10. عودة حميدة

554 30 2
                                    

« عودة بعد الفراق »
« الفصل العاشر »
« عودة حميدة »
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في غرفتها، جلست «عفراء» على سريرها، محاطة بذكريات الطفولة، كانت تحتضن والدتها بقوة، وكأنها تبحث عن الأمان الذي فقدته، دموعها كانت تتساقط كالمطر، تغمر خديها وتنزل إلى صدريها، وتعبّر عن حزن عميق يتغلغل في أعماقها، رفع رأسها تنظر ل «سوزان» التي كانت تشاركها أحزانها وبكائها وقالت:

هو ليه رجع يا ماما، ليه بعد ما نسينا وكملنا حياتنا واتأقلمنا على عدم وجوده رجع ؟

كانت تكرر هذه العبارة بين شهقاتها، وكأنها تعيد كتابة قصة الألم التي عاشتها مع شقيقتها، احتضنت والدتها كأنها تمسك بخيط الأمل في عالم مظلم، وكانت في تلك اللحظة تشعر بالحنين إلى الأوقات التي كانت فيها الأسرة مكتملة، حيث كانت الأمان والسعادة تملأ حياتهم، مررت «سوزان» كفها على شعر إبنتها ودموعها تتساقط بحزن شديد، ثم قالت بنبرة مختنقة:

رجع علشان يدمرنا تاني ويرجعنا لنقطة الصفر، هو طول عمره كدة أناني ومش بيفكر في حد غير في نفسه، بيعمل الحاجة اللي بتريحه ومش شرط تريح اللي حواليه.

كان قلب «عفراء» ينفطر، وهي تتذكر تلك اللحظات العصيبة عندما تركهما والدهما، تاركًا فراغًا لا يمكن ملؤه، كانت تحس بالخذلان في كل كلمة تقولها، كأن كل دمعة تنزل من عينيها تجلب معها ذكرى مؤلمة:

أنا لما شوفته تاني كنت فاكرة أنو أتغير وبقى كويس، بس دلوقتي عرفت أن عمره ما هيتغير، لسة الأنانية والجشع مسيطرين على قلبه.

همست بصوتٍ مكسور، لكن الكلمات كانت تتساقط كالأوراق الميتة، لم يكن هناك وعد يمكنه إعادة الزمن، أو تغيير ما حدث، كانت تدرك أن الأحلام التي بنتها حول عودة والدها، كانت مجرد أوهام، وحول تغييره كانت هلاوس.
بينما كانت «سوزان» تضع يديها على رأسها، تحاول تهدئتها، مهما حدث لن تسامحه على الألم الذي تسبب به لصغارها، ومهما حدث لن تسامحه، رفعت «سوزان» تمسح دموعها ثم قالت بنبرة مرحة:

قوليلي بقى يا أروبة أنتِ موافقة على علي ؟

ورغم دهشت «عفراء» وخجلها من حديثها ألا أنها ابتعدت عنها تمسح دموعها بتوتر وخجل شديد، حتى احمرت وجنتيها من شدة الخجل، فجأة، تغير ملامح وجه «سوزان» ثم قالت بصراخ:

مكسوفة يختي، وأنا أقول البت مالها متغير ليه أتاري عينك على الواد من بدري يا قليلة الأدب.

نظرت لها «عفراء» بصدمة من تغيرها المفاجيء، ثم قالت بتذمر:

هو أنا مش بنت يعني ومن حقي أحب وأتحب، بعدين ما مريم اتجوزت أنا كمان عايزة أتجوز.

عودة بعد الفراق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن