عقاب ٦٨
غادر خالد الساعي الشركة بسيارتها وذهب لحفل إبنته وهو يحمل لها هدية باهظة الثمن، وباقة زهور حمراء خلابة، يرتدى أفخم ثيابه على الإطلاق، وكان حضوره ودخوله مميز جعلها تفتخر به، ولما علمت أن كل هذا بفضل مديره قررت شكره بنفسها وهي تقدم له أوراقها للتعين، إنه الخبر الذي أخذها و زرعها فوق السحاب من الفرحة وجعل الغيرة تدب في نفوس كل زملائها، فهي بدت وكأنها أخذت جميع الحظوظ الجميلة وهي مجرد إبنة الساعي!
عادت معه لمنزلهم، أحضرا معاً طعام جاهز ليكتمل الإحتفال بهذا اليوم العظيم، وقبل إنتهاء اليوم عاد خالد للشركة وهو يحمل لآدم في نفسه عرفانًا ليس له حدود، شكره كثيرًا وسعادته إنتقلت لآدم ولازمته بسمة صغيرة وهو يكمل عمله، ولم تختفي حتي عاد بها للمنزل، وهناك أخبر أمه عن سرها، قائلاً لها بالنص:
-ماأحلاها علاقة الأهل بوليداتهم وفرحتهم بهم، هي العلاقة الوحيدة اللي مابيها شك ولا تقبل جدال، مافي غير الأب والأم اليريدون وليدهم يكون افضل منهم، هي حقيقة والله،اعظم شي بالدنيا الأبوة والأمومة.
لتنتهز أمه الفرصة قائلة:
- طيب بما إن هرمون الإبوه زايد عندك دلوقتي، إيه رأيك تاخد الخطوة دي، نفسي أفرح بيك يانور عيني وأشيل ولادك، نفسي اكون تيته.
تبسم ونظر للفراغ وبمجرد ذكر الموضوع رأي طيفها يتجسد أمامه، فهي إرتبطت في عقلة بكل شيء يخص الزواج والإستقرار، ولكن سرعان ما أغمض عينيه وفتحهم عدة مرات طارداً لطيفها من أمامه، فهى لن تكون بطلة قصته بعد الان، ويجب البحث عن أخرى بديلة، فنظر لأمه التي مازالت مستمرة في الحديث وأردف:
-اقول يايمه، انت معك حق أنا ايش راح انتظر ودروب العشق اتسكرت؟ وإذا تزوجت راح أبحث عن الإنسانة المناسبة لي ولأولادي والمودة تكفي، وأشوف لو تقومين أنت بهي المهمة بدالي أكون شاكر لك وتكوني وفرتي علي وعليك وقت وجهد واااجد، إبدأي رحلة البحث ومتي ماتعطيني التمام وتشاوري على بت الحلال أنا جاهز.
قفزت عايده من مكانها وأمسكت بيديه قائلة:
-بجد يادومي، يعني هتخليني انا اختارلك عروستك واللي اختارهالك توافق بيها؟
أومأ لها آدم موافقاً؛ فتركت يديه وهرولت نحو زوجها تزف له الخبر، وعلى الفور بدأت في البحث عن عروس في جميع معارفها تليق بإبنها من حيث الطباع والأخلاق، وبدأت في وضع اكثر من واحدة في قائمة كي تفاضل بينهم فيما بعد وتنتقي من بينهم الأفضل.أما في القبيلة..
اقول يارجوه إنت ايش تريدين من سالم؟
-أريده يامعزوزه، سالم لي، حقي، ملكي وأريد أرد أملاكي.
-سالم مزوج وجايه بالطريق وليد لا تخربي حياته.
- وإذا؟ مزوج يتزوج مرة ثانية، جايه وليد يجوله اثنين واحد مني وواحد منها.
-توافقين تكوني رقم اثنين بحياته؟ توافقين يتركك ويروحلها وذكرها مايفارق لسانه، تتحملين تشاركك فيه يارجوه وأنت الماتحملتي عليه شوفه، ومن يومها حاطه مزيونه فوق قرونك وتدهسي بيها مثل تور هايج.
-اي اتحمل، وربي اتحمل، هاي غلطتي ولزوم اقبل واتحمل العواقب.
- يارجوه الأمر ماهو عند يابت الحلال، وماهين التقولينه والفعل غير القول، أدري إنك رديتي لسالم بعد ماشفتي من عقاب اللي ماكنتي تتوقعيه، وأنه خلف كل ظنونك ولجل انك ماتعودتي تعيشي إلا فوق الكل رديتي لسالم لجل يرفعك مره ثانية، وإن مارفعك فوق الكل عالقليلة يرفعك فوق مزيونه، وهاد اليخلي بالك هاني ومرتاح.
- انا صدق مصدومه فيك، هي المرة الأولي التكوني ظالمة لي فيها ياأمي، ماتعودت منك عدم فهمي وانت التعرفيني اكثر من نفسي!
-لا ماعادت أمك تعرفك الحين، تغيرتي واجد يارجوه وتبدل كل شي فيكي.. اسمعي يابنت أمي، أنا الحين راح أمشي لسالم ونسأله زواجك، وإذا وافق يكون الله كفاكي وكفانا شر التعب، وإذا ماوافق..
- بيوافق، هو الحين موجوع مني وحقه، بس إذا قعد مع روحه وراجع قلبه راح يوافق.
-وإذا ماوافق يارجوه؟
صمتت قليلاً ثم تلونت ملامحها بالحزن وأردفت بإنكسار:
-بس شوفيه قبل لا تفاولي يامعزوزه، لا تسوديها بوجهي ماناقصه سواد.
أنت تقرأ
رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسف
Mystery / Thrillerقصه تدور حول تخلى الأهل عن ابنهم ونفيه في الصحراء وسط قبيلة بدوية لحمايته من القتل كما حدث لأخيه الأصغر، وأيضاً لثقله كي يعود قوياً ويستطيع مواجهة من أفسد حياته وحياة ابيه وحرمه من اخيه الوحيد، والذي لم يكن سوى عمه.. فتحول الطفل على يد شيخ القبيلة ل...