5. سقطت مغشيًا عليها

787 22 14
                                    

« عودة بعد الفراق »
« الفصل الخامس »
« سقطت مغشيًا عليها »
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طرق الباب عدة مرات ولكن لم يجد أي إجابة منها، زفر بقوة ثم قرر الدخول دون إذن، وجدها تنام على الفراش بوضعية الجنين، وتحتضن وسادة كبيرة الحجم تدفن بها رأسها وتبكي في صمت، نزلت العبرات من عينيه رغمًا عنه، فهو لا يستطيع رؤيتها هكذا، يراها تلك الصغيرة التي كانت تبكي بسبب والدها الملعون، يتذكر ملامحها البريئة التي كانت تخلع قلبه أثناء بكائها، سار نحوها وهو يشعر بسرعات نبضات قلبه، ثم جلس على الفراش ومد كفه يربت على كتفها يخبرها أنه هنا، خرج صوتها متحشرجًا ضعيفًا:

لو سمحتِ يا ماما سيبيني لوحدي شوية.

طب ولو آسر ؟

فور إستماعها لجملته إنتفضت من نومتها تنظر له بعيناها المتورمة من شدة البكاء ثم قالت:

هو أنت لسة هنا أنا قولت انك مشيت؟

خرجت تنهيدة حارة من بين شفاه ثم قال وهو يطالع عيناها:

أمشي ازاي وأسيبك أنا لو أقدر أقعد هنا جنبك طول العمر هعمل كدة يا مريم.

في تلك اللحظة أجهشت في البكاء واندفعت له ترتمي بين ذراعيه، لا تجد ملجأ لها سوى بداخل صدره وبين ذراعيه، بينما هو لف ذراعيه حولها يشدد على إحتضانها، ولو يستطيع إدخالها بداخل صدره ليحميها من هذا العالم كان فعل ذلك منذ أجل، وهي تشبثت به كطفلة صغيرة أتى والدها بعد غياب سنوات وتخشى ذهابه مرة أخرى، يعتصر قلبه من أجلها يريد مساعدتها في التخطي، ولكن كيف بعد ظهوره بل وسيظهر مرة أخرى وستزداد معاناتها مرةً أخرى، ظلت تبكي في صدره لدقائق كثيرة وكأنها كانت تحتفظ بتلك الدموع والآن قررت إخراجها للحياة، أبعدها عنه ثم مد أنامله أسفل ذقنها يرفع بها رأسها لمستوى رأسه، ينظر لاعينها المتورمة التي تشكلت بداخلها خطوط دموية حمراء، ثم قال:

أنتِ مش ضعيفة يا مريم، ظهوره في حياتك إوعي يخليه يكسرك أو يرجعك لنقطة الصفر، افتكري انك استحملتي اكتر من 20 سنة وهو بعيد عنك، متخليهوش يدمر نفسيتك ويحقق غايته هو جاي علشان يكسر سوزان تاني ويدايقها، ورغم قوتها اللي بتظهرها قدامنا بس هي من جواها هشة وضعيفة ومحتجانا جنبها، لو أنتِ ضعفتي وعفراء ضعفت وانا ضعفت مين هيكون جنبها، احنا الأربعة بنشكل قوة واحدة ومينفعش حد فينا يضعف.

نظرت له بدهشة من حديثه وهي لم تفكر في هذا الأمر، ولا تعرف كيف بث حديثه القوة بداخلها، كلمات بسيطة استطاعت على تحريك مشاعرها بشكل قوي، مدت أناملها تمسح دموعها ثم أمسكت كفه ونظرت لعيناه بترجي قائلة:

آسر أنت هتفضل جنبي صح...مش هتعمل زيه وتسيبني مش كدة ؟

دة مش راجل يا مريم، اللي يسيب مراته وبناته علشان واحدة تانية وعلشان شهوته حركته زي الحيوانات ميبقاش راجل، وأنا مش هقدر اسيب دعوة دعتها في نص الليل والناس نايمة لأي سبب كان، ربنا إستجاب ليا واداني أكبر وأحلى هدية ممكن آخدها في حياتي هفرط فيها ازاي ؟

عودة بعد الفراق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن