٤١

4.2K 265 19
                                    

الفصل الواحد والاربعين

خرج سالم من غرفة رجوه وهو مطأطأ الراس، نظر حوله وقال لرابح:
- أسأل الطبيب متي نقدروا نردوا للقبيلة يارابح.
تحرك رابح وسأل الطبيب وأخبرهم بأنهم يستطيعون المغادرة في أي وقت، شرط أن يتم الإعتناء بالمريضة وتتناول أدويتها في مواعيدها، وقد زال الخطر.

أخذوها وعادوا للقبيلة، وطوال الطريق لم ينطق سالم بحرف، ورجوة أيضاً، والجميع متعجب، فالصمت السائد كان غريباً!

أما رجوه فكانت تنظر لآدم وكأنه حلم بعيد، وتهمس لنفسها:
-ياهل ترى هتكون لي وانعيش معاك اللي تمناه قلبي ولا تكون سبب شقاي وعذابي ياعقاب؟

وصلوا القبيلة، تلقتهم معزوزة على مشارفها وقد قتلها القلق والإنتظار، حتي بعد أن طمأنها رابح بالهاتف.
ادخلوا رجوه خيمتها وتفرق الجميع إلي خيامهم، فقد كانت ليلة طويلة متعبه، لم يبقى معها سوى معزوزه، وبعدها أتوا شقيقاتها، الكل كان يشعر نحوها بالشفقة ورق قلبه لحالها، حتي سدينه أتت وأطمئنت عليها وتمنت لها الشفاء.. ولكنها كانت تنتظر شخص بعينه، شخص لو أتاها لكان مجيئه بمثابة مجيئ الدنيا، مكاسب أمها، ارادت أن ترى فى عينيها الرأفة ولو لمرة على حالها وتتذوق دفئ حضنها، ولكن كعادتها لم تأتي ولم تهتم، وأثبتت لها مجدداً انها أقسى أم على وجه الأرض.

اخيراً مزيونه في خيمتها مع سالم، خيمة العروس التي هُجرت من اليوم الثاني في سابقة من نوعها!
إرتمى سالم على الفراش ووضع يده على كلتا عينيه بتعب، أما مزيونه فبدات في تبديل ملابسها، لاحظ سالم أن صمتها طال ولا حركة لها او صوت، رفع يده يبحث عنها فى الخيمة ظناً منه بانها غادرتها، ولكنه فوجئ بها نائمة بجواره! مغمضة العينين وهادئة جداَ فهمس لها:
- مزيونه نعستي؟
ردت عليه بعينين مغمضة:
- اي.. تريد شي مني انقوم انجيبه لك؟
- لا مانريد شي، بس كنت اظنك  راح تبقي فايقه ماترقدي طوالي.
- لا ريد نرقد، انحس روحي تعبانه شوي، سامحني بس كتير صعب وجيج الراس.
صمت وهو ينظر إليها، ولاحظ انها نزعت أساورها وخلخال رجلها ايضاً، وهذا السبب وراء عدم شعوره بحركتها، فسألها محاولاً ملاطفتها:
-ماسمعتلك حركه وانتي ترقدي جواري بالفراش، كيف قدرتي  تسويها. تمشين كيفة الحيه انتي ولا ايش؟
اجابت بنفس العيون المغلقة:
- لا ياسالم مانمشي متل الحية ولا أشبه الحيه بأي شي، كل الأمر اني عرفتك تتضايق من الصوت ماحبيت نزعجك، حبيت نكون خفيفة على الارض وخفيفة علي قلبك.
- ايش فيه يامزيونه أنحس عباراتك مغلفها الزعل.. اظن مامر وقت كثير على وصاياي وانا انقولك اريدك راحتي مو تعبي ومايجيني من يمك وجيج راس. ديري بالك كلامك لازع.

فتحت مزيونه عينيها وأدارت رقبتها نحوه وردت عليه بهدوء قاتل:
- وأنا ايش عملت حتى يجيك مني وجيج الراس ياسالم؟
أنا مافتحت فمي بشي ولا غلطت بشي ولا اعترضت على أى شي، سألتك تريد مني شي قولتلي لا، بيش انا قصرت ياسالم؟
- شوفي كلامك يامزيونه وطريقتك بالرد، ولا انتي ماتشوفين الغلط منك؟ اقول اذا راح نبتديها هيك نهايتها ماراح تعجبك صدقيني.

رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن