي الصبح مرة وبليل تلت مرات

عطشان ها عطشان وجعان ياللي منك لله إفتحي بقى.

فتحت الباب وهي تضحك بصخب، نظر لها بحنق شديد قاذفًا كيس الطعام في وجهها، إلتقتته بسرعة غالقة الباب، توجهت ناحية الصالون حيث جلس على الأريكة يتفحص هاتفه لتقول هي بنبرة ضاحكة وبتفائل غريب :

في ايه يا وليد مالك متعصب ليه دة اليوم جميل أوي كفاية أنو انهاردة الجمعة يا أخي، ويا مرحب بالتجمعات العائلية، ماما عازمة العيلة كلها على الغداء انهاردة.

مسح على وجهه بنفاذ صبر ليقول متجاهلاً النصف الأخير من حديثها :

ما هو أم التيك توك اللي سهرانة عليه دة هيودينا في داهية، دة أنا بقيت بعاملك زي الأطفال وبسحب التيليفون منك بليل علشان تنامي.

عودة بعد الفراق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن