عقاب ٥٤
غادرت العنود الخيمة باحثة عن رسالتها التي تطوف بين الخيام، وهي التي كانت تبحث عنها في المدينة في وسط الزحام وتظن أنها ستجدها هناك، حيث الضجيج وتحجر المشاعر وتغير العادات والتقاليد، وممارسة البشر لألاعيب البقاء، أما هنا أرض الفطرة والنقاء فوجود حالة كحالة رجوه لم تتخيله ابداً!
وجدتها جالسة بجوار الموقد تعد الأعشاب لأختها، إقتربت منها فوجدتها سابحة في تأمل ألسنة اللهب وهي تتمايل أمامها يميناً ويساراً، ومن الواضح من ملامحها انها ليست على إستعداد لأي حديث الآن،ولكن العنود وضعت كفها علي كتف رجوه بهدوء متجاهلة حالتها وردة فعلها، ولم تراها في هذه اللحظة إلا فرصتها الذهبية ولن تضيعها بأي ثمن.
إلتفتت رجوه وقطبت حاجبيها بإستهجان حين وجدتها العنود! وسألتها بحده وهي تزيح يدها من فوق كتفها:
- إيش تريدين مني، إيش جابك هين، ردي، ردي لهلك ولخيمتك.-رجوه اسمعيني زين، انا ماني عدوتك ولا بيني وبينك شين، انا صديقة وجيتلك مدالك يدي، اعطيني فرصة وصدقيني ماراح تندمي.
- ايد ايش ورجل ايش اللي تمدينها علي؟ ديري بالك تفكري ترفسي متل اختك، والله احط راسك تحت القوري وأولع فيك ومايطفونك إلا بالرمال.
واغوربي عن وجهي الحين انا ماطايقه الملابس اللي علي، واريد اشقهم واقوا وااااك باخذك ذريعه واتحجج بيك.- يابنت الحلال هدي حالك شوي، انا اريد احكي معك كلمتين وإذا ماعجبوك سوي اللي تريديه، انا صديقة يارجوه مو عدوة.. انا اريد اخدمك وبالمقابل اريد منك معروف.
- معروف ايش ومطشوش ايش.. اي اي الحين فهمت عليكِ..اعرف رجوه مايقربلها إلا العدو، رجوه مابحياتها غير الكارهين، وإذا كنت راسمه على شي ملكي احذرك من الحين، إلا هو يابت قياتي، إلا اللي شفت الويل لجل اطوله ويبقى لي.
- هو من يارجوه التقصدينه؟ تقصدين آدم؟
- اسمو عقاب.
- مو مهم الاسماء، المهم الحين اني ماأفكر باللي ببالك ولا خطر لي، انا يارجوه عشره طالبين رهني وعقابك مو منهم، واليفصلني عن الارتباط إني اوازي بينهم واشوف الأنسب وبس اقول تم تصير خطبتي، غير هيك اوهام بعقلك.. انا جيت اريد أسمع منك وتفتحيلي قلبك ونصير خيه واختها، ولا ماتريديني اخت لك؟
- لا مااريد خوة ولا اريد حد بحياتي، روحي وازي وانخطبي وبعدها نحكي كيف ماتريدي، أما الحين ماعندي اي حكي، ومن رخصتج لعشاب فارت واريد امشي بيها لخيتي.. خيتي الي مالي غيرها ولا راح يكون لي، ومو كل وحده تجي تقول انا اختك تصير اختي وافتحلها قلبي.غادرت رجوه ووقفت العنود تتأملها بعيون تلمع، عنيدة هي وثائرة وصعبة المراث، وهذا بالضبط ماتريده، فالأشياء السهلة لا تستهويها أبداً وكم تعشق التحديات.
دلفت رجوه لخيمة اختها وأعطتها الأعشاب وجلست بجوارها مهمومة، ولما سألتها معزوزه عما عكر صفوها اخبرتها بما سمعته وفتت نابضها، فصمتت معزوزه واخذت تشرب الأعشاب بهدوء، فقد سئمت من أحوال اختها وحظها العاثر، فهي الوحيدة دوناً عن فتيات القبيلة التي تواجه كل تلك الصعوبات.
أنت تقرأ
رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسف
Mystery / Thrillerقصه تدور حول تخلى الأهل عن ابنهم ونفيه في الصحراء وسط قبيلة بدوية لحمايته من القتل كما حدث لأخيه الأصغر، وأيضاً لثقله كي يعود قوياً ويستطيع مواجهة من أفسد حياته وحياة ابيه وحرمه من اخيه الوحيد، والذي لم يكن سوى عمه.. فتحول الطفل على يد شيخ القبيلة ل...