« عودة بعد الفراق »
« الفصل الثاني »
« لحظات موترة »
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــركبت معه السيارة وهي تشعر بضربات قلبها تتسارع شيئاً فشيء ، ورغم معرفته بما يحدث داخلها ولكنه فضل الصمت حتى يذهبوا لذلك المكان ، كانت عيناها تجول في الشوارع التي يمروا فيها ، تحاول جاهدة سحب الهواء عبر رئتيها ، لعلها بتلك الطريقة تهدأ قليلاً أو يخف توترها ، وهي لا تعرف إلى أين يصطحبها ، وبعد مرور نصف ساعة في الطريق ، وصلوا وأخيراً أسفل بناية من الطراز الحديث ، تنهد هو بقوة ثم نظر لها وجدها تنظر حولها بإستغراب ودهشة ، ومازالت لا تفهم ما الذي جاء بهم إلى هنا ، حمحم بقوة لكي يلفت إنتباهها ثم قال بهدوء :
هتعرفي كل حاجة دلوقتي متقلقيش .
نظرت له بخوف ، ومازالت تشعر بالغرابة من حديثه ، لماذا يخبيء خلفه كل تلك الألغاز ؟ لماذا لا يخبرها الحقيقة دون ذلك التشويق ؟ نزل من السيارة ثم توجه للناحية الأخرى التي تجلس بها ، وفتح الباب بهدوء ثم مد يده يساعدها في الخروج ، وضعت يدها في يديه ثم خرجت منها وهي تنظر حولها تتفحص المكان بعيناها ، تحاول معرفة أين هي ولكن لا جدوى ، فهي لم تأتي لذلك المكان من قبل ، وفجأة وبدون أي سابق أنذار وجدت فتاة أمامها ، ولكن على بعد كبير بينهم ، تقف مع شاب ويتشاجران بصوتٍ عالٍ ، وكانت الفتاة تبكي بقوة وتشعر بالضعف والحزن الشديد ، وذلك واضح على ملامحها رغم إنفعالها وغضبها ، وفجأة حاول الشاب الإقتراب منها ، ولكن ما حدث كان غير متوقع حين أتى شخصاً آخر من خلفه وضربه بقسوة على رأسه ، حتى سقط الآخر على الأرض وظهر الوجه الحقيقي للفاعل ، وكان امرأة وكما فعلت «جاسمين» سابقاً فعلت ذاته الفتاة ؛ حين ركضت تتحامى في صدر تلك السيدة أما عن
«جاسمين» ، كانت في لحظة ذهول، تجمدت أمام المشهد الذي تطابق مع ذكرياتها المؤلمة، قلبها ينبض بسرعة كأنما يضخ الدم بترنح، وعقلها يغرق في تفاصيل الماضي العنيف الذي كان قد حفر عميقاً في ذاكرتها، تذكرته بوضوح وكأنها تعيشه من جديد ، كل مشهد وكل شعور ، حتى كأن الزمن عاد بها إلى تلك اللحظة الكابوسية،الرجفة التي اجتاحت جسدها كانت تعكس الرعب العميق الذي شعرت به، وكأنها تعرضت لضغوط جديدة تشبه تلك التي كانت قد عايشتها سابقاً، عيونها لم تترك البؤرة التي تسببت في تلك الهزة العاطفية ، وفجأة سقطت على الأرض مغشياً عليها من شدة الصدمة .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظرت أمامها بشرود ، تتابع تلك الشوارع التي تحفظها عن ظهر قلب ، ولكن كانت عيناها فقط من تراقبهم ، ولكن عقلها وقلبها كانا مع ذلك الصغير ، عيناها معلقة بشيء ونفسها معلقة بشيئاً آخر لا تفكر سوى به ، ملامحه اللطيفة ، عيناها البنية الواسعة ، شعره الناعم الذي يتميز بلونه البني الفاتح ، وجهه الأبيض المريح للعين ، كل تفاصيله حفظتها وكأنه صغيرها هي تنهدت بقوة وهي تحاول كتم دموعها ، ولكنها لم تستطيع ففرت دموعها بقوة ، عندما لاحظها مالك زفر بضيق ، ثم توقف بالسيارة على جانب الطريق ، اعتدل في جلسته حتى يستحسن له رؤيتها ثم قال بهدوء :
أنت تقرأ
عودة بعد الفراق
Humorكنت أظن أن الفراق يجعلنا نفقد القدرة على الحب، لكنه يزداد بمرور الوقت أكثر.