عقاب الفصل ال٤٨
عوالي تقدمت الجميع وأصبحت في صدارة الجمع؛ لتحظى بالضمة الأولي لشقيقها ورفيقها الأكبر أخيها منصور، وحين فُتحت أبواب السيارة نزل منها قياتي أولاً ثم أمال بجزعه وحمل أبيه على يديه، ورأت حالته وعينيه المغمضة بتعب هنا ادركت عوالي أن لا ضمات ولا أحضان أخري، وأن السلام والوداع باللسان والعين،
ومن صوت أنينه المتواصل تأكدت ان النهاية إقتربت جداً.
طلبت عوالي من قياتي أخذ منصور لخيمتها؛ حتى يكون تحت رعايتها المتواصلة، أما خيمته فهي الآن من حق قياتي وأسرته.تقدم قياتي بين أهل القبيلة والكل يعرض عليه أن يحمل الشيخ عنه، ولكنه أبى وواصل السير حتى خيمة عمته ووضع ابيه في الفراش، وحينها تلفت لعوالي وألقي عليها السلام واحتضنها وبادلته الحضن بشوق كل السنوات الماضية التي لم يروا بعضهم فيها.
ثوانٍ معدودة وكانت الأصوات تتعالي خارج الخيمة مطالبة بالدخول للشيخ، ففتح الشيخ منصور عينيه ببطئ وهمس لقياتي:
- طلعني خارج الخيمة ياقياتي، الخيمه ماراح تكفي الناس والكل مشتاق ويريد يطمن، وانا بعد ماجاي اقعد داخل خيام.. طلعني في الهوا ياوليدي.غادرت عوالي الخيمة واخذت معها مايزه وفراش وثير وبدأت تصنع لمنصور متكأ أمام الخيمة وفي ظلها، وفور إنتهائها حمل قياتي أبيه واخرجه وأجلسه فيه، وأجتمعت القبيلة كلها أمامه، مواسين ومودعين ، يخيم عليهم الحزن وهم ينظرون لحال شيخهم الذي يفصله عن الموت خطوات قليلة.
فتح منصور عينيه بعد أن حمله قياتي وأخرجه، ورأى القبيلة كلها تقريباً أمامه، جالسون على الرمال وقد فاض الدمع من أعينهم على حاله، فتبسم لهم مُطَمئناً وهمس:
- يايباااه لو تعرفون قديش اشتقتلكم ياهلي وناسي وربوع قلبي..عساكم دوم مجتمعين في الخير وع الخير وقبيلتنا تضل لآخر العمر مخيم عليها الفخر والعزه بشبابها وشيابها ووليداتنا ضي العيون.
بدأ الجميع في الدعاء له والإعراب عن فرحتهم برجوعه، وبث الأمل الكذاب في نفسه بأنه سيتحسن وسيسترد صحته، فما كان منه إلا أن بدأ يومئ لهم برأسه وكأنه يصدق كذباتهم الحنونه.أما في ناحية أخرى، وتحديداً عند السيارات..
نزل الشباب من السيارات وتقدم رابح وآدم نحو سيارة آدم رباعية الدفع التي استقلها قياتي وبناته وزوجته والشيخ، ونظر للعنود التى نزلت هي الأخرى من مقعد السائق ووقفت تمسح المكان بعينيها قال لها بغضب وهو يمد لها يده:
اعطيني المفتاح حق سيارتي من رخصتج ولا لك به شغل ثاني؟مدت له يدها بالمفتاح وهي مستغربة هجومه الغير مبرر عليها ولم تتحدث، وتحركت مبتعدة عن عبوث الوجه هذا؛
الذي منذ الوهلة الأولي التي رأته فيها وتشعر وكأنه يريد الإقتصاص منها، لماذا وعلى ماذا لا تعلم!
وبينما هي واقفة أشار رابح لمعزوزه التي أتت مهرولة وتحمدت لهم علي سلامتهم وأشار لها علي العنود وقال:
- ياأم غُنيم، هي العنود بت عمك، خديها للخيام وماتتركينها، ومااوصيكي ياأم الكرم والجود.
- ماتشغل بالك يارابح، في عيوني الزوز انشيلها ونشيل الكل وبرمش العين نخدم.
-أصيله يابت العم وأصلك غلاب.
فإقتربت معزوزه من العنود وأمسكت يدها وأخذتها معها، وعفراء ونوف سبقوهم بعدة خطوات.

أنت تقرأ
رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسف
Mystery / Thrillerقصه تدور حول تخلى الأهل عن ابنهم ونفيه في الصحراء وسط قبيلة بدوية لحمايته من القتل كما حدث لأخيه الأصغر، وأيضاً لثقله كي يعود قوياً ويستطيع مواجهة من أفسد حياته وحياة ابيه وحرمه من اخيه الوحيد، والذي لم يكن سوى عمه.. فتحول الطفل على يد شيخ القبيلة ل...